الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاجنر والجاسوس والزحف على ليبيا والسودان

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2023 / 5 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


فاجنر وحش سياسى جديد ، بأذرع وذيول ، يظهر على مسرح الأحداث ، زاحفاً على العالم فى كل مكان ، من سوريا إلى الدنباس ، ومن هناك إلى ليبيا وإفريقية الوسطى فأوكرانيا مرة أخرى فمالى فالسودان ، وأماكن أخرى لم يكشف عنها بعد الغطاء ، كل ذلك فى غفلة من سكان المنطقة ، الذين مازالوا مشغولين بحرب العدوان الثلاثى على مصر ، أو بحرب الجزائروالمليون شهيد ، غير مدركين أن العالم التقليدى قد تغير فى السنوات القليلة الماضية تغييراً مفاجئاً ، لصالح الشرق الروسى الصينى الجديد ، على حساب الغرب الأمريكى الأوربى العجوز ،،،
تأسست فاجنر أثناء الثورة السورية ، مستفيدة من تجربة الميليشيات التى تقاطرت من كل مكان ، شركة للخدمات الأمنية يملكها يفغينى بريغوجين ، أحد أصدقاء بوتين أو هكذا يقال ، وحملت بعض وحدات منها فى أولى مهامها المعروفة إلى أرض المعارك فى سورية لدعم القوات الروسية المتواجدة هناك ، لكن سرعان ماتطورت مهمة تلك الشركات الأمنية المزعومة إلى مايشبه القوات الخاصة أو الميليشيا بمعنى أدق ، تستخدم الأسلحة الثقيلة وتحملها طائرات النقل العسكرية الروسية الضخمة إلى أى مكان فى العالم بقوات عالية الكفاءة والتدريب تفوق حتى كفاءة الجيوش كما أثبتت الأحداث ،،،
إرتبطت نشأة فاجنر بالموقف الدولى الذى نشأ عن حكم أوباما وسياساته فى الإنسحاب من الشرق الأوسط وأوربا والتركيز على مواجهة الصين ثم بالموقف المهادن لخليفته دونالد ترامب الذى جمعته صداقة مشبوهة ببوتين ، كما إرتبط بعجز الإتحاد الأوربى العجوز عن تكوين جيش موحد للدفاع وللتدخل المحتمل فى أماكن الصراعات ، وكذلك بظهور دولة نفطية غنية إحترفت الإستثمار فى مناطق النزاعات ، وحددت أهدافها بأهداف الروس بشكل عام ، وبأهداف الصين جزئياً ، هى دولة الإمارات ، بإختصار نشأت فى عالم جديد به مساحات شاسعة من الفراغ الناتج عن إنسحاب الغرب ، وحيث أن الصين مازلت تفضل - مؤقتاً - إستراتيجية السيطرة الإقتصادية على العالم بواسطة طريق الحرير الجديد ، فقد تقدمت روسيا فلاديمير بوتين وحدها لملء ذلك الفراغ ،،،
حجبت غيوم الحرب فى سورية مهمام فاجنر الأولى هناك، بسبب وجود الميليشيات الإيرانية الكثيفة فى ميدان المعركة فى مواجهة الميليشيات السنية بأنواعها والتى حسم الطيران الروسى الصراع بينهما فى نهاية المطاف ، ولذا فلم ينشغل العالم كثيرا بفاجنر فى تلك المرحلة الأولى من ظهورها فى سورية ، كما أن فكرة العالم الغربى الإستعمارى ، وليس الشرقى الجديد ، كانت مازلت هى الفكرة المسيطرة حتى ذلك التاريخ ، ولكن فى حدود سنة 2015 فوجىء العالم بظهور فاجنر فى الدنباس تدعم الإنفصاليين الأوكران ، ثم وفى 2018 فوجىء مرة أخرى بالطائرات الروسية العملاقة تحمل عدداً كبير من قوات فاجنر فى سوريا وتهبط بها فى شرق ليبيا وتؤسس لها قواعد هناك فى تحالف مع القائد الليبى القوى خليفة حفتر وذلك بعد تراجع حاكم مصر المريب عبدالفتاح السيسى جاسوس الإمارات ، عن التدخل العسكرى فى الشأن الليبى بعد أن كان قد أنذر بالويل الثبور وعظائم الأمور كل من تخول له نفسه الإقتراب من الحدود ، ليترك حفتر وحيداً ويبارك علاقته البديلة بفاجنر وصديقه بوتين ، لتظهر فاجنر بعد ذلك ، أو فى وقت متزامن ، فى إفريقية الوسطى مستغلة ظروف الحرب الأهلية هناك ، ومن هناك إالى مالى فى ظروف مشابهة ومن مالى إلى أوكرانيا مرة أخرى ، ومن أوكرانيا إلى السودان ،،،
بدأت علاقة فاجنر بالسودان سنة 2017 بعد لقاء البشير وبوتين حيث تعهد بوتين بدعم نظام البشير المتداعى بمبيعات السلاح وبخدمات مجموعة فاجنر ، مقابل وعد البشير لبوتين بإنشاء قاعدة بحرية روسية فى بورت سودان على البحر الأحمر ، أحد الأهداف الكبرى للزحف الروسى على شرق إفريقيا ، وبعد سقوط البشير سنة 2019 إنحازت فاجنر للبرهان قائد الجيش وحميدتى قائد ميليشيا الدعم السريع- الجنجويد سابقا - فى إنقلابهما على المجلس الإنتقالى الحاكم سنة 2021 ولكن سرعان ماإنحازت فاجنر إلى جانب حميدتى الخلف الميليشياتى الطبيعى للبشير، وأكبر مسيطر على مناجم الذهب فى السودان وإفريقية ، أحد الأهداف الكبرى لفاجنر أيضاً...
زار حميدتى موسكو فى فبراير 2022 وإلتقى بالمسؤلين الروس وبرجال فاجنر ودشن تحالفه الرسمى معهم ، السلاح والتدريب مقابل الذهب والنفوذ ، وسمع الشعب السودانى بعد ذلك عن تلك الطائرات الروسية التى تقلع من قواعد ومطارات السودان محملة بالذهب دون أى رقابة أو تفتيش ، فى نفس الوقت الذى إمتلأت فيه أسواق الإمارات بأطنان الذهب القادم من السودان ، ولم يمضى وقت طويل حتى قام حميدتى بإنقلابه المروع قبل أيام من هذا الشهر ، فى ضربة إستباقية لإجهاض محاولة منافسه البرهان إدماج ميليشيات الدعم السريع فى الجيش بحجة قرب الإنتقال إلى الحكم المدنى ، والإستيلاء على كل السلطة فى السودان إذا أمكن ،،،
لقد خلق القتال الوحشى الدائر اليوم فى شوارع الخرطوم وفى دارفور - المركز الأصلى لحميدتى وفى مناطق أخرى من السودان ، مشهداً سياسياً من أشد المشاهد تعقيداً ومأساوية فى تاريخ إفريقية والشرق الأوسط ، فبالإضافة إلى المأساة السودانية نفسها الموت والنزوح والخراب وتدمير الحياة ، فمن الممكن أن يؤدى إنهيار الدولة السودانية مترامية الأطراف - لاقدر الله - أمام إنقلاب الميليشيات المدعومة روسياً ، إلى إنهيار معظم الدول المحيطة بها وعلى رأسها مصر ؟
إن ذلك الإستنتاج يقودنا حتما إلى اللغز المصرى ، فهل يتدخل الجاسوس عبدالفتاح السيسى المدجج بالسلاح ، لإنقاذ الجيش السودانى والدولة السودانية وإنقاذ أمنه القومى وطريقه إلى منابع النيل ، أم يخضع لرغبات بوتين وفاجنر وبن زايد ويكرر السيناريو الليبى ويظل على الحياد بنفس الحجج الزائفة التى ترك بها ليبيا تسقط فى يد الميليشيات ، ربما مقابل وعد بحكم وراثى يشبه حكم بشار الأسد فى سوريا ؟ العالم يحبس أنفاسه فى إنتظار ،،،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فاغنر ميليشيا دولة و ميليشيا دولية
د. لبيب سلطان ( 2023 / 5 / 1 - 03:12 )
الاستاذ الكاتب ..شكرا على مقالتكم التي عرضت ظاهرة غريبة في العالم اليوم
لم يكن احد يعتقد ان اي دولة في العالم قبل بوتين تنشأ مليشيات بمهام دولية فهي اختراع وابتكار بوتيني بامتياز فجميع الميليشيات محلية وهي اساسا لحماية النظام ورأسه وعندما انشأ اية الله الحرس الثوري ثم فيلق القدس كان حماية النظام نفسه والتمدد في المنطقة وصولا للبحر المتوسط وعصابات فاغنر انشأها بريجوردين وهو الطباخ الخاص للرئيس لبوتين والواقع ان رئيسها الفعلي هو بوتين نفسه فهي لحمايته داخليا كباقي الميليشيات وللقيام بمهام حول العالم وخصوصا افريقيا والشرق الاوسط واقليم الدونباس في اوكرانيا وسواء في ليبيا او سوريا او مالي او افريقيا الوسطى هي مهام بوتينية تبعده عن المحاسبة الاممية الرسمية وسجلها كشركة ارجنتينية اي ان ماتقوم به من اعمال. غير خاضع لقوانين الامم المتحدة او الاتفاقات الدولية ويمكن لبوتين التنصل منها وقبل يومين دافع لافروف عن حق فاغنر بالتدخل في السودان ولليوم لا احد يعلم بالضبط كيفية التعامل مع مرتزقة فاغنر فهم ليسوا فقط ادفع لنقاتل لمن يدفع بل نقاتل اينما يقول لنا رئيسنا بوتين


2 - شكرااستاذ سيد على هذه المقاله في توضيح الماءساة ال
المتابع- ( 2023 / 5 / 1 - 04:12 )
السودانية ومايحيط بها وخاصة ظاهرة فاغنر الميليشيا الفاشية المتوحشه العابره للقارات-تحياتي


3 - الرد على دكتور لبيب سلطان تعليق رقم 1
عبدالجواد سيد ( 2023 / 5 / 1 - 08:09 )
تعليقكم إضافة للمقال ، شكراً على مروركم الكريم دكتور لبيا


4 - الرد على المتابع تعليق رقم 2
عبدالجواد سيد ( 2023 / 5 / 1 - 08:12 )
إنشاء الله النصر للجيش السودانى وللتحول الديموقراطى فى الدولة السودانية الجديدة صديقى المتابع ، التحية والتقدير


5 - السيسي وفاغنر والجنجويد في حرب حفتر على طرابلس
محمد بن زكري ( 2023 / 5 / 1 - 22:02 )
- قبل فاغنر الروسية ، كانت بلاك ووتر الأمريكية في العراق (الفلوجة) وفي حروب السعودية والإمارات . انظر كتاب مجدي كامل : بلاك ووتر جيوش الظلام . وانظر محمد حسنين هيكل في هذا الرابط
https://www.almasryalyoum.com/news/details/2138482
- تصحيحا لمعلوماتك ، في حرب حفتر على عاصمة الدولة الليبية (14 شهرا من القصف) ، استعان بمرتزقة شركة فاغنر وبميليشيات الجنجويد السودانية التابعة لحميدتي ، وكان السيسي – و وراءه روسيا والإمارات – يضع كل ثقل مصر العسكري والسياسي ، في حرب حفتر على طرابلس . وعندما اندحر جيش حفتر وميليشياته من السلفية المدخلية عن تخوم العاصمة الليبية ، هدد السيسي باحتلال ليبيا ، ورسم خطه الأحمر لتقسيم ليبيا الى شرق وغرب .
- في حرب حفتر (مدعوما بمصر والإمارات وروسيا) ، تم تدمير 250 ألف وحدة سكنية بنسبة 80% ، وترك مرتزقة الفاغنر وراءهم آلاف الألغام في المزارع والبيوت (منها متفجرات في شكل لعب أطفال) بأحياء تخوم جنوب طرابلس .
- السيسي لا زال حليفا وداعما لحفر . و للعلم حفتر مواطن أميركي فاقد للجنسية الليبية ، وكان عميلا للمخابرات الأميركية مقيما في فرجينيا لمدة 25 عاما .


6 - الرد على الأستاذ محمد بن زكرى رقم 5
عبدالجواد سيد ( 2023 / 5 / 2 - 00:20 )
الحقيقة لم أفهم تماما المقصود من تعليقكم هل تريد توريط أمريكا مع فاجنر أو ربط حفتر بأمريكا وتبرئة رزسيا أو الزج بثقل مصر المزعوم خلف حفتر ، مصر تمتلك ألف طائرة مقاتلة عاملة وخمسة آلاف دبابة ومليون جندى وآلاف القطع البحرية السيسى لم يحرك منها شىء وراء
،حفتر بل ترك المهمة لروسيا وفاجنر والإمارات وإنسحب وهذا مانخشى أن يكرره مع السودان
فيما يخص إستمرار صداقة السيسى بحفتر شىء مفهوم وصفناه بجاسوس الإمارات يعنى تبع روسيا وفاجنر وحفتر مفيش تناقض ، جاسوس يخرج من المعارك والإلتزامات الإقليمية ويتركها لأسيادة الروس والإماراتية ، أعتذر لإضطراب تعليقى حيث أنه رداً على تعليقكم الغير واضح أيضا ، التحية والتقدير


7 - مع الاحترام : رد إلى الأستاذ عبد الجواد سيد ت 6
محمد بن زكري ( 2023 / 5 / 2 - 12:18 )
- سيدي ليس ذنبي أن حضرتك لم تفهم ما أعنيه ، فكلامي ليس غامضا يحتمل أكثر من معنى . إذ تعمدتُ أن تكون كل فقرة منه مستقلة عن الأخرى . واستغرب أن تستنتج من كلامي تبرئة روسيا أو مرتزقتها الفاغنر !
- ظل السيسي (ونظامه) يقف داعما لعدوان حفتر على عاصمة الدولة الليبية حتى آخر لحظة ، بزعم أن حفتر يحارب ميليشيات الغرب الليبي (الطرابلسية) التي تهدد الأمن القومي المصري ! وقال ذلك مرارا ومِن على منبر الجمعية العامة .
- نعم مصر وروسيا والإمارات ، تورطت في حرب حفتر على طرابلس حتى آخر لحظة (و بطلب من السيسي والإمارات ، ترمب هاتَفَ حفتر داعما ، لكن افتضاح استعانة حفتر بالفاغنر غير الموقف الاميركي) .
- عندما انهزم جيش حفتر المدعوم بمرتزقة فاغنر والجنجوية ، وانسحب إلى سرت ، جن جنون السيسي فحشد مئات الدبابات وأسرابا من الطائرات الحربية وعشرات آلاف العساكر في قاعدة البراني المصرية قرب الحدود المشتركة ، بكامل جاهزيتها القتالية (20 يونيو 2020) ، وألقى فيهم خطابا تعبويا مهددا بالتدخل العسكري المباشر في ليبيا ، وأعلن استعداد نظامه لتدريب قبائل أولاد علي (الحدودية) لدعم حفتر في حربه للاستيلاء على السلطة بطرابلس


8 - الرد على الأستاذ محمد بن زكرى تعليق رقم 7
عبدالجواد سيد ( 2023 / 5 / 2 - 14:25 )
السيسى يتكلم فقط طويل العمر كذاب لايتدخل وقد باع ليبيا لروسيا والإمارات منذ زمن وهذا ماورط حفتر مع فاجنر حيث لم يعد هناك بديل ، المصيبة أن يكرر السيسى نفس السيناريو مع السودان السودان مفتاح النيل وقلب إفريقية وإذا سقط ضاع النيل وسقطت إفريقية ، هذا ما أعنيه أنا أيضا بوضوح ونأسف لأى سوء فهم ، كل التحية والتقدير

اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا