الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل حقا أن الصين تعمل على القضاء على النظام العالمي السائد حاليا ...؟ ( 1 )

آدم الحسن

2023 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


الكثير من التقارير الاقتصادية التي تصدر و خصوصا من الدوائر الإعلامية الغربية خلال هذه الحقبة التاريخية الهامة التي يمر بها المجتمع البشري تتحدث عن سعي الصين للقضاء على النظام العالمي السائد حاليا من خلال تحطيم الهيكل الاقتصادي لهذا النظام .
فهل حقا أن الصين تعمل على تفكيك النظام العالمي السائد حاليا , هذا النظام الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية , لغرض فرض نظاما اقتصاديا و سياسيا عالميا جديدا بديلا عنه ... ؟

لا شك إن هذه التقارير تحمل الكثير من المتناقضات فمن جهة تشير هذه التقارير الى سعي الصين لتعزيز مكانتها في كل اذرع النظام العالمي السائد حاليا و خصوصا الأذرع الاقتصادية لهذا النظام كالبنك الدولي و صندوق النقد الدولي و منظمة التجارة الحرة و غيرها .... و في نفس الوقت تتحدث هذه التقارير عن خطة الصين و معها حلفائها الاقتصاديين في مجموعة بريكس , روسيا و الهند و البرازيل و جنوب افريقيا , لتفكيك النظام الاقتصادي العالمي الحالي و فرض نظامهم البديل .... !

قبل الحكم على أي من المسارين تسير عليه الصين , هدم النظام العالمي الحالي و بناء نظام بديل أم الاندماج في هذا النظام , لابد من دراسة أي الأذرع الاقتصادية للنظام الحالي التي تسعي الصين تعزيز مشاركتها و نفوذها فيها , بهذا الخصوص يمكن باختصار تناول الأذرع الاقتصادية التالية :
اولا : صندوق النقد الدولي
سعت الصين منذ حصولها على مقعد الصين في الأمم المتحدة بدلا عن تايوان و بعد بدأ مرحلة الإصلاح الاقتصادي التي قادها الزعيم الصيني الإصلاحي تنغ تشاو بنغ توسيع مشاركتها في سلة العملات المشكلة لحقوق السحب الخاص في صندوق النقد الدولي حيث دخل اليوان الصيني كطرف خامس في هذه السلة أضافة الى الدولار الأمريكي و اليورو و الجنيه الإسترليني و الين الياباني .
لقد أخذت نسبة حصة اليوان الصيني ترتفع بشكل تدريجي رغم المقاومة الغربية لهذا الارتفاع حتى وصلت حاليا هذه النسبة الى 12.28% مقابل 43.38% حصة الدولار الأمريكي و 29.31% حصة اليورو و 7.44% حصة الجنيه السترليني و 7.59 حصة الين الياباني و لازالت محاولات الصين في زيادة حصة اليوان في هذه السلة مستمرة .
ثانيا : البنك الدولي
لازال نفوذ الصين في هذا الذراع الاقتصادي الهام ضعيفا بسبب مقاومة الولايات المتحدة الأمريكية للتمدد الصيني في هذا الذراع .
ثالثا : منظمة التجارة الحرة
من مؤشرات سعي الصين تعزيز مشاركتها و نفوذها في الأذرع الاقتصادية للنظام العالمي الحالي هو زيادة التزاماتها بسياسات منظمة التجارة الحرة و تحرير التجارة البينية بين الدول من القيود الكمركية و التي قابلها تراجع في الموقف الأمريكي حيث قامت الإدارات الأمريكية خلال العقدين الأخيرين بفرض قيود كمركية تتناقض و اهداف منظمة التجارة الحرة في تحرير التجارة العالمية و ازالة الحواجز بين اسواق الدول الأعضاء في هذه المنظمة .
رابعا : نظام سويفت
جانب أخر في سعي الصين لمزيد من الاندماج في النظام الاقتصادي و النقدي العالمي هو ربط المصارف الصينية بنظام سويفت للتحويلات المالية , هذا النظام الذي مقره في بلجيكا و يسيطر عليه الغرب عموما و الولايات المتحدة خصوصا .
خامسا : الإدارة الاقتصادية للصين و من خلال سلوكها و اسلوب تعاملها مع الأسواق المختلفة ترى ان وجود مقياس لاحتساب القيم التبادلية للسلع و الخدمات في التجارة البينية بين الدول هو ليس الملاذ الضروري فحسب و انما هو الحل الوحيد لأدامه التطور و النمو في اقتصاديات الدول المختلفة و لا يمكن أجراء أي تبادل تجاري دون وجود مقياس للتبادل حتى لو كان في هذا المقياس خلل كبير يحقق مصالح دول على حساب دول اخرى مثلما هو الحال في النظام النقدي السائد حاليا .
لذلك تتقبل الصين و تتعامل بكل واقعية بالمقياس الحالي الغير عادل للقيم التبادلية و التي اساسها الدولار الأمريكي المرتبط بعملات كافة دول الكتلة الغربية لكنها و في نفس الوقت تعتبره مقياسا مؤقتا .

و بالتالي يمكن القول أن الصين لا تسعى إطلاقا لانهيار الدولار الأمريكي و اسقاط النظام الاقتصادي النقدي السائد حاليا الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية تتمتع بدور ليس مميز في هذا النظام فحسب و انما دور مهيمن ايضا و تستخدمه في كل اشكال صراعاتها و خصوصا الجيوسياسية منها .

لقد اختارت الصين طريقا فعالا في مواجهة الهيمنة الأمريكية و هذا الطريق يتمثل في أيجاد و صنع مسارات اقتصادية صينية موازية للنظام الحالي و ليست بديلة عنه .
فالصين تعمل بكل امكاناتها المتاحة للتكييف مع النظام العالمي السائد حاليا و الدخول فيه بصفة شريك أساسي و في نفس الوقت تعمل على دمج المسارات الموازية التي تنشئها بالتنسيق مع حلفائها في مجموعة بريكس و منظمة شنعهاي للتعاون مع مسارات النظام الذي تتزعمه مجموعة السبعة لتشكيل نظام اقتصادي عالمي جديد , عالم متعدد الأقطاب تسود فيه قوانين و اسس اقتصادية اكثر عدلا .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله