الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نشأة المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان

سرود محمود شاكر
باحث في مجال حقوق الإنسان ومدرب معتمد دولي

(Surd Mahmooed Shakir)

2023 / 5 / 2
حقوق الانسان


كانت أول اشارة للمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان في عام 1946 عندما نظر بها "المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، أي قبل عامين من ظهور "الإعلان العالمي لحقوق الانسان، دون أن يشير هذا الإعلان إلى هذه المؤسسات الوطنية. وكرر المجلس الدعوة إلى الحكومات كي تنشئ هذه المؤسسات الوطنية الخاصة بحقوق الانسان.
ومن ثم جاء عام 1978، كمحطة ثانية، ففي هذا العام نظمت "لجنة حقوق الانسان" التابعة للأمم المتحدة وللمجلس الاقتصادي والاجتماعي حلقة بحثية نتج عنها مبادئ توجيهية أو ارشادات لأجل هيكل المؤسسات المؤسسات الوطنية وتنفيذ أعمالها. وان كلا من اللجنة والجمعية العامة قد أيدتا لاحقا هذه المبادئ التوجيهية، حيث دعت الجمعية العامة الدول لاتخاذ الخطوات المناسبة لإنشاء المؤسسات الوطنية، ذلك انها لم تكن قائمة بعد، وطلبت الجمعية العامة من الأمين العام تقديم تقرير مفصل حول المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان.
الخطوة الثالثة كانت عام 1991، حيث عقد في هذا العام أول حلقة عمل دولية خاصة بالمؤسسات الوطنية، وكانت أبرز النتائج الأساسية الوصول إلى المبادئ الأساسية المرتبطة بمركز المؤسسات الوطنية والمعروفة بمبادئ باريس.
اما الخطوة الرابعة فكانت في عام 1993، حيث عقد "المؤتمر العالمي لحقوق الانسان" في فيينا، وقد شكل هذا المؤتمر نقطة تحول كبرى ومهمة في حياة المؤسسات الوطنية، اذ أنه ولأول مرة تم الاعتراف رسميا بالمؤسسات الوطنية المتماشية مع مبادئ باريس بصفتها عناصر هامة وفاعلة وبناءة في حماية حقوق الانسان وتعزيزها..
ففي البند (36) من مقررات هذا المؤتمر تم التأكيد على الدور الهام والمفيد والبناء الذي يمكن ان تقوم به المؤسسات الوطنية في سبيل حماية حقوق الإنسان وتعزيزها، لا سيما بحكم ما تنجزه من مهام استشارية لدي السلطات الوطنية المختصة، ومن دورها في معالجة انتهاكات حقوق الإنسان كما ودورها في نشر المعلومات والبيانات عن حقوق الإنسان وأيضا التعليم في مجال حقوق الإنسان. وشجع "المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان" على إنشاء وتمتين المؤسسات الوطنية، مع مراعاة "المبادئ المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية" ومع الاعتراف بأن من حق كل دولة أن تقوم باختيار الإطار المناسب لاحتياجاتها الخاصة علي الصعيدالمحلي.
وعلى ذلك، فإن الخلاصة القانونية لماهية ونشأة ومهام المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان تكمن في أهم قرار أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة حول هذه المؤسسات والذي صادقت فيه على مبادئ عملها المعروفة بمبادئ باريس وهو القرار 48/134، فما هي أبرز مندرجات هذا القرار؟
هذا القرار وضع "المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان" في إطار ما أسماه بالترتيبات الوطنية الملائمة لتعزيز حقوق الانسان، هذا من جهة، ومن جهة ثانية اعتبر هذا القرار أن ضخ الوعي لدى الجمهور بأهمية حقوق الانسان يشكل أساساً غائياً لإنشاء المؤسسات الوطنية، وهذا من جهة ثانية. ومن جهة ثالثة نجد أن هذا القرار قد تبنى بشكل واضح المبادئ التوجيهية أو الارشادية التي وضعت عام 1978 كخارطة طريق عمل للمؤسسات الوطينة، وهذه مسألة مهمة. كما أن هذا القرار قد تبنى برنامج عمل فيينا وهذا البرنامد يعتبر أساس انطلاقة المؤسسات الوطنية وفق ما لاحظنا في البند 36 منه.
في واقع الأمر، ومن باب التعقيب والتحليل حول المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان، بحثنا في المراجع الفقهية المتعلقة بقضايا حقوق الانسان، لنقرأ القيمة القانونية للبنيان القانوني لنشأة هذه المؤسسات، لكن لم نعثر على دراسة وافية تبرز القيمتين القانونية والعلمية لهذه المؤسسات. وان هذا البحث كان له دوافعه وخلفياته على اعتبار ان منبت وجود المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان هو عمل تراكمي للجمعية العامة، ولم يكن لمجلس الأمن علاقة مباشرة او حتى علاقة غير مباشرة بولادة هذه المؤسسات، وهذا ما جعلنا نستنتج أن الدول غير مجبرة ربما على انشاء هذه المؤسسات، على اعتبار ان مجلس الامن لم يقدم مقاربة حول الموضوع. هذا الواقع القانوني يقود إلى نتيجة مهمة جداً وهي أن مبادرة الدولة إلى تأسيس المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان هي مباردة حرة تعكس توجهاً ملفتاً للدول باتجاه إعمال حقوق الانسان واحترامها وإنشاء الهيئات والكيانات التي تلعب دورها الريادي في النهضة بملفات حقوق الانسان.
وقد عكست الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الواقع فعملت على تعبئة الجهود من أجل انشاء المؤسسات الوطنية وناشدت الدول إلى اعتمادها، ويظهر ذلك من خلال روحية القرارات التي اتخذتها. ففي قرارها رقم 60/154، رحبت الجمعية العامة بزيادة عدد ادلول التي أنشأت مؤسسات جديدة او تنظر او تفكر في انشاء مثل هذه المؤسسات الوطنية، وأعربت عن ارتياحها لمساعي الدول في توفير اجواء الاستقلال لمؤسساتها الوطنية، وحثت الأمين العام للأمم المتحدة على مواصلته منح اولوية عليا لطلبات مقدمة من الدول من أجل الحصول على المساعدة بخصوص انشاء مؤسسات وطنية.
واستمرت الجمعية العامة بحشد الامكانيات المادية والمعنوية لإبراز أهمية هذه المؤسسات الوطنية، ففي القرار دخلت الجمعية العامة في تفاصيل دور المؤسات الوطية في عمل الهيئات التابعة لها والمتخصصة بحقوق الانسان وأعلنت عن الموقع الالكتروني التابع للأمم المتحدة والخاص بالمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان.
المصادر /
علي بدوي الشيخ، المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان في مملكة البحرين.
كتيب عن انشاء وتقوية المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان وحمايتها، صدر عن مركز الامم المتحدة لحقوق الانسان بجنيف، جامعة منيسوتا.
الأمم المتحدة، مكتب الأمم المتحدة، مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان، المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان – التاريخ والمبادئ والأدوار والمسؤوليات، نيويورك وجنيف 2010.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستشار الرئيس الفلسطيني: المخطط الإسرائيلي يتجاوز مسألة استع


.. مخيّمات المهاجرين في تونس: صفاقس.. -كاليه- التونسية؟ • فرانس




.. متظاهرون إسرائيليون يطالبون نتنياهو بإتمام صفقة الأسرى مع حم


.. حماس توافق على مقترح الهدنة المصري القطري.. وقف إطـ ـلاق الن




.. العالم الليلة | المسمار الأخير في نعش استعادة الأسرى.. أصوات