الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


3 ماي اليوم العالمي للصحافة وحرية التعبير..

زهرة بن عبدالله

2023 / 5 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


أقرت الامم المتحدة في ميثاقها بالحق في حرية الفكر والنشر والتعبير :
"لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الٱراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الٱخرين بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود." المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان..
وقد اعتُمد اليوم العالمي للصحافة يوم 3ماي انطلاقا من سنة 1991 كيوم عالمي لحرية التعبير ورصد الانتهاكات التي تتعرض لها الصحافة في العالم..
ونظرا لما تشهده الساحة الإقليمية والدولية من تغيرات كبيرة بعد ما اصطلح عليه ب" الربيع العربي" ثم جائحة كورونا وأخيرا الحرب الروسية الأوكرانية وما خلفتها من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية حادة واضحة وجليّة..
كيف انعكست هذه الأزمات على الحريات والحقوق في العالم ؟ وهل تمّ التقهقر والتضييق أم تدعّمت وترسّخت بمكاسب جديدة؟
وللبحث في موضوع الحريات أخذت أمثلة من عوالم مختلفة..
1_ المثال الأول :العالم الغربي فرنسا مثالا
يعتبر العالم الغربي المنتج الحقيقي لمثل هذه المفاهيم منذ عصر التنوير( القرن 18) إلى اليوم، ما أنتجه من مفكرين وفلاسفة أثرت الفكر الإنساني لذلك أطلِق عليه عصر" النهضة الإنسانية" بداية مما تركه ابن رشد من إرث ساهم في تقدم النقد العقلاني في أوروبا،مرورا بنيوتن وبالشك الديكارتي وفلسفة سبينوزا الراديكالية وفصله بين الأخلاق واللاهوت، اما مونتسكيو فقد أعطى أسس النظام الديمقراطي القائم على الفصل بين السلطات، والتي اثّرت على العديد من الساحات خاصة امريكا، وروسيا حين استقبل ملكها فريديريك العظيم في النصف الثاني من القرن 18 فولتير في قصره وٱواه بعد ان سجن وعومل معاملة سيئة في فرنسا قائلا:" وظيفتي الاساسية هي محاربة الجهل وتنوير العقول وغرس الاخلاق وإسعاد الشعب بالقدر الذي يلائم الطبيعة البشرية وبما تسمح به الوسائل المتاحة لي."
هذا العالم الذي شهد الثورة الفرنسية سنة 1789 وما احدثته من ثورة ثقافية، بما فيها من حقوق وحريات نراه اليوم يشهد تحولات واضطرابات ..كيف ذلك؟
هذه الأزمات خلّفت مثلا منعا للقنوات الروسية في بعض الدول الاوروبية جراء الحرب كما تم منع تدريس الادب الروسي في الجامعات الإيطالية ، خلفت ايضا تقييدا على حرية التنقل ، على سبيل الذكر لا الحصر تسعى اوروبا جاهدة لمنع الهجرة قانونية كانت او غيرها بكل الطرق والوسائل، بل تدفع إلى توطينهم في دول الضفة الجنوبية حتى لا يصلوا إليها ويشكلوا عبءا على اقتصادها مع تفاقم مشاكلها الداخلية، والحال أن المسؤول على تفقير دولهم هي تلك الدول الاستعمارية وما مارسته وتمارسه من استنزاف لثرواتهم بالاتفاقيات المكبلة والتي لا زالت عائقا لدول الجنوب نحو النهوض والتقدم..
تشهد فرنسا منذ فترة ليست بالقصيرة احتجاجات كبرى بدءا بالسترات البيضاء وانتهاء بقانون التقاعد الذي فرض غصبا وضربت الديمقراطية عرض الحائط ،واستُعمل الأمن الجمهوري ذراعا عسكرية للسلطة للتنكيل والاعتقال شمل الصحفيين والصحافيات والفرنسيين عموما بعد ان عمت المظاهرات كل المدن الفرنسية..
فعن اي حريات وديمقراطيات يتحدثون إذا ما وضعت مصالح الطبقات الحاكمة في الميزان؟
2_ المثال الثاني: تركيا
يعتبر العديد من المتابعين للشأن التركي أن تركيا هي المثال الحي لازدواج الحكم :علماني بواجهة سياسية إسلاموية..كما هو معلوم اعتمدت على نظام برلماني إلى حدود 2017 والاستفتاء على النظام الرئاسي الذي اعطى الرئيس صلاحيات كبرى وتتهمه المعارضة بسنّ سياسات اسلاموية، ومنها قانون إلغاء حظر الحجاب سنة 2013، تقوض السياسات "الكمالية" نسبة إلى كمال أتاتورك مؤسس الدولة التركية، كما أضرّ بحرية الصحافة وخاصة بعد انقلاب جماعة عبدالله غولن الفاشل وما انجرّ عنه من إغلاق ل 180 وسيلة إعلامية واعتقال ثلث الصحفيين والعاملين في المجال الإعلامي تقريبا حسب تقرير "لأمنستي"..
وفي نفس الإطار ،إطار الحقوق والحريات وقع الزج بأعضاء فرقة " يوروم" في السجون ..هذه الفرقة التي تأسست سنة 1985 على ايدي أربعة شباب جامعيين هواة التزموا بقضايا المستضعفين وقاوموا الرأسمالية والأصولية منتهجين الفكر اليساري..أقامت هذه الفرقة حفلا سنة 2010 في ستاد إينونو بمناسبة الذكرى 25 لتأسيسها فحضره حوالي 60 ألف متفرج، وفي سنة 2015 تجاوز عدد الحاضرين في حفلتها بمدينة ازمير المليون متفرج..وبعد "احداث جيزي بارك" أقامت الفرقة حفلا تميز بالأغاني الثورية والشعارات المناهضة للسلطة فوقع اعتقال أعضائها سنة 2019 ،وفي السجن قررت المغنية " هيلين بوليك" والعازف " ابراهيم جوكجيك" خوض إضراب جوع مفتوح انتهى باستشهادهما سنة 2020 خارج السجن نتيجة مواصلتهما الاضراب وفاء لما تقدم من مطالب لم تتحقق..
وهذا دليل ٱخر على أن الأزمة الأخلاقية التي يعيشها النظام الراسمالي عميقة ومستفحلة حتى وإن تلحف بواجهة إسلاموية..
3_المثال الثالث: الاراضي المحتلة
يزدحم المشهد في الاراضي المحتلة بين قنوات تلفزية وصحف كبيرة مثل : هٱرتس" و" يدعوت أحرونوت" و" إس.را.ئيل اليوم" ويعطي انطباعا على أن طبيعة هذا النظام هو نظام ديمقراطي على الطريقة الغربية حيث حرية التعبير وإبداء الراي والنشر والفكر..غير ان الواقع يشي بغير ذلك إذا علمنا أن جل الوسائل الإعلامية داخل الكيان أو التابعة للسلطة الفلسطينية خاضعة لرقابة المؤسسة العسكرية..وفي هذا السياق أدانت "مراسلون بلا حدود" على لسان مدير مكتبها بالشرق الأوسط جوناثان داغر ما تمارسه السلطات الاس.را.ئي.لية بحق الإعلام الفلسطيني..من ذلك إغلاق قناتين تابعتين للسلطة الفلسطينية بالقدس الشرقية وشركة الإنتاج" مارسيل" التي تعمل معهما، واقتيد الصحفيون الى التحقيق..

صنفت منظمة مراسلون بلا حدود الكيان في المرتبة 97 من ضمن 180 بلدا ..
ووفق المصادر الفلسطينية ( المكتب الإعلامي الحكومي) سُجل في الثلث الأول لسنة 2023: 96 منعا من التغطية و19 صحفيا معتقلا بسجون الاحتلال و63 إصابة و9 اقتحامات لصحفيين و41 إبعادا..دون أن ننسى استشهاد الصحفية شيرين أبوعاقلة وزميلتها سنة 2022..
فعن أي صحافة حرة نتحدث في مجتمع احتلالي يغتصب الحرية ؟
4_ المثال الرابع: الدول العربية
إن المتمعن في طبيعة أنظمتنا من المحيط إلى الخليج ، لن يجد فوارق كبرى بين نظام وٱخر وبين بلد وٱخر في اتجاه حرية التعبير والصحافة ، سواء مرت به رياح " الربيع العربي" أو لم تمر..
لا زالت أنظمتنا تتأرجح بين الصوت الواحد المرسوم بدقة لصالح الديكتاتوريات ومنظوماتها التي تحكم منذ زمن طويل ، وبين أنظمة جُلبت إليها الحريات الليبيرالية منذ غزو العراق سنة 2003 مرورا بالربيع العربي الذي رفع شعارات الحريات السياسية والفكرية تحديدا في أواخر سنة 2010 ..بطريقة أو بأخرى لم تكن الحريات منتجا عربيا خالصا رغم ما قدمته العديد من الفئات من تضحيات ونضال.. فهذه الديمقراطيات الناشئة تبدو عليلة ومخترقة لأنها لم تترافق مع عدالة اجتماعية بل بقي الحال على ما هو عليه من ميز طبقي وحيف اجتماعي بل ازداد الفقر وتوسع الجوع وانحدرت الطبقة المتوسطة وهي الضامنة لتوازن المجتمع اكثر واكثر..
تونس مثالا: مهد الربيع العربي أو ثورة الياسمين كما أسماها الغرب مهللا لها وموحيا باحتذاء تجربتها فيما سنشهده بعد ذلك من انهيار لقطع الدومينو..
التغيير الذي وقع في رأس النظام وإن أحدث تغييرا سياسيا فإنه لم يحدث حقيقة تغييرا لا اقتصاديا ولا اجتماعيا ولا فكريا أساسا ، بل هو من باب الجراحات التجميلية والحريات التي لا تزعزع مصالح الطبقات والعائلات المكونة للمنظومة المهيمنة ..لذلك رأينا منذ المجلس التأسيسي 2011 وكل المحطات الانتخابية وأثناء صياغة دستور 2014 ، تطرح قضايا خلنا أنها منتهية مثل حقوق المرأة ودين الدولة والمثلية الخ..مما يمكن اعتباره توجيها وتحديدا للمواضيع والمحتويات المسموح بطرحها والتداول فيها دون غيرها، وهذا أيضا يعتبر من باب التضييق..رأينا أيضا بعض الحملات والاعتصامات مثل حملة " اكبس" التي نظمها الإخوان سنة 2012 أمام مؤسسة الإذاعة والتلفزة لإخضاعها، ورأينا أيضا الحملة ضد قناة خاصة وتقديم صاحبها إلى القضاء بدعوى عرض فيلم "پرسي پوليس" المخالف لمعاييرهم..

" حرية الراي والفكر والتعبير والإعلام والنشر مضمونة .لا يجوز ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات" الفصل 37 من الدستور
" تضمن الدولة الحق في الإعلام والحق في النفاذ إلى المعلومة .تسعى الدولة الى ضمان الحق في النفاذ الى شبكات التواصل" الفصل 38 من الدستور

اليوم وبعد انتفاضة 17 ديسمبر التي لم تستكمل مهماتها ، ومع تنصيص الدستور على مبدإ حرية التعبير تعلو بعض الاصوات رفضا للتضييق والخروقات..

مع ما وصلته الإنسانية من تقدم علمي وتكنولوجي وانفتاح وعولمة حيث فتحت شبكات التواصل نوافذ وٱفاقا أذابت الحواجز والحدود وجعلت المعلومة في متناول الجميع في شرق الكرة الأرضية وغربها شمالها وجنوبها ، أصبح من الصعوبة بمكان المنع والتحجير والحجب حتى وإن صاحبتها الرقابة ورافقها التضييق..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جهود مصرية لتحقيق الهدنة ووقف التصعيد في رفح الفلسطينية | #م


.. فصائل فلسطينية تؤكد رفضها لفرض أي وصاية على معبر رفح




.. دمار واسع في أغلب مدن غزة بعد 7 أشهر من الحرب


.. مخصصة لغوث أهالي غزة.. إبحار سفينة تركية قطرية من ميناء مرسي




.. الجيش الإسرائيلي يستهدف الطوابق العلوية للمباني السكنية بمدي