الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعرة التونسية السامقة فائزة بنمسعود:- الأدب النسوي يحمل فكرًا ورؤية..بغض النظر عن جنس صاحبه..-

محمد المحسن
كاتب

2023 / 5 / 2
الادب والفن


"الكتابة تجربة إنسانية من الطراز الأول.."(فائزة بنمسعود)


يعد الأدب النسائي المغاربي ظاهرة أدبية حديثة بامتياز،وظهر هذا الأدب في أحضان الحداثة حيث شكلت قيمها أهم مبادئه قصد المضي قدما لإثبات وجود إبداع نسائي متميز قائم بذاته. ورغم الخلاف على فكرة وصف أدب معين بالذكورة والأنوثة، تبقى هذه الكتابة ذات بعد جمالي بغض النظر عن اختلاف وجهات النظر،ويبرز -في هذا السياق- السؤال عن مكانة الكتابة النسائية المغاربية.
بينما يتساءل البعض عن كون كتابات المرأة تكرارا أو تقليدا لكتابة الرجل، ينظر آخرون إلى الكتابة النسائية المغاربية على أنها إضافة مميزة على مستوى الكتابة الأدبية،شكلا ومضمونا.
في هذا الإطار،وفي حوار مقتضب -أجريته مع الشاعرة التونسية المتميزة فائزة بنمسعود -تقول هذه الأخيرة حول دوافع المرأة للكتابة :"إن الكتابة صورة صاحبها،من هنا كانت رغبة المرأة في الكتابة،للتعبير عن نفسها،بعد حرمان دام فترة طويلة، ومنعٍ من التعلم والظهور في الحياة،فتكتب المرأة لتناقش قضية التعليم،وتحاور عن وجودها في المجتمع. كما أن كتابات المرأة انعكاس لتغير حالها إلى الأفضل .فلا شك في أن الكتابة ناتج عملية دراسة،اطلاع وقراءة وفهم.وربما تكون كتابات المرأة الكثيرة ثأرًا لماض هي عاشته في الظلام قهرًا،أو أن المرأة تكتب لرغبتها في أن يفهمها العالم،أن تكون مقروءة،مسموعة،لها رؤيتها ورأيها."
وتضيف-فائزة بنمسعود-:"وجدت أن كتب النقد الخاصة بالأدب النسوي قليلا ما تتحدث عن الإبداعات النسائية، مما جعلني أحس بنوع من التهميش والإجحاف في حق المرأة بشكل عام. لكن يبقى إبداع المرأة التونسية حاضرا،سواء باللغة العربية أو الفرنسية،أو كل أشكال الإبداع المرتبطة بالموروث الشعبي التونسي بلهجاته المختلفة والمتنوعة".
وتواصل ضيفتي-فائزة-حوارها معي فتقول : "كقارئة وشاعرة في ذات الآن،أنا على يقين تام بأن الكتابة تجربة إنسانية من الطراز الأول،ونؤمن كقراء بأن الإنسانية غنية بما يُحكى ويقال ويلامس هموم الكثيرين،بغض النظر عن الجنس أو العرق..
نستطيع أن نتضامن كبشر ونتكاتف معًا،لكن على الصعيد الآخر إن نظرنا في الوقائع التاريخية نجد أن كون المرأة كائنًا مضطهدًا ومظلومًا،أدى إلى قلة الاهتمام بأمرها وقضاياها،ولم تكن فكرة الكتابة حتى باسم امرأة أمر سهل أو هين،فنجد أن كاتبة مثل الإنجليزية ماري آن إيفانس كانت تنشر أعمالها تحت اسم مستعار هو جورج إليوت،كانت تكتب باسم رجل حتى تقول ما تريده باسم رجل لكي لا ينقلب المجتمع عليها أو يقلل من قيمة ما تكتب لمجرد أنها امرأة.
وبعد أن تمكنت المرأة من الظهور باسمها وكيانها الحقيقي ككاتبة لم نجد الكثير من الرجال المهتمين بالدفاع عن قضايا المرأة بشكل عام،باستثناء الحب والزواج."
ثم تضيف :"ظهر مصطلح الأدب النسوي في سبعينيات القرن التاسع عشر في فرنسا،وأصبح محل تداول داخل الساحة الثقافية،وإن كان المصطلح أو هذا النوع من الأدب الهدف منه وما زال هو كشف عورات المجتمع الأبوي ورفع اللثام عن قضايا المرأة المسكوت عنها تحت مظلة الأعراف والتقاليد،فإن قطاعًا من الأدباء والمثقفين يربطون بينه وبين ما تكتبه النساء بغض النظر عن الموضوعات المتناولة."
"ما اتُّفق عليه بعد جدل طويل في الغرب أن الأدب النسوي يستند إلى مبادئ الحركة النسوية، ويشير إلى أي عمل أدبي يركز على كفاح المرأة من أجل المساواة ويأنسن المرأة بدلًا من صياغتها في صورة نمطية ونظرة تشيئية،والأهم ألا يكون قاصرًا في كتابته على النساء وإنما يشارك في إنتاجه الرجال ممن تجاوزوا النظرة التقليدية للمرأة في الأدب."
وترى الشاعرة التونسية المتألقة فائزة بنمسعود (وهذا الرأي يخصني)،أن الأقلام النسوية في دول المغرب العربي ولبنان تزداد وهجًا في الفترة الأخيرة،وتعلل ذلك بأن الكاتبات في هذه الدول يطورن من أنفسهن ونصوصهن بشكل جدي بالإضافة إلى توافر الرؤية لديهن وكذلك الوعي بالإشكاليات الملحة والخطاب الذي يجب طرحه،وهذه الشروط هي التي ينبغي توافرها لدى الكتاب الحقيقيين على حد تعبيرها.
وتشيد -فائزة بنمسعود-بالكاتبات اللاتي أفرزتهن الأحداث التي شهدتها سوريا منذ العام 2011،وكذلك الكاتبات في الجزائر والعراق.
وعن تونس تقول «هناك أقلام نسائية جيدة ولكن الإشكالية في وجود إنتاج أدبي يومي ضخم لا يوجد له مثيل في أي بلد عربي اَخر،وبالتالي يختلط الغث بالسمين ويصعب على القراء متابعة كل هذا الإنتاج الضخم،فلابد أن يؤخذ الأمر بشكل جدي وبقليل من القسوة لأن نساء العالم الثالث بشكل عام ونساء العالم العربي بشكل خاص لا يمتلكن رفاهية الخطأ.»
وتشدد فائزة بنمسعود على رفضها لوصف كتابات النساء ب«الذاتية» وتقول «هذا كلام مرسل تتوارثه الأجيال دون أي سند علمي أو منهجي،فلماذا لا توصف كتابات الرجال الإبداعية أيضًا بأنها ذاتية الطرح،ولماذا يعتقد البعض أن الرجل لديه القدرة على التخيل بينما ينكرون هذه القدرة على المرأة..؟»
وترفض-محدثتي-ما يشيعه البعض عن أن ما تكتبه المرأة لا يزيد عن كونه مساحة للبوح والفضفضة،وتقول إن كثيرًا من النساء يعالجن موضوعات وقضايا كثيرة بعيدًا عن الفضفضة والسير الذاتية،مشددة على أن هذا الطرح يدخل في سياق تنميط المرأة.
وتضيف-ضيفتي-فائزة-: "تجدر الإشارة إلى أن بعض النُقَّاد يتبنون فكرة أن الأدب النسوي في الدول العربية بشكل خاص يأخذ طابع تكرار الذات والتقليد للتجربة الغربية وبهذا يفتقد الأدب النسوي في كثير من الأعمال الأدبية التي تكتبها النساء-في الوطن العربي-إلى عامل الإبداع، وهذا نتيجة طبيعية للتحديات التي تواجه الأديبات بشكل عام في الواقع العربي،غير أنه يوجد مجموعة من الكاتبات اللاتي تمكن من كَسْر حاجز التحديات،والتغلُّب على العوائق الاجتماعية والاقتصادية،واستطعن بالتالي الجَمْع بين تحقيق الجانب الفني والقيمي منهن : الروائية «رضوى عاشور» صاحبة ثلاثية غرناطة الرواية التاريخية التي تحكي عن عهد آخر ملوك بني الأحمر،إضافة إلى بعض الكاتبات اللاتي ركزن على نقد إشكاليات المجتمع كـ «أهداف سويف»، و«سلوى بكر»، و«أحلام مستغانمي»،و«نوال السعداوي»،و«ليلى بعلبكي»، و«فدوى طوقان»،وغيرهن..
وبشكلٍ عام..سواء نُظر إلى الأدب النسائي على أنه أقرب للتقليد منه للإبداع، فإنه يبنغي أن تُكلَّل التجارب الفنية القيِّمة التي حققتها المرأة العربية حتى الآن،كما ينبغي دعمها من خلال التعريف بها،ونشرها للقراءة على مختلف المستويات أيًّا كان مُسمَّاها الأدبي؛وبذلك فإننا نساهم بشكل كبير على تشجيع هذا النوع من الأدب؛ليخلق تأثيره الإيجابي على مستوى وعي المرأة نفسها ووعي المجتمع. "
وأنا أقول :" يعتبر الأدب النسوي أحد المصطلحات الجدلية التي أثارت الاهتمام منذ فترة التسعينات،خصوصًا بعد أن انتشر استعماله كثير بعد أن ظهرت مجموعة من الأقلام النسائية الواعدة في مختلف الدول العربية، غير أن هذا المصطلح لم يتمكن من توفيق مختلف وجهات النظر حياله خصوصًا من قبل الكاتبات أنفسهن،كما أن النقاد الأدبيين حتى الآن لم يتفقوا حول ما إذا كانت هذه التسمية بالفعل تعكس الواقع الأدبي للنساء أم أنها تحجم من تلك التجربة!
إذ أن بعض النُقَّاد يرون أن تصنيف كل ما تكتبه المرأة تحت ما يسمى بالأدب النسائي لا يُعد صحيحًا خصوصًا وأن بعض الأصوات النسوية لا تتحدث لا من قريب ولا من بعيد عن قضايا وهموم المرأة؛ بل ينحصر سردها الأدبي في كثير من الأحيان على إسقاطات شخصية حول مواضيع مختلفة؛ ولذا لا ينبغي أن تُصنَّف كل تلك الكتابات بكتابات نسوية إلا إذا ناقشت بشكل رئيسي في سردها الأدبي القضايا التي تتعلق بواقع وهموم المرأة في مختلف المجالات.
ما يناقض هذا الجانب من النقد هو أن الأسلوب الأدبي يختلف من كاتب لآخر، ويوجد كتاب يستخدمون بشكل مكثف جانب المشاعر والتفاصيل في أعمالهم الأدبية، وبهذا لا يمكن أن يحصر هذا النوع من الكتابة بالصوت النسائي، خصوصًا إذا علمنا أن هناك كاتبات تخصَّصن في مجالات بعيدة عن قضايا المرأة تمامًا كالكاتبة المُتخصِّصة في الأدب البوليسي «أجاثا كريستي»، وبهذا يبدوا أن تصنيف الأدب النسوي كأدب يرتبط بقضايا وهموم المرأة هو الأقرب للمنطق.
وبشكلٍ عام..سواء نُظر إلى الأدب النسائي على أنه أقرب للتقليد منه للإبداع، فإنه يبنغي أن تُكلَّل التجارب الفنية القيِّمة التي حققتها المرأة العربية حتى الآن، كما ينبغي دعمها من خلال التعريف بها، ونشرها للقراءة على مختلف المستويات أيًّا كان مُسمَّاها الأدبي؛ وبذلك فإننا نساهم بشكل كبير على تشجيع هذا النوع من الأدب؛ ليخلق تأثيره الإيجابي على مستوى وعي المرأة نفسها ووعي المجتمع.
على سبيل الخاتمة :
إن مصطلح الأدب النسوي الذي شاع في الغرب ينطلق من نظرة عنصرية يلغي كل جوانب إبداع المرأة ويحصرها فقط في مُحيط الأنوثة،رغم أن هذه الأنوثة هي جزء أصيل من ذات المرأة تضفي عليها بعضًا من الخصوصية في الكتابة،ولكنها ليست كلها ذات المرأة المبدعة، فذات المرأة المبدعة مثل الأرض تنبت كل الزروع وأنواع الزهور وعطورها المختلفة والمتنوعة في جمالها الأخَّاذ.
وليس هناك عيبٌ في أن تبدع المرأة بنفس وحس وجداني أنثوي لأن ذلك يمثل خصوصية تمتع فيها المرأة بخصوبة المشاعر وفقًا لفطرتها،بل إن نجاح الكاتبة في أن تبدع نصًا بمذاق أنثوي فياض بالدلالات والتجارب الإنسانية يضفي على تجربتها الأدبية صدقًا يمس القلوب والعقول معًا.
وأرجو..أن لا أكون قد جانبت الصواب..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حصريا.. مراسل #صباح_العربية مع السعفة الذهبية قبل أن تقدم لل


.. الممثل والمخرج الأمريكي كيفن كوستنر يعرض فيلمه -الأفق: ملحمة




.. مخرجا فيلم -رفعت عينى للسما- المشارك في -كان- يكشفان كواليس


.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا




.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ