الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تيار الفكر العربي المناهض للصهيونية في موسوعة أعلام الفكر العربي الحديث والمعاصر

رشيد عبد الرحمن النجاب
كاتب وباحث

(Rasheed Alnajjab)

2023 / 4 / 30
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


يعد الدكتور فايز الصايغ السوري المولد، الفلسطيني النشأة والانتماء، واحدا من المفكرين العرب القلائل الأكثر تأثيراً في الحضارة الغربية، من حيث نشاطاته السياسية، وكتاباته المتنوعة في الدولة الصهيونية وطبيعة تركيبتها وعلاقتها بالإمبريالية العالمية، وفقا لما يراه مؤلف الموسوعة الدكتور أيوب أبو دية.
وقد تمتع هذا المفكر بسرعة الخاطر وقوة الذكاء، صفتان وظفهما إلى جانب معارفه الواسعة وحججه القوية المستمدة من البناء الفلسفي والمنطقي للقضايا الفكرية
ومن أبرز ثمرات جهوده قرارا سياسيا دوليا لمصلحة فلسطين، تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثلاثين، وهو قرار يدين الصهيونية بوصفها شكلا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، وكان آنذاك مستشارا للبعثة الكويتية في هيئة الأمم، وكان للقرار تبعات اقتصادية وسياسية كبيرة التأثير على إسرائيل. علما بأنه تم إلغاء القرار بموجب قرار رقم 86/46 عام 1991
وبين الصايغ من خلال مؤلفاته العديدة دور الامبريالية البريطانية كأداة لبناء القومية اليهودية، كما أشار إلى التحالف الصهيوني الأمريكي موضحا كيف توسع النفوذ الإسرائيلي في الولايات المتحدة، وتغلغل في أماكن صدور القرارات المهمة.
وتضمنت الموسوعة إشارة إلى الكتاب الذي نشره فايز صايغ للرد على "حق اليهود الإلهي في فلسطين"، إذ استشهد بنصوص التوراة في سفر التكوين، الذي يَدّعي الصهاينة أنه وعد التوراة لإبراهيمَ وذريته بأرض الميعاد، ويفند هذا الزعم بأن إسماعيل، ابن هاجر المصرية زوجة إبراهيم الثانية، هو أيضا من أبناء إبراهيم، وهو أصل الكثير من القبائل العربية.
ولا يغفل فايز الصايغ عن الإشارة إلى أن الكثيرين من اليهود لا يعود نسبهم إلى إبراهيم، كيهود الخزر في أوروبا الشرقية، كما تذكرها الموسوعة اليهودية العالمية في مجلدها السادس، إذ أن تهويدهم قد حصل متأخراً جداً، في القرن الثامن للميلاد. ويذكر ذلك أيضا بقدر من التأكيد الكاتب شلومو ساند في "كتابه اختراع الشعب اليهودي"
وفي كتابه "الاستيطان الصهيوني في فلسطين" فكك فايز الصايغ الدولة الصهيونية وبين تعاظمها التاريخي في تحالفها مع الإمبريالية البريطانية، كما أبرز تكوين إسرائيل العنصري وسياستها العنصرية، وأكد على طابعها القائم على العنف، والإرهاب، ونزعتها التوسعية.


أما المفكر والباحث الاجتماعي المصري الدكتور السيد ياسين فقد كان شغله الشاغل التصدي لمجابهة الهجوم الأيديولوجي الذي شنته إسرائيل بعد هزيمة حزيران عام 1967 لتشويه صورة العرب في العالم، وهدم الشخصية القومية العربية. وقد كرس لهذه الغاية كتابه الصادر باللغة الإنجليزية عام 1973 بعنوان "الشخصية العربية"، وتشير الموسوعة إلى الهجمة الإسرائيلية بكونها "تميزت باستنادها إلى بحوث ودراسات اجتماعية انطلقت من مفهوم عنصري حاول الترويج للعبقرية الإسرائيلية – الغربية، ومفاده الاستهتار بالشخصية القومية العربية والتقليل من شأنها. وكان هدف ذلك سياسياً عبر شن حرب نفسية ضد العرب لترويج فكرة أن الهزيمة التي مني بها العرب كانت ساحقة ولن يقوم للعرب بعدها قائمة". وقد ردّ الدكتور ياسين على الكتـّاب الإسرائيليين وحدد سمات المجتمع العربي ومشكلة تحديثه. إذ اشتمل
مفهوم الشخصية القومية، على السمات الحضارية والاجتماعية والنفسية التي تميز أمة ما عن غيرها من أمم العالم، وقد اتسمت بثبات نسبي ونزوع نحو التميز، كما رأى أن الرابطة القومية هي من أقوى الروابط الاجتماعية، فيما لا يتمكن الدين، في تنوعه واختلافه بين أصحاب الرابطة القومية الواحدة، من أن يزيل الفوارق التي تباعد بين الأقوام. واشترك في هذا التوجه مع عدد من السياسيين والمفكرين مثل الملك فيصل بن الحسين، وأمين الريحاني، وعبد الله العلايلي، وجمال الدّين الأفغاني، وساطع الحصري وغيرهم.
ودافع السيّد ياسين عن اللغة العربية التي اتهمها الصهاينة بأنها أحد أسباب الصراع العربي الإسرائيلي؛ بما تحفل به من ألفاظ مجنحة واستعارات وكنايات ونحو ذلك؛ إذ تجنح بأصحابها بعيداً عن الواقع وتجعلهم يحلقون في فضاء عالم مثالي من نسج الخيال العربي لا يمكن بلوغه. ويرد السيد ياسين بهجوم مضاد على اللغة العنصرية الليكودية التي صوّرت الفلسطيني بالإنسان البدائي الذي لا أصل له ولا وطن، فيما يوضح أنه توجد بالمقابل لغة عبرية معتدلة عند بعض اليهود المعتدلين الذي يناصرون القضايا العربية وحقوق الفلسطينيين المشروعة مثل إلان بابيه وشلومو ساند
شب عبد الوهاب المسيري وطنيا دائم التفكير في تحرير مصر من الانجليز، وبرغم عضويته القصيرة نسبيا في الحزب الشيوعي إلا أنه اقر بتأثير "الماركسية الإنسانية " عليه وأنها حمته من الوقوع في تأثير القوانين العلمية الجامدة، كما أنها زودته بمنهجية لفهم البرجوازية في مصر أولا ثم في الولايات المتحدة الأميركية. ولكنه انتقد العقلانية الأوروبية، وخلص إلى أنها أسهمت في التنكر للقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ومعاناة الشعب الفلسطيني، كما ربط العقلانية الأوروبية بالإمبريالية، والنازية، والصهيونية.
استخدم المسيري العقل النقدي في محاولة تفكيك وإعادة تركيب المصطلحات الصهيونية، والمفاهيم الكامنة من ورائها للكشف عن بعدها المعرفي ومرجعيتها النهائية. فمصطلح "معاداة السامية" والذي يقصد به الغرب معاداة اليهود، يتجاهل حقيقة أن العرب ساميين أيضاً.
كما أشار إلى محاولة الصهيونية ترسيخ مقولة "أرض بلا شعب لشعب بلا وطن"، ونقد مقولة أوروبا بأن فلسطين أرض موعودة لليهود بالرغم من كونهم علمانيين لا يستندون للنصوص الدينية في شريعتهم.
كما أوضح تعدد أقسام الجماعات اليهودية مثل الأشكناز "اليهود الأوروبيون والغربيون "، والسفارديم " اليهود الشرقيون"، والسامريون الذين لا يؤمنون بالتلمود ولا بعودة المسيح المخلص، والقراؤون الذين تمردوا على التلمود بتأثير من الفكر الإسلامي المعتزلي، وبقايا يهود كايفنج في الصين وهم أقرب إلى الكونفوشيوسية وعشرات الفرق الهامشية بحيث يصعب القول أنهم أمة واحدة، كما نقد المسيري الأفكار اليهودية السائدة حول التاريخ اليهودي الواحد ونقد أيضا الأفكار اليهودية السائدة حول "التاريخ اليهودي" الواحد، وأثبت أن هناك تواريخ اليهود، وهي غير منعزلة عن التاريخ العام. ففيما كان يهود اليمن، وما زالوا، يعيشون في مجتمع صحراوي قبلي عربي، كان يهود هولندا يعيشون في مجتمع رأسمالي متقدّم. كما اكتشف المسيري أن اليهودية تحوي تناقضات عظيمة في قضاياها الجوهرية
وأشار إلى إسرائيل على أنها ليست دولة طبيعية، فهي دولة مستوطنات، وليست دولة مواطنين. وهي آخر جيوب الاستيطان للرجل الأبيض، كما أنها قاعدة عسكرية متقدّمة تقدّم أربعة ملايين جندي مرتزقة للولايات المتحدة، وتقوم بالأعمال القذرة نيابة عنها. وبالمقابل فإن اعتماد إسرائيل المستمر على الولايات المتحدة الأمريكية يجعل منها دولة مرهونة ببقاء الأخيرة، فهي تتكون من مجتمع مهاجرين غير مستقر، لم تتحدد هويته الوطنية بعد، وهو يسعى لجعل المصطلحات الصهيونية أيقونات، مثل فكرة "الإبادة الجماعية لليهود" ويتجاهل الملايين الذين قتلوا من الروس، والبولنديين، والغجر، وغيرهم.
وبالرغم من كون عضوية إسرائيل في هيئة الأمم المتحدة مشروطة بإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين، إلا أنها لن تفعل. ويتمثل شذوذها الطبيعي في سعيها المستمر للتفتيت القومي للفلسطينيين، ومحاصرتهم وجعلهم عمالة رخيصة. ويدّعون أن إسرائيل ديمقراطية وهي تحرم مواطنيها من الفلسطينيين أدنى حقوق المواطنة.

كان هذا استعراضا لنماذج من تيار الفكر العربي المناهض للصهيونية، وهي وان أظهرت بعض التباين في تناول هذا الموضوع الفكري شديد الأهمية نتيجة لاختلاف المرجعيات الفكرية والثقافية للمفكرين موضوع هذه المقالة، إلا أن القارئ يلمح إجماعا على الموقف المناهض الصهيونية، وتوضيحا لعلاقاتها بالإمبريالية العالمية، وخلفياتها الفكرية القائمة على ادعاءات زائفة، وطبيعتها العنصرية. وتشكل هذه النماذج مدخلا لبحوث أوسع لمن يرغب في ذلك مستعينا بعرض لمراجع متعددة ذات صلة بالموضوع ضمتها الموسوعة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا