الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الأمرُ بِنُمُوٍّ بلِ إنقِلاب

علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)

2023 / 4 / 28
الادب والفن


(حِوارٌ مِن أرضِ الواقع)
فوجِئتُ بصَغِيرتي تُسائِلُني بإستِغراب؛
" أبتَاهُ، كيفَ دَخَلتُ أنا بَطنَ أمَيمَتي ثمَّ خَرجتُ بجِلباب!"
فردَدْتُ عَليها بإستِلطافٍ وبإستِحباب؛" أنتِ ما دَخلتِ بلِ اللهُ خَلَقَكِ في بطنِها وهوُ رَبُّنا الخالِقُ الوَهَّاب، ثمَّ هوَ مَن أخرَجَكِ مِن بطنِها فألبَسناكِ نحنُ الحُليَّ والأثياب"
فقالتْ بجُفُونٍ ناعِسةٍ وعُيُونٍ مُتقاعِسةٍ عن مراءٍ بالخِطاب؛ " لمَ الكَذِبُ أَبَه! فكيفَ وأنا في بطنِها صنعنيَ الخالِقُ الوهَّابُ، وانّى تَسَنَّى له الصُّنعَ مِن وراءِ حِجاب!"
فقلتُ بلا إستغرابٍ بل بإستِحبابٍ وإستعجاب؛ " قد تعلمينَ بُنَيَّتي أني لستُ بكَذَّاب، وما كنتُ واللهِ مَعكِ وإخوَتكِ للحظةٍ بكَذَّاب، ذاكَ (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّاب)
فقالتْ بلينِ قولٍ بإنسياب؛" فكيفَ صنعَنيَ الخالِقُ الوَهَّابُ والنّاسَ مِن وراءِ حِجاب! "
فقلتُ مُسترسِلاً للحَرفِ بلا أفَفٍ ولا إضطِراب؛ " هَلّا نَظرتِ يا ريماً في الفلا وبحُسْنِ وجهٍ أضحى للجَمالِ مَثلا بإنجذاب
هَلّا بَصُرتِ أَظْفارَكِ المَيتةِ وكيفَ إنفَلَقَتْ من (بطنِ) أنامِلها أخَّاذةً ملساءَ بلا زَغَبٍ ولا أهداب
وكيفَ ستَنمو لكِ أسنانٌ بيضاءَ بدلَاً من هذي السَّوداءَ من (بطنِ) مَبْسَمِكِ بلا عَوَجٍ ولا أنياب"
فغرَّدَتْ وردَّتْ بفُضُولِ طَرْفٍ للدِرَايَةِ ميَّالٌ ولفَهْمِ المَعارِفِ سَيَّالٌ بإنصباب؛ "وكيفَ صنعَ اللهُ كلَّ أولئكَ فينا وفي غابرٍ من أحقاب!"
فرددْتُ بفُصُولِ ذَرْفٍ للحِكايَةِ شَيَّالٌ ولعِلمِ اللطائفِ كيَّالٌ بإطناب؛
" إنّ أجسادَ الخلائقَ -يا صَغيرتي- لا يُسيِّرُها نُمُوٌّ وفق سُنَّةٍ سيَّارةٍ قد سَنَّها الخالِقُ التَّوَّاب، وذلك هو ظنُّ غَافِلٍ مؤمنٍ بظاهرِ الأسباب، أو رُبَما ظنُّ مُستسلمٍ لفهمِ آيةِ (الَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) بشطرٍ من صواب، فتراهُ رَسى على الفعلِ (هَدَى) ونسى(الَّذِي قَدَّرَ) الإخصابَ والإكتسابَ سلباً أو بإيجاب، أو ربما ظنُّ جاهلٍ مُرتاب، أو لعلَّهُ مُغرِضٌ كَذَّاب، ذاكَ أنَّ مَلَكُوتَ كُلِّ شَيْءٍ بيدِ الحَيِّ القَيُّومِ الوَهَّاب، وتَفَكَّري معيَ في قولِ (كُلِّ شَيْءٍ)، وما (ألكترونُ) الذَّرةِ إلّا شيءٌ ولو إصطفَّ مع آخر مثلِهِ لأصبحا شيئينِ بالحساب. وإذاً فبيدِهِ الخَلْقُ والأمرُ على(كُلِّ شَيْءٍ) مهما صَغرَ ومهما كَبرَ في آفاقِ الرّحاب، و(إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) بأمرِ ربِّ الأرباب، وبيدِهِ الخَلْقُ والأمرُ على نواةِ كُلِّ خَليةٍ في أجسادِنا لحظَةَ بدءِ إنشِطارِها أو تحوِّلِها الى خَلْقٍ آخرٍ بإستقطاب، فقد يَشطرُها فتكونَ عَلَقَةً مُعَلَّقَةٍ في حُجرةٍ ظلماءَ بلا أبواب، وقد يُغَيِّرها مُضْغَةً مُخَلَّقَةً مُحَلِّقَةً حمَّالةً للأنساب، وقد يُميتُها فيُصَيِّرُها غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ فلا أنسابَ ولا غَمزَةً لفارسِ حُلمٍ ولا إنتظارَ لخُطَّاب، ولا عرسَ ولا تصاهرَ ولا أحساب، وكلُّ ذلكَ مَسطورٌ ومُقَرٌّ فِي الْأَرْحَامِ ويَخلُقُهُ سبحانهُ مِن وراءِ حِجاب، لِّيُبَيِّنَ لَنَا أنَّهُ هوَ وحسب وليسَ سُنَنُهُ الرَّتيبةُ والأسباب، هو وحدُهُ صاحِبُ الشَّأنِ في كلِّ لحظةِ خَلْقٍ جاثمٍ أو حائمٍ أو دَواب، وأنَّهُ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ فيَخلُقُ ويرزقُ من وراءِ حِجاب، وكُلَّ يَوْمٍ نَحنُ فِي حاجةٍ للطيفِ شَأْنٍ مِنهُ بتَعَبُّدٍ وإرتقاب، ثُمَّ قد أخْرَجَكِ إليَّ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغي بينَ يديَّ أَشُدَّكِ نَبيلَةَ الأَصلِ جَميلةَ الآداب، وإذاً بُنَيَّتي فمنازِلُ رِحلةِ خَلْقِنا تترا ما كانَت عَملَاً بأيدٍ لسُنَنٍ رَتيبةٍ تفَلقُنا مِنَ الأصلابِ فنَنْموَ فنَنطَلِقُ لاهِينَ بينَ ذوي رَحِمٍ أحبابٍ ومَعارف أصحاب، بل كانَت منازِلُ رِحلةِ خَلْقِنا فِعلَاً بأيدٍ منَ الخلَّاقِ التَّوَّابِ، وهوُ وحدهُ المهيمنُ بقولِ (كُنْ فَيَكُون)على كلِّ موِضِعٍ وذرةٍ في الوُجودِ وكلِّ خَليةٍ في جَسَدٍ في أصلابٍ وفي أعقاب، أفَلم تَرَي كيفَ خَلَقَ اللَّهُ عِيسَى بأمرِ (كُنْ فَيَكُون) وكيفَ فَرَّتِ الأسباب، ومِنْ قبلُ قد خَلَقَ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ، وغير بعيدٍ عنّا كيفَ قَلَبَ اللهُ خَلايا خَبيثةً لا دَواءَ لها لخَلايا حَميدةٍ في كَبدِ جارتِنا ذاتِ الحِجاب بنقاب، فإنقَلَبَتِ الخلايا صاغرةً لخلايا كبدٍ حميدةٍ تحتَ قوَّةِ دعاءِ قلبِ مؤمنٍ ولربِّهِ ناسكٌ أوَّاب. وإذاً فأمرُ النُّمُوِ لا ينفَجِرُ من تَدَرُّجٍ لخلايانا بإنسلاخٍ تحتَ وطئَةِ الأسباب، بلِ يَنبَجِسُ في لمحِ بصرٍ وإدنى بأمرِ (كُنْ فَيَكُون) ليَستحيلَ عندَ كلِّ لحظةٍ الى خَلْقٍ آخَر بإنقِلاب، فتباركَ الذي قالَ (ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ) في معجزٍ من كتاب، وسبحَانَ الذي (لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) وربُّ الأسباب.
ردَّتْ صغيرتي وثَغرُها باسمٌ وبأقتِضاب؛
" مَا أبهى وأشهى قِيلكَ أبَتَاهُ بلا إرتياب، رُغمَ ما غُمَّ عليَّ منهُ وعلى ما فيهِ تفصيلٍ بإطناب، أو بتعبيرٍ أدقُّ؛ رَغمَ أنّي لم أفهمْ منهُ شيئاً وعلى ما شَدَدْتُ مِن أعصاب، وحَمداً للهِ أنّي مازلتُ مالكةً لبقيةِ أطلالٍ من أعصاب،
وألا ليتَني ظَلَلْتُ خَفِيَّةً في بطنِها وما سمعتُ منكَ كثيرَ جواب، ولا ضيرَ حينئذٍ لو إنكَ حاورتَني إذ أنا في بطنِها ومِن وارءِ حجاب،
وكانَ اللهُ بعونِ أمّي على ذا بَعلٍ كأنَّهُ قادمٌ من مضارب الأعراب، وبُعداً لسائلٍ يسأَلُكَ مِن بعد اليومِ عن جواب".

لعلَّ الحقَّ معَ بُنَيَّتي في ذا ردٍّ بسوءِ خِطاب، فقد سَمِعتُ بأُذُنيَّ من قبلُ كثيراً من مِثلِ ذا الخِطاب، قد صَدَرَ عن صَحبٍ احباب وحتّى عَمَّن لا أعرِفُ من أغراب.
بيدَ أنّهُ لا حرجَ، فقد أدليتُ فأبنتُ للبنَيَّة بما لديَّ مِن حُسنِ جواب، ولسوفَ أنَقِّبُ عن سائِلٍ غيرِها في أزقةِ المدائنِ وحتَّى في أعشاب الشِّعاب
فالعِلمُ يُسبِّبُ لي حكَّةً في جلدي إن لم يأخُذْهُ عنّي المعارفُ والأجناب.
ويْ! أفَمِن ذي الحَكَّةِ جاءَ لقبي فكانَ: علي الجنابي؟
رُبَّما .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة