الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(منتهى اللذة..منتهى الألم) مقال

نور فهمي
كاتبة

(Noor Fahmy)

2023 / 5 / 1
الادب والفن


فى (خانة اليك) تقع أحيانا اختياراتنا؛ بين تقبل الموت بمازوخية التسليم، وبين مقاومة سادية الأقدار بتحدى وعند،  وينتهى بنا الحال أخيرا،  إما منتصرين، أو منتحرين!
ماذا يحدث إذن فى حالة التعلق المرضى بشخص ما، ثم فقدانه نهائيا بالموت؟!
فى فيلم(الحياة..منتهى اللذة)؛ تمثل البطلة نموذجا حيا للتعلق المرضى بوالدها، فتختفى معالم الحياة فيها تماما بعد وفاته، ولا يشغلها أمرا سوى أن ترحل لتلحق به فى داره(حسب إيمانها).
"اليتم ده عاهة..زى اللى راحت رجله أو ايده، أو عينه"
تفرز حروف هذه الجملة بمنتهى الصدق، فى أحد المشاهد بينها وبين صديقتها المقربة. وتقر وتعترف بتلقائية شديدة بأنها تتمنى الموت، وترغب فيه بشدة، كما لو كانت تعترف بحبها السرى لشخص ما!!
يؤثر ذلك على علاقتها بزوجها الذى تعشقه، ورغم ذلك تنتهز كل فرصة للإبتعاد عنه، فهو لم يدرك أن كل ما تحتاجه زوجته فى هذا التوقيت تحديدا؛ هو (احتواء خالص) لا رغبة جنسية تشوبه، ولا تمهيدات لعلاقة حميمة تعكر صفوه!
تمر البطلة بحالة اكتئاب شديدة، وترحل بخيالها وفكرها كليا عن الدنيا؛ فتحتويها ذكريات أبيها  وتهدهدها، ولا تجد لها  أى مسكن آخر لمرارة الفقد وآلام الفراق سوى ذلك.
وبدلا من أن يشاركها زوجها عالمها، ويحاول أن يسرى عنها بالطريقة التى ترضيها وتهديها، آثر توبيخها وتذكيرها فى كل لحظة أن والدها انتهى ومات ، وأن الأحياء أهم وأبقى!
فتبرر حزنها وانعزالها مفسرة لزوجها؛ بأنه من الطبيعى جدا،
أن تحزن ثلاثة أشهر على رجل عاشت معه عمرا بأكمله؛
رجلا كان لها أبيها وأمها بعد وفاة الأخيرة فى عمر صغيرة!!
فعلام اذن التوبيخ والسخرية؟!
وعلى غرار هذا السلوك؛  نشاهد أيضا البطل فى فيلم (آسف على الإزعاج)؛ وقد عالج مرارة الفقد بحيلة (الوهم)
فلم تنتهى علاقته بوالده حين وفاته، ظلا على تواصل وحوار دائم ومثمر، حتى وإن كان(متخيل)،
لكنه بالنهاية انقذه من الموت والعزلة، انتشله من براثن الاكتئاب والألم،  وكانت أمه أحيانا تجاريه فى هذا الوهم.
وحينما استسلم فى النهاية  للعلاج النفسى، تألم وتأذى، ثم سرعان ما عاد لأوهامه مرة أخرى بخيالات مستمرة عاونته على ممارسة نشاطاته اليومية، ومواصلة حياته برضا ولو كان جزئيا!!
فهل جرب أحدكم أن يهدهد اوهامه، علها تكون الملاذ الأخير؟!
عودة أخرى لفيلم(الحياة..منتهى اللذة)، والزاوية التى عالج بها الأمر، والتى أرى أنها غير منصفة بالمرة؛  فبدلا من محاولة الزوج للتفهم والتقرب فى (إطار) تحتاجه زوجته بحق، أظهرت مدى ظلم الزوجة لزوجها، بامتناعها عن معاشرته جنسيا لثلاثة أشهر ، مما أدى فى النهاية إلى خيانته لها،
وبالطبع لو خان الرجل؛ لتفنن حينها كل من حوله فى أعذار لا حصر لها ولا عدد، كما اعتدنا دائما فى مجتمعاتنا!!
اتساءل الآن " ماذا عنها وعن احتياجاتها وشعورها، ماذا لو تبدلت الآية فأصبح الزوج مكانها، يعانى وفى حاجة لمن يرعاه نفسيا فوق كل شئ؟!
هل فى هذه الحالة تكون الخيانة مبررة إذا اقدمت عليها المرأة؟ هل سينصفها أحد، أم سيكون قتلها عندئذ مهمة دينية ووطنية؟!
تقع (البطلة) فى معضلة حقيقة؛  فإما التسليم المازوخى لسادية القدر، وإما اختيار(الانتحار) كبديل وحل لمعاناتها!
وبعد فترة طويلة من المقاومة والشد والجذب وطول العناد، حان الوقت أخيرا لتصحيح المسار والاندماج فى النشاطات اليومية المعتادة، وصلح ما افسدته حالتها النفسية بعلاقتها بزوجها
فتقول:
"انا نسيت انى عايشة..حقيقة كان لازم أواجهها حتى لو مش على مزاجى"
وهنا فقط تختفى مقاومتها للقدر، تسلم له؛  فتحدث المعجزة، ويكون لها ما اردت:
(الموت) بطلقة رصاصة طائشة التى بدلا من أن تصيب زوجها، أصابتها هى فى المقابل.
حدث ذلك أثناء رقصها مع زوجها فى ليلة صلحهما، عندما استسلمت نهائيا لإرادة القدر، حينما اعلنت هزيمتها أمام مشيئته!
فعلى مدار مدة الفيلم كله ظلت تقاوم القدر وتعاند حيله،  ولم يحدث لها ما أرادت إلا عندما امتثلت  واستسلمت!
كانت تختار "الموت" على "الحياة" فى كل خطوة وفى كل موقف وقرار، حتى برفضها للعلاج النفسى.
كانت على وشك الانتحار فى إحدى المرات، ولكنها تراجعت فى اللحظة الأخيرة.
وللمفارقة العجيبة؛ ماتت بينما كانت ترقص فى أحضان القدر، ماتت فقط، حينما اتحدت كليا مع إرادة الحياة،
وقد بادلها الموت أخيرا
حبا بحب!!
فهل نصل نحن البشر؛  "للذة المنشودة" شريطة أن نتقبل مرارة الألم؟!
هل يكون التسليم أحيانا بوابة أخيرة لولوج  الأمل؟! أم يبقى "الوهم"  سبيلنا الأوحد والأمثل للنجاة؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس