الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول مفاوضات جدة لوقف الاقتتال فى السودان

عبير سويكت

2023 / 5 / 7
الارهاب, الحرب والسلام


عبير المجمر(سويكت)

المبادرة الأمريكية السعودية وجدت قبول من الجيش السوداني الهادف لضمان إستمرارية الهدنة، تأمين الممرات الآمنة للإغاثة الإنسانية، وقف إطلاق النار، ثلاثة أركان مثلثة لا ركن رابع لها، بينما القوى الحزبية القحتية رحبت بكل سرور بهذه المبادرة، بل و دعا احد أحزابها لممارسة المزيد من الضغوط على الجيش، معتقدةً ان الجلوس مع الدعم السريع لمفاوضات يعنى نجاح مخططها الاستراتيجي فى إشعال حرب عبثية عبر جناحها العسكري الدعم السريع المتمرد لفرض تسوية سياسية تأتي بها للسلطة ، متسلله عبر الدعم السريع، فى الوقت الذى أستمر فيه قائد الدعم السريع فى إدعاء ان هدفه التحول المدنى و الديمقراطية ، تلك الديمقراطية التى عاشها السودان ثلاث مرات فى تاريخه قبل ظهور حميدتى الحديث فى الوسط السودانى، و لا يعرف السودانيين سبيلًا للديمقراطية غير قنواتها الرئيسية المتمثلة فى صناديق الانتخابات، و ليس عبر الدبابات و المدافع، و ارتكاب جرائم حرب فى المدنيين، فلا مدنية من غير المدنيين الذى تقتلهم ذخائر الدعم السريع على رأس كل ساعة و دقيقة و ثانية.

و لعل السؤال الحيوى الذى يطرح نفسه الآن ما هى مدى حظوظ نجاح هذه المبادرة ؟
و للرد على هذا السؤال ، فأن الموضوع يتوقف على أمور عدة منها :
- ما مدى الفهم الموضوعي للاميركيين و السعوديين للملف السودانى الحاضر أمامهم فى طاولة النقاش ، من المعلوم ان الأهم من الروشتات العلاجية و الدوائيه هو فهم العله و المرض الذى يعانى منه الجسد السودانى العليل، تشخيص المرض، بمضبع جراح عبقرى يحدد مكان العله، و بعد معرفة الداء يكون الشروع فى وصف الدواء، لا حلول ناجعه من غير تشخيص سليم للعله و المرض. فما زالت بعض الدول تتحدث عن طرفى صراع، و الحديث عن حرب رجلين حول السلطة، و استمرارية وضع مليشيات التمرد مع المؤسسة العسكرية النظامية فى كفه واحدة، مع العلم ان الجيش السودانى ليس فى حالة حرب حول السلطة فحميدتى لا يملك فى الأساس اى سلطة، و صاحبة الحل و العقد حاليًا فى السودان بحكم الظروف الطارئة هى المؤسسة العسكرية بقيادة القائد الأعلى للجيش البرهان، الجيش بيده السلطة فكيف يتقاتل مع قوات متمردة من اجل السلطة؟ و هى لم تك فى يومًا من الأيام سلطة رسمية و لا شرعية ، و الجيش لم يدخل نفسه فى يوم من الايام فى مقارنة مع هذه القوات المتمردة، بل لم يعترض على ان يكون حميدتى نائبًا لرئيس المجلس السيادى، كما لم يعترض على تعيينه بقرار صادر من حمدوك رئيسًا للجنة العليا الاقتصادية، و لا حتى ان يكون مسؤولًا عن ملف السلام ، علمًا بان الجيش هو الأكثر معرفة بمثل هذه الملفات، فالعسكر حكم اكثر من خمسين سنة السودان و لديه وعى سياسى كامل، و مع ذلك تنازل و لم يدخل فى نزاع مع ميلشيات الدعم السريع على اى سلطة قل حجمها او كبر. و الجيش يقوم بواجبه الوطنى الدستوري فى ردع التمرد، و متى استسلم الدعم السريع و لبى نداء المنظومة العسكرية بوضع السلاح أرضًا سيتوقف الجيش عن الدفاع ، و لكن طالما المليشيات فى حالة مواصلة لعملية التمرد و الهجوم فان الجيش فى حالة أداء واجبه الدستورى. و لابد من وضع النقاط على الحروف حتى تبنى المفاوضات على أسس سليمة على تشخيص الداء قبل الشروع فى وصف الدواء و الروشتات العلاجية.

- من العثرات و العوائق التى قد تعيق هذه المفاوضات أيضا خلفية السياسات الأمريكية تجاه السودان، بالرغم من ان الرئيس بايدن لديه قبول أفضل من ترامب، و انفتاح و مرونه، و عرف عنه لحد ما رغبته فى انتهاج نهج جديد فى القارة السمراء ، إلا ان تاريخ السياسات الأمريكية تجاه السودان المتمثلة فى العصا و الجزرة، سياسة الترغيب تارةً و الترهيب تارةً أخرى ، يخلق نوع من التوجسات تجاه السياسيات الامريكية، خاصةً و ان أنطلاق هذه المبادرة كان مسبوقًا بتهديدات أمريكية بفرض عقوبات على الجهات المعرقلة للسلام، دون ان تذكر أسماء او جهات بصفة رسمية، و باى حال من الأحوال فيما يتعلق بالجانب العسكرى لا يمكن ان توجه له عصا الاتهام لقيامه بواجبه الدستورى فى حسم تمرد قام بانتهاكات تجاه المواطنين و جرائم حرب موثق لها.

- الولايات المتحدة صرحت بان الشعب السودانى يشعر بخيانة لمطالبه بالمدنية و الديمقراطية، و هنا يكمن أيضا مربط الفرس فى أهمية تشخيص الوضع السودانى قبل اعطاء الروشتات، كيف لنا ان نعرف ما هى مطالب الشعب السودانى الذى يتجاوز عدده ال 45 نسمة؟ كيف تم استفتائهم لمعرفة مطالبهم ؟ ثم عندما تتحدث الدول العظمى عن المدنية، السؤال الذى يطرح نفسه : ما هى مواصفات تلك المدنية ؟ هل هى الزى المدنى فقط؟ و هل المدنية فى السودان مرتبطة بمجموعة قحت الحزبية، و بزوالها تزول المدنية مفهوما و فعلًا ؟ هل ترتبط المدنية بمجموعات او احزاب بعينها؟ و هل كل حزب ينطبق عليه وصف حزب مدنى؟ كيف تُعرف المدنية ؟ و كيف تقييم و تقاس ؟ او ليست المدنية هى أيضا العدالة الاجتماعية المتمثلة فى عدم الإقصاء و ممارسة الوصايا على بقية المكونات السودانية المجتمعية ذلك السلوك الاقصائي القحتى هل هو سلوك مدنى؟، مستنصرة بمحاور معينة، و دول أجنبية تساندها و تعدها بالشرعية ؟ ما هى المدنية المرجوة تحديدا ؟ و هل المدنية تعنى الديمقراطية ؟ او ليس هناك نماذج فى العالم لاعظم الحكومات الديكتاتورية و الاستبدادية التى كانت مدنية كاملة الدسم؟ هل التحول الديمقراطي يتمثل فى حكومة مدنية فقط؟. و هنا نشير الى أن الخيانة الحقيقية التى يشعر بها الشعب السودانى هى عدم نطق المجتمع الدولى ببنة شفه تجاه عمليات القتل و الإغتصاب و الانتهاك من قبل قوات التمرد ، و انتهاك حق المدنيين فى الحياة، و حقهم فى الطمأنينة، و سكوت المجتمع الدولى عن النطق باى إدانة تجاه أنتهاك القانون الانساني و الحقوقي فى السودان من قبل قوات التمرد.

- كذلك من العثرات و العوائق امام هذه المبادرة رفض الشعب السودانى استخدام الوضع الإنساني و الآمن الاقليمي ككروت ضغط لفرض عملية سياسية على السودان، لفرض جماعات بعينها و تنفيذ اى مشروع عبرهم دون الأخذ بالاعتبار راى الشعب و احترام سيادة الدولة.

- توسيع دائرة المشاركة فى المبادرات لتضم دول فعالة كمصر التى أرادت ان تلعب " دورًا تكميليًا " و ليس "دورًا تنافسيًا " مع اى دولة، و الاسئلة التى تدور حول أسباب اقصاءها ؟ و المعلوم ان الرئيس الامريكى صرح عن سياسات دولته فى أهمية دحر المليشيات فى المنطقة ، و كان الرئيس السيسي أول من صرح عن جاهزيته لمكافحة المليشيات فى المنطقة ، حفظًا للسلم و السلام الدوليين، و يُشار الى انه تم اقصاء مصر رضوخًا لمطالب دولة خليجية، بالإضافة للفتنة التى أشعلتها قوى قحت الحزبية و تحريض الدعم السريع على التهجم على القوات المصرية فى السودان و تخويفها و ترويعها و أسرها، و المعلوم ان التواجد المصرى فى السودان كان نسبةً لبروتوكولات تاريخية رسمية عبر البلدين.

- و ختامه مسك ، و كان بيان المبادرة السعودية الأمريكية اختتم بتوعد بذل المزيد من الجهود لإشراك الأحزاب السياسية فى عملية سياسية ، و ان تحولت العملية الحالية من أجندتها الثلاثية من ضمان إستمرارية الهدنة، تأمين الممرات ، وقف الاقتتال ، و تحولت أجندة المبادرة لتقفز نحو تسوية سياسية لتأتي بتلك الأحزاب السياسية الملفوظة من الشارع الثورى و من مكونات المجتمع السودانى ، و تلك الشخصيات التى تسببت بشكل او اخر فى اشعال هذه الحرب العبثية قائلةً اما الإتفاق الإطارى او الطوفان المتمثل فى هذه الحرب العبثية ، فاى قفز خارج اجندة المبادرة المعلنة قد يضر بالمبادرة، و قد يتمخض عنه حل سياسي هش عبر سياسات الترتيق التى سرعان ما تنفتق.

ختاما ما زالت الآمال كبيرة فى حكمة السعودية بتاريخها الطيب الذكر مع السودان في ان تنتهج نهج حكيم، و كذلك مازال السودان يلتزم برغبته فى فتح صفحة جديدة مع امريكا لتوطيد العلاقات على أسس متينة ، متوازنة يحترم فيها السودان الأسس والقوانين الدولية ، يمتنع عن أي سياسة تتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة على أساس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
كما توعد رئيس المجلس السيادى على العمل لتهيئة المناخ و الظروف المناسبة لمشروع تحول ديمقراطي يفضي للتحضير لانتخابات حرة نزيهة.
من جانب اخر يُرجأ ان تتفهم امريكا اهمية السيادة لأدى دولة مهما كان حجمها و وزنها، و ان التدخلات الأجنبية و ان كانت بحسن نية قد تضر بدول العالم الثالث اكثر مما تساعدها.

نواصل للحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على السباق ذاتي القيادة الأول في العالم في أبوظبي | #سك


.. لحظة قصف الاحتلال منزلا في بيت لاهيا شمال قطاع غزة




.. نائب رئيس حركة حماس في غزة: تسلمنا رد إسرائيل الرسمي على موق


.. لحظة اغتيال البلوغر العراقية أم فهد وسط بغداد من قبل مسلح عل




.. لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب