الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التكرلي فضّل وينترسون على بالدوين

كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)

2023 / 4 / 30
الادب والفن


في السنة الجامعية الأولى تم تخييرنا كطلاب بين روايتين في مادة تحليل النص، الأولى للبريطانية جانيت وينترسون "البرتقال ليس الفاكهة الوحيدة" والثانية للأميركي جيمس بالدوين "غرفة جيوفاني". لكن لا أحد من الطلاب الذين يتجاوز عددهم 300 "وأنا من بينهم"، يدرسون الصحافة والإعلام والقانون والسياسة والاقتصاد، اختار رواية بالدوين. ربما لأن الحوافز التي قدمت لنا عن رواية وينترسون أكثر تشجيعا لأنها إنجليزية أولا وروايتها حولت إلى فيلم عرض علينا جميعا، بينما لا يوجد الكثير من الطلاب الذين اهتموا بالروائي الأميركي لأسباب ليس بينها أنه كان أسود! لأن هناك العديد من الطلاب السود بيننا.
استشرت وقتها صديقي الروائي الراحل فؤاد التكرلي عن الخيار الأفضل بين الروايتين، فنصحني بالكاتبة الإنجليزية التي لم يقرأ لها شيئا! وقال التكرلي إن بالدوين أحد أكثر الذين ظلموا في الاهتمام والترجمة إلى العربية مع أنه أفضل من يشترك بهمه مع المجتمع العراقي.
مع ذلك بقي بالدوين الذي رحل عن عالمنا عام 1987 يثير اهتمامي، بيد أنني كتبت الكثير عن وينترسون واحتفيت بها في كتابين صدرا لي من قبل.
واليوم كلما أرى الاحتفاء الصحفي والنقدي بهذا الروائي الأسود الذي عاش حياة قاسية في حي هارلم الفقير بنيويورك وأفضل من جسد واقع العنصرية والانقسام داخل المجتمع الأميركي، أرى أنه يماثل الكثير من التجارب القصصية في العراق، ومن المتعة بمكان أن يقارن سرد بالدوين بما تركه فهد الأسدي أو جمعة اللامي ومحمد خضير.
في روايته “غرفة جيوفاني”، التي لم أخترها في كتابة بحثي بمادة تحليل النص، يتولد عند قارئها نوع من الشعور بالخلاص من أنه كان مخدرا قبل قراءتها، وعليه تفجير فقاعة الراحة تلك. مع أن بالدوين كتبها أثناء إقامته في باريس مع سنوات أخرى قضاها في تركيا، لكنه كان يعالج وضعا أميركيا شاذا وقاسيا في أفقر أحياء نيويورك، في محاولة للتصالح مع علاقته المضطربة مع أميركا والبحث عن فترة راحة من العنصرية والتمييز الجنسي، وهي مهمة ليس من السهل إنجازها في الأربعينات والخمسينات. ذلك الذي لم يخبرني به الروائي الراحل فؤاد التكرلي لأنه تأثر به واستفاد من بعض أفكاره لإيجاد المعادل لها في المجتمع العراقي. ويمكن أن نجد شيئا من ذلك عندما يتعلق الأمر بالموضوع الجنسي في "الرجع البعيد" و "المسرات والأوجاع" وإلى حد ما "اللاسؤال واللاجواب".
المدهش في الأمر أن الصحف الأميركية لم تتوقف عن مسعى اكتشاف المزيد من التناقضات والتمرد والاحتجاج في حياة ذلك الكاتب الأسود الذي عاش زمنا عنصريا بامتياز.
لذلك يثير اهتمامي كل ما يكتب عن جيمس بالدوين اليوم ويعيدني إلى عشرين سنة مرت، آخرها المسرحية التي تقدم حاليا في الولايات المتحدة وتحول بيني وبينها المسافات! عن مقطع عرضي من حياة بالدوين في ستينات القرن الماضي وعلاقة صداقة مع امرأة لم تدم طويلا لأن الموت اختطفها في العقد الثالث من عمرها!
فهذه المسرحية “A Raisin in the Sun”، تدور حول كفاح عائلة سوداء لتحقيق أحلامها في ظل قيود المجتمع الأميركي المنعزل آنذاك، وأحداثها -وفق العروض النقدية التي تحفل بها الصحف- تمثل نقطة اتصال تاريخية لحاضرنا السياسي المنقسم، مثيرة السؤال الأهم في عالم يعيش تواصلا رقميا مسموما بشأن ماهية وعرق ودين الآخر، وكان من المفيد استعادة مقطع تاريخي من حياة جيمس بالدوين من أجل القبول بالاستماع إلى أولئك الذين لا نتفق معهم، فخطورة ذرائع الخلاف لا تلغي احتمال أن يكون لدى الآخر ما يستحق القول وما يستحق أيضا الاستماع إليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?