الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكارٌ خاصةٌ حَولَ مَعنَى الفَّنْ وأهميته..

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2023 / 5 / 3
الادب والفن


------------------------------------
كمَا علمتُ وفهمتْ ، فَإِن " اَلفَن " هُو مُصطَلَح وَاسِع جِدًّا ، يَصعُب على الفهم ، حَصر معناه فِي عِبارةٍ وَاحِدة ، أو وَضْع تعْريفًا واحدًا لَه ، يَكُون جامعًا مانعًا ، كمَا يَقُول المناطقة .
- لكن لَو ابتعَدنا قليلاً ، عن التَّعْريف الأكاديميِّ الشائع ، مِن أنَّ اَلفَن هُو ذاك المعْنى اَلذِي يُشير إِلى التَّعْبير الإبْداعيِّ لِوَعي مَا يَبحَث عن الجمَال والْمشاعر والْأفْكار مِن خِلَال الأشْكال والْألْوان والْأصْوات والْحركات والْأشْياء اَلأُخرى . .
- لَربما أمْكننا القوْل إِنَّ اَلفَن بِمخْتَلف مَظاهِره وأشكاله ، عدا عنْ أنّه منافسة حامية الوطيس بين جبروت الطبيعة و كينونة الانسان ..
هُو في زعمي - قَوْل جديد مفاجئ ، لِخبايَا تراكمات الوعْي اَلجمْعِي ،
أو هُو فِكْرَةٌ تمرد ، كانتْ حبيسة في أغوار النفس ، ثم تَحرّرَت مِن غَياهِب اللَّاوعْي ، و اسْتطاعتْ أن تَتَجسَّد أمام حواسنا ، عبر أثر عِيانيٍّ أو مادِّيٍّ ،
و من خلال أُسلُوب مَا..
بعيدًا عن سَطوَة أَغلَال الفكْر ، أو رقيب اَلمُقدس اَلحَي ، أو عن حُدُود ذاك التَنمِيط المألوف ، في أفهام الجماعة القارئة لَه .
- وَ الأثر اَلفَني في العموم - يَتَجلَّى لمداركنا فِي الواقع الموْضوعيِّ ، مِن خِلَال أَشكَال مُختلفَة ( مِثْل الرَّسْم والنَّحْتِ والْموسيقى والشِّعْر والْأَدب والسِّينمَا وَكذَلِك اَلفُنون الإلكْترونيَّة المتجدِّدة مُؤَخرا وُ..و إِلخ .
- كما إن الإنسان - ومنذ القدم - استخْدِم النَّشَاط الفنِّيُّ ، لِلتَّعْبير عن أَفانِين العواطف ، وخلجَات المشاعر ، و عمل من خلاله، على تصْوير مُجمَل الرُّؤى الفرْديَّة والْجماعيَّة ، بِآفاق غامضة أحياناً ، وبمفردات خاصة، تَتَجاوَز كلمات اَللغَة بِوصْفِهَا أَدَاة التَّفْكير . .
في زعمي الأقرب إلى نظرة الفيلسوف هيغل ، فإن النَّشَاط الفني الإنْسانيُّ ، اَلمُفعم بِالْخيالات والْأماني وتنوُّيعات الرُّؤى ، والسعي إلى بُلُوغ أَقصَى المسْتطاع في التعبير ، إنما هو إنعكاس هام لفهم ومعرفة مُستَوَى الرُّوح اَلكُلية لِلْجماعة أو لِأمَّة مَا أو مُجتَمَع مُعيَّن .
بالإضافة إلى اَلعدِيد مِن الأسْباب المخْتلفة ، اَلتِي تَجعَل من اَلفَن شأْنًا مُهمًّا جداً ، على مستوى حَياتِنا الفردية والاجتماعية ..
لدرجة يصحُ فيها القول أنّ
- الفن يهب حياتنا المعيشة شأناً ذا قيمة ، ويمنعها من تكون مجرّد غلطة عابرة ، أو أفهام تائهة في رحيب هذا الوجود ، على حدّ تعبير الفيلسوف " نيتشه" .
- الفن يُتيح لَنَا اَلفُرصة المثالية ، لِلتَّعْبير عن أَنفسِنا، بِطريقة إِبْداعيَّة،
- كما يَسمَح لَنَا بِالتَّعْبير عن مشاعرنَا وأفْكارنَا وَوجُهات نظرنَا ، بِطرق مبتكرة ، تساعدنَا فِي التَّواصل مع الآخرين، وتجعلنا ندرك قوة إِمْكاناتنَا البشريَّة المشتركة ، في تغيير أنفسنا والواقع الموضوعي من حولنا.
- الفن يُساعد فِي تَوسِيع مداركنا وإثراء وعْينَا ، لِلنَّظر فِي وُجهات نظر جَدِيدَة، - والتَّفْكير فِي مشاكل العالم مِن حوْلنَا بشكل محتلف ، وتقديم حلول غير مسبوقة، ناهيك عن فهْم بعض القضايَا المعقَّدة، عبر تنشيط الخيال الابداعي للذهن .
- للفن أهمية قصوى فِي تعزيز و تَشكِيل الهُويَّة الثَّقافيَّة للمجمتعات، إلا أنه له دورا هاماً في تَطوِير حس التَّعاطف والتفاعل مع الآخر المختلف ، بحيث يقلل من خطر التعصب ضد ثقافات وهويات الاخرين المختلفة ، وبالتالي يمنح بصيرة الانسان رؤْيةً أوضح ، وَتقدِيراً أدق ، لمواقفهم وتَجارِبهم و سبل فهْمهم المختلف لِلْعالم .
- لأن الفنون تعْمل - في تقديري - على تَعزِيز الفهْم والتَّواصل بَيْن البشر على اِختِلاف أطْيافهم وَصنُوف ثقافاتهم ، وَذلِك مِن خِلَال بث العواطف والْأفْكار اَلتِي تَنتَقِل عَبْر المنْجزات والْأعْمال الفنِّيَّة .من مسرح او موسيقى أو بناء أو أو الخ . الامر الذي سيجعل الإنسان يشعُر بِأنَّه أقلُّ عُزلَة اجتماعياً، و أكْثر اِرْتباطًا بِالحضارة الانسانية ككل .
- أخيراً مع تعدد وسائل الاتصال و نمو مناحي التكنولوجيا ، رأينا كيف أنّ الفنّ بات يَلعَب دوْرًا اِقْتصاديًّا واجْتماعيًّا مُهمًّا وبارزاً ، فقد مْكِن الفنَّانين والْمهْنيِّين المبْدعين مِن اِسْتخْدام مهاراتهم ومواهبهم، لِإنْشَاء مُنتجَات وابتكار خدْمَات فنية ذات قِيمة هائلة ، وبالتالي ، عملَ على إثْرَاء المجْتمعات بِكثير مِن المنافع والْمباهج ، مِن خِلَال ملكية وعرض و تبادل الأعْمال الفنِّيَّة العامَّة والْفعَّاليَّات الثَّقافيَّة .
قُصَارَى القوْل :
الفن - في رأي - يُعد جُزْءًا أَساسِياً مِن حَياتِنا ، و ما منْ شك لديّ ، أنّ أية جماعة انسانية راقية، ستكون محظوظة حتماً ، إن هي حظيت - كما يُقال - بنعمتين :
نعمة "فنّ الحب ، و نعمة " حب الفنْ . .
و كفى لِلْفنِّ مجْدًا وسؤْددًا ، أَنَّه يَمسَح عن الرُّوح الإنْسانيَّة، غُبَار الحيَاة اليوْميَّة ، ويمْنحهَا براحًا فريدًا مِن اَلحُرية والْخيال ، وطمأْنينة رهيفة ، لَيسَت تُعرَف سِوى فِي مَعارِج اَلآلِهة .
zakariakurdi








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل