الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفاصيل لم تنشر سابقا عن عملية اعتقال عبدالرزاق النايف رئيس وزراء العراق عام 1968--الجزء الثالث

باسم الماز عيسى

2023 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


تفاصيل عملية الاعتقال لافراد حماية عبدالرزاق النايف :
أن اهم اسباب نجاح عملية30 تموز1968 وبدون اراقة دماء هو السرية التامة في عمل المخططان الرئيسيان(الرئيس صدام حسين وهو بدون اي منصب في الدولة عدا مسؤولياته في الحزب وضابط امن القصر فاضل البراك) وبرزان ابراهيم الحسن يعلم بالمخطط كاملا --عدا الثلاثة المذكورين فلا احد يعلم بوقت تنفيذ العملية حتى الرئيس احمد حسن البكر الا قبل ساعة واحدة او اقل بعد ظهيرة يوم 30 تموزولاينكران فكرة الفصل بين النايف شخصيا وبين افراد حمايته وعددهم اكثر من 20 منتسب ويقال انه يصل ل30 عنصر او فرد من الحماية وهم من عتاة دائرة الاستخبارات العامة وقد يكون من بينهم من اقرباءه او عشيرته او على الاقل تم اختيارهم وفق مواصفات خاصة—ان فكرة الفصل والاستفراد بالنايف كانت حجر الزاوية في السيطرة على الموقف ونجاح مهمة 30 تموز1968.
كما ذكرنا سابقا ان الرئيس صدام لم يخرج من القصر الجمهوري طيلة العشرة ايام عدا زيارته للطبيب في شارع الرشيد يوم 21 تموز رفقة والدي التي سبقت عملية 30 تموز وكان يرتدي بدلة ملازم برتبة(مخططة ومرسومة بالحبر) واما برزان كان يداوم شبه يومي يأتي صباحا للقصر ويعود مساءا للبيت. صباح 30 تموز جاء برزان وكان يحمل به معه كيس ورقي متوسط الحجم ويظهر انه يحوي بدلة مدنية رسمية. برزان قابل والدي في الممر قرب غرفة الرئيس وقبل ان يدخل غرفة اخيه صدام وبعد السلام قال برزان (لا أريد أي واحد من الحماية يطلع خارج القصر ولو لدقائق لأن عندكم محاضرة امنية مع فاضل البراك (ضابط أمن القصر الجمهوري )وسأزودك بموعدها لاحقا . بعد الساعة الثانية بعد الظهر جاء ثلاثة اشخاص وهم مناضلين معروفين في حزب البعث العربي الاشتراكي ومنهم صلاح عمر العلي وجعفر الجعفري وسمير عبد العزيز النجم --خرج برزان من غرفة الرئيس صدام ولم يدخل الضيوف الى غرفة اخيه بل جاء بهم الى غرفة المرافقين وعند باب الغرفة قال لنا--انزلوا الى قاعة السينما –فاضل البراك ينتظركم.
كنا اول الداخلين للقاعة وملازم اول فاضل البراك ينتظرنا وجالس على كرسي وامامه طاولة وبعض الاوراق و قلم. بدء جميع افراد الحمايات يدخلون للقاعة وكلنا ضباط صف وجنود وليس بيننا أي ضابط وان حماية النايف كان عددهم الاكبر حتى من حماية اللواء البكر. بدء فاضل البراك بالحديث ورحب بنا وقال هذه اول محاضرة وستكون مختصرة؟ وسيعقبها محاضرات اطول وبتوقيت مختلف لان الساعة الثانية غير مناسبة لالقاء وتلقي المحاضرات وافضل وقت للمحاضرات هو في الصباح الباكر حيث يكون استيعاب الانسان للمعلومة افضل. بدء فاضل البراك حديثه عن عنوان المحاضرة وهي (واجبات ودور رجل الحماية) واستهلها بذكر اهم المواصفات التي يجب ان يتصف بها رجل الحماية ومنها –السلامة الفكرية والنفسية فلايجوز ان يكون احد افراد حماية المسؤول البعثي ذو ميول شيوعية فقد ينحرف هذا الفرد في لحظة ما ,و أضاف ان يكون مخلصا ومطيعا ل(عمه) اي المسؤول واضاف ان رجل الحماية يجب ان لايكون ضعيف امام المال والنساء فقد يستغل هذا الضعف من الجهات المعادية--- برغم وقتها القصير كانت المحاضرة مشوقة وممتعة لمعلوماتها الجديدة علينا وحينما وصل فاضل البراك الى نقطة انواع الاغتيالات واساليبها فأسترسل في الحديث ونوه ان اكثرها شيوعا هي اغتيال المسؤول خارج مقر عمله لأن المقر عادة يكون محصنا امنيا من حيث توفر الحراسات والوسائل وأن الشائع في عمليات الاغتيال تتم من خلال التعرض للمسؤول اثناء سير موكبه في الشارع او وجوده في محل عام مثلا المهرجانات او افتتاح مشروع ما-- ألخ--- لذا ففي حالة التعرض للموكب في الشارع يقول البراك هنا المسؤولية تقع على عاتق سواق الموكب او الحماية وخاصة السيارة التي يجلس بها المسؤول فعليهم الانسحاب مباشرة وبسرعة من موقع الحادث وعدم التأخر ولو لثانية واحدة او التوقف لمعرفة مايجري؟ المحاضرة استمرت 20-25 دقيقة الى ان قطعها طرق باب السينما ودخول برزان حيث تقدم لفاضل وهمس بأذنه وخرج وقبل وصوله للباب قال فاضل البراك –حماية الرفيق أصدام التكريتي خلي ياخذون راحتهم ويطلعون –يمكن عمكم يريد يطلع خارج القصر؟ فنهض والدي والحماية خلفه واستمر فاضل بالكلام –اخوان نا قلت المحاضرة راح تكون قصيرة ومختصرة فالذي عنده سؤال او استفسار فانا حاضر للاجابة ؟وعند خروج والدي من عتبة باب السينما انتبه لوجود برزان على يمين الباب وعلى بعد3 متر واضعا احدى يديه على فمه والثانية يؤشر لوالدي (يعني تقدم لي وبصمت )ووجد ان هناك رشاشة خلف برزان مرصوفة على حائط جدار السينما.
بعد خروج اخر فرد من حماية الرئيس صدام واغلاقه لباب السينما –قال برزان بأمر من الرئيس البكر تعتقلون حماية النايف!!!!!!! وتجردوهم من سلاحهم وتخبروهم ان عمهم النايف ايضا تم اعتقاله واي مقاومة انتم مخولون بأطلاق النار و القتل وتخرجوهم من الباب الرئيسي للقصر وتنتظروهم يبتعدون عن بوابة القصر وممنوع عودتهم ودخولهم بحجة عندهم اغراض في غرفتهم وتبلغون حرس باب القصر الجمهوري بمنعهم من العودة وايضا هم مخولون باطلاق النار.
وقبل ان يذهب برزان قال لأبي لما ترتب الوضع هنا تطرق الباب حتى فاضل يسمع ويطلع حماية النايف من القاعة . انتبه برزان للرشاشة واعطاها لأبي وقال استخدمها بدلا من المسدس وذهب برزان مسرعا.
كانت تلك الدقائق من اصعبها التي مرت في حياة والدي حتى من تلك اللحظات الصعبة وشديدة الخطورة التي عاشها مع وحدته العسكرية في منتصف الستينات بمعركة في جبل هيبت سلطان في شمال العراق.
فعدم تنفيذ امر البكر او التخاذل يعني الاعدام من قبل السلطة والفشل في السيطرة على حماية النايف قد يعني القتل من طرف حماية النايف وأراقة أي قطرة دم فهي مأساة فكلنا عسكريون عراقيون ومأمورون بالتنفيذ فقط ..
فأتخذ والدي قرار التنفيذ وابعاد العواطف الانسانية عنه وسأل الله ان ينتهي الموضوع بدون أراقة دماء .
هنا طلب من زملائه في الحماية الابتعاد عن الباب وعمل قوس حول الباب لاحاطة حماية النايف من كل الجوانب عند خروجهم من القاعة. وقال لهم والدي حينما اسحب اقسام الرشاشة ايضا انتم اسحبوا اقسام سلاحكم حتى ندخل الرعب في نفوسهم وألذي يعترض القوه ارضا ولو بالقوة.
.
فانسحب افراد حماية الرئيس صدام للخلف وعملوا قوس حول الباب ---فطرق والدي الباب وكانت لحظات خطيرة وحساسة قرب فيها الموت من الجميع الموجودون في الممر امام باب سينما القصر الجمهوري.
في اقل من دقيقتين خرج كل افراد حماية النايف وعددهم حوالي 20 فرد يعني ضعف عدد افراد حماية الرئيس صدام فصدموا بمشاهدتهم احاطتنا لهم فصاح أحدهم شنوا هاي ألماز!!! فسحب والدي اقسام رشاشته ومعه زملائه – فصاح والدي وبصوت عالي--اسمعوا اخواني احنا كلنا عسكر وننفذ الاوامر فقط – أنتوا معتقلين بأمر البكر وتتركون سلاحكم على الارض واي مقاومة تعني القتل—عمكم النايف ايضا معتقل بأمر البكر فأعترض احدهم وقال خلي نشوف عمنا(أي نريد أن نلتقي به)!!! فكان الرد السريع من احد افراد حماية الرئيس صدام وهو (ع ح) فتقدم وهجم م عليه و امسكه بقوة من عنقه وبطحه ارضا –فادرك الجميع ان الموضوع جدي وخطير(وليس مزحة ) فأنهاروا وتركوا اسلحتهم على الارض—
ومشينا محاطين بهم الى بوابة القصر الرئيسية وبصراحة شعروالدي بألأسى عليهم وهون عليهم الأمر وأسمعهم ان الموضوع ليس عليه تبعات وستعودون لوحداتكم العسكرية السابقة(ومعظمهم من الاستخبارات)وتستمرون بالخدمة معززين مكرمين—عند الوصول للبوابة انتظرنا ل10-15 دقيقة الى ان استقلوا السيارت الى بيوتهم—واوصيت حرس البوابة بأطلاق النار على اي واحد يرجع تحت اي سبب وانتم مخولون بذلك من الرئيس البكر.
بعد اكثر من ساعة عاد الرئيس صدام وجاء متلهفا لغرفتنا وكان يلبس بدلة مدنية رسمية غامقة اللون---وقال احجوا لي شلون سيطرتوا عليهم؟ فقلت له عمي امام باب السينما اليوم سجلنا لقطة لفلم امريكي وشرحت له كل الذي جرى واشدت بالتزام الجميع بتعليماتي وأثنيت على بطولة(ع ح) اكثر, ونحن وقوف أمام الرئيس صدام في غرفة المرافقين ووالدي يشرح له العملية-- شعر والدي ان دمعة الفرح والاعتزاز بنا كادت تسقط من عين الرئيس وبدء يردد بصوت اعلى من الطبيعي مع بعض الانفعال --انتوا ابطال –ابطال---سباع---سباع ---عفية بالابطال واكملت الحديث وخرج من غرفتنا الى غرفته وهو يردد ابطال----ابطال.
في الساعة الثامنة مساءا توجهنا وبموكب مشترك مع الرئيس البكر الى دار الاذاعة والتلفزيون ودخل الرئيس البكر والرئيس صدام الى الاستديو لالقاء بيان 30 تموز ومعهم العقيد ذياب العلكاوي والنقيب ابراهيم الدليمي والملازم اول غازي احمد الخطاب (من اقرباء الرئيسين البكر وصدام)—بعد اقل من دقيقة وانا اقف امام باب الاستديو جاء الرئيس صدام وقال-- ألماز جيبلي رشاشة!!! فذهبت مسرعا الى السيارة وجلبت الرشاشة التي سلمني أياها برزان عند باب السينما فدخلت للاستديو ووجدت شخص ضخم الجثة يقف قرب ملازم اول غازي احمد الخطاب خمنت انه مسؤول الاستديو---بعد اكمال الخطاب عدنا للقصر وبقي الرئيس في القصر اقل من ساعة وطلب ايصاله للبيت بعد 10 ايام بعيدا عن العائلة والمبيت في القصر الجمهوري –عند ايصاله للبيت توقعنا أن يمنحنا اجازة ولو لأيام قليلة لكنه فاجئنا و قال—تأتوني غدا في السابعة صباحا–فودعناه وعدنا للمبيت في القصر الجمهوري.
بعد عدة ايام وعند عودة برزان من المغرب لمرافقته عبدالرزاق النايف جاء برزان الى غرفتنا وهو يحمل عدة ظروف(مغلفات) بها نقود فوزعها علينا وقال هذه هدية ابو عدي للابطال—فخرج برزان واغلقنا الباب وبدأنا نفتح الظروف ونحسب الفلوس وكنا فرحين بهذه الهدية. وعند عد النقود -- كلهم قالوا بالظرف 100 دينار الا والدي قال انها 200 دينار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة