الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السودان: السلاح يقارع السلاح والحزب الشيوعي يدعو الى العمل الاجتماعي!!

حسن أحراث

2023 / 4 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


بدون شك، الحرب الدموية والمُدمّرة بين أضلاع النظام القائم بالسودان لا تخدم الشعب السوداني. ولا يحتاج المتتبّع، من داخل السودان أو من خارجه، أن يكون شيوعيا ليتبنى هذه الخلاصة ويدعو بالتالي الى "وقف الحرب". لكن من غير المقبول سياسيا أن يقف الحزب الشيوعي السوداني عند حدود هذه الخلاصة البديهية. وغير المقبول أكثر أن يدعو الى العمل الاجتماعي في الوقت الذي تشتد حمى الاقتتال وتتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب السوداني. ومن بين ما ورد في تصريح صحافي عن مكتب الإعلام المركزي للحزب بتاريخ 24 أبريل 2023 "نبدأ بتقديم العون والمساعدة والتضامن للسكان العزل وتوفير الاحتياجات الضرورية: الماء، الغذاء، الدواء والعلاج...".
جميل أن يقف الحزب الشيوعي الى جانب الشعب السوداني في هذه المحنة، لكن كيف من موقعه أن يوفر "الاحتياجات الضرورية"؟ علما أنه القائل في بداية التصريح "تحت دوي انفجارات الأسلحة الثقيلة يعيش شعبنا أحلك أيامه، ويكابد الأمرين من الترويع والقصف المتكرر غير المنقطع، وانعدام كافة المواد الغذائية والخدمات الأساسية...".
معلوم أن هذه الحرب ترمي الى "إغراق البلاد في بحور من الدم لتمرير مخططات السيطرة على مواردها وثرواتها والتفريط في سيادتها ووحدتها وتكريس تبعيتها للمحاور الإقليمية والدولية، عن طريق ضرب وتصفية الحراك الجماهيري واستهداف قياداته الثورية"؛
ومعلوم أيضا أنها تثبت جذور هذا الطرف على حساب الطرف الآخر، ودائما خدمة لمصالح الرجعية والصهيونية والامبريالية وبدعم منها؛
لكن السؤال الجوهري هو: ما هو دور الحزب الشيوعي، خاصة والزخم النضالي الذي تعيشه البلاد والتضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب السوداني وفي مقدمته الطبقة العاملة لسنوات عديدة؟
إن الحزب الشيوعي السوداني لم يولد اليوم أو الأمس القريب، لقد عايش تجارب عديدة، ومنها تجربته مع النظام القائم بالسودان فترة جعفر النميري. أ لم يستفد من كل تلك النكسات المدمرة التي أغرقت الشعب السوداني في المعاناة تلو الأخرى؟
لا نسعى الى تبخيس الجهود المبذولة للتصدي للنظام أو التضحيات التي لا تتوقف، وخاصة من طرف الشعب السوداني، لكن من حقنا ومن موقع تبنينا للنضال الأممي الى جانب كافة الشعوب المضطهدة أن ندلي بآرائنا فيما نعتقد أنه يخدم هذه الشعوب، ومن بينها الشعب الفلسطيني؛ تماما كما ننتقد القوى الفلسطينية حبا في فلسطين ودعما لها، ننتقد أيضا القوى السودانية حبا في السودان ودعما لها. ودون أن ننسى طبعا مقولة الحكيم حبش التي تدعونا الى التصدي أولا للأنظمة الجاثمة على صدر شعبنا..
إن ما يبدو مطلوبا بالسودان اليوم وبالدرجة الأولى وباختصار، خاصة والظرفية الراهنة، هو الدعوة الى انتفاضة شعبية مسلحة والعمل على توفير شروط إنجاحها وبما يسحب البساط من تحت أقدام الأطراف الرجعية المتصارعة وقلب المعادلة لفائدة الشعب السوداني والطبقة العاملة المؤهلة لحماية الثورة ودعم قيادتها الشيوعية الحقيقية..
ورد أيضا في التصريح الصحافي للحزب الشيوعي "وعلى الجماهير التمسك بقضاياها وأن تلتحم صفوفها وأن تطور مواقفها لوقف الحرب تمهيدا لعودة الحياة المدنية واسترداد الثورة".
نعم، جميل مرة أخرى أن يدعو الحزب الشيوعي الجماهير الشعبية الى "التمسك بقضاياها وأن تلتحم صفوفها وأن تطور مواقفها"، لكن ليس من أجل "توقيف الحرب" بالضرورة. فحتى "توقيف الحرب" لن يمهد ببساطة الى "عودة الحياة المدنية واستراد الثورة"..
إن توقيف الحرب بأي طريقة سيؤدي لا محالة الى تكريس معاناة الشعب السوداني، وخاصة الطبقة العاملة. لأن التسويات العسكرية المحتملة وجميع السيناريوهات التي تسهر على صناعتها الرجعية والصهيونية والامبريالية، وفي جميع الحالات، لن تكون في صالح الشعب السوداني أو بهدف إرساء الأسس الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. فلن تعمل إلا على إجهاض النهوض الشعبي المزعج وتقويض حدة الصراع الطبقي. وسيكون الحزب الشيوعي السوداني من بين الخاسرين كما دائما، وأقصد بالضبط قواعده وأطره المناضلة..
إن "استرداد الثورة" لن يتم دون اعتماد التعبئة المنظمة والمنتظمة والمبدعة و"العمل الدؤوب والصبور وسط الجماهير والاعتماد على قواعد وسواعد الثوار والثائرات" (عن التصريح الصحافي) لتفجير الانتفاضة الشعبية المسلحة، خاصة أن شروط ذلك مواتية وأكثر من أي وقت مضى. فالشعب السوداني والطبقة العاملة بالسودان راكما ما يكفي من التجارب "الفاشلة"، وقد آن الأوان لخوض غمار المعركة الحاسمة، أي المعركة المنتصرة..
ومرة أخرى، فما يثير الانتباه بمعنى غير المقبول، هو ما ورد في التصريح الصحافي "نطالب ونضغط على المجتمع الدولي من أجل تقديم العون الإنساني وحماية ووصول الصحفيين ولجان التحقيق الى الأرض ورصد انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، كما نطالب المنظمات الدولية بكشف وملاحقة الأطراف التي تمول وتمد أطراف القتال بالسلاح، ورصد جرائم الحرب كافة وعلى رأسها جريمة نقل المواجهات العسكرية الى أحياء السكان المدنيين واستخدامهم دروع بشرية. نطالب المجتمع الدولي باحترام سيادة الدولة السودانية، ونحذر دول الجوار وغيرهم من التدخل في شؤونها الداخلية".
إيجابي جدا فضح "المجتمع الدولي" وإدانة كيله بعدة مكاييل. أما انتظار "تقديم العون الإنساني و..."، فكما انتظار الوهم. وما جناه الشعب الفلسطيني أو ما قدمه "المجتمع الدولي" للشعب الفلسطيني يمكن أن يجنيه الشعب السوداني!! كفى من انتظار الوهم، حتى لا نقول "كفى من التضليل"..
والحديث عن المنظمات الدولية من أجل "كشف وملاحقة الأطراف التي تمول وتمد أطراف القتال بالسلاح..."، أي منظمات دولية يقصد الحزب الشيوعي السوداني؟!!
هل يقصد الأمم المتحدة؟
هل الأمم المتحدة "ستكشف وتلاحق الأطراف التي تمول وتمد أطراف القتال بالسلاح..."؟
عجيب وغريب..!!
بدون شك ستقوم الأمم المتحدة في مخيلة الحزب الشيوعي السوداني بما قامت به "مشكورة" لفائدة الشعب الفلسطيني..!!
أين "المنظمات الدولية" بصدد العديد مما يسمى ب"النزاعات الإقليمية"؟
أ ليست "المنظمات الدولية"، وعلى رأسها الأمم المتحدة، أداة أو عصا بيد الامبريالية؟!!
إن من يعتبر "المنظمات الدولية" حكما أو مُنقذا، كمن يعتبر العدو حليفا..
ويضيف الحزب الشيوعي السوداني "نطالب المجتمع الدولي باحترام سيادة الدولة السودانية ونحذر دول الجوار وغيرهم من التدخل في شؤونها الداخلية". ماذا يقصد يا ترى الحزب الشيوعي، ونُذكّر "الحزب الشيوعي" باحترام سيادة الدولة السودانية؟!!
وعن أي شؤون داخلية يتحدث "حزبنا الشيوعي"؟!!
أ ليست الدولة السودانية مصدر معاناة الشعب السوداني والطبقة العاملة؟
أ لا يسعى الحزب الشيوعي السوداني وفق مرجعيته السياسية والإيديولوجية الى تدمير ما يسمى ب"الدولة السودانية" باعتبارها أداة طبقية في يد البورجوازية السودانية لضمان استمراريتها و"تأبيد" هيمنتها الطبقية؟
إن "إصلاحية" الحزب الشيوعي السوداني قاتلة، بالأمس واليوم؛ وتشكك في انتمائه الى الشيوعية كما نظّر وأسّس لها الرمزان الخالدان ماركس ولينين..
أما خلاصته "تباشير الانتصار تعتمد على التعبئة والبناء والتنظيم، نبدأ بالأبسط والأسهل وتتصاعد الجهود خطوة وراء خطوة حتى نصل الى المواجهة وهزيمة تجار الحروب مرة والى الأبد"، فمجانبة للصواب رغم ما يغلفها من "حكمة" بادية (التعبئة والبناء والتنظيم) ونوايا حسنة باسم "التاكتيك"..
فهل "تصاعد الجهود خطوة وراء خطوة حتى نصل الى المواجهة..." تتطلب "الأبسط والأسهل" في قاموس "التاكتيك" منذ خمسينات القرن الماضي، أي ما يزيد عن سبعين (70) سنة؟!!
إن "هزيمة تجار الحروب مرة واحدة والى الأبد"، وخاصة بالسودان اليوم لن تتم دون انتفاضة شعبية مسلحة كشعار وممارسة آنيين...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا