الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيادة النفقة الشهرية بين القانون والقضاء

وليد عبدالحسين جبر
محامي امام جميع المحاكم العراقية وكاتب في العديد من الصحف والمواقع ومؤلف لعدد من

(Waleed)

2023 / 5 / 7
دراسات وابحاث قانونية


من الدعاوى التي تثار كثيرا امام محاكم الاحوال الشخصية في العراق دعاوى زيادة النفقات التي تقيمها الزوجات او الامهات المطلقات لهن او لأولادهن على ازواجهن او مطلقيهن ، ولهذه الدعاوى ما يبررها من تغيرات اسعار السوق المستمرة صعودا ونزولا اضافة الى زيادة حاجات المنفق عليه بمرور الوقت ايضا ، وهناك اشكالية قانونية افرزها التطبيق القضائي اثناء نظر هذه الدعاوى افرزته تعدد النصوص التي تحكم الموضوع لكون ان قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩ اشارت لهذه الزيادة في المادة( 28)"1 - تجوز زيادة النفقة ونقصها بتبدل حالة الزوجين المالية واسعار البلد .
2 - تقبل دعوى الزيادة او النقص في النفقة المفروضة عند حدوث طوارئ تقتضي ذلك" والتي يجمع اكثر شراح قانون الاحوال الشخصية ان النص المذكور خاص بزيادة نفقة الزوجين او نقصانها ولا تشير الى نفقات الاطفال وبالتالي هي خارج الجدل القانوني والقضائي الذي يثار بخصوص جواز الزيادة والنقصان بمعنى تجوز زيادة نفقة الزوجة و نقصانها استنادا للنص المشار اليه انفا ،كون ان قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم ١٠٠٠ لسنة ١٩٨٣ هو الذي يتعلق بزيادة نفقة الاولاد ولا يتعلق بزيادة نفقة الزوجة لذلك اشار فقط الى نفقة العدة الخاصة بالمطلقة لا الزوجة حيث اشار في المادة( 1)منه "اولا- تجوز زيادة نفقة الاولاد، كما تجوز زيادة نفقة العدة ما دامت المطلقة في عدتها، وذلك تبعا لتغير الاحوال. وتعتبر زيادة موارد المكلف بالنفقة سببا من اسباب زيادتها" واستقر قضاء محكمة التمييز العراقية استنادا لهذا القرار الى جواز زيادة نفقات الاطفال دون جواز نقصانها ، وحينما طُعن امام المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستوريته بموجب الدعوى المرقمة (33/ اتحادية / ٢٠٢٢) التي جاء في قرارها " يجب أن تقوم المحكمة بالموازنة بين الحكم بعدم دستورية النص وما يترتب عليه من الإخلال بمصالح الأفراد وبين تطبيق التفسير المنشيء لتجنب الحكم بعدم دستوريته وما يترتب على ذلك من مراعاة لمصالح المخاطبين به، ومن خلال مطالعة قانون الأحوال الشخصية رقم (۱۸۸) لسنة ۱۹۵۹ المعدل وتعديلاته ووفقاً لما ذهبت إليه القرارات القضائية من أن القرار المطعون فيه هو النص الوحيد الذي يجيز الحكم بزيادة نفقة الأولاد عند تحسن الحالة المالية للأب أو تبدل الحالة الاقتصادية للبلد أو زيادة متطلبات إنفاق الأولاد بتقدمهم في العمر والدراسة مما يترتب على الحكم بعدم دستوريته عدم وجود أي نص آخر يجيز زيادة نفقة الأولاد مما يشكل إخلالا جسيما بالمصالح التي استهدف المشرع حمايتها عند تشريعه الأمر الذي يرجح الكفة بالذهاب إلى إعمال قاعدة التفسير الدستوري المنشيء للنص المذكور إذ تجد هذه المحكمة أن النص المطعون فيه لا يمنع من إنقاص نفقة الأولاد عند إقامة الدعوى بذلك ويعتبر التغيير السلبي بموارد المكلف بها سبباً لأنقاصها مثلما يكون التغيير الايجابي في تلك الموارد سبباً لزيادتها ، وأن هذا التفسير ينسجم مع أحكام المادة (١٤) من دستور جمهورية العراق لسنة ۲۰۰۵ التي تنص على (العراقيون متساوون أمام القانون...) وكذلك المادة (۲۹/(أولاً) منه التي اعتبرت الأسرة أساس المجتمع وكذلك البند (ثانياً) من ذات المادة الذي وازن بين حقوق الأولاد على والديهم في التربية والرعاية والتعليم وحق الوالدين على أولادهم في الاحترام والرعاية ولاسيما في حالات العوز والعجز والشيخوخة، كما أن هذا التفسير ينسجم مع أحكام المادة (الأولى (۲) من قانون الأحوال الشخصية رقم (۱۸۸) لسنة ۱۹٥٩ المعدل التي نصت على إذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملائمة لنصوص هذا القانون ) ولعدم وجود نص في قانون الأحوال الشخصية يعالج حالات إعسار الأب أو فقدان مقدرته على الكسب بعد الحكم عليه بالنفقة لأولاده على خلاف ما هو عليه الحال بالنسبة لنفقة الزوجة على زوجها التي أجازت المادة ن زوجها التي أجازت المادة (الثامنة والعشرون) من قانون الأحوال الشخصية زيادتها وإنقاصها بتبدل حالة الزوجين المالية وأسعار البلد مما يستوجب الذهاب إلى أحكام الشريعة الإسلامية بخصوص جواز إنقاص نفقة الأولاد والتي يتفق جميع فقهائها على تفسير قوله تعالى (لينفق ذو سعة من سعته) مِنْ أنها تعني أن ينفق الزوج على زوجته أو الوالد على أولاده وفقاً لفقره وغناه فينفق الغني من غناه ولا ينفق نفقة الفقراء، ومَنْ قدر عليه رزقه أي ضيق عليه فلينفق مما أتاه الله أي بحسب قدرته، إذ أن تفسير النص المطعون فيه على هذا النحو يوفق بين أحكامه وبين حكم الشريعة الإسلامية الغراء لأن الله تعالى ما شرع حكماً إلا لتحقيق مصالح العباد وأن المصلحة التي تعارض النصوص القرآنية لا تعتبر مصلحة حقيقية، كما أنه وإعمالاً لمبدأ تكامل النصوص وترابطها عند التفسير فأن هذا التفسير ينسجم مع نص المادة التاسعة والخمسون من قانون الأحوال الشخصية التي أوجبت أن تكون نفقة الولد الذي لا مال له على أبيه بشرط أن لا يكون الأب فقيراً أو عاجزاً عن الإنفاق والكسب، أي أن وجوب النفقة من حيث الأصل مقترناً بشرط أن لا يكون الأب فقيراً ليس لديه ما يسد حاجته أو عاجزاً عن الكسب والإنفاق لسبب خارج عن إرادته. من كل ما تقدم فإن هذه المحكمة تجد أن مفهوم قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (١٠٠٠) لسنة ۱۹۸۳ لم يتضمن ما يمنع من إنقاص نفقة الأولاد عند توافر الشروط الشرعية والقانونية لذلك وبالتالي فإن النص المذكور لم يكن مخالفاً لأحكام الإسلام ولم يتعارض مع ثوابت أحكامه وفقاً لما ورد في نص المادة (۲) (أولاً) و (۲ /(أولاً/أ) من دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥ ... وأن المحكمة الاتحادية العليا إذا ما خلصت إلى تفسير معين لمضمون نص تشريعي وانتهت بذلك إلى رفض الطعون الدستورية التي وجهت إليه فإن هذا التفسير يكون هو الدعامة التي قام عليها هذا الحكم لتمتد إليه. ولا يجوز بعد ذلك لأية سلطة أو جهة أعطاء معنى مغاير للنص يتجاوز او يخالف الإطار الذي أوضحته هذه المحكمة في تفسيرها. لكل ما تقدم قررت المحكمة الاتحادية العليا الحكم برد دعوى المدعي ..وصدر القرار بالاتفاق استناداً إلى أحكام المادتين (۹۳ / أولاً) و (٤(۹) من دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥ والمادتين (٤) أولاً و (٥/ ثانياً) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (٣٠) لسنة ٢٠٠٥ المعدل بالقانون رقم (۲٥) لسنة ۲۰۲۱ حكماً باتاً وملزماً للسلطات كافة" مما يعني ان المحكمة الاتحادية اكتفت بتفسير قرار مجلس قيادة الثورة المنحل دون ان تقضي بعدم دستوريته ، لذا فأن الهيئة العامة لمحكمة التمييز الاتحادية بموجب قرارها المرقم (14) الذي جاء بناء على طعن مدعي بدعوى انقاص نفقة اطفاله وقد ردت دعواه فطعن بها تمييزاً طالباً نقضها وقد احتج بما جاء بالتفسير الصادر من المحكمة الاتحادية العليا للقرار الذي ذكرناه انفا فقررت الهيئة العامة لمحكمة التمييز في قرارها بأن "وجهة النظر التي تمسك بها المميز جدل في غير محله إذ تجد هذه المحكمة أن موضوع تفسير النص القانوني يدخل من صميم عمل المحكمة التي تنظر النزاع المعروض امامها وهو اجتهاد قضائي يصدر من المحكمة بدون أي قيد من السلطات الاخرى والهدف منه تحديد بدقة معنى النص القانوني ومدى فاعليته بالتطبيق على الوقائع المختلفة وذلك عندما يحتاج النص القانوني للتوضيح بسبب الغموض الذي يكتنفه والتفسير القضائي يعتبر من أهم مظاهر استقلال القضاء والقضاة في عملهم إن لا سلطان ولا تأثير عليهم من أي جهة حتى لو كانت قضائية عند تصديهم لتفسير النص القانوني وتتصدى محكمة الموضوع لتفسير النص القانوني ومدى انطباقه من عدمه على الواقعة المعروضة امامها المراد الفصل فيها ويبقى صحة هذا التفسير للنص القانوني من عدمه خاضعاً لرقابة محكمة التمييز الاتحادية باعتبارها أعلى هيئة قضائية في سلم النظام القضائي العراقي وذلك استناداً لصراحة نص المادة (۱۲) من قانون التنظيم القضائي والتي لها ايضا التصدي من تلقاء نفسها لتفسير النص القانوني الواجب التطبيق من عدمه على موضوع الدعوى المعروضة امامها ، وما يصدق على محكمة التمييز الاتحادية يصدق ايضاً على بقية المحاكم التي تتولى الرقابة والتدقيق على صحة القرارات والأحكام القضائية والتي منحها القانون الصفة التمييزية وبالنتيجة فأن لجميع المحاكم صلاحية التصدي لتفسير النص القانوني ومن هذه المحاكم المحكمة الاتحادية العليا التي لها الحق في تفسير القانون المطعون بعدم دستوريته امامها أثناء نظرها الدعوى الدستورية للبت بدستوريته من عدمه إلا إن هذا التفسير للنص القانوني لا يقيد بقية المحاكم فلها مطلق الصلاحية في تفسيرها للنص القانوني المطعون بعدم دستوريته وبما يخالف وجهة نظر المحكمة الاتحادية في تفسيرها للنص القانوني ذاته أو يتفق معها ، ولان المحكمة الاتحادية العليا قد اكدت بموجب قرارها على دستورية القرار (۱۰۰۰ لسنة (۱۹۸۳) وبالتالي يعتبر نافذ وواجب التطبيق لكن يبقى تفسير مضمونه من مهام محكمة الاحوال الشخصية "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا


.. أبرز 3 مسارات لحل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان هل تنجح؟




.. جامعة فيرمونت تعلن إلغاء خطاب للسفيرة الأميركية بالأمم المتح


.. مسيرة إسرائيلية توثق عمليات اعتقال وتنكيل بفلسطينيين في مدين




.. لحظة استهداف الاحتلال الإسرائيلي خيام النازحين في رفح بقطاع