الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث البيدق / أقطاب تتشكل. و أحلاف بما اكتسبت رهينة. 3/5

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 5 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ان الدبلوماسيين الأمريكيين والأوروبين سيتركون لتداعيات هذه الرحلة الكارثية، ليس أقلها إلى أي مدى قوضت ردع العدوان الصيني في تايوان، وهي ديمقراطية صاخبة يجب على الغرب أن يسعى إلى حمايتها. و حالهم يصدع؛كان من الأفضل للسيد ماكرون البقاء والتعامل مع المشاكل في الداخل بدلا من خلق فوضى جديدة في الخارج.(6) فقد كان عليه البقاء في بيته! بعبارة صحيفة واشنطن بوست و هي تهاجم زيارة الرئيس ماكرون للصين؛ لأنه تمكن من إحداث ضرر هائل في ثلاثة أيام فقط.حاول فيها تلميع أوراق اعتماده كرجل دولة عظمى والهروب من اضطرابات الداخل، لكن الزيارة خيبت الآمال وصعقت الأوروبيين والأمريكيين. فكل ما فعله الرئيس ماكرون كان غير متوقع خلال هذه الزيارة؛ حيث فرط عقد الأوروبيين حين دعاهم لعدم اتباع الولايات المتحدة في الدفاع عن تايوان. وحاول حث الرئيس شي على استخدام علاقاته الطيبة مع الرئيس الروسي لإنهاء الحرب في أوكرانيا.وعلى هامش الإعلان المشترك المؤلف من 51 بندا تم ذكر هدف غامض وهو استعادة السلام في أوكرانيا. لكن ماكرون لم ينس توقيع صفقات تجارية بقيمة 15 مليار دولار للطاقة النووية المدنية وطاقة الرياح ومستحضرات التجميل وغيرها .
و الأسوأ من ذلك؛ اتفق السيد ماكرون مع السيد شي على تعميق التبادلات على المسرح الجنوبي لجيش التحرير الشعبي الصيني والوحدات العسكرية الفرنسية في المحيط الهادي. كما وافق ماكرون على التعامل العادل بشأن طلبات الترخيص من الشركات الصينية، رغم قلق الأوروبيين والأمريكيين بشأن صادرات التكنولوجيا الفائقة للصين. ليتوّج السيد ماكرون أخيرا الزيارة بالتوافق على عالم متعدد الأقطاب وإنهاء عقلية الحرب الباردة. مما جعل واشنطن بوست تصنف الزيارة بأنها انتصار ساحق للرئيس شي؛ وأنها تسببت بتقويض الموقفين الأوروبي والأمريكي تجاه القضايا المتفق عليها.
فهل هزت الزيارة رؤية واشنطن لدورها في العالم. فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، سعى قادة الولايات المتحدة إلى قيادة حلفائهم الأوروبيين، ونتيجة لذلك، استاءوا من أي خطوات تتخذها أوروبا نحو تحقيق قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي في الدفاع. فالمسؤولون الأمريكيون الجهود عارضوا ، بما في ذلك مبادرة بريطانية فرنسية عام 1998، لزيادة الفعالية العسكرية للاتحاد الأوروبي ومحاولة، بعد عقدين من الزمن، لتعزيز التطوير المشترك للأسلحة الأوروبية. فأوروبا أرادت الحكم الذاتي دون توفير موارد دفاعية كافية، بينما أرادت الولايات المتحدة مساهمات دفاعية أوروبية أكبر دون التقليل من نفوذ الناتو والولايات المتحدة السياسي.
و واشنطن لن تكون مخادعة عندما تقول إنها تفضل أوروبا القوية؛ إنها تفشل فقط في إضافة أنها تريد أيضا أن يظل الأوروبيون معتمدين على حماية الولايات المتحدة وحتى ممتثلين عندما يتعلق الأمر بتفضيلات الولايات المتحدة في مسائل الأمن. فلطالما كانت فكرة تطوير أوروبا لقدرة عسكرية مكتفية ذاتيا خارج الناتو الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة مكروهة في واشنطن. ففي خطابه أمام وزراء دفاع الناتو في ديسمبر 2000، حذر وزير الدفاع الأمريكي ويليام كوهين من أن الناتو يمكن أن يصبح بقايا إذا تبنى الاتحاد الأوروبي صيغة منظمة دفاعية متنافسة زائدة عن الحاجة. و هو عين العقل عند ماكرون عندما صدع صادقا. إن الناتو يموت سريريا.
ان أجيالا عدة من القادة الأوروبيين استوعبت الاعتقاد بأن القيادة الأمريكية لا يمكن الاستغناء عنها وأن قارتهم لا يمكنها البقاء بدونها. فالحكومات الأوروبية لا تتبع تلقائيا سيناريو واشنطن-على الرغم من أنها تحذو حذوها في كثير من الأحيان—لكنها استجابت للتحذيرات، وسعيدة بإلتزام ولعب دور التبعية. و الحاصل؛ إذا كان بإمكانك الاعتماد على قوة عظمى لتكون حاميك الخارجي وتنفق على الدفاع أقل مما كنت ستفعله بخلاف ذلك، فعليك بالصفقة. فالجذور العميقة ولن يكون من السهل نزعها.
فقد تم تطبيق الضمان الأمني الأمريكي لأوروبا منذ تأسيس الناتو في عام 1949.ناهيك عن أن أوروبا أصبحت منذ فترة طويلة قوة اقتصادية وتكنولوجية بحد ذاتها، تنتج مجموعة من الأسلحة المتقدمة. كما أن حرب بوتين في أوكرانيا عززت الهاجس الموروث: طموحات روسيا الإمبريالية، إلى جانب هشاشة أوروبا، تتطلب التزاما مفتوحا، بل ومتزايدا، من قبل الولايات المتحدة لحماية القارة.
ان العلاقة الأمنية بين الولايات المتحدة وأوروبا غدت منفصلة تدريجيا عن الواقع. إذا كان لها أن تتغير، فإن ما تحتاجه أوروبا ليس المزيد من الموارد بل المزيد من الإرادة السياسية والثقة بالنفس. يتعين على واشنطن، من جانبها، أن تتخلى عن البديهية القائلة بأنه ليس لديها خيار سوى أن تكون بمثابة الحامي الدائم لأوروبا بامتياز(7).
"هذا الأمر يسمى تصور الأماني كوقائع". "إن الرغبة في الاستقلال شيء، وتحقيق ذلك شيء آخر تماما"."من الغريب أن يتحدث ماكرون عن الاستقلال الذاتي الاستراتيجي الأوروبي، في الوقت الذي تدعم فيه جميع الدول الأوروبية دعاة العولمة الأمريكيين أكثر من أي وقت مضى". "إن ألمانيا هي التي تقود أوروبا، وألمانيا تابعة للولايات المتحدة. وكذلك دول أوروبا الشرقية تتبع الولايات المتحدة". "يجب على ماكرون أن يكرس نفسه لفرنسا وأن ينسى حلمه الأوروبي وطوباوية الدفاع المشترك (في الاتحاد الأوروبي)". "كيف يمكن أن تكون مقيدا جدا وتنكر الواقع؟" هذا بالجملة هو ملخص ما أعرب عنه الفرنسيون بحق ما صدر عن رئيسهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح