الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف الاشتراكيين الثوريين من الحوار الوطني

الاشتراكيين الثوريين

2023 / 5 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



تابعنا عن قرب المشهد السياسي في الأيام الماضية منذ الإعلان عن ميعاد بدء الحوار الوطني بعد سنة من التحضير والإعداد، وتابعنا أيضًا ترحيب بعض الأحزاب والحركات السياسية والحقوقية به وتردد البعض الآخر في المشاركة والتشكيك في جدوته، وجدير بالذكر أن الحوار الوطني يتم قبل عام من الانتخابات الرئاسية، وهي انتخابات يريد جناح من السلطة نتيجة لضغوط عربية وعالمية إخراجها بشكل مختلف عن الانتخابات الماضية بحيث يكون هناك هامش محدود للمشاركة المحسوبة لمنافسين يتم اختيارهم بعناية. لا يخفى على أحد الوضع السياسي والاقتصادي المُزري الحالي والذي وصلنا إليه بسبب سياسات الدولة القمعية والإفقار لشريحة عريضة من المجتمع، حيث أن الأزمة الاقتصادية وحالة الغضب الشعبي الصامت حتى الآن، والذي يمكن أن يتحول في لحظة إلى مظاهرات غضب شعبية واسعة، ستدفع النظام إلى المزيد من القمع.

ولأن الوضع الراهن و المأزق الحالي لا يخفى على السلطة الحاكمة ايضا لذلك؛ دعت الأحزاب والحركات السياسية المختلفة إلى حوار مجتمعي أشبه بالتمثيلية هدفه تقديم بدائل للخروج من الأزمة بإجراءات سريعة للإصلاح السياسي والاقتصادي وتصدير صورة ديموقراطية عن النظام الحاكم.
ولكن ما حدث في الواقع لا يمت لأمنيات المشاركون في الحوار بصلة، إذ لم نشهد أي انفراجة في المشهد السياسي والاقتصادي بل العكس ما حدث، على الصعيد الاقتصادي -في نفس يوم انطلاق الحوار- رفعت الحكومة سعر السولار 14% بما له من تأثير ضخم على أسعار المواصلات والنقل وبالتالي أسعار السلع، السولار هو أكثر أنواع الوقود تأثيرا في التضخم لاستخدامه في الزراعة ونقل البضائع.

أما على الصعيد السياسي، تم اعتقال الصحفي حسن القباني وعضو حزب الكرامة نجوى خشبة في نفس يوم انطلاق الحوار وتم الإفراج عنهم في آخر اليوم كرسالة واضحة من النظام لإضعاف وإحراج المشاركين في الحوار من الحركات المدنية والأحزاب بل والإعلان أيضًا بوضوح عن نية النظام في التفرد باتخاذ القرارات ولن يملي أحد عليه شروطه، ظهر ذلك أيضًا بوضوح بعد يوم من انعقاد الحوار حين تم اعتقال عدد من أهل وأنصار المرشح الرئاسي المحتمل النائب السابق أحمد طنطاوي لمجرد إعلانه عن ترشحه للرئاسة كتأكيد فج عن أن لا نية حقيقية في أي تغيير أو إصلاح.

إن الصورة التي يحاول النظام المصري تصديرها عن نفسه ليست إلا قناعًا زائفًا، يظل المجال العام مغلقًا، ولا تزال حرية الصحافة والتعبير منعدمة، ويبقى عشرات الآلاف من المعتقلين داخل السجون وذلك هو المتوقع من نظام يستمد شرعيته من القمع والقبضة الأمنية. أي حوار قد يأتي بنتائج إيجابية وهو يبدأ بتصريح من السلطة، ويصمم بمعرفة أعوانها بحيث تستبعد منه أطراف بعينها وموضوعات بذاتها مثل استبعاد ملفات حول الدستور والسياسة الخارجية وقضايا الأمن القومي الاستراتيجي من دائرة الحوار وكأنها مواضيع غير قابلة للنقاش من الأصل، وهي نفس ذات السلطة التي أغلقت المجال العام منذ ما يقرب من عشر سنوات وحجبت المواقع الصحفية وقمعت الأحزاب السياسية واعتقلت كل من تفوه بكلمة نقد عن سياستها، إن الحوار هنا غير متكافئ والمناخ الحالي لا تؤمن عواقبه حتى على من قبلوا المشاركة فيه.

نحن نقف ضد سياسات النظام القمعية والاستبدادية ونرفض الحوار الوطني وما شابهه الذي يتم في ذلك المناخ العام وشروط السلطة للحوار التي تفرغه من أي جدوى أو فائدة ليصبح فقط أداة لتجميل شكل النظام أمام المجتمع الدولي، ونرفض بشدة الانسياق وراء حلم التغيير التي تتبناه السلطة الحاكمة وتسيره بشروطها وقواعدها.

إن أي ادعاء بإنفراجة في المشهد السياسي الحالي، في ظل مواصلة الاعتقالات وغلق المجال العام وقمع الصحافة والإعلام، ما هو إلا وهم حتى يُفرَج عن الآلاف من المعتقلين السياسيين ويُنهى الإخفاء القسري ويُترَك المفرج عنهم دون تبعات وخوف من التنكيل بهم مرة أخرى أو إعادة حبسهم، بالاضافة الى وقف سياسات رفع الأسعار وتحميل الكادحين عبئ الأزمة الاقتصادية التي أضرت بالملايين من المصريين، وفتح الحياة السياسية للأحزاب والحركات لممارسة حقهم الدستوري في المشاركة وإلغاء هذه القيود لا يحتاج إلى حوار، وإنما إلى قرار ممن بيده سلطة القرار.

إن تلك المعركة تستدعي إنشاء جبهة موحدة مع الحركات المدنية والأحزاب السياسية المعارضة ولكن يجب أن تراجع الحركة المدنية ذاتها فورًا فيما يسمى بالحوار الوطني والإلتفاف حول مطالب موحدة لإنقاذ الشعب من الكارثة السياسية والاقتصادية الواقع فيها، ولا تنخرط في تمثيلية هزلية لا هدف منها ولا جدوى.

الاشتراكيون الثوريون








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علماء يضعون كاميرات على أسماك قرش النمر في جزر البهاما.. شاه


.. حماس تعلن عودة وفدها إلى القاهرة لاستكمال مباحثات التهدئة بـ




.. مكتب نتنياهو يصيغ خطة بشأن مستقبل غزة بعد الحرب


.. رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي: الجيش يخوض حربا طويلة وهو عازم




.. مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين