الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنسان والوعي الفكري الاجتماعي

فلاح أمين الرهيمي

2023 / 4 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


إن أي إنسان في الوجود يمتلك وعياً فكرياً ولكن هذا الوعي ليس خالصاً دائماً وإنما تثقله رغبات الروح التي تبدو في صورة طبقات مضطربة من الأهواء والأصوات لأن الوعي الفكري بادئ الأمر مجرد وعي البيئة الحسية الأقرب للإنسان ... وحينما ينمو هذا الوعي الفكري من خلال مشاهدات الإنسان وارتباطه بالآخرين خارج بيئة الإنسان ووجوده تنتصب في الوقت نفسه أمامه وعي الطبيعة التي تعتبر قوة غريبة كلياً فائقة القدرة وتامة المتعة فيتصرف أمامها بطريقة حيوانية خالصة ويرتهب منها مما يفرض عليه وعيه وتطور مداركه العقلية ضرورة الارتباط مع الأفراد من حوله وفي مجتمعه مما يعتبر بداية الوعي الاجتماعي لأن طبيعة الوعي نتاج اجتماعي وهو يبقى كذلك ما بقي البشر لأنه يحيى في مجتمع ... وإن هذا الوعي الاجتماعي يكون في البداية ذا طابع غريزي ثم ينمو ويتطور ويكتمل فيما بعد مع زيادة الإنتاجية والحاجات واختلاطه بالناس الآخرين ويتطور مع هذه الأمور تقسيم العمل وإن تقسيم العمل يتطور ويسير بصورة تلقائية بفضل الاستعداد الطبيعي للإنسان وحاجاته ومصادفاته وإن جميع ذلك يحدث خارج إرادة الإنسان ورغبته ولا يصبح تقسيم العمل فعلياً إلا من خلال انطلاقه من اللحظة التي يحدث فيها تقسيم العمل مادياً وذهنياً وبذلك يستطيع الوعي وبذلك من الآن وصاعداً أن يصبح في مركز يتحرر فيه من العالم وأن يتصرف ويسلك ويدرك واقعه الموضوعي وحقيقة مجتمعه وإن هذا التصور المادي للتاريخ يستند إلى تطور المجرى الواقعي للعلاقات الاجتماعية وانطلاقاً من الإنتاج المادي للحياة المباشرة والعلاقات الإنسانية المرتبطة بها ... كما أن إنتاج الأفكار والوعي والتصورات مرتبطة بالنشاط المادي والتعامل الذهني بين البشر الذي يعتبر انعكاساً للواقع الموضوعي ... فالوعي لا يمكن أن يكون سوى الوجود الفكري الواعي والوجود البشري في مجرى الحياة الواقعية.
إن الأفكار والتصورات والوعي لا يتم بما يقوله البشر ويتوهمونه ويتصورونه ولا مما يتفوه به الآخرين ويقولونه من أفكار وتخيلات وصور لكي يتم التوصل به إلى البشر الذين هم من لحم ودم بل يتم ذلك من انطلاق البشر من خلال فعالياتهم الواقعية وعن طريق تطور حياتهم وسيرتها وسلوكها من خلال الواقع الموضوعي ... فالبشر حينما يطورون إنتاجهم المادي وعلاقاتهم المادية فإنهم يحولون فكرهم ومنتجاته بما ينسجم مع الواقع الخاص بهم ولذلك فإن الوعي الفكري ليس هو الذي يعين الحياة بل الحياة هي التي تعين الوعي الفكري من خلال سلوكها وممارساتها بما ينسجم ويتفاعل مع الواقع الموضوعي بعكس الانعكاسات والتوهمات والأصداء التي لا تنطلق من مجرى الحياة للبشر الواقعية التي لا يمكن التحقق منها تجريبياً بالرغم من أنها صادرة من قواعد مادية (الدماغ) فتفقد في الحال كل مظهر من مظاهر الاستقلال الذاتي باعتبارها لا تمتلك تاريخاً وليس لها أي تطور ويعتبر ذلك نقيض للواقع الموضوعي كالأخلاق والميتافيزيقيا ... ومن خلال المقارنة بين الحالتين يتبين أن القاعدة الأولى تقابل الحياة الواقعية الموضوعية حيث يتم الانطلاق من الأفراد الواقعيين الأحياء ويتم اعتبار الوعي الفكري هو بوصفه وعيهم هم بالذات أما الحالة الأخرى فتعتبر الأشياء منطلقة من أفراد أحياء فقط بدون تجربة واقعية والتي يقف ويجمد عندها التاريخ باعتبارها وقائع لا حياة فيها كما هو الأمر عند التجربتين الذين ما زالوا تجريبيتين بالنشاط الوهمي الذي يمثل ذاتاً وهمية كما هو عند المثاليين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جودي سكيت.. يكشف عن أشياء مستحيل أن يفعلها ومفاجأة عن علاقته


.. تساؤلات حول تقرير واشنطن بشأن استخدام الأسلحة الأمريكية في غ




.. بعد الوصول إلى -طريق مسدود- الهدنة لا تزال ممكنة في غزة.. «ج


.. المستشفى الإماراتي العائم في العريش.. جهود متواصلة لدعم الجر




.. تحرك دولي لإطلاق تحقيق مستقل بشأن مقابر جماعية في قطاع غزة