الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات على مشروع وثيقة توافقات وطنية للمعارضة السورية

مازن كم الماز

2023 / 5 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


أصدر الوثيقة مركز حرمون بمعية 186 من "السوريين المؤمنين بسوريا حرة مستقلة ديمقراطية حديثة" , "من مختلف الاختصاصات و الانتماءات" تهدف الورقة إلى وضع "قواعد دستورية يتوافق عليها السوريون و يعطونها حصانة استثنائية ضد التعديل أو التغيير" ، هذه "القواعد الدستورية المحصنة أو ما يعرف عالميًا بالمبادئ فوق الدستورية" , يفترض أن تعالج هذه القواعد "المسائل الخلافية الكبرى بين الجماعات السورية و تعالج مخاوفها و هواجسها المختلفة بشأن حقوقها و حرياتها و مستقبلها" إننا أمام مجموعة من البشر ، من السوريين ، تمنح نفسها وضعًا استثنائيًا ، الحق في أن تحدد للآخرين قواعد لا يحق لهم مناقشتها أو نقدها أو تغييرها … يأتي هذا من أشخاص ينتقدون النظام الأسدي لمصادرته الحياة السياسية و حريات الناس و حقوقها لينتهوا هم أيضًا إلى فرض وصايتهم الخاصة على السوريين و على حقهم في الاختلاف و الاختيار و حتى النقاش عندما يتعلق الأمر بأهم المبادئ و القواعد التي يفترض أن تقوم عليها حياتهم … و تشتمل هذه "القواعد الدستورية أو المبادئ فوق الدستورية" على أغلب ما هو سائد و رائج اليوم في التداول السياسي العالمي كما السوري النخبوي : سيادة القانون ، الفصل بين السلطات ، استقلال القضاء ، اجتثاث شأفة الطائفية الخ ، أما كيف سيمكن تحقيق كل هذا فهذا سؤال يبقى عمليًا بلا جواب شافي … ترى هذه المجموعة أن "سيادة القانون ( ستكون ) حجر الأساس في بناء الدولة السورية الحديثة ، دولة القانون و العدالة و الحقوق و المواطنة و المؤسسات" ، أما ما هي الطريقة لفرض سيادة القانون خاصة على من يملك وسائل العنف و يحتكرها في مناطق نفوذه و سيطرته فهي كالتالي : "نص دستوري" , "قواعد فوق دستورية محصنة" , "تشريعات مفصلة" , "تحديد دور و وظائف مؤسستي الأمن و الجيش" … نفس الكلام سيتكرر عند الحديث عن فصل السلطات ، استقلال القضاء الخ ، و كأن رفع الشعار لوحده يكفي لكي يصبح واقعًا… الحقيقة هنا أن قوى الأمر الواقع المسيطرة في سوريا بدءًا بالنظام إلى قسد وصولًا إلى هيئة تحرير الشام و الجيش الوطني المرتبط بتركيا لا تزعم أبدًا أنها ضد أي من هذه الشعارات و تردد أنها تلتزم في مناطق سيطرتها باستقلال القضاء و سيادة القانون الخ الخ دون أن يعني ذلك شيئًا على أرض الواقع … إننا أمام مشروع معلق في الهواء لا يرتكز على أية أرضية و هو يهرب إلى الأمام عبر اقتراح قواعد فوق دستورية لن تكون أكثر من مجرد شعارات يمكن لأية قوة مسيطرة على الأرض أن تنتهكها و تضرب بها عرض الحائط بينما يمكنها أن تزعم أنها تحترمها و تخضع لها… و لا تتوقف هذه النزعة النخبوية الفوقية المهيمنة على الوثيقة هنا ، فما يسميه هؤلاء قواعد دستورية تمنح "الدولة" صلاحيات خاصة جدًا و استثنائية في تطبيق و تنفيذ هذه القواعد و تضعها في مركز سوريا "الحرة المستقلة الديمقراطية و الحديثة" فالدولة هي التي ستقوم بتبني شرعة حقوق الإنسان العالمية و تكرسها دستوريًا و قانونيًا و هي التي ستعالج مسألة تعارض بعض هذه الحقوق مع ثقافة المجتمع و قيمه السائدة أو مع بعض العادات و التقاليد ، و هي المسؤولة عن إقناع الناس بها ، المقصود هنا بالناس السوريين المحكومين ، و هي التي ستقوم بنشر الوعي بين السوريين عن نمط الحكم الأمثل و عن أخطار الطائفية و مآلاتها الكارثية على الوطن و الوعي بقيم المواطنة و النموذج الاقتصادي الاجتماعي الذي اختاره واضعو الوثيقة "يحتاج أيضًا إلى دولة ذكية" إننا أمام مشروع دولتي فوقي بامتياز يمنح الدولة و نخبتها الحاكمة نفس صلاحيات و "مهام" ديكتاتورية البروليتاريا في الماركسية الستالينية و الدولة الامبراطورية في الفكر السياسي الإسلامي و القومي الشوفيني … و ما عدا بعض السطور عن المجتمع المدني و عن نظام اقتصادي مبهم أشبه باقتصاد السوق الاجتماعي الذي تحدث عنه النظام نفسه منذ التسعينيات و الذي يشكل سياسته الاقتصادية المعلنة منذ 2005 ، و عن دور التعليم في إنجاز كل هذه المهام المفترضة فإننا نقف بالكامل أمام مشروع دولتي يؤسس لذاته على أساس إيديولوجي بحت ، شعاراتي ، مستوحى من الفكر السائد أو المهيمن عالميًا ، دون أية نقطة ارتكاز واقعية أو فعلية سوى مؤسسات الدولة و وظائفها القمعية أو القائمة على القسر و الإكراه … هذا يعكس في الواقع القصور العميق الذي بدا عجزًا في فكر الجزء الأكبر من المعارضة السورية التي كانت تصف نفسها بالديموقراطية قبل 2011 ، بل في مجمل مشروعها الذي لا يستند إلى قراءة تاريخانية ، حسب مصطلح عبد الله العروي ، أو اجتماعية عن النظام الديمقراطي و خلفياته الاجتماعية و أزماته المتفاقمة و النقد الهام ، خاصة اليساري ، لأطروحاته و ممارساته

نص الوثيقة
https://www.harmoon.org/dialogues/%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d9%88%d8%ab%d9%8a%d9%82%d8%a9-%d8%aa%d9%88%d8%a7%d9%81%d9%82%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%b7%d9%86%d9%8a%d8%a9/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط