الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيدرالية هل هي ضرورة وحاجة واقعية للعراق ؟؟

عواد احمد صالح

2006 / 10 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تقاس أي ظاهرة سياسية من وجهة نظر تقدمية وحضارية على اساس كونها .. هل تخدم التقدم الأجتماعي والاقتصادي و تخدم قضية الديمقراطية والتحرر والوحدة الأنسانية بين مكونات شعب بعينة او بين جميع الشعوب ؟؟ ام العكس ... فأذا كانت ظاهرة معينة او حدث سياسي لايخدم هذا التوجه ولا يصب في خدمة التوجه العقلاني والديمقراطي والأنساني فهو سلبي ورجعي تماما .. لانه يخدم في النهاية مصالح جزئية للفئات والطبقات المسيطرة ويؤدي الى تكريس اشد الظواهر رجعية كالنزعة الطائفية الضيقة المتخلفة والشوفينية القومية او النزعات المشابهة البطريركية او العشائرية الما قبل حضارية . يصدق هذا القول على قضية الفيدرالية في العراق – بمناسبة موافقة مايسمى مجلس النواب –على قانون تقسيم العراق الى فيدراليات قومية وطائفية .
في مرحلة صعود الأنظمة البرجوازية في الغرب في القرن التاسع عشر والعشرين كانت الطبقة البرجوازية الصاعدة تعمل باتجاة تشييد صرح الوطن القومي وتدمير العلاقات الأقتصادية والاجتماعية الأقطاعية الماقبل رأسمالية باتجاة التمركز وتوحيد الخصائص العرقية وبناء الدولة وخلق السوق القومي الذي هو ضرورة اقتصادية .. وبعد ذلك تم التوسع والأنطلاق لخلق السوق العالمية وهو ماحصل خلال القرون الماضية . ان ظاهرة العولمة النيو ليبرالية اليوم كما سماها البعض اعلى مراحل الأمبريالية تحت سيطرة امريكية الغت الحدود بين الدول واعادت الحقبة الكولونيالية وهي تحاول اخضاع الشعوب لسيطرتها المباشرة وغير المباشرة معتمدة على سياسة الأستعمار المباشر او التفتيت وباسم الحرية المفرطة يتم تشجيع النزعات المتخلفة القومية والعرقية والطائفية وما يرافقها من بعث الأفكار الرجعية التجزيئية التي تبالغ في تصنيف البشر على اساس المذهب والعرق والدين او القومية وهي افكار نكوصية وارتدادية تجاوزها التطور التاريخي العالمي خصوصا تطور الحضارة الرأسمالية وانبثاق بديلها الأوسع والاكثر انسانية : الأفكار الأشتراكية ، ولم يكن فشل وسقوط الأنظمة السوفييتية الا جزء من عملية الأرتداد التي صنعتها الأمبريالية الجديدة لأعادة هيمنتها وسيطرتها على العالم . لقد فقدت الرأسمالية وتجليها الأشد عنفا وضراوة الليبرالية الامريكية الجديدة أي طابع تقدمي وانساني لها فهي وسعت من آفاق صراع الأديان والأعراق والطوائف و " الحضارات " تحت الحاح نزعاتها الأستغلالية والاستعمارية الأنانية وبأسم الحرب على الإرهاب.
في سياق هذه الرؤية يمكن النظر الى سياسة البلقنة والآن " الفدرلة " ففي وضع العراق الحالي لا يشكل مشروع الفيدرالية تعبير عن حاجة واقعية وضرورية لتقدم البلد الذي كان راكدا ومغلقا لعقود تحت الحكم الديكتاتوري الفردي انما هي امعان في التجزئة وتكريس لأيديولوجيات التخلف الاسلاموية الطائفية . وفسح المجال واسعا امام القوى الطائفية والعشائرية لتكريس خوائها التاريخي على ارض الواقع .

اما هل ستؤدي الفيدرالية الى تحرر البلد من الأحتلال والنفوذ الأجنبي او التخفيف من غلواء العنف الحالي عندما تحكم كل مجموعة مذهبية او عرقية نفسها ؟؟ بالتأكيد ستكون هذه الفيدرالية تكريس لبقاء البلد تحت النفوذ الأستعماري وستزداد الصراعات الفئوية والعشائرية والدينية وستكون كل دويلة او كانتون عبارة عن محمية تستنجد بقوى الاحتلال من اجل بقاء رموزها الرجعية والدينية والعشائرية على سدة الحكم . لأنها لاتملك مستلزمات الدفاع عن وجودها وبقائها باعتبارها كيانات هزيلة وصغيرة وضعيفة .

اما الفيدرالية الكردستانية فهي مختلفة تماما .. انها تعبير بهذا القدر او ذاك عن الحقوق القومية غير القابلة للنقض بالنسبة للشعب الكردي الذي عانى ألوان من القمع والأضطهاد والقتل على ايدي الأنظمة الرجعية والفاشية المتعاقبة في العراق وهي رغبة في تقرير المصير الذي تقره كل الأمم المتمدنة .. انها تعبير عن خصوصية قومية وبشرية وجغرافية . ولهذا فهي لاتشبه الفيدراليات الأخرى التي لا يمكن تبريرها من هذا الباب فهل تتمتع المناطق العراقية بخصوصيات معينة عدى السمات المذهبية والعشائرية ؟؟ وهل عرب العراق ينتمون الى قوميات متعددة ؟؟ ام انهم ينحدرون من قومية واحدة ؟؟ ولهذا لن تكون الأسس التي ستقوم عليها فيدراليات الوسط والجنوب سوى أسس مذهبية طائفية بالدرجة الأولى تبرز الخصوصيات العشائرية المتخلفة والرجعية ، ولا نجد هنا معنى لمطالبة النائب مهدي الحافظ ان لايقوم البناء الفيدرالي على اساس مذهبي وعشائري الا انه يطلب المستحيل او انه يعيش خارج الواقع العراقي ربما في بلد آخر!!!
اما موضوع الألحاح من قبل القيادات الكردية على فدرلة العراق وتحويله الى عدد من الأقاليم التي تدير نفسها فهو يحمل بعدا اخر ... انه يمثل صمام امان بالنسبة لفدرالية كردستان يمنع قيام حكومة قوية في بغداد قد تنقلب في يوم من الايام وتصادر حق الاكراد في الفيدرالية وحكم انفسهم ، انها نظرة ستراتيجية بعيدة المدى تأخذ في الحسبان موضوع انفصال كردستان الحتمي عن العراق وتشكيل دولة كردية عندما تحين الظروف وموازين القوى المناسبة لذلك .
واما الحاح قيادات الأسلام السياسي الشيعي على مسألة الفيدرالية والرغبة الملحة في ذلك فهي لاتحمل الا معنى واحد : اقامة نظام اسلامي مذهبي وطائفي ربما شبيه بنظام الجمهورية الأسلامية في ايران في وسط وجنوب العراق تكون فيه الحظوة والسلطة لتلك القوى بهدف تكريس ايديولوجيتها الرجعية والمتخلفة والهيمنة على وعي ومقدرات الجماهير . وليس حال الفيدرالية التي ستقام في المناطق السنية بافضل فهي ستؤدي الى هيمنة نفس القوى الطائفية والعشائرية الرجعية .- الجدير بالأشارة انه سيكون لكل فدرالية دستورها الخاص وقوانينها الخاصة وبرلمانها للتعبير كما يقال عن خصوصية المناطق الفيدرالية ومكوناتها البشرية .
ان مشروع الفيدرالية كما يراد له ان يسوق لن يخدم وحدة العراق وتقدمه وحريته وتحرره من الاحتلال بأي شكل وهو محاولة نكوصية وارتدادية عن مشروع الدولة الموحدة مشروع بناء عراق ديمقراطي تقدمي إنساني .

12- 10-2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير


.. مصادر طبية: مقتل 66 وإصابة 138 آخرين في غزة خلال الساعات الـ




.. السلطات الروسية تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة | #


.. مراسلنا: غارات جوية إسرائيلية على بلدتي مارون الراس وطيرحرفا




.. جهود دولية وإقليمية حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة | #رادار