الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في قضية التطبيع بين الأنظمة العربية وحكومة الإحتلال، ومقوّمات السلام العادل.

نزار فجر بعريني

2023 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


السؤال الجوهري الذي يحاول المقال إعطاء إجابة موضوعية عليه ، يتناول الأسباب التي توجّب على الشعوب، وقواها الديمقراطية الوطنية ، وكلّ دُعاة الحريّة والعدالة و السلام ، في الأقليم والعالم ، رفض سياسات التطبيع بين الأنظمة العربية وحكومة الإحتلال الإسرائيلي، في محطّاتها الراهنة ،والتاريخيّة ؛ بشكلّه ومضمونه وأدواته؛ إضافة إلى تحديد مقومات " السلام العادل والشامل "، من وجهة نظر مصالح الشعوب ، وسيادة الدول .
أوّلا ،
في خصائص التطبيع الحالي.
١ لاتقتتصر خطوات مسار التطبيع الحالي على قرار سياسي ، تحدده مصالح مؤقتة ، ويجسده " اتفاق سلام " ، و قيام علاقات دبلوماسية ، جزئية ، او شاملة ، بين ايّ من سلطات أنظمة الاستبداد العربية ، وحكومات العدو .
بالنسبة لأنظمة " الطوق " ، بشكل خاص ، وجميع الانظمة العربية الأخرى ، يشكّل القرار السياسي ، بتوقيع" اتفاق سلام" ، الخطوة الأخيرة ، من مسار طويل ، وعبر صيرورة صراع على مواقع السيطرة الإقليمية ، بين انظمة الديكتاتوريات العسكرية والنظام العنصري الإسرائيلي ، شكّلت " هزيمة الأنظمة في حزيران "،١٩٦٧ أخطر محطّاتها ؛ واستغرق إنجاز مراحل صيرورتها تراكمات كميّة ، وخطوات نوعيّة ، ليس التوقيع ، إلّا أخطرها ، لما يشكلّه من إشهار ، وشرعنة ، لعلاقة" غير شرعية" ، من وجهة نظر مصالح الشعوب .
٢
في أبعاده الأقتصادية والاجتماعية ، ومقدماته الموضوعية ، يرتكز نهج التطبيع الحالي ، فيما يخص الأنظمة العربيّة ، "عل نمط محدد من العلاقات الإقتصاديّة / السياسيّة ، وفّرت بيئة مناسبة ، تتميّز ، على الصعيد " العربي " ،بوجود نظام إقتصادي محدد ؛ " نمط إنتاج ليبرالي" ، خارج جميع ضوابط السيطرة القانونية والإنسانية؛ وسياسي ، إستبدادي ، تحمي أدواته، وشباك نهبه ، سلطة استبداد شمولي، تستقوي، على شعوبها ، بمظلة حماية ، إقليمية، وعالمية !
ثانيا ،
في أسباب رفض التطبيع بين سلطات أنظمة الاستبداد العربيّة وسلطة الإحتلال .
التطبيع ، لا يعني هنا ، إقامة علاقات إندماج طبيعية ، على طريقة العلاقات الجديدة بين" روسيا "التي اختارت مسار النظام الرأسمالي (السوفياتية، الإشتراكية – سابقا )، وأوروبا الغربية ، الرأسمالية ، بعد عقود من " الحرب الباردة " ، في أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي، ١٩٩١.
"التطبيع الحالي" ،بما هو إقامة علاقات خاصّة بين سلطات أنظمة الاستبداد الرأسمالية التابعة، وسلطة القاعدة العسكرية والأمنية المتقدّمة لأنظمة لمراكز الإمبريالية العالمية، أقرب إلى معاهدة ، "تحالف أمني"، سياسي ، عسكري ، يهدف ، من جهة ، إلى شرعنة وجود" كيان سياسي غريب" ، غير شرعي ، وحماية حدوده وأمنه ؛ ومن جهة ثانية ، حماية سلطات أنظمة الاستبداد العربية ، ليس في وجه أخطار إقليمية محتملة( أطماع النظام الايراني!! ) ، بل في مواجهة استحقاقات ديمقراطية وطنية شاملة لشعوب المنطقة، التي قد تدفع بها التناقضات الداخلية مع سلطة النظام السياسي ،إلى حالة العصيان والثورة !
في الحقيقية لم يَعُد قيام هكذا تحالف حالة مشروع خطط مستقبلية ، إفتراضية ، تسعى الولايات المتحدة الامريكية لتحقيقه ، عبر قيادة قطار " السلام " !!
بل إنّ ما يدفع" قطار السلام " اليوم، على محطات جديدة، ليس سوى نتيجة اولى لما انجزه التحالف الأمني والعسكري ، القائم عمليا ، في أكثر من محطّة تاريخية ؛
خاصّة ، خلال " غزو العراق " ، ٢٠٠٣،وخلال السنوات العشر الماضية ، في مواجهة استحقاقات ديمقراطية وطنية شاملة ، أدّى الى هزيمة اهداف مشروع التغيير الديمقراطي، وتدمير قواه ، وقواعده الاجتماعية ، الشعبيّة !
ثالثا ،
في مقوّمات السلام العادل ، والدائم .
اودُّ ، بادىء ذي بدء، التأكيّد على واقع
أنّ رفض مسار "التطبيع " الحالي ، في الأهداف والأدوات، ليس رفضا للسلام العادل ، ، بل رغبة في به ، ومن أجل وضع مقومات سلام بين الشعوب ، يرسّخ مقومات تطبيع واستقرار دائم، يقوم على العدل والمساواة.
إنّ رفض التطبيع، بالتالي ، ومقاومته ، وبناء المشروع النقيض ، سلام الشعوب العادل ، هو صيرورة مستمرة، و نهج شامل ، يرتكز ، على الصعيد الداخلي، الوطني ، على بناء مقومات المشروع الحضاري" الديمقراطي "،
بمعنى ، إنّ السلام، الذي يشكّل مصلحة ، وخيار إستراتيجي للشعوب ، والذي يملك مقومات الديمومة، لايمكن له ان ينفصل عن مسار تحقيق العدالة والإستقرار على الصعيد الداخلي ؛وتوفير اسباب السلم الأهلي ، من خلال بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الوطنية .
هو ، بهذا المعنى، مرتبط، أيضا ، وبشكلّ جوهري، بتوفير ، وصناعة، مقومات سلام أقليمي، تشترط لتحقيق السلام "الدائم والعادل" ، بين شعوب حرّة ،وعلى ارضية قانونية مناسبة ، ووجود أنظمة ديمقراطية ، تحترم حقوق الإنسان ، وحقوق الشعوب المجاورة ، ووحدتها الجغرافية ، على صعيد الدول العربية، والاقليميّة ، كما على صعيد " فلسطين المحتلّة". ) حلّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في إطار نظام ديمقراطي ، يقوم على دستور علماني ، يضمن المساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات، بغضّ النظر عن أيّة إنتماءات أخرى ).
رابعا ،
في خلاصة القول ، اعتقد أنّ من مصلحة الشعوب وقواها السياسية الديمقراطية الوطنية، وجميع قوى السلام في العالم، أن ترفض نهج التطبيع / التحالف الراهن ، بأهدافه وأدواته ، ومظّلته الدوليّة، خاصّة ، وفي حقيقة إنسجامه مع المصالح الآنيّة ، والإستراتيجية، للولايات المتحدة ، التي تظهر في حرصها على سير ، وقيادة ، "قطار التطبيع" ، في شكله ومضمونه الحاليين المعادي لأهداف المشروع الديمقراطي لشعوب المنطقة ، والقائم بين انظمة استبداد ؛ تحوز على " شرعيتها " فقط في كونها تحت مظّلة الحماية الأمريكيّة ؛ وبين نظام عنصري في فلسطين المحتلّة ، يعمل بعقلية القرصان ؛ لا يتوقّف خطر وجوده على إرتكاب جرائم القتل والتهجيير والتدمير واغتصاب الأرض منذ بدايات تشكّل ميليشاته العنصرية ، طيلة عقود، بل وفي إنحيازه لسلطات أنظمة الاستبداد؛ في مواجهة نضالات الشعوب الديمقراطية ، وتطلّعها لبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الوطنية الحديثة
▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎
(١)-
فانتصار حروب "الثورة المضادة" على كامل الساحات العربية ، لم يَكُن ليتحقق سوى من خلال قيام تحالف واسع ، محلّي إقليمي ودولي، على غرار غزو العراق ، وحّد جهود انظمة الاستبداد الإقليمية والمحلية، مع مصالح قوى النظام الرأسمالي العالمي الإمبريالي ، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، من اجل قطع طريق انتقال ديمقراطي سلمي للسلطة السياسية، وتدمير قوى التغيير الديمقراطية، وقواعده الشعبية.
في هذه الفكرة تحديدا ، نجد المعايير الموضوعية لنهج " المقاومة الحقيقية" لمسارات التطبيع المستمرة بشكل تراكمي ، في أعقاب هزيمة حزيران، ١٩٦٧. إذا كان الهدف الأساسي للتطبيع هو خلق حالة استقرار دائمة بين دول وشعوب المنطقة ينبغي علينا أن نمييز بين نوعين من " الإستقرار :
أ-︎استقرار المجتمعات ، ومنع قيام حروب " أهلية " ، وضمان السلم الأهلي ، من خلال تنظيم التبادل السلمي للسلطة ، ومن خلال نظام سلام اقليمي، يزيل أسباب الحروب بين الدول .هو خيار إستراتيجي للسير نحو السلام والعدالة ، وتلبية الحاجات الشرعية للمواطنين .
ب- الطريق الآخر ، النقيض ، يسعى لحفظ استقرار الأنظمة ، بما يضمن أفضل الظروف لتأييد عمل آلية النهب التشاركي ، بين حلقات النظام الرأسمالي الطرفيّة ، وبين مافيات مراكز النظام ، خاصّة في الولايات المتحدة الأمريكية .
هو حفظا للإستقرار بإستخدام " القبضة الأمنيّة " ، التي يوفّر شروط ديمومة سلطاتها، تحالف سلطات أنظمة استبداد مع سلطة الكيان ، وتحت مظّلة ، وحماية ، الولايات المتحدة الأمريكية ؛ في مواجهة الشعوب وأهداف مشروعها الديمقراطي، بالطبع !!

(٢)-
الغريب هو استمرار النخب في عدم رؤية حقيقة الدور الأمريكي القيادي في تحقيق هزيمة أهداف المشروع الديمقراطي للشعب السوري ؛ رغم انّ ما يلاحظه المتابع العادي اليوم ، في ما انتهت إليه خواتيم الصراع ، هو يد عليا ، أمريكية، في تقرير مصير ، ومصالح جميع القوى التي تورطت في الحرب ، وفي مقدمتهم روسيا ، التي تنتظر اليوم نظرة عطف أمريكية، تسمح لها برفع سيف العقوبات والحصار ، وإطلاق مشروع إعادة الإعمار، على أمل أن نتقاسم بعض الفتات مع أطراف محور المقاومة!!
هل يُعقل أن يتسم الدور الأمريكي بالتخبّط ، وضياع الرؤية والخطط ، والإنسحاب من المنطقة ، ( لكي يواجه الصين في منطقة أخرى، ويورّط روسيا ، في سوريا ، لكي يشغلها عن أوربا،إلى آخر هذه الأسطوانة المشروخة) ، لكي ينتهي به المطاف كعامل أساسي في تحديد جميع تفاصيل المشهد السوري ، و تحديد مصير جميع أطراف الصراع ؛ النظام والروس والإيرانيين ، وغيرهم ؟
◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يخيب آمال الديمقراطيين خلال المناظرة الأولى أمام ترامب


.. تهديدات إسرائيل للبنان: حرب نفسية أو مغامرة غير محسوبة العوا




.. إيران: أكثر من 60 مليون ناخب يتوجهون لصناديق الاقتراع لاختيا


.. السعودية.. طبيب بيطري يُصدم بما وجده في بطن ناقة!




.. ميلوني -غاضبة- من توزيع المناصب العليا في الاتحاد الأوروبي