الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذات عن إقبال والخلاف حول العصيدة و المزج النبيين في أغنية الماري مارينتو

مروان صباح

2023 / 4 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


/ قبل الغوص في عمق🧐 الفكر الإنساني لا بد من التوضيح بأن المقارنة أو التفنيد الذي قد يصل إلى مرحلة النقد ، تحديداً مع هذا النوع من الجنس التفكيري ، يبقى الأكثر تعقيداً بالمقارنة مع الأفكار الأخرى ، والسبب أولاً ، يعود إلى طبيعة المادة نفسها وتركيباتها الأخلاقية المتعددة ، وعلاقة المفكر بأصل الفكرة ، فضلاً عن خصائص متعددة ، فهذا الخط ينفرد في مواهبه المتنوعة وفي مقدمة ذلك الشعر ، وللصوفيون المسلمين مكانة خاصة بين شعراء الغرب والمستشرقين بصفة خاصة حتى لو كانت الطرق الصوفية في الوطن العربي ، أو أقل بذلك في الفضاء الإسلامي ☪ يدور حولهم الكثير من التحفظات أو الرفض أو حتى التبرؤ من صنائعهم ، لكن يبقى الجانب الشعري والأدبي والفلسفي أو بالأحرى المنطقي لدى مفكرينهم أو رجال الدين ، جميع ذلك يعتبر مواد محبوبة وقريبة من الروح الغربية ، وكانوا المفكرين والمثقفون والفلاسفة الجدد قد أبدوا إعجابهم وحتى المستشرقين بشخص مثل محمد إقبال ، الفيلسوف والشاعر والأديب والصوفي ابن الشيخ نور محمد ( الهند 🇮🇳 ) ، بل لقد وضعه المستشرق البريطاني 🇬🇧 رينولد نيكلسون في مصاف الأنبياء عندما قال فيه " لقد جاء إقبال كرسول ، إن لم يكن لعصره فلسائر العصور " ، وهذا الانحياز أو التعصب بصراحة 😐 لم يكن من فراغاً ، لأن نيكلسون كان قد ترجم مجموعة " مثنوي معنوي للشاعر جلال الدين الرومي / أيضاً تاريخ العرب الأدبي / الكثير من قصائد لشمس التبريز / وبالطبع للعطار ولابن عربي " ، ولأن الغربيون كمفكرين أساسيين وأيضاً كمثقفين بشكل أوسع ، كانوا قد درسوا على الأغلب علم اللاهوت وعلاقة اليهودية ✡ التوراتية بالانجيل والمسيحية والتى أنتجت في القرن 16 مذاهب متعددة ومتنوعة لحد أنها توجت بعلاقة المسيحانيين الجدد في النظام العالمي الحديث ، أو بالأحرى المذهب الذي يحاول الوقوف بين الجهتين ، وهذه الدراسة تتيح للدارس مقارنة الأديان بين بعضها البعض ، ومع توسع الدولة الوطنية العلمانية الذي كان نابليون بونابرت قد وضع الأسس والركائز القانونية لها ، بالفعل 😟 أتاحت فكفكة تلك العلاقة بين الحاكم والكنائس ومع تمرد الكثير من الدارسين عليها ، تحولت الفلسفة في ناظر الكثير من الغربيين بالمسألة البديلة أو على الأقل تُعالج تساؤلاتهم حول العديد من القضايا العالقة ، وهذا كان الفيلسوف نيتشه قد توقف 🛑 أمامه عندما قال بأن الفيلسوف الحقيقي هو من يتمرد على المورث ولا يقبل السكوت على الجامد المتجمد ، بل ذهب أكثر من ذلك عندما وصف الفلسفة بالمومس التى تتمرد وتبكي وتسخر من كل شيء وأخيراً تقاوم .

الانقسامات هنا 👈 تتخطى سديد المعقول من افتقاره ،في الدرجة الأوّلى ، تبدأ وتنتهي في منظومة اعتبارات متشابكة والتي تطوق الماضي والحاضر معاً ، وهما أيضاً غير منفصلين عن المستقبل القريب أو البعيد ، وبالرغم من أن شخص مثل محمد إقبال حافظ للقرآن منذ طفولته ، إلا أن فكر الفلسفي الصوفي يطغي على نصوص القرآن في حياته ، وهذا يعود في الأصل إلى الغريزة التى تلّح عليه وعلى أمثله للوصول للعالمية ، فهو وغيره سواء بسواء ، لا يوجد أمامهم طريق إلى هناك 👈 سوى بمزج المذاهب مع بعضها أو بالأحرى الوقوف بين ما يجمع منتسبيو الأديان ، وهذا لم يكن ناتج عن رأي عابر أو عابث بقدر أن إقبال أكتسب كل ذلك من تعلمه مبكراً للعربية 🇸🇦 والفارسية 🇮🇷 والإنجليزية 🇬🇧 والالمانية 🇩🇪 وللتاريخ الذي أصبح أستاذه لاحقاً ، كما أيضاً حاول أن يكون إمتداد لابن رشد ، وبالرغم من أن كما هو شائعاً وصار في حكم الراسخ ، بأن الفلسفة الإسلامية ☪ ماتت مع ابن رشد ، والذي اغتالها إلى يوم القيامة ، هو المشروع الغزالي المضاد ، وهذا بالطبع له أسبابه ، أبسطها بأن التمرد الذي حصل منَّ اللاهوتيين ، كان بالأصل على كثير من النصوص التوراتية والإنجيلية ، لكن ايضاً هنا 👈 وهو أمر مماثل ، لقد توقفت 🛑 الفلسفة الإسلامية عند ابن راشد بواقع فقدانها المنطق المضاد حتى لو كان محمد اقبال تناول مسائل تمثل الفكر العربي الإسلامي المديد ، بالطبع ، كان هو أيضاً توقف 🛑 عند خاتم النبوة أو جوهر الفرد في الإسلام أو الوجودية وإثبات وجود الله أو البحثية أو بمعنى أخر أكثر يشوعاً " الاجتهاد " أو الزمان ، لكن في المقابل الغرب كان ومازال منشغل في التجربة الصوفية وتقاطعها مع الصوفيات الأخريات كخط إنساني يمكن 🤔 له تقريب المسافات الطويلة بين الناس ، وهذه العلاقة اللافتة ، تبعث برسائل تصبح فجأة 😮 أشد وضوحاً ، لهذا ، تبقى المكانة التى حظيَّ بها إقبال ناتجة عن مهارته الاسلوبية الحديثة ، فعلاً 😦 ، لقد قدم معظم أعماله بطريقة صلبة التكوين ، أي أقصد خالية الركاكة مع التشديد على مركزية "Centralized " لكل ما هو يحمل عناصر القوة والحيوية .

كاتب ✍ هذه السطور تقصد أن يقلص ، في كثير أو قليل ، من الارتكاز على دراسات تتعلق باستنباطية النفس البشرية أو علاقات المجتمع أو السياسة أو حتى الاقتصاد وأبعد " التاريخ " ، لكنها بحثت عن الدوافع للتشابك بين الحداثة والسلفية في العقلية الصوفية عامةً ، ولعلّ في مثل هذه الظروف ، وفي رأي هذه السطور قبل وبعد ، من الضرورة الذهاب إلى شخصيات معروفة حقاً 😟 وأفراد لهم باعاً طويلاً في إحداث انقلابات فكرية على الكلاسيكيات ، وهذه السطور بفعل التواضع 😦 تحاول أن تصنع أحياناً ذلك ، إذنً ، فلم تكن المنطقة الآسيوية ، تحديداً جنوب آسيا وحدها التى تمتلك ثقافات ممتزجة ، وبالرغم من أن بحر العرب هو جزء من المحيط الهندي ، يقع جغرافياً بين سواحل شبه الجزيرة العربية 🇸🇦 والقارة الهندية 🇮🇳 ، وهذا التداخل الثقافي يظهر كامتداد ثقافي في منطقة النوبة في مصر 🇪🇬 ، فالصحيح أيضاً بأن النوبيين جميعهم دخلوا الإسلام ☪ وباتوا جزء من الثقافة العربية الإسلامية المصرية ، لكن مازالت أعيادهم واحتفالاتهم والمناسبات الاجتماعية تعكس عن ذلك المزيج من المعتقدات التى جمعت بين الإسلام ☪ والمسيحية ✝ والمصرية القديمة 🇪🇬 / " مينا " ، لهذا في النوبة وبين النوبيين سيجد المراقب على سبيل المثال الصوفية هناك 👈 موجودة بأنواعها المختلفة ، الصوفية الفرعونية والصوفية الحبشية ( المسيحية ✝) والوصفية الإسلامية ☪ التى انقسمت بين مصر 🇪🇬 والسودان 🇸🇩 ، تحديداً بعد بناء 🚧 السد العالي ، لكنهم مازالوا متمسكين بالثقافات المشتركة ، رغم النزوح الذي تسبب به السد بين أسوان وشمال السودان الحالية ، والملفت أكثر بأن التقارب في العادات الاجتماعية للصوفيين ، هي في المقام الأول الوجبة التى تقدم بعد أسبوع من ولادة المولود ، ففي المغرب 🇲🇦 على سبيل المثال ، تنتشر الصوفية في مدينة مراكش بشكل واسع وتنشط عشرات الزوايا الصوفية هناك 👈 ، مثل الطريقة الشاذلية التي تنسب إلى أبي الحسن الشاذلي ، وهناك 👆 أيضاً الزاوية البودشيشية القادرية والزاوية الدلائية وغيرهم ، لكن ما يجمع بين الجميع هو وجبة 🥘 " العصيدة والتى تُعّد طبخها من القمح 🌾 والدقيق والسكر ، لكنها تصنع ليس للناس بقدر أنها ترمى في النيل من أجل 🙌 إطعامها للملائكة وأخذ البركة من ذلك الصنع ، وهي واحدة ☝ من الشعوذات الراسخة والمتناقلة بين الصوفية البشرية ، ثم ايضاً تقدس عندهم مياه 💦 النيل ، بضبط كما هو مقدس بالتعميد المسيحي ، فهؤلاء يذهبون للنيل من أجل 🙌 مسح وجه الطفل بمائه💧، بل المفارقة هي وتبقى ، بأن يبقى الفارق على سبيل المثال بين النوبيين في العهد القديم والجديد ، وتحديداً بعد دخولهم الإسلام ☪ ، هو أنهم قاموا بتعديل دستورهم بإجراء بسيط ، فباتوا يقولون بفضل الله / والحمدالله لقد عمدنا الطفل بمياه النيل 😆 ، وهذا كان قد بينه فيلم 🎥 المصري 🇪🇬 سواق الهانم لأحمد ذكي عندما أدخل صاحب السيناريو الأغنية النوبية الشهيرة " الماري مارينتو " والتى تعني السلام على ابن مريم ، تقول كلمات الأغنية وهي تعود لأكثر من 3 ألف عاماً مضوا ومازالت على حالها ، لكن مع إضافة بسيطة 💁 ، هي الصلاة على النبي ، تقول كلمات الأغنية " الماري مارينتو يا صلاة والنبي - أيوه بلايا - وهذا أفراحنا - مالي 🇲🇱 باليا - وأفراحنا جميعاً ، إذنً ، هذا المديح للمسيح لم يتخلوا عنه النوبيين بقدر أنه أصبح مزدوجاً ، يجمع عيسى ومحمد معاً .

وبعض المحركات الرمزية الصوفية ، أن تتوافق في قليل أو كثير لكي توفر للفلسفة صورة إستقرار وصفاء أو بالأحرى تهدف إلى إحراز تسلل في أماكن من الصعب دخولها والاستقرار فيها إلا عبر عناصر إجتماعية مشتركة ، لهذا كانت على الدوام ، تحديداً ، منذ ظهور ابن رشد على المسرح الإنساني ، هناك 👈بالفعل 😦 محاولات لإظهار عمق التراث الإسلامي ☪ للانسانية ، أي كانت هذه الاجتهادات يراد منها الكشف عن المحاور المضيئة والحية في التراث والتى تشترك بها البشرية جمعاء ، ثم لاحقاً ومنذ ظهور ظاهرة الدهلوي والذي أسس لاحقاً لظهور تيار عبده والأفغاني وقبلهم كان محمد بن عبد الوهاب صاحب التجديد ، جمعيهم رغبوا بإلحاق المعارف والعلوم الحديثة في الغرب وتحصيلها في مجتمعاتهم ضمن هندسة معرفية متماسكة العناصر والكمية ، وهذا تماماً 👌ما توقف 🛑 عنده أيضاً الشيعة ، فالشيرازي كان قد تساءل عن الغياب المتعمد للحركة الجوهرية والتى هي جوهر الاجتهاد في بناء الإسلام ☪ ، وهو على الدوام ( الاجتهاد) المسار الذي يحقق النهوض بالأمة الإسلامية ، في المقابل أيضاً وهو مركزياً ، بل كان التقاطع بين جميع الأديان والمذاهب عبر تاريخ الصوفية ، هو ترميم الذات ، وهذا أخذ 🤦 حيزاً واسعاً في ما طرحه إقبال من فلسفة الذات ، كونها الأساس والمركب الإصلاحي في مجال الاجتماع والسياسة والحركة ، بالطبع ، كانت نقلته نقلة مغايرة عن كل ما قدمته الصوفية سابقاً ، على أن الذات في السابق ليست سوى نفس منحطة ، دون أن يتوقفوا السابقيين عن تكريمها الذي اسبغه عليها القرآن ، وبالتالي محمد إقبال ما ميزه عن الآخرين ، هو أنه رفض 🙅‍♂اهانة الذات لأن الإنسان بالأصل مكرماً منذ أن خُلّق ، وهنا 👈 الرجل قد بنى فلسفته على الحرية والديمقراطية التى منحها الله عز وجل للإنسان ، تحديداً في مسألة الإيمان أو ايضاً بأن النفس تكسب ما تصنع أو حتى أن المسألة برمتها متوقفة عند الإنسان ، فهو من يكرم ذاته أو يهينها ، لأن في الخاتمة ، الخالق يستطيع تغير البشرية بأخرى وبسهولة .

بالطبع ، في ناظر كاتب هذه السطور ، كان محمد إقبال واحد من الذين انتفضوا على الخط الصوفي ، ليس لأنه تمرد على الفكر الذاتي في الأدب الصوفي فحسب ، بل تحديداً لأنه أبدى رفضه🙅‍♂ القاطع والحاسم بالتراث الأجداد والذي تحول إلى ظواهر تهدد صحيح الإسلام ☪ ، بل حتى في مسألة الفنون ، وباستثناء الفن المعماري الإسلامي ، كان رأيه بأن الإسلام حتى الآن لم يجد طريقه المستقل الاستقلالي عن التراث السابق وأكبر دليل على ما نقوله ، هي أغنية 🎶🎵 الماري مارينتو والتى يتراقصون عليها الراقصون برقصة الاراجيد كتعبير عن أمواج 🌊 النيل التى تعمدوا بها أو حتى لأكلة 🥘 العصيدة ، وهذا يفسر لماذا 🤬 الخلاف قائماً بين العلماء منذ زمن بعيد حول صحة الاحتفال بمولد النبوي محمد صل الله عليه وسلم . والسلام 🙋 ✍








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -