الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في عيدهم، عمال مصر يواجهون النهب والإفقار والاستبداد.. الاشتراكية طريقنا للتحرر، وشعارنا العمال قبل الأرباح

محمد محروس

2023 / 5 / 4
ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة




في الأول من مايو من كل عام، يحتفل العالم بعيد العمال، وهو يوم يخصص للاحتفاء بإنجازات الطبقة العاملة والدفاع عن حقوقها، ولكن هل يشعر العمال في مصر بالفخر والكرامة في هذا اليوم؟ أم أنهم يعانون من الظلم والاستغلال والفقر؟

والإجابة لا تحتاج على تفكير عميق، فالرأسمالية وهي النظام الإقتصادي السائد في مصر، تقوم على استنزاف قوى العمل وترسخ علاقات التبعية والهيمنة، والأهم أنها تقوم بتسليع كل شيء حتى الإنسان ذاته قيمته تتحدد بمقدار ما يمتلك.

ولكن كيف تحول العمل إلى سلعة في النظام الرأسمالي؟
يشير علماء الاقتصاد، إلى أن كل سلعة لها قيمتان: قيمة استخدامية، وهي قدرة السلعة على تلبية حاجة ما، وقيمة تبادلية، وهي قدرة السلعة على التبادل مقابل سلع أخرى. كارل ماركس يرى أن قيمة التبادل لأي سلعة تحددها كمية العمل في المجتمع، وهذا يعني أن السلع التي تستغرق وقتًا أطول في إنتاجها تكون أغلى من السلع التي تستغرق وقتًا أقصر وهذا يؤدي إلى ظاهرة تسمى “زائد القيمة”، وهي فرق بين قيمة السلعة التي ينتجها العامل، والأجر الذي يحصل عليه من رب عمله. يقول ماركس: “زائد القيمة هو أصل رأس المال”.

ولأننا في نظام رأسمالي تهيمن عليه البرجوازية العسكرية والبيروقراطية والخاصة، يسعى أصحاب رأس المال إلى زيادة فائض القيمة بشتى الطرق، سواء بخفض أجور العمال، أو زيادة ساعات عملهم، أو استخدام تكنولوجية جديدة تزيد من إنتاجية العمل، وهذا يؤدي إلى تراكم الثروة في أيدي القلة، وإفقار الجماهير. يقول ماركس: “الرأسمالية هي نظام يحول الثروة إلى فقر، والعمل إلى مصدر للبؤس”.

ولكن كيف تؤثر سياسات النظام المنحازة الى الرأسماليين على العمال؟
على سبيل المثال لا الحصر، يتبنى النظام سياسة تخفيض قيمة العملة (التعويم) وهو من أهم شروط صندوق النقد الدولي لحصوله على قرض.. فماذا يعنى تخفيض قيمة العملة؟

العملة المحلية هي وسيلة التبادل التجاري بين المواطنين مما يعنى أن تخفيض قيمة العملة هو تخفيض مباشر في القيمة الشرائية لأجور العمال، ومن ناحية أخرى يقدم النظام المصري عمالة رخيصة للمستثمرين، وكذلك تبني الحكومة لسياسة خصخصة الشركات والخدمات العامة، وتقليص حقوق العمال، وهو ما تجلى مؤخرا في وثيقة سياسة ملكية الدولة، بعد أن قبلت الحكومة بشروط صندوق النقد الدولي لإقراضها قروض منذ عام 2016، فبالإضافة إلى تعويم الجنيه المصري، اتخذت حكومة مصر عدة إجراءات لتطبيق برنامج التقشف على العمال، مثل زيادة أسعار الوقود والكهرباء والماء والنقل، وفرض ضرائب جديدة على السلع والخدمات، وخفض دعم الخبز والسلع التموينية، وتجميد أجور الموظفين العاملين، وإلغاء بعض المزايا والحوافز لهم.

وكانت نتائج هذه السياسات كارثية على الاقتصاد المصري، وخاصة للطبقة العاملة. فبسبب تعويم الجنيه، ارتفع معدل التضخم في مصر من 10.7% في 2016 إلى 29.5% في 2017، ثم إلى نحو 40 بالمئة العام الجاري وهذا في المرحلة الاولى من سياسات صندوق النقد الدولي وهذا يعني أن قوة الشراء انخفضت بشكل كبير، وأن مستوى المعيشة تراجع بشكل ملحوظ، وبسبب زيادة الضرائب وخفض الدعم، ارتفعت تكاليف السلع والخدمات الأساسية، مثل الغذاء والصحة والتعليم، وأصبحت خارج متناول الكثير من الأسر، كما تسببت خصخصة الشركات والخدمات العامة، بتقلص عدد فرص العمل المتاحة، وانخفاض جودة الخدمات المقدمة، وبسبب تقليص حقوق العمال، تزايدت حالات الفصل التعسفي، والتأخير في صرف الأجور، والانتهاكات للقوانين العمالية.

كيف يمكن للعمال مقاومة سياسات صندوق النقد الدولي؟
في ظل هذه الظروف المزرية، والقبضة الأمنية، يواجه العمال في مصر تحديًا كبيرًا للدفاع عن حقوقهم ومطالبهم ولكن هذا لا يعني أنهم عاجزون أو مستسلمون. فقد شهدت مصر في السنوات الأخيرة عدة حركات احتجاجية ونضالية من قبل العمال في مختلف القطاعات، مثل النسيج والحديد والصلب والنقل والتعليم والصحة. وقد استخدم العمال أشكالًا مختلفة للتعبير عن رفضهم لسياسات النقد الدولي، مثل التظاهرات والإضرابات والوقفات الاحتجاجية. وقد تمكن العمال في بعض الأحيان من تحقيق بعض المكاسب والتنازلات من قبل السلطات، مثل زيادة الحد الأدنى للأجور. وقد شهدت مصر منذ عام 2017 حتى الآن عشرات الإضرابات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية في مختلف القطاعات والمؤسسات، رغم قمع السلطات لهذه التحركات وملاحقة المنظمين والمشاركين فيها.

تعود أسباب الاحتجاجات العمالية في مصر إلى عدة عوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية، من أهمها:
انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، وارتفاع معدل التضخم، وزيادة أسعار المواد الغذائية والخدمات والوقود، مما أثر سلبًا على قدرة العمال على تغطية احتياجاتهم الأساسية.

تجميد أو تخفيض أو تأخير صرف الرواتب والأجور والحوافز والبدلات للعاملين في القطاع العام والخاص، بحجة التقشف والإصلاحات الاقتصادية التي تطبقها الحكومة بدعم من صندوق النقد الدولي.

تدهور ظروف العمل وانعدام ضمانات الأمان والصحة المهنية، خاصة في المصانع وورش التشغيل، مما يزيد من خطر التعرض للإصابات أو المرض أو حتى الموت.

انتهاك حقوق العمال في التنظيم والتوظيف والإجازات والتأمينات، وفرض سياسة التشغيل المؤقت.

مطالب الاحتجاجات
تتلخص مطالب الاحتجاجات العمالية في مصر في النقاط التالية:

زيادة الحد الأدنى للأجور وربطه بمعدل التضخم وسعر الدولار، وتحسين المعاشات والمزايا الاجتماعية للعمال المتقاعدين.

صرف المستحقات المالية المتأخرة للعمال، وإلغاء أو تخفيض الخصومات والغرامات التي تفرض عليهم بشكل غير قانوني أو عشوائي.

تحسين ظروف العمل وتوفير مستلزمات الأمان والصحة المهنية، والحد من ساعات العمل الإضافية والقسرية، وتعويض العمال المصابين أو ذوي المتوفين جراء حوادث العمل.

احترام حقوق العمال في التنظيم والتوظيف والإجازات والتأمينات، وإلغاء سياسة التشغيل المؤقت، وتثبيت العمالة المؤقتة في وظائف دائمة.

تشكيل نقابات حرة وديمقراطية تمثل مصالح العمال، وإنهاء التدخلات الحكومية في شؤون النقابات، وإلغاء قانون التأمينات الاجتماعية رقم 148 لسنة 2019، وإصدار قانون عمل جديد يحفظ كرامة العامل.

نتائج الاحتجاجات
أسفرت الاحتجاجات العمالية في مصر عن بعض النتائج، منها إيجابية ومنها سلبية، من أهمها:

تحقيق بعض المطالب المادية لبعض فئات العمال، مثل زيادة بدل المواصلات أو صرف بدل نهاية خدمة أو تثبيت بعض العاملين المؤقتين.

تسليط الضوء على مشكلات وظروف العاملين في مختلف القطاعات، وإبراز دورهم في دعم اقتصاد البلاد وخدمة المجتمع.

تكوين شبكات تضامنية بين مختلف فئات وطبقات العاملين، وزيادة التواصل والتنسيق بينهم لدفع مطالبهم المشتركة.

غير أن النتائج السلبية كانت كما يلى:
تعرض الكثير من المحتجين للاعتقال أو التحقيق أو التهديد أو الترويع أو التشهير أو التسريح من قبل السلطات أو أصحاب العمل.

ولكن المكاسب لا تزال محدودة ومؤقتة، وحتى ولو حقق العمال مكاسب أكبر، وهو أمر مهم بالتأكيد، فإن ذلك لن يغير من جوهر النظام الرأسمالي الذي يستغل العمال ويهضم حقوقهم. فالرأسمالية هي نظام يعتمد على المنافسة والربح، ولا يهتم بالعدالة الاجتماعية أو التضامن الإنساني. ولذلك، فإن العمال بحاجة إلى رؤية أوسع وأشمل لتغيير وضعهم، وهي رؤية تستند إلى أن العمال هم القوة الإبداعية في المجتمع، وأنهم يستطيعون تغيير التاريخ بفضل قدرتهم على التنظيم والتحرك، ويحتاجون كذلك إلى انتزاع تنظيماتهم النقابية المستقلة، وبناء حزبهم الذي يدافع عن مصالحهم المشتركة سواء اقتصادية واجتماعية أو سياسية ويعبر عن نضالاتهم حزب يضم طلائع الفئات المضطهدة الأخرى. إن العمال لديهم مصلحة مشتركة في إنهاء نظام الرأسمالية، وإقامة نظام اشتراكي يضع احتياجات الإنسان فوق الأرباح. وهم في نضالهم على لقمة العيش يستطيعون كسر الاستبداد وانتزاع الديمقراطية لصالح المجتمع كله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس