الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الراوي: وحكايته في النمسا

كاظم فنجان الحمامي

2023 / 4 / 29
سيرة ذاتية


ربما يكون رئيس المهندسين (عمر محمد نور الراوي) في طليعة العراقيين المغتربين الذين تبوءوا أعلى المناصب البرلمانية الرفيعة في أوربا، لكن الثابت لدينا أنه، وعلى الرغم من اكتسابه عضوية المجلس البلدي في العاصمة النمساوية (ڤيينا)، واكتسابه لعضوية برلمان ولاية (ڤيينا)، وعلاقاته السياسية الواسعة مع الملوك والرؤساء العرب والأجانب، وعلاقاته المهنية مع كبريات الشركات العالمية. إلاّ أنه ظل متمسكاً بمروءته العربية وشهامته العراقية، وانفرد بتواضعه وبساطته، فالرجل يسكن في شقة، في حي شعبي قديم. يتنقل بدراجته الهوائية بين البيت ومقر البرلمان، والمصدر الوحيد لعائلته هو راتبه الشهري كبرلماني وعضو مجلس بلدي. .
الراوي: هو أول سياسي من أصل عربي يتألق في لجان التخطيط العمراني والحضري، ويعمل في لجان الخدمات السكنية لأجمل مدينة في كوكب الأرض، وأول عراقي يترأس لجنة النزاهة البرلمانية في النمسا. وأول عراقي يسهم في صياغة القوانين العمالية الإنسانية، التي تضمن التوازن الوظيفي بين العمال الوافدين والمواطنين الأصليين، وتقضي على التنافس السلبي، وأول من فكر بتأسيس منبر الحوار المسيحي الإسلامي. .
لا حدود لطموحاته، ولا قيود لتطلعاته المستقبلية نحو تجميل المدينة التي يسكنها (ڤيينا)، أو المدينة التي نشأ وترعرع فيها (البصرة). لم يتجاهل هويته العربية، لأنها البوصلة التي اهتدى بها في ترصين روابط الألفة والمحبة مع الشعوب والقوميات والديانات الأخرى. .
تصدى بحكمته لموجة العداء المناوئة للإسلام، تلك الموجة التي تفاقمت حدتها في أوربا بتصاعد كفة اليمين المتطرف، فحالفه الحظ في إقناع رئيس وزراء النمسا ورئيس جمهوريتها بتوجيه دعوة رمضانية لتناول طعام الإفطار على مائدة القصر الجمهوري، تضم وجهاء الجالية الإسلامية في عاصمة الأناقة والجمال. ثم أصبحت فكرة الدعوة قائمة كتقليد رسمي منذ سنوات لتعضيد أواصر الثقة بين السلطة الحاكمة وبين المسلمين المغتربين، ولتعزيز دورهم الايجابي في المجتمع النمساوي. ثم حذت بعض الحكومات الأوربية الأخرى حذو النمسا، حتى صارت دعوة الإفطار من الثوابت البروتوكولية في رمضان. .
الراوي من مواليد بغداد 1961. أمضى طفولته وسنوات شبابه في البصرة، وعلى وجه التحديد في أحياء مدينة (المعقل) قرب نادي الميناء الرياضي.
والده هو الراحل (محمد نور بن محمد بن سعيد بن عبد الغني بن محمد الشافعي الراوي). من مواليد بغداد 1925. يرجع نسبه للأمام الحسين بن علي عليهما السلام، وهو نجل العلامة الجليل محمد سعيد. صاحب المؤلفات الرصينة في الفقه والقضاء، والذي نفته سلطات الاحتلال البريطانية إلى الهند لأربع سنوات بسبب دوره في المقاومة المسلحة ضد ثكناتها الحربية. أما الجد الأكبر فهو السيد عبد الغني، كليدار (سادن) الحضرة الكاظمية ببغداد. .
عمل والده مديراً للنقليات في الموانئ العراقية، وأصبح فيما بعد مديراً لقسم التدقيق في الموانئ. أما والدته فهي الدكتورة الراحلة (هارتا موهلبرجر) نمساوية الأصل. درست الطب في جامعه ڤيينا. تزوجت (أبو عمر) عام 1955. كانت تعمل طبيبة في مستشفى الموانئ بالبصرة. سيدة فاضلة، لها من الأيادي البيضاء على المعقل وأهلها ما لا يمكن اختزاله ببضعة كلمات. لم تكن تتقاضى أي أجور على خدماتها الطبية. كان بيتها هو مكتبتها وعيادتها وملاذها الآمن. لكنها تعرضت للتعسف والاضطهاد على يد السلطات الجائرة، فنقلوها إلى العمارة، وأحالوا زوجها إلى التقاعد مع مجموعة من موظفي الموانئ، بسبب رفضهم الانتماء للحزب. ما اضطره إلى ممارسة مهنة المحاماة للدفاع عن الفلاحين في قاطع (القرنة)، وكان له الفضل في تثبيت ملكية أراضيهم الزراعية المُتنازع عليها. لكنه سرعان ما تعرض للاعتقال على يد عناصر أمن البصرة، فأودعوه في زنزانة انفرادية تابعة لمركز شرطة محطة قطار البصرة بسبب قرار الحكم الغيابي بالإعدام، الذي أصدرته السلطة ضد شقيقه (اللواء الركن عبد الغني الراوي). ثم أصدرت الحكومة قرارها التعسفي اللاحق بنقله إلى سجن (الناصرية)، ثم إلى سجن (بعقوبة) من دون أن توجه له أي تهمة صريحة. في الوقت الذي كانت فيه زوجته الدكتورة (هارتا) حائرة في تحديد مصيرها ومصير أطفالها. مشتتة الأفكار بين إقامتها المفروضة عليها مع أبنائها في العمارة، وبين زوجها الذي لا تعرف عنه شيئاً. ولم تخرج من هذه المحنة إلا في عام 1974 عندما سمحوا لها بالانتقال إلى بغداد، فعملت في دائرة (صحة الطلاب)، ثم أصبحت مديرة لمركز رعاية الأمومة والطفولة في الشالچيه. .
ارتبطت عائلة الراوي في البصرة بصداقات وثيقة حتى يومنا هذا، وتشبعت ذاكرته الوطنية بأبهى صور المدينة الزاهرة دائما بكرم أهلها، والمزدانة بطيبتهم ومروءتهم. ذكر لي في إحدى رسائله المشبعة بالحنين إلى البصرة: أنه يتطلع إلى اليوم الذي تصبح فيه مدينته هي العاصمة التجارية والمينائية للعراق، ويمني نفسه باليوم الذي تأخذ فيه موانئ البصرة مكانتها الدولية، وأن يكون مطارها هو النقطة المحورية التي ترتبط بها خطوط الطيران عبر القارات، ويأمل أن تتحول البصرة إلى مركز ثقافي كبير ينهض بدورها التاريخي باعتبارها من أقدم المدن العربية، التي أضاءت قناديل العلوم والفنون والآداب. ويأمل أن تكون البصرة ملاذاً إنسانياً للتعددية الإثنية. تستقبل الناس من كل حدب وصوب، من دون فوارق، ومن دون عوائق. فالبصرة أم العراق، وأم المرافئ، وخزانة العرب، ومنارة العلم، وذات الوشامين، وعين الدنيا، وبندقية الشرق. وجسر العالم القديم. .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا تقر قانونا لتسهيل طرد مؤيدي الجرائم الإرهابية | الأخ


.. أردوغان لا يستبعد عقد اجتماع مع الأسد: هل اقتربت المصالحة؟




.. قراءة ميدانية.. معارك ضارية وقصف عنيف على حي الشجاعية بمدينة


.. -من الصعب مناقشة كاذب-.. هكذا علق بايدن على -التنحي- | #عاجل




.. -لكمات- بين بايدن وترامب .. والأميركيون في مأزق ! | #التاسعة