الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة السودانية إلى اين؟

المهدي المغربي

2023 / 4 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


"قوة الدعم البطيء" و "قوة الدعم السريع" في سلة الجيش في سلة المؤسسة العسكرية
و ما هو إلا قطع الطريق على مسار الثورة التي اندلعت في ديسمبر. 2018 حيث أجبر الشارع السوداني الحاكم العسكري عمر البشير على التنحي السنة الموالية لهذه كما حصل مع الحاكم العسكري مبارك المصري في يناير سنة 2011.

و في كل مرة يجد حامل السلاح النظامي موقعا سياديا في الانتقال من ...إلى...

و ما لبث الوضع حتى طل من جديد انقلاب اكتوبر 2021
تم هذا الانقلاب العسكري على الحكومة المدنية و تم اعتقال رئيس الوزراء حمدوك و شخصيات سياسية رفضت الانصياع الى توصيات الجنرال البرهان

و ما هي إلا لعبة قيادات.
و كالعادة المشؤومة تتعرض الثورة و القوى التقدمية التي تناضل من أجلها إلى السرقة
لقد سرقتها عساكر الثكنات بتواطؤ مع الجيران الشماليين و مباركة قبائل الجيش في بعض الدول الإفريقية التي ليس من مصلحتها الجيوبوليتيكية ان تنشأ دولة مدنية ديموقراطية في السودان تعكر صفو الديكتاتوريات المحيطة به و يشكل قوة معارضة لأنظمة الاستبداد في المنطقة.
و في هذا الصدد لابد من إثارة حدث على سبيل المقارنة
كما حصل مع التجربة الديموقراطية الإشتراكية في الشيلي على سنة 1973 مع نجاح المناضل سلفادور الندي و صعوده للحكم عن جدارة و استحقاق الا أن الجيش العميل الموالي للدولة الأمريكية الامبريالية التي لم يكن من مصلحتها أن يحكم الشيوعيون البلاد دفعوا بالمجرم بينوشي ان ينقلب على الحكم الديموقراطي.
هجم المجرمون على القصر الرئاسي فقتلوا من فيه و إلى يومنا هذا أكثر من 3000 من المختطفين لم يظهر لهن و لهم أثر.
و انها لجرائم ضد الإنسانية
لن تنساها البشرية و ستظل وصمة عار على الامبريالية الأمريكية و البريطانية

هذا جزء من مجموعة من التجاريب التي عاشتها الشعوب مع همجية حكم الديكتاتوريات العسكرية
و التاريخ يعيد نفسه اليوم بما استحدث من ماساة سياسية و انسانية.

اليوم و الآن الطبقة العليا الحاكمة في السودان في تناحر مسلح لأجل تصفية الحسابات المرتبطة بالنفوذ الاقتصادي و المنصات السياسية السيادية.
و لا علاقة الشعب السوداني و قواه التقدمية المعارضة بهذه الأهداف و الأحداث الدموية المفروضة عليه.

السؤال الذي يطرح نفسه
في هذه الظرفية الساخنة هو كالتالي:

أين توجد مصلحة الشارع الثوري ؟

و أي دور موكول له في حسم هذه معادلة تصفية الحسابات الضيقة لاباطرة الدهب و السلاح في السودان؟

ما حجم القوة السياسية التي بامكانه استعمالها كي يجد لنفسه موقعا هجوميا في رقعة الصراع و ليس موقعا دفاعيا؟

الأحزاب الشيوعية و الأحزاب الإشتراكية و الأحزاب الديموقراطية السودانية هل وحدت موقفها و موقع جبهتها على الميدان؟

يبدوا ان الصراع الطبقي السوداني مع وجهات نظر في موضوع الاحتمالات القادمة ستطغى عليه لغة السلاح. و الخطير في الأمر هو اذا تحركت النزعة القبلية من أجل تنفيذ لعبة خلط الاوراق مع تصاعد الأحداث و تدخل دول الشر و دفعت بالحرب الاهلية إلى الإنفجار.
تلكم هي الكارثة التي سترمي بثقلها على المد الجماهيري في المنطقة!
و قد تقلب عدة موازين جيوبوليتيكية

مثلما شهدته ليبيا في السنوات الأخيرة و كما عاشته الجزائر في تسعينيات القرن الماضي.

قدر الدول الإفريقية بل قل الدسائس الصهيونية الامبريالية الغربية المحبوكة مع الطبقة الكومبرادورية العميلة هي التي تنوب عن القدر في هذه المهمات القذرة

عرف السودان عدة انقلابات مت بينهم حصريا
1969
حيث صعد النميري إلى الحكم بعد الانقلاب على الرئيس إسماعيل الأزهري إلى حدود
1985
ثم نفذ سوار الدهب انقلابا على النميري و كان وفيا في عهده حيث نفذ ما قاله في البيان الأول
سنظل في الحكم سنتين و بعد ذلك يتم تنظيم انتخابات مدنية و سنعود إلى الثكنات و هذا ما حصل بالفعل و تم انتخاب الصادق المهدي رئيسا للوزراء عن حزب الأمة إلى سنة الانقلاب 1989

و هنا اشير الى
إضافة جد مهمة في إبراز جوانب محرجة من تاريخ السودان السياسي
بخصوص هذا الانقلاب سنة 1989 على الحكومة المدنية السودانية الذي نفذه الإخوان المسلمين بتدبير حسن الترابي و تم اختيار أحد البيادق العسكرية كادات تقنية لذلك الذي هو عمر البشير
تزامن هذا الانقلاب بتراجع الاتحاد السوفياتي و صعود طالبان و نجم تنظيم القاعدة حيث تم تتويج هذا الزواج الإخواني و النظام العسكري بدعوة بن لادن لتنفيذ مشارعه الاقتصادية و الايديلوجية على أرض السودان.
و لا تفوتني الفرصة كي أذكر بأن تسليم الثائر كارلوس المحكوم بالإعدام او المؤبد في فرنسا إلى المخابرات الفرنسية كان من تدبير حسن الترابي العقل المدبر للحركة الإسلامية السودانية المتحالفة مع الديكتاتورية العسكرية.

انقلاب البشير الذي دام ثلاثون عاما من البطش و النهب و تقسيم البلاد إلى شمال و جنوب و قتل و في عهده تمة تصفية المناضل الشيوعي جون قرنق و كانت نهايته في هذه السنة
2019
على إثر انتفاضة جماهيرية شعبية في السنة السابقة و تحديدا في شهر ديسمبر تزعمتها القوى التقدمية في توافق مع أطراف اخرى لكن كما سلف ذكره في الموضوع

2021
استولى الجيش تحت عدة درائع على السلطة إلى أن تفجر التقاتل في هذه السنة بين نفس التركيبة العسكرية التي هي على راس هرم الحكم و تتقاسم الغنيمة و تستعبد سواعد الطبقة العاملة السودانية و ما يتعرض له الحزب الشيوعي من تنكيل هذا الذي ضحى بارواح كثيرة
لاجل ثورة ديموقراطية شعبية

و الوضع إلى حدود كتابة هذه السطور لازال يكتب الاحداث الدموية بتراشق الرصاص ما بين الطرفين المتناحرين في هذا الشهر من ابريل 2023
و وحده الشعب يؤدي الثمن حينما يسيطر غباء السلطة
و في سياق الحديث عن الانقلابات و الهزات الاجتماعية السودانية نسجل ان
الاستثناء الوحيد الذي كان هو انتفاضة 2018-2019 التي دفعت نوعا ما بنظام البشير إلى التنحي عن السلطة. و كما سلف شرحه لم تكتمل هذه الثورة في تحقيق أهدافها و ما لبث العسكر حتى ان استولى على السلطة بحجة أن الجيش يحمي الشعب و في حقيقة الامر كل واحد يحمي نفسه بنفسه في ظل نظام ديموقراطي و لكل دوره في المجتمع مع الاستقلالية التامة و كل يحاسب على فعله الجيد منه و كذلك الرديء منه.
هذا اذا تجلت بالفعل إرادة الشعب التي لا تقهر.

الشعب السوداني شعب مسيس راكم عدة تجارب و محطات اكيد ستعطي بديلا يرد للسودان كرامته و حريته بعيدا عن التناحر و لغة العنف و الرصاص.
و ان نهاية الديكتاتورية العسكرية مسالة حتمية
ان نهاية الطغمة العسكرية المهيمنة على السلطة و الحكم في السودان لمسالة حتمية

ان مسار انقلابات الجيش على السلطة المدنية في كل محاولات العملية السياسية انتهى اخيرا في هذه السنة بالتقاتل ما بين الجسم العسكري نفسه لما انفردا الطرفين بالسلطة و سجنوا رموز الحكومة المدنية و حاصروا الحركة اليسارية التقدمية هذه المرتبطة بالشارع في كل الهزات الاجتماعية و الانتفاضات السياسية و قدمت شهداء بالماءات.

خلاصة القول الان يظهر و يتضح بالملموس ان لا خيار للسلطة العسكرية في السودان التي سيطرت على هذا البلد منذ الستينيات.
و يتضح الآن بكل اساليب التحليل السياسي و يظهر للجميع أنه لا بديل لها الا ايقاف الحرب فورا و اخلاء الشوارع و العودة الى الثكنات و من داخلها يفتح الطرفين المتناحرين حوارا داخليا بمعنى من داخل المؤسسة العسكرية و يفسحوا المجال كي تقوم القوة السياسية المدنية بدورها الدستوري في صياغة دستور مدني و اجراء انتخابات تشريعية و رآسية كي يستقر الوضع ويستمر مسار الصراع الطبقي الى الافضل في اختيار من يستحق ان يقود البلاد الى بر الامان بناء على الارادة الشعبية

مع اصدق التحيات
مهدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موقف التنظيمات المسلحة الموالية لإيران من التصعيد في رفح| ال


.. إسرائيل - حماس: هل ما زالت الهدنة ممكنة في غزة؟




.. احتفال في قصر الإليزيه بمناسبة مرور 60 عاما على العلاقات الف


.. بانتظار الحلم الأوروبي.. المهاجرون يعيشون -الكوابيس- في تونس




.. حقنة تخلصكم من ألم الظهر نهائيا | #برنامج_التشخيص