الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور التيار الماركسي في تثوير وعي الطبقة العاملة اليمنية(*)

عيبان محمد السامعي

2023 / 5 / 2
ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة


يتسرّب الوعي الثوري للطبقة العاملة من خارجها، من المثقفين الثوريين، والحزب السياسي الطليعي.
ولقد كان التيار الماركسي والذي عُرف باتحاد الشعب الديمقراطي منذ 22 أكتوبر 1961م بزعامة المناضل عبدالله عبدالرزاق باذيب، بمثابة الإشعاع التنويري، التثويري للطبقة العاملة، ولحركتها النقابية.
فقد كانت صحيفة الأمل، التي أصدرها عبدالله باذيب وترأس تحريرها، منبر العمّال وصوتهم الصادح، وساهمت في إذكاء الوعي العمالي، والطبقي، والوطني في صفوف الطبقة العاملة.
وقد صدرت عن اتحاد الشعب الديمقراطي وثيقة برنامجية هي "الميثاق الوطني"، وتحت شعار "نحو يمن حُر ديمقراطي موحّد"، إذ أعلن اتحاد الشعب أنه يناضل من أجل التحرّر الوطني، والوحدة اليمنية الديمقراطية، ومن أجل الإسهام في بناء الوحدة العربية على أسس صحيحة. واستند الحزب في تحديد المهمات المطروحة إلى خصائص الوضع في البلاد، وطبيعة مرحلة النضال التي تمر بها، مسترشدًا في ذلك بمبادئ الاشتراكية العلمية.
ودعا اتحاد الشعب إلى مساندة الحركة الوطنية الشعبية الديمقراطية المعادية للاستعمار، والإقطاع والرجعية المحلّية، وضدّ التجزئة المفروضة على الشعب اليمني، كما أشار الميثاق إلى أن الاستعمار هو العدو الرئيس والأشد خطرًا الذي يحتل الجنوب، ويرعى جميع قوى التخلّف ويعيق توحيد الشطرين.
كما دعا إلى النضال ضد الاستعمار، وركائزه من السلاطين والحكّام الإقطاعيين، وأشار إلى الوضع في شمال البلاد داعيًا إلى وحدة النضال الوطني ضد الاستعمار، وقوى الإقطاع، والسلاطين في الجنوب، وضد النظام الإمامي الكهنوتي في الشمال.
لقد مثّلت وثيقة الميثاق الوطني محاولة جديّة لإجراء تحليل موضوعي للوضع في جنوب وشمال اليمن، ومهام النضال الوطني من مواقع الاشتراكية العلمية.(1) وعبرّت تعبيرًا صادقًا عن وعي اتحاد الشعب بالظروف الموضوعية للمنطقة وطبيعة المرحلة التاريخية، ولم نلمح في البرنامج اتجاهًا إلى الطفولة اليسارية، أو القفز على المرحلة، بل عرض البرنامج موضوع الوحدة الوطنية، وطبيعة المهام الوطنية عرضًا موضوعيًا.(2)
في أواخر عام 1961م أسّس الماركسيون اليمنيون إلى جانب اتحاد الشعب منظمة احتياطية لهذا الحزب: المنظمة المتحدة للشباب اليمني، وهي تنظيم شبيبي، ثقافي، اجتماعي، ديمقراطي برئاسة الشهيد عبدالله عبدالمجيد السلفي، أحد القيادات العمالية البارزة آنذاك. اضطلعت المنظمة المتحدة للشباب اليمني بدور ثقافي تنويري في أوساط الشبيبة لتوحيد صفوفها وربطها بالحركة الوطنية، ونظمت محاضرات، ومناقشات سياسية، وفتحت صفوفًا دراسية مجانية لتعليم الكبار، ومحو الأمية، ومثّلت المنظمة شبيبة اليمن الجنوبية في الندوات العالمية، كما ساعدت الشبان اليمنيين في الحصول على منح دراسية في الاتحاد السوفياتي.(3)
لاقى الماركسيون اليمنيون قمعًا، واستهدافًا كبيرين من قِبل الاستعمار، وأعوانه، بل وحتى من قِبل بعض فصائل العمل الوطني، ذات الاتجاه القومي!
ومن تلك الاستهدافات والقمع: قيام السلطات الاستعمارية في عدن بمحاكمة عبدالله باذيب، بسبب مقال كتبه بعنوان (المسيح الجديد يتكلّم الإنجليزية)، الذي نشر في صحيفة "النهضة" عام 1955م، ورد فيه على الدعوات المشبوهة التي تنادي بالسلام، والمحبة، والتآخي الطبقي، والسياسي بين الجماهير الشعبية، والقوى الاستعمارية، والأجنبية، والرجعية المحلية، والتي برزت مع نهوض الحركة الوطنية ونضالها من أجل التحرر من الاستعمار، وسيطرة الشركات الأجنبية بهدف طمس الصراع الطبقي والسياسي. ولكن تحوّلت المحاكمة إلى محاكمة للمستعمرين، وشركاتهم الاستعمارية، الذي وصفهم عبدالله باذيب، في قاعة المحكمة "بمصّاصي دماء الشعوب"، كما تحولت، أيضًا، إلى تظاهرة سياسية، شعبية، نظّمتها القوى الوطنية، والهيئات الشعبية تأييدًا للكاتب ودفاعًا عن القضايا التي أثارها في مقاله.(4)
وفي 28 أبريل 1966م اغتيل رئيس نقابة عمال وموظفي البنوك، ورئيس منظمة الشبيبة المناضل الثوري عبدالله عبدالمجيد السلفي.. وقد كان لهذا الحادث تداعيات كبيرة، فقد عمت المظاهرات الجماهيرية في عدن، وفي معظم المحميات، وفي حضرموت.(5)
بُعيد الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م، وإثر سيطرة الجبهة القومية على المشهد السياسي وإعلانها كممثل وحيد لليمن الجنوبية، اضطر عبدالله باذيب ورفاقه أن يبتكروا تسمية جديدة لتنظيمهم السياسي، وأسموه (رفاق الشهيد السلفي) بحيث لم توحِ التسمية الجديدة بوجود تنظيم سياسي، وقد أصدرت هذه المجموعة في يناير 1968م برنامجًا تحت شعار (من أجل يمن حُر ديمقراطي موحّد)(6) دعت فيه إلى إطلاق الحريات الديمقراطية، وحذرت من الاستئثار بالعمل الوطني، واحتكار العمل السياسي، وحرمان أي فصيل ثوري من ممارسة حقه في النشاط، والعمل الثوري، كما دعت إلى إطلاق الحريات النقابية وتشكيل مجلس شعبي يضم ممثلين عن جميع القوى والفصائل الثورية والوطنية.

هوامش:
(*) مقتطف من دراسة شاملة بعنوان:
الطبقة العاملة اليمنية وحركتها النقابية (1939-2022): التحولات ورهانات المستقبل، وللمهتمين يمكنهم الاطلاع على الدراسة من خلال الدخول على الرابط التالي:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=791377

(1) فيتالي ناؤومكين، الجبهة القومية في الكفاح من أجل استقلال اليمن الجنوبية والديمقراطية الوطنية، موسكو، دار التقدم، 1984، ص65
(2) أحمد عطية المصري، النجم الأحمر فوق اليمن، ط3، بيروت، مؤسسة الأبحاث العربية، 1988، ص108
(3) فيتالي ناؤومكين، مرجع سابق، ص66
(4) سيف علي مقبل، من تاريخ الحركة الوطنية اليمنية (منتصف الخمسينات من القرن العشرين ــ 1967م)، صنعاء، دار عبادي، 2004، ص183
(5) عمر الجاوي، الصحافة النقابية في عدن (1957 – 1967م)، عدن، مؤسسة 14 أكتوبر، (د.ت)، ص83
(6) عبدالله علي مرشد، نشوء وتطور الحركة النقابية والعمالية في اليمن، بيروت، دار ابن خلدون، 1981، ص 223- 224








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران