الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة الروح ضد ثروة القتل (2)

عدنان الصباح
(ADNAN ALSABBAH)

2023 / 4 / 28
العولمة وتطورات العالم المعاصر


العنف ورغبة التملك هي من اسست للتراتبية الطبقية بين بني البشر في بدايات الحياة البشرية بحيث اصبح الاضعف خاضعا للأقوى رغما عنه حتى تحول تدريجيا الى مملوك بالمطلق للقوي الذي تحول الى السيد وبالتالي ازداد عدد المملوكين وتركزت القوى بيد فئة صغيرة باتت هي طبقة الاسياد وتشكلت كليا مرحلة الرق والعبودية كتشكيلة اجتماعية اقتصادية لم تنتهي الا بثورات العبيد الذين تمكنوا من تحرير رقابهم والغاء خضوعهم المطلق لأسيادهم لصالح شكل جديد فرضته متغيرات واحتياجات مختلفة للأسياد مما اسس لظهور ملكية جديدة اقل حدة للبشر وهو الفلاح القن الذي استطاع ان يشكل عائلة خاصة به وبات تابعا لأرض السيد بمعنى مملوك ضمنيا كملكية مشتركة مع الارض وبمعنى ان الانسان العبد كان وسيلة انتاج بذاته بينما صار القن وسيلة انتاج مشتركة مع الارض التي جعلت من القن جزءا منها.
التطور الطبيعي للحياة وما رافقها من مراحل كصناعة الة الانتاج والصناعة والثورة الصناعية ومراحل النهوض المختلفة خلقت حالة مختلفة اجبرت السيد على الفصل الشكلي بين الانسان كوسيلة انتاج والالة والارض والمواد الخام وذلك مع ظهور السلعة التجارية التي سهلت الالة واكتشاف الكهرباء والتجارة الخارجية برا وبحرا وجوا فيما بعد وتوسعت اسواق السيد وتوسعت نطاقات سيطرته لحاجته للمواد الخام والاسواق الاوسع لاستيعاب الانتاج الاكبر.
العبد بذاته كان صانع كل القيمة التي كانت تذهب بكليتها الى السيد ويمكن اليوم رؤية الانجازات العظيمة لتلك المرحلة عبر الاثار الفرعونية والرومانية واليونانية العظيمة والتي لا تقدر بثمن مادي وقد وجد الاسياد بابتداع فكرة الالوهية لذواتهم لمنحهم الحق المطلق في ملكية كل البشر واصبح الفراعنة الهة لا ملوك كبني البشر وبالتالي كانت قيمة المملوكات التي ملكها الفراعنة على سبيل المثال هي بسبب مكونين لا يدفع الملك الاله بهما شيئا الانسان العبد وقد بنيت الاهرامات وغيرها بواسطة يد الانسان المملوك للملك الاله والطبيعة المملوكة بالضرورة الاله ايضا وهذا يعني ان كل القيمة التي صارت بالمكون القائم " البناء " هي نتاج مكونات بلا تكلفة على الاطلاق.
المنتج الذي جاء بيد العبد والذي جاء بيد القن كلاهما ظلا بلا كلفة سوى كلفة التملك الالهي للسيد الاله او الملك الاله او فيما بعد من يحكم باسم الاله ونماذج الحضارات الهندية والصينية واليابانية دليل كبير على ذلك ومن يقرا الاديان في اليابان مثلا يكتشف ان هناك ثمانية ملايين اله وعدد لا يحصى في الصين ومئات الملايين من الالهة في الهند وهؤلاء الالهة او وكلاء الالهة او بنائهم لم يكونوا اكثر من اسياد ومستعبدين للبشر باسم الالوهية او القوة.
سواء في مرحلة العبودية او الاقطاع كانت قيمة الاشياء تأتي فقط من السيطرة عليها من قبل السيد الملك او السيد الاله اومن يحكم باسمه لكن ظهور الرأسمالية جعل الامر مختلف وظهرت نظرية القيمة الفائضة بعد ان اصبح هناك ثمن لمكونات السلعة من اجرة اليد العاملة والمواد الخام وحتى تسويق المنتج وبالتالي بات الربح الذي يذهب للسيد الرأسمالي الذي لا جهد له به الا راس ماله المنهوب من الفقراء صار فائض القيمة الاساس الاقوى لدعاة الاشتراكية وتايم الممتلك الاساس وهو الثروة المحتكرة للعاطلين عن العمل كليا والذين يبطشون بالعمال ويحتكرون جهدهم ووقتهم مقابل ما يكفي لقوت يومهم وبدل العبد المملوك بالمطلق والقن التابع لملكية الارض ظهرت العبودية الجزئية بحيث يملك الرأسمالي وقتا محددا من يوم العامل مقابل اجر يكفي لإعادة انتاج نفس الوقت في اليوم التالي وهي عبودية مقنعة لا اكثر ولا أقل.
اعود للقول اذن ان فائض القيمة لم يكن ابدا قائما في زمن الرق والاقطاع بحيث كانت القيمة بمجملها فائضة ومملوكة بالمطلق لمن لا دور له بوجودها الا بسطوته بعكس الرأسمالي الذي ادخل ماله في عملية انتاج السلعة ليحصل على ما يفيض من قيمة كل شيء بما في ذلك عمل الانسان المنتج " العامل والفلاح والمهني والحرفي " أي كل انواع البشر العاملين بالإنتاج عبر جهدهم البدني والعقلي وفي سبيل ان يبقى ذلك ويتمكن الرأسمالي من ابعاد شبح الثورة الداخلية ضده هرب بمطامعه عن عيون من حوله الذين بدأوا يفتحون عيونهم ويحتجون باختراع الاستعمار لأسباب مختلفة منها الدينية والثقافية والنهوض بالأمم المتخلفة بهدف السيطرة على منابع الخير في البلدان البكر التي كان يسهل استعباد شعوبها بأشكال واساليب مختلفة ولعل تجربة حفر قناة السويس هي اخر مظاهر العبودية المباشرة في القرن التاسع عشر التي شارك في حفرها اكثر من مليون شخص مات منهم اكثر من 120 الف انسان جراء الجوع والعطش والاوبئة وسوء المعاملة وهو ما يؤكد ان العبودية لم تمت في عصرها بل هي تتكرر كلما دعت الحاجة اليها ولكن بأشكال مختلفة ولعل ابشع اشكال العبودية المطلقة هي الجيوش وان ظهرت بصور عصرية وقيم ومعتقدات تعطى صفات مختلفة الا انها في المحصلة لا تذهب بعيدا عن تحقيق اهداف السيد الاول أيا كانت تسميته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة