الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الهدايا المسلحة-

شاكر كتاب
أستاذ جامعي وناشط سياسي

(Shakir Kitab)

2023 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية



"الهدايا المسلحة"
أفرزت أخلاق التفاهة وما تزال تنجب تفاهات على مقاساتها وصفاتها.
في الدول الراسخة المستقرة ذات العمل المؤسساتي والحضارة والثقافة العلمية والواقعية يتبادل الرؤساء والسياسيون والشخصيات العامة الهدايا بمناسبات مختلفة. نعم. لكن هدايا جميلة بسيطة حضارية. مثل الكتب والأزهار واللوحات الفنية والمنحوتات وأقلام الكتابة وغير ذلك كثير. وأنا شخصيًا أتابع بدقة نشاط رؤساء الدول المتحضرة وأراقب مثلا لقاءاتهم. واهتم بسلوكياتهم الشخصية والاجتماعية. لكنني لم أرَ يوماً ان بين الهدايا التي يتبادلها السياسيون المتحضرون والشخصيات العامة قطعة سلاح واحدة لا صغيرة ولا كبيرة ولا حديثة ولا كلاسيكية.
وعندما التفت الى قادة بلداننا العربية والعراق أولها نجد ان لا هدية " مال أوادم " يتبادلونها غير المسدسات والرشاشات والسيوف والخناجر. هل لهذا الفارق من معانٍ او دلالات ؟ ارجوكم اعزائي قرّاء هذه السطور الإدلاء بدلوكم عن هذه الأسباب. لكنني أرى أن من بينها ما يلي:
• ان ثقافة الساسة العراقيين ثقافة ترفع من قيمة السلاح الى مصاف الرجولة والبطولة. يتبادلها حتى الجبناء فيتبجحون بها لتغطية خوفهم وقلقهم وللظهور بمظهر البطل "المسيطر جدا".
• من ناحية أخرى تفقد الحاجات الأخرى كل قيمتها ومعانيها مثل الكتب والورود والاقلام وغيرها كثير بما ان لا علاقة لها بالرجولة الذكورية والبطولة المزيفة. تغدو الهدايا "غير المسلحة" عديمة الوزن في التعامل مع "أخوة عليه". البعض يدعي ان تراثنا العربي والاسلامي يقوم على السلاح. كم اتمنى لو ان أحداً دلّني على حالة تبادل الأسلحة كهدايا. على العكس فان الغالب على تراثنا الشعري وعموم الأدبي هو الثقافة والحضارة. ثم حتى لو ان هذا الإدعاء فيه نوع من الصحة فإلى متى نبقى أسرى ثقافة المئات من السنين الماضية ان لم نقل ألآلاف؟ وهل ان اوربا ليس لديها تراث حربي مليء بالأسلحة؟ نعم. لكنهم اكتشفوا أخيرًا ان ابسط خدمة يقدمها السلاح هي الجريمة وان السلاح لا علاقة له بالشجاعة او بـ"المرجلة".
• عندي قناعة ان عشاق السلاح في بلادنا تخلو بيوتهم من مكتبات شخصية لكنها عامرة "والصلاة على النبي " بشتى انواع السلاح مع احتياطي هائل من الرصاص والعتاد حتى ان الكثير منهم خصصوا غرفا للأسلحة صارت بمثابة مشاجب.
السلاح ايها السادة أداة للقتل وسفك الدماء وإرهاب الناس وكل من يدرب الاطفال على استخدام السلاح بدلا من الكتب والدفاتر والأقلام انما هو يرتكب جرما بحق هذا الانسان الصغير وبحق المجتمع لاحقا. وكل من يتأبط سلاحا فهو يتأبط شرّا ويغدو مشروع قاتل.
وان من أشرف الأعمال التي يمكننا جميعا القيام بها هي ان ننشر ثقافة نزع السلاح والتخلي عنه والاعتماد على الدولة التي علينا بناؤها لتصبح هي المدافع عن الوطن والمواطن. وفي يومنا هذا تتحمل وزارة الداخلية مسؤولية توفير الأمن وحماية الناس من السلاح وعليها المباشرة فورا في نزع السلاح الفردي من كل من هو خارج السلطات الرسمية "الدفاع والداخلية".
وليكن من بين قرارات الحكومة منع تبادل الاسلحة كهدايا بين المسؤولين وتذكير الناس بإن هذه الهدايا لا علاقة لها لا بالشجاعة ولا بالبطولة ولا "بالمراجل" ولا بالكرم بل هي رمز للفوضى وسفك الدماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة