الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إن الملوك إذا دخلوا قرية افسدوها...

محمد حمد

2023 / 5 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


وجعلوا اعِزّة اهلها اذلّة...وكذلك يفعلون (من سورة النمل)

لا اظنّ، وبعض الظن اثم، ان الآية القرآنية عنوان مقالي هذا، تنطبق على ملوك بريطانيا. رغم كونهم، مع حكوماتهم طبعا، أكثر ملوك الدنيا فسادا وافسادا. وعاثوا في ارض مستغمراتهم السابقة خرابا ودمارا وفوضى، ما زالت شعوب كثيرة، كالشعب الفلسطيني مثلا، تعاني من آثارها المدمرة. وتاريخ بريطانيا الاستعماري حافل بصفحات بعضها سوداء داكنة وبعضها حمراء بلون الدم. وما زالوا، بعد افول نجم امبراطوريتهم العظمى، يمارسون انواعا مختلفة من عمليات التخدير"الاعلامي" والتنويم المغناطيسي التلفزيوني مع شعبهم، ويبيعون أحلام العظمة والامجاد على الشعوب الأخرى.
وكما هي العادة في يوم تشارلز هذا، سنجد أنفسنا، شاء من شاء وإبى من ابى، "مرغمين" بسبب القصف الاعلامي المركز، على متابعة حفل تتويج ملك بريطانيا.
فقد بدأت، ومنذ فترة طويلة، الاستعدادات في بريطانيا وعلى قدم وساق لجعل حفل تتويج ملكها، والذي يصادف يوم ٦ آيار الجاري. حدثا " تاريخيا" يليق بامبراطورية كانت في يوم ما عظمى ! لكن ثمة توقعات كما نشرت بعض الصحف البريطانية تشير الى امكانية تخفيض كلفة هذا "الحدث التاريخي" مقارنة بمناسبات مماثلة جرت في الماضي. ليس لأن الملك تشارلز الثالث، كما هو معروف عنه "فقير الحال" (تقدر ثروته الشخصية ب 600 مليون جنيه استرليني، اي أكثر من 750 مليون دولار) بل لان أوضاع المملكة الاقتصادية ليست على ما يرام. فتكاليف المعيشة ازدادت كثيرا وان الكثير من البريطانيين يعانون من وضع اقتصادي متردي جدا. ومع ذلك يبقى الشيء الأهم وهو "صور ة وسمعة" المملكة المتحدة في العالم. ومها كلف الامر. فالعوائل المالكة لا تفوف اية فرصة أو مناسبة لجعلها حدث اعلامي كبير يسحر أبصار وقلوب المعجبين بهذه المتاسبات. وما أكثرهم.
لم اجد إشارة واحدة لا في الكتب السماوية ولا في القوانين البشرية تمنح عائلة واحدة فقط الحق المطلق في البقاء في السلطة وحكم البلاد والعباد لمئات السنين. مع كل ما يتبع هذا " البقاء" في السلطة من امتيازات وثروات طائلة يصعب حصرها أو حتى توثيقها. وملك بريطانيا، كما جرت الاعراف الملكية، ليس ملزما بالافصاح عن ثرواته الشخصية. وكل الارقام التي تنشر حول هذا الموضوع هي مجرد تخمينات وتقديرات صحفية.
تشير بعض الصحف البريطانية إلى أن كلفة حفل تتويج الملك قد تصل إلى مليون جنيه استرليني، حوالي (125 مليون دولار) وهذا المبلغ الكبير من أجل يوم واحد من العظمة المنفلتة من عقالها او من تاجها الملكي. وكل هذا البذخ والاسراف والتبذير من اجل شخص لا يملك امتيازات أو مؤهلات استثنائية قلّ نظيرها. ولم يأتِ (بما لم تستطعه الاوائلُ) وكل ما في الأمر أنه "ملك" ورث العرش قبل أن يولد !
ومع ذلك، ثمة من يجد سببا مقنعا للتفاؤل. وهم العارفون بشؤون وتفاصيل المناسبات والأحداث الكبرى. وبما أن حفل تتويج الملك يعتبر "عيدا وطنيا" للأمة منذ الف عام تقريبا فإنه بالنتيجة سيكون مناسبة ثمينة لإنعاش الاقتصاد البريطاني الذي يعاني من الركود، ولو ليوم واحد. تقول الارقام التي نشرت في الصحافة البريطانية كامثلة على النشاط الاقتصادى بشكل عام في يوم التتويج: سيتم استهلاك ثلاثين مليون لتر من الحعة. إضافة إلى المشروبات الاخرى. زيادة في معدلات السفر الجوي من فبل ضيوف وسواح ومدعووين، خصوصا من امريكا. حقوق نقل وبث وبيع مراسيم الحفل إلى الخارج، والذي سيستمر لعدة ساعات. كما ستكون الفنادق والهوتيلات والمطاعم والبارات في أوج نشاط لها. وحسب تقديرات وتخمينات المختصين في حركة السوق والنشاط الاقتصادي فإن يوم تتويج الملك تشارلز الثالث، سيجلب للاقتصاد الإنكليزي حوالي واحد وسبعين مليون جنيه استرليني في نهاية الأسبوع، اي ما يعادل أكثر من ٨٩ مليون دولار. والحبل عالجرار.
سؤال من صلب الموضوع: هل يعرف احدكم حجم الثروة الشخصية للملوك العرب؟ طبعا لا ! ولهذا سوف نستمر في القول : " أن الملوك إذا دخلوا قرية افسدوها. وجعلوا اعِزّة أهلها اذ فيلّة...وكذاك يفعلون".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة