الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روبير الفارس يحاج -العقاد- في المسيح بعبقرية

سيد طنطاوي
(Sayed Tantawy)

2023 / 5 / 1
الادب والفن


لست من المولعين بالكاتب الكبير عباس محمود العقاد، ورغم أن كثيرين ومقربين تحدثوا لي عن العبقريات التي كتبها، إلا أنها لم تعجبني، لكن هذا لا يُقلل من "العقاد" الكاتب الكبير ذو الإنتاج الغزير والبصيرة النقدية.
قراءتي للعبقريات في مرحلة مبكرة، ربما كانت هي السبب أنني كنت محايدًا معها، وأخاف الاختلاف معها بسبب اسم العقاد، لكن مؤخرًا وجدت نقدًا موضوعيًا واختلافًا مع عبقرية المسيح سجله الكاتب روبير الفارس في كتابه الذي يحمل عنوان "عبقرية المسيح.. المعركة المجهولة بين الأقباط والعقاد وثائق تاريخية.
وأعجبني في طرح روبير الفارس، أنه طرح موضوعي، أعطى للعقاد قدره أولًا، وفند ما أراد من آراء بقول صريح، لم يحاول فيه الالتفاف، وهنا تكمن الأهمية الكبرى، فمثلًا رغم أنه معروف عن العقاد كبريائه الكبير، لكن كان الكاتب حريصًا على توضيح جميع ملابسات تغير اسم الكتاب، إذ كان هناك رفضًا مسيحيًا لفكرة إطلاق لفظ العبقرية أو العبقري على المسيح، لأن الإيمان المسيحي ينطلق من كون المسيح إلهًا، وبالتالي لفظ العبقرية هنا غير مناسب على الإطلاق، لذلك يحمل الكتاب اسمين عبقرية المسيح وحياة المسيح وكشوف العصر الحديث.
الاعتراض على لفظ العبقرية هنا كان سببًا في تغيير اسم الكتاب، مع ملاحظة أن الكتاب ظل موجودًا بالاسمين لفترات، وربما حتى الآن، لكن يجب أيضًا أن نذكر أن الاعتراض له وجاهته باعتبار أن العقاد صُنف في مرحلة من مراحل حياته على أنه كاتب إسلامي، في مفارقة واضحة عن تاريخه السابق وكتاباته، التي كانت شديدة الابتعاد عن الدين والتدين، وأحسن الكاتب حينما استعرض هذه المراحل بدقة شديدة وخاصة التحولات، وتحليل كل فترة بإصداراتها.
ربما كان يُمكن إغلاق هذا الباب لو قدمه العقاد باعتباره عن المسيح من وجهة نظر إسلامية، لكن الأزمة أن البعض حاول اعتبار الكتاب مرجعًا وأن الكتاب انتصارًا للمسيح، في حين أن العقاد نفسه لم ينتصر لأي من النظرتين الإسلامية أو المسيحية عن المسيح بل ترك الأمر بلا حسم، وهو ما لم يكن مفهومًا في ظل كاتب يُصنف إسلاميًا.
كان روبير الفارس حاسمًا حين تحدث عن ما سماه التلفيق العقدي، أو عملية التزوير التي تسمى التقريب بين الأديان، وحسنًا فعل حينما شبهها ببيت العائلة وجلسات حوار الأديان، فكاتب هذه السطور يؤمن بالمسيح من منظور إسلامي ولا يرى بألوهيته، في حين أن المسيحي يؤمن بألوهيته ولا يُؤمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا اختلاف جوهري لا يحتمل اللف أو الدوران.
وهذا الاختلاف لا يُمكن أن يكون أبدًا ضد الحب بين المسلم والمسيحي، إذ أن الحب أن تعلم أننا مختلفين، وقد لا نتفق على أي أشياء كثيرة، لكن الاتفاق الوجوبي هنا أننا لا بد أن نتفق على حتمية الاختلاف أو كما قالها الكاتب: "اتفقنا ألا نتفق في العقائد.
ما أورده الكاتب عن أن الاتفاق على الاختلاف ضرورة هو وثيقة يمكن البناء عليها لمؤلفات أخرى، ويمكن أن تخرج عن هذه الرؤية أفكار تصلح أن تكون ميثاقًا يُمكن البناء عليه في التعايش، وهي الحوار الحقيقي الذي يجب أن يُخاض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة