الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث البيدق / أقطاب تتشكل. و أحلاف بما اكتسبت رهينة. 2/5

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


إن ما اضمر عقودا؛ و هم يبيتون أمرهم جماعة؛ لاح اليوم أن أمريكا تريد أن تحصد غلته و تبقيه لنفسها. لذا عجل ماكرون بالتقاط الإشارة. و أقر قناعة راسخة؛ انه من اللازم العمل على تدارك ما فرط من جماعة الناتو القابعة بالقارة العجوز و تأتمر بأوامر أمريكا من وراء المحيط.
لكن و مع اقترابِ الذكرى الأولى لانطلاقِ العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا. و حين جرت مناقشات؛ اعتبرت حينها تمهيدية قبل قمة الحلف التي انعقدت في العاصمة الليتوانية فيلنيوس.. لمت بشكل لافت مجموعة بوخارست التسع؛ أي دول الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي، حينها رأى المراقبون في الاجتماع تعاظما لدور دول أوروبا الشرقية داخل الحلف مقارنة بتراجع دول غرب القارة. ليشرع التفكير من جديد في ما بات تابثا؛ فقد كانت أقرب تحالفات أمريكا بعد الحرب مع الأوروبيين الغربيين. هذا التقارب تم تشكيله أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية مباشرة. تعهدت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي حينها، كل على طريقته الخاصة، باستعادة قارة اجتاحتها ألمانيا النازية ووجدت نفسها عام 1945في حالة يرثى لها. علاوة على ذلك، و بالفعل فخلال الحرب وأكثر من ذلك في الفترة التي تلت ذلك مباشرة، وجدت الولايات المتحدة أنه كان عليها أن تكمل قوة بريطانيا المتضائلة بطريقة حاسمة.
إن قراءة المراسلات بين الرئيس روزفلت والسير ونستون تشرشل أمر مفيد للغاية في هذا الصدد. في حالة ما بعد الحرب، كانت الولايات المتحدة لا غنى عنها لإعادة الإعمار الاقتصادي في أوروبا، وهو تحد تعاملت معه بمهارة كبيرة، لا سيما من خلال الإصرار على التعاون بين الأوروبيين الغربيين. قبل كل شيء، تعهدت الولايات المتحدة بحماية أوروبا الغربية من الخطر السوفيتي الذي يلوح في الأفق، ومن أجل القيام بذلك، قبلت الحاجة إلى صياغة معاهدة للحلف الأطلسي والمشاركة فيها والتي تمثل بوضوح واحدة من تلك التشابكات الأجنبية التي حذر الآباء المؤسسون لأمريكا الدولة الوليدة ضدها. من تلك المعاهدة جاءت منظمة حلف شمال الأطلسي. حيث لم تقض أبدا على الاختلافات بين أعضائها: حول إنهاء الاستعمار، و حول إعادة التسلح الألماني، وبعد ذلك بقليل، حول حرب الفيتنام.
وفيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية الفرنسية، كانت فرنسا على استعداد لقبول درجة التكامل العسكري. على الرغم من كل هذه الصعوبات، أدى التحالف وظيفته لم تتضرر بشكل خطير من قرار الجنرال ديغول بسحب فرنسا من الهياكل العسكرية المتكاملة للتحالف، خاصة أنه كان يحتفظ بقواته في ألمانيا، وبقي حليفا للولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي نفسه. في عام 1980، نجا الناتو من أزمة أخرى، هذه المرة بسبب نشر الصواريخ الأمريكية في ألمانيا. و على الرغم من بعض التوقعات القاتمة، بعد عام 1991، نجا التحالف، بعد أن فقد عدوه الرئيسي، و مع ذلك. كان مفيدا لكل من الولايات المتحدة وأوروبا الغربية كنوع من سياسة الطمأنينة في حالة وجود صعوبات مع روسيا.
لقد نجت أيضا لأنها أصبحت أداة لإدارة العلاقات بين أعضائها، من ناحية، ودول وسط وشرق أوروبا المحررة حديثا وروسيا، من ناحية أخرى. ثم، أيضا في 1990، كان على التحالف أن يواجه مشكلة حقيقية من الحرب الأهلية داخل يوغوسلافيا التفكك. استمرت الانقسامات بالطبع، خاصة فيما يتعلق بالحروب اليوغوسلافية، لكن الأعضاء الأوروبيين، على الرغم من تفضيلهم الأصلي لترتيب كان من شأنه أن يجعل أوروبا الشرقية وروسيا شريكين ولكن ليس أعضاء في الناتو، قبلوا على مضض الخطة الأمريكية لتوسيع الناتو، خاصة أنها تمت إدارتها بطريقة أخذت في الاعتبار الحساسيات الروسية. كانت هناك قضية أخرى مثيرة للجدل وهي الطموحات العسكرية للاتحاد الأوروبي- و رغبة بعض أعضائه الملحة في زيادة القدرات العسكرية، بحيث يتوقف الأخير عن كونه مشروعا اقتصاديا ونقديا في المقام الأول (4).
و الشيء اللافت أنه، من أزمة إلى أخرى، نجا التحالف ووجد طرقا، إن لم يكن لإرضاء الجميع، على الأقل لإبقاء البلدان شديدة التنوع معا. بمعنى من المعاني، استند المجتمع الأطلسي على اثنين من الأساطير. كان أحدها عدم وجود أي صراع ضروري بين التكامل الأوروبي والمجتمع الأطلسي-وهي أسطورة ساعدت في احتواء طموحات ديغول من أجل أوروبا الأوروبية المستقلة بشكل عام وطمأنة الأطلسيين على جانبي المحيط بأن التكامل الأوروبي يمكن أن ينظر إليه على أنه مجموعة فرعية من المجتمع الأطلسي. كانت الأسطورة الثانية هي أن أوروبا ظلت، بالنسبة للولايات المتحدة، المسرح الدبلوماسي والاستراتيجي الأكثر أهمية، وهو المسرح الذي ارتبطت به الولايات المتحدة ليس فقط بالمصالح الاقتصادية والأمنية الحيوية، ولكن أيضا بثقافة مشتركة وقيم مشتركة (5).
لم يكن هذا المسار ليخفى؛ و ماكرون يتبنى إلى حد كبير جميع نقاط لقاء الصين حول ظهور عالم جديد متعدد الأقطاب ونهاية عقلية الحرب الباردة. و هو المبعد قبل شهور من حلف ايكوس؛و ضربت صفقة غواصته مع استراليا في الصميم. فقد اجترح السيد ماكرون ما اعتبر أكبر زلة، فعندما يتعلق الأمر بتايوان، على حد تعبيره؛ فإن أوروبا بحاجة إلى تجنب أن تنسج على منوال أمريكا و الوقوع في أزمات ليست أزماتنا. جاءه الاحتجاج سريعا بشكل متوقع، من الولايات المتحدة، أنحاء أوروبا، و بالطبع في تايوان.
و إذا كان هناك أي شك؛ كيف أصبحت هذه الرحلة انتصارا للسيد شي، فما عليك سوى إلقاء نظرة على القصص المتوهجة والعناوين الرئيسية في بعض وسائل الإعلام الحكومية في الصين. فأحد العناوين الرئيسية في صحيفة تشاينا ديلي جاء فيه: ينظر إلى زيارة ماكرون للصين على أنها تعزز العلاقات. و آخر: ماكرون يقدم مثالا جيدا مع الزيارة.أما صحيفة جلوبال تايمز القومية، فقد صرخت: ماكرون كسر حسابات الولايات المتحدة لاحتواء الصين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط