الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النخب والمفاهيم النمطية الموروثة

عبد الخالق الفلاح

2023 / 4 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


نحن في حاجة إلى نخبة واعية متشبِّعة بقيم العقيدة الدينية و الوطنية الحقيقية،" سياسية وثقافية وعلمية وااجتماعية وغيرها"،وان تعيد النظر في مفاهيمها التقليدية الموروثة لتواكب نمط التحولات السريعة والهائلة التي تحدث بفعل عصر العولمة الذي نعيشه و لن تتحقق اذا بقيت النخبة المثقفة غير قادرة على بناء رؤية واضحة تستطيع من خلالها تحديد القيم والمبادئ الكلية، وتحديد المنهج ذي الإجراءات العملية لتحقيق مقاصد هذه القيم في دنيا الناس. لان مستقبل البلدان مناط بقيادات تمتلك القدرة على شق الطريق امام موجة الازمات الخانقة وتجاوزها، وأن تكون قادرة على تطويراسباب الحياة و تحول مسار التاريخ في لحظاته المدلهمة، وتنير الدرب بفعل تجاوزها ليوميات الأحداث، من خلال قدرتها على استشراف المستقبل، ورسم مسارات العمل المستقبلي، والحد من الخسائر، وتحفظ المحتوى العقائدي لما تحمله من أفكار، حتى لا يفرغ من محتواه أو يحوّر أو يبدل.
تقول الحق ولو كان مرّا،دون الخوف من لومة لائم ، وتقف سدّا منيعا أمام كل محاولات التمييع التي تطال القيم الدينية و الأخلاقية والإنسانية في هذا الوطن الذي ابتلي بالعديد من الأمراض ، ما ولّد حالة من اللامسؤولية تجاه الوطن؛ فالنخبة بغيابها تركت في مناسبات عدّة المجال للغوغائيون، الذين ركبُوا الموجة وأضحوا يحلّلون ويناقشون قضايا الأمة ويحاكمون حتى النوايا، حيث تحوَّل “الإنسان الرقمي” الذي يُحسن التعامل مع تكنولوجيا الإنترنت، إلى فاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، ينشر الأخبار ويبث الصور والفيديوهات ويبدي آراءه حول مسائل جوهرية، تهمُّ الوطن والمواطن، في ظل اختفاء العقل النخبوي، الذي اغتال نفسه منذ زمن لان النخب هي التي تقود قاطرة النهضة والتنمية في بلدان ، وهي العقل الذي تفكر به المجتمعات الراقية، عبر تسيّدها المشهد في كل الميادين، وانخراطها في مجمل النقاشات العامة حول القضايا التي تشكل الصالح العام، فإنّ حالها في بلادنا على النقيض من ذلك تماما؛ فهي منزوية ومنطوية على نفسها، ومستقيلة من دورها في التخطيط لمستقبل البلاد ة وفي زرع الاخلاق الواعية بين ساكنته ،وعليها ان تشارك في إيجاد الحلول لكافة الآفات التي تنخر المجتمع، وهي غائبة للأسف عن المشاركة في صناعة القرارات المصيرية. البعض يقول: “إنّ هناك تجنيا مع سبق الإصرار والترصد في حق النخبة الوطنية، التي تعاني الإقصاء والتهميش بلا سبب”، في حين يرميها البعض الآخر بسهام النقد، وستظهر محطات مهمة كانت النخبة خارج مجال التغطية فيها ، فهل فعلا صفوة المجتمع المشتغلون بالثقافة والعلم، مغيّبون أم غيَّبوا أنفسهم؟ لماذا لا نجد لهم أثرا في النقاشات العامة. اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى مطلوب من العقول النيرة والتي تشعر بالوطن ومعانته من الخروج من هذه القوقعة سواء فُرضت عليها أم فرضتها على نفسها، وأن تكون في الطليعة، وتنخرط في كل المسائل الحياتية، بالدراسة والتحليل والتخطيط والاستشراف، لا أن تترك المجال للعابثين و المصطادين في المياه العكرة. كما عليها أيضا الفكاك من المنزع النرجسي وعقدة التعالي، التي تجعل من العالِم حبيس برجه العالي، ويرفض أن يتزحزح منه، ليُحاكي واقعه.
إن دور النخب في البناء الحضاري هو فهم واجب القيادة والمقصد منه، ويتمثل في مواكبة التطور بالجديد والمفيد في ميادين التكنولوجيا، والتقدم الصناعي والعلمي، وتشجيع المفكرين والمبدعين، وفسح المجال للعلماء وأرباب الفكر في صناعة التقدم والحضارة، وبذلك تنمو الحياة بشكل متكامل ومتنامي من جميع الجوانب، وعلى كافة الأصعدة والاتجاهات، ومقدرته على مواجهة الأزمات والتحديات المعاصرة.ومن منظور آخر كيف قامت الأمم السابقة بواجب الاستخلاف، ومن ثم الفهم الشامل والصحيح للحضارة المعاصـرة بالانفتاح عليها انفتاحاً منضبطاً بضوابط الوحي، لأن الانفتاح المنضبط نحوها أمر ضروري للتبادل الحضاري الصحيح، لكون هذا الفهم هو الذي يمكن من الانتقاء والاستفادة العلمية والفنية الصحيحة، دون مساس بالقيم والعقائد والهوية
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جلال عمارة يختبر نارين بيوتي في تحدي الثقة ???? سوشي ولا مصا


.. شرطي إسرائيلي يتعرض لعملية طعن في القدس على يد تركي قُتل إثر




.. بلافتة تحمل اسم الطفلة هند.. شاهد كيف اخترق طلاب مبنى بجامعة


.. تعرّف إلى قصة مضيفة الطيران التي أصبحت رئيسة الخطوط الجوية ا




.. أسترازنيكا.. سبب للجلطات الدموية