الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جبهة البوليساريو

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 5 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


بحلول العاشر من مايو 2023 ، يكون قد مر على تأسيس جبهة البوليساريو في 10 مايو1973 كحركة تحرير ، باعتراف النظام المغربي الذي يجلس يفاوضها أراضي متنازع عليها ، خمسون سنة ، والصراع لا يزال في أول بدايته ، حتى انّ العديد من السياسيين الدوليين ، خاصة الافارقة ، يعتبرون الصراع من اقدم النزاعات المسلحة التي طالها النسيان ، وعجزت الامم المتحدة وبرئاسة مجلس الامن ، في ان تجد له حلا يضع نهاية لحالة لا حرب لا سلم التي سادت حتى 13 نونبر 2020 ، حين أعلنت الجبهة عن قرارها بالعودة الى السلاح ، لتحرير الأراضي المتنازع عليها مع النظام المغربي . فطيلة هذه الفترة التي قٌسّم فيها الصراع ، بين ستة عشر سنة الأولى التي كان للجبهة فيها كلمتها المسموعة بواسطة البندقية ، وتسمى تلك الفترة بمرحلة حرب التحرير التي ستتوقف منذ سنة 1991 ، التي تم فيها التوقيع بين الجبهة وبين النظام المغربي على وقف النزاع المسلح .
والمرحلة الثانية من الصراع التي بدأت منذ سنة 1991 ، السنة التي وقع فيها النظام المغربي وجبهة البوليساريو ، اتفاق وقف الحرب الجارية ، بدعوى الانخراط والانكباب على المفاوضات السياسية ، لإنجاز ما عجزت الحرب عن تحقيقه ، سواء بالنسبة للنظام المغربي الذي يتوفر على شرعية الأرض ، او بالنسبة لجبهة البوليساريو التي تتوفر على الشرعية القانونية ، من خلال قرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تتناول الصراع بالبحث مرة في السنة ، ضمن اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار . هذا دون ان ننسى موقف الاتحاد الأوربي ، وموقف الولايات المتحدة الامريكية في عهدة الديمقراطي John Biden ، الذي رمى بمقلب الرئيس Trump ، عندما دعا الرئيس الأمريكي الى الالتزام بما تقرره الأمم المتحدة ، من خلال قراراتها المتواصلة منذ سنة ،1960 ، وطبعا القرار الأول هو القرار1514 .
لقد حققت الجبهة نتائج ملموسة وإيجابية خلال فترة الحرب التي دامت ستة عشر سنة ، لكنها حصدت الريح من ابرامها اتفاق وقف الحرب ، دون ان تتمكن من اكتشاف البديل النوعي الذي يجب ان يواكب الدعوة الى المفاوضات ، وبإشراف الأمم المتحدة ، لان التعويل على المفاوضات من اجل المفاوضات ، ومن اجل " البُوزْ " ، لانتزاع شرعية لن تعطيها للجبهة غير البندقية ، جعل الجبهة التي استغرقت واحد وثلاثين سنة تنتظر التطبيق الفعلي لاتفاق 1991 ، وخاصة القرار 690 الذي يرسم افق النزاع ، عند تمكين " المينورسو " La Minursso من انجاز المهام المخولة لها باتفاق 1991 ، في حين ان نهاية الصراع كانت بادية ، عندما كان النظام شارعا في بناء الجدار الرملي والحجري على طول حدود المنطقة ، التي قد نسميها بالمناطق النافعة بخلاف المناطق الخارجة عن الجدار ، التي تُكوّن الثلث المتحكم فيه من قبل الجبهة التي تصول وتجول كيفما شاءت ورغبت ، ويحكمه النظام المغربي من خلال طائرات " الدرون " Drones ، التي تجوب تلك المناطق كلما اقتضى الامر تنفيذ مأمورية من المأموريات ، التي تستوجب إيلام الخصم ، حتى لا ينفرد بإضفاء مشروعية ، ستكون مثل شرعية الأرض التي يتوفر عليها النظام المغربي ، أي شرعية مكتسبة من خلال ما تعتبره الجبهة بالمفاوضات بين طرفي النزاع ، أي استعمال المفاوضات كاعتراف من النظام المغربي بحقوق الطرف الثاني في الأراضي المتنازع عليها ، خاصة وانّ المفاوضات تجري بإشراف ورئاسة الأمم المتحدة . فالجمع بين الشرعية القانونية التي تعترف فيها الأمم المتحدة ، والقارات ، كقارة الاتحاد الأوربي ، وقارة الاتحاد الافريقي ، واحكام وقرارات محكمة العدل الاوربية ، الى جانب شرعية الأرض ، سيجعل من الجبهة تتفوق على النظام المغربي ، الذي يملك فقط شرعية الأرض التي لا يعترف له بها احد . لذا فالثلث المسمى بالأراضي العازلة ، و التي من المفروض ان تكون تحت الاشراف المباشر للأمم المتحدة ، من دون التحكم فيها ، سيعمق ، وسيؤزم الوضع القانوني لتواجد النظام المغربي ، وتواجد جبهة البوليساريو . ووضع كهذا المتسبب فيه النظام المغربي ، لن يبعد الحل الاممي الذي يتخوف منه النظام المغربي ، وستكون القرارات القادمة لمجلس الامن ، مبنية على هذا الوضع الغير محسوم نهائيا ، لطرفي النزاع . وهنا فان ترتيب الوضع القانوني لا السياسي للمنطقة ، وبسبب تأزم علاقة النظام المغربي الذي اصبح في وضعية المعزول دوليا ، مع المحيط الدولي ، خاصة مع الاتحاد الأوربي ، ومع الولايات المتحدة الامريكية ، قد يسفر عن تحقيق نتائج في غير صالح أطروحة النظام المغربي ، المرتبطة فقط بحل " الحكم الذاتي " المرفوض دوليا ، وغلبة حل الاستفتاء وتقرير المصير المناصر دوليا ..
فهل خاب ظن الجبهة في ان تبني يوما جمهورية المنفى ، الى جمهورية على رقعة من تراب تعترف به الأمم المتحدة ؟
ان قرار الجبهة باتخاذ قرار العودة الى الكفاح المسلح ، وبعد انتظار وسبات غير عادي وطبيعي ، دام اكثر من ثلاثين سنة ، وطيلة هذه المدة التي كانت الجبهة تعول فقط على المفاوضات ، معتقدة انها ستفي بالطلب وبالمقصود ، في الوقت الذي كان النظام ساهرا الليل مع النهار في بناء الجدار ، كان فشلا للجبهة التي لم تستوفي حقيقة الوضع ، وحقيقية المشاريع التي كانت ترسم ، وانتهت بالتملص النهائي للنظام المغربي مما وقع عليه ، عند اشتداد الازمة التي هددت كيانه ووجوده ، وليرمي وبكل سهولة عرض الحائط ، باتفاق 1991 ، وشل القرار المنبثق عن الاتفاق ، وهو الأهم في اتفاق وقف اطلاق النار، هو القرار 690 الذي اصبح دون جدوى .. فدور " المينورسو " La Minursso ، أُصيب بالشلل عندما تم افراغه من الشق السياسي ، وأصبحت البعثة الأممية عاجزة عن القيام بما حدده لها الاتفاق المذكور .
هنا تكون الجبهة قد فشلت استراتيجيا ، ويكون النظام المغربي قد ربح التواجد فوق الأرض التي لا يعترف له بها احد ، معتقدا انه جعل العالم امام الامر الواقع ، الذي يعني شرعية الأرض القوية عن الشرعية القانونية .
ان مرور اكثر من ثلاثين سنة عن سُبات الجبهة ، إذا كان قد قدم خدمات إيجابية لاستراتيجية النظام ، واهمها التمسك بالأرض ، ملوحا بشرعية الأرض ، وكانت سنوات غبن للجبهة واعتبارها سنوات عجاف ، فان التحولات الجيوبوليتيكة ، والجيواستراتيجية التي عرفها العالم ، خاصة تركيز منظومة الدول الفاعلة في السياسية الدولية ، على مادة حقوق الانسان والديمقراطية ، دون ان ننسى مخلفات الوحش ( كورونا ) ، على الدول والشعوب ، سار في غير الاتجاه الذي اشتهاه النظام المغربي . فالدول التي كانت تحترم النظام المغربي ، وتدافع عن وجوده بتعطيل القرارات التي تصوت عليها كدول أعضاء بمجلس الامن ( فرنسا ) ، تعرضت للاهتزاز الذي اصبح ازمة بالنسبة للنظام المغربي ، خاصة وانه فهم اصل الصراع الذي جاء متأخرا ، حينما بدأت المنظومة الدولية تنحاز وفقدت الحياد ، فاصبح مصدر الازعاج الحقيقي ، ليس قرارات مجلس الامن الغامضة ، والقابلة للتفسير الإيجابي من طرفيْ الصراع ، بل ان الخطر اصبح يداهم النظام المغربي ، من قبل الدول التي كانت بالأمس تُعدّ وتعتبر من الأصدقاء كفرنسا ، ومن قبل الاتحادات القارية التي ذهبت بعيدا في تصرفاتها المعادية ، عن تصرفات مجلس الامن ، عندما ظل حبيس نفس القرارات الصادرة منذ سنة 1975 ، تاريخ بدأ النزاع المسلح ، ولم يزغ عنها شبرا واحدا .
ورغم ان الجمعية العامة للأمم المتحدة ، تدرج قضية الصحراء الغربية ضمن جدول الاعمال التي تباشرها اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار، فان قراراتها الغير الزامية ، لافتقادها لسلطة الضبط ، والجبر، والقهر ( البند السادس ) ، لا تؤثر ماديا على النظام المغربي ، ويبقى تأثيرها أخلاقيا ، دون ان يتعداه درجات ، تهدد النظام المغربي المرتبط وجوده باستمرار فرض سيادته على الصحراء .
وبالعودة الى صلب الموضوع ، نستخلص اليوم ان النظام المغربي ، وفي شخص الملك محمد السادس ، يعيش عزلة دولية ما بعدها عزلة . ومن خلال حصر مواقف الدول والقارات ، الاتحاد الأوربي والاتحاد الافريقي ، وموقف الولايات المتحدة الامريكية التي تشدد على الحل الاممي بعد رمي تغريدة Donald Trump الاكذوبة ، إضافة الى قرارات مجلس الامن الغامضة ، وقرارات الجمعية العامة منذ القرار 1514 الذي صدر سنة 1960 ، وينص على الاستفتاء وتقرير المصير، دون ننسى قرارات محكمة العدل الاوربية ، التي ابطلت الاتفاقيات المبرمة مع النظام المغربي ، في شقها الخاص بالأراضي المتنازع عليها ، وهنا تكون تلك القرارات لا تعترف بمغربية الصحراء ، لكنها في نفس الوقت لا تعتبر الأراضي المتنازع عليها في ملكية الجبهة . أي ان المحكمة حاولت عند اتخاذها لقراراتها ، ان تلتزم الحياد ، وعدم نصرة طرف على آخر.. دون إغفال قرار محكمة العدل الدولية في 16 أكتوبر 1975 ، التي تربط حل النزاع بالاستفتاء وتقرير المصير ... الخ ..
فهل ظلّ مشكل الصحراء محصورا في غطائه الدولي المثقوب ، حيث يمر الريح من جميع الجهات ، ام ان الوضع القانوني وليس السياسي لنزاع الصحراء ، أخذ له منعطفا خطيرا ، عندما اصبح الموقف من أطروحة مغربية الصحراء ، يتلاعب بها ، وتستعمل في الضغط على أنظمة ، او في التأثير عليها ، او الاصطفاف ضدها ، اوالانحياز لنصرة الطرف المعادي لأطروحة مغربية الصحراء . فما أقدمت عليه بعض الدول العربية ، بسبب مواقفها من النظام ، وبالضبط من شخص الملك محمد السادس ، لهو اخطر من مواقف دول الاتحاد الأوربي ، وموقف الولايات المتحدة الامريكية ، وموقف الدول الوازنة في المنظومة الدولية .
انّ مواقف هؤلاء ، حتى في اصعب الفترات بين النظام المغربي وبينها ، فهي لم تذهب صراحة الى حد الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، رغم اللقاءات المتكررة كلقاء Bruxelles الذي حضرته الجمهورية الصحراوية كدولة ، واستقبل فيه إبراهيم غالي كرئيس دولة رفرف علمها فوق سماء Bruxelles عاصمة الاتحاد الأوربي ..
ان الخطورة التي أصبحت تهدد كيان النظام المغربي ، وتضفي مشروعية الحل الديمقراطي المؤدي الى الانفصال ، هو اعتراف العديد من الدول العربية بطريقة او أخرى ، بالجمهورية الصحراوية . وهذا الاعتراف الصريح والجليّ ، لم تفعله الأنظمة المسيطرة على المجتمع الدولي ، من خلال العضوية الدائمة لمجلس الامن ، بل لم تفعله دول الاتحاد الأوربي ، ولا فعلته موسكو والصين .. لان هؤلاء يتدرعون بالحياد ، ومن هنا كيفوا موقفهم مع الاستفتاء وتقرير المصير ، الذي نتيجته وحدها ، ستحدد جنسية تلك الأرضي ، وليس حل الحكم الذاتي الغير معترف به من قبل المجتمع الدولي ..
في المحيط العربي ، سنجد من يعترف صراحة بالجمهورية الصحراوية كدولة ذات سيادة كاملة ، دولة تعيش على جزء من التراب المسمى محررا ، وهو الثلث المفروض انه منزوع السلاح ، والمفروض انْ يكون تابعا للأمم المتحدة ، كما تدرعوا لتبرير موقفهم المنحاز والغير حيادي ، بالعلاقات التي تربط النظام المغربي بجبهة البوليساريو ، ويعتبرون انّ مجرد الجلوس للتفاوض معها ، وتحت اشراف الأمم المتحدة ، هو دليل ساطع على اعتراف النظام المغربي بهم ، واعتراف منه بعدم مغربية الصحراء ، وان الذي سيقرر مغربيتها من عدمه ، هو الاستفتاء وتقرير المصير .. وقد زاد هذا الموقف العربي تطرفا ، اعتراف النظام المغربي بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار في يناير 2017 ، ونشر اعترافه المعلن في الجريدة الرسمية للدولة المغربية عدد 6539 ، بظهير أصدره الملك محمد السادس ، ووقعه بخط يده ..
وبينما اعترفت صراحة بالجمهورية الصحراوية ، كل من موريتانية ، وسورية ، والجزائر ، هناك دول أخرى تعترف بالجمهورية الصحراوية على الأرض ، من خلال تصرفات بادية للعلن ، ومنها تونس التي استقبل رئيسها قيس سعيد ، إبراهيم غالي كرئيس للجمهورية الصحراوية ، وليس كزعيم لجبهة البوليساريو ، وهناك العلاقات المتوترة مع المملكة العربية السعودية ، التي وهبت مؤخرا لجبهة البوليساريو ، كم آلاف طن من التمور السعودية ، عن طريق الهلال الأحمر الجزائري ، وهناك الموقف الغامض لقطر التي تنشر فضائيتها " الجزيرة " ، خريطة المغرب دون الصحراء ، وموقف الامارات الغامض وغير المفهوم ، وكأنه يميز بين نظام محمد السادس الغير مرغوب فيه ، وبين الشعب المغربي الذي ينظر اليه بمنظار اخر ، ليس هو المنظار الذي ينظرون منه الى النظام ..
ويا ليت وقفنا عند هذا الحد ، فمصر مؤخرا ذهبت بعيدا في تصرفها ، وبالواضح ، حين اجتمع قادة الجيوش المصرية ، والليبية ، والجزائرية ، في لقاء تنسيقي مع قائد اركان الجيش الشعبي الصحراوي ، في اجتماع واحد للدراسة ، وللتباحث في المواضيع التي تهم جمهورية مصر ، والجمهورية الليبية ، والجمهورية الجزائرية ، والجمهورية الصحراوية . فمصر جلست مع الجمهورية الصحراوية ، ولم تجلس مع جبهة البوليساريو التي تعتبرها كحركة تحرير وكفاح مسلح .. فلو لم تكن مصر تعترف بالجمهورية الصحراوية ، هل كان لقائد أركان جيشها ، ان يجلس مع قائد أركان الجيش الصحراوي الممثل للدولة الصحراوية ، وليس الممثل لجبهة البوليساريو التي تعتبرها المملكة العربية السعودية بطريق غير مباشر ، حركة كفاح مسلح ، تمدها بالمساعدات المختلفة التي تقدم بواسطة الدولة الجزائرية ..؟
بل ولنذهب بعيدا في تساؤلنا . لو لم تكن دول الاتحاد الأوربي تعترف بالجمهورية الصحراوية كدولة ، وليس فقط كجهة . هل كان لها ان تجالسها في جلسات رسمية ، رغم احتجاج وتباكي النظام المغربي الذي لم يسمعه احد ؟
بل . كيف انْ لا أحد من دول مجلس الامن ، ومن الاتحاد الأوربي ، والدول العظمى ، لم ينصت لأسطوانة النظام المغربي ، حين فشل في الصاق تهمة الإرهاب بجبهة البوليساريو ، ويقف وراء هذه التهمة الفاشلة البوليس السياسي المغربي ، وبالضبط المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني DGST ( عبدالحق الخيام ) ؟
ان للبوليساريو مكاتب سياسية ، وإعلامية ، ودبلوماسية ، في عواصم ومدن دول الاتحاد الأوربي ، وتحصل منهم على كل المساعدات التي تفرضها الظرفية ، ويفرضها القانون ، ولها مكتب رسمي بواشنطن ، ومكتب بمقر الأمم المتحدة ب New-York ، وبسويسرة ، وروسيا ، والصين ... الخ . فلو كانت جبهة البوليساريو منظمة إرهابية ، هل كان لها ان تتمتع بالوجود القانوني في الدول المشار اليها ، وتحظى منها بالمساعدات المادية ، والقانونية ، والدبلوماسية ؟
بل انّ النظام المغربي حين كان يفاوض الجبهة بالولايات المتحدة الامريكية ، وبجنيف ، وتحت الاشراف المباشر لمجلس الامن ، ألم يكن التفاوض هذا ، بمثابة اعتراف منه بجبهة البوليساريو كحركة تحرير ، عندما يفاوضها على الأراضي المتنازع عليها ؟
بل ماذا يعتبر المجمع الدولي ، موقف النظام المغربي ، حين اعترف صراحة وامام العالم ، بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار في يناير 2017 ؟
ان البعض من هذه المواقف المعبر عنها ، سواء بطريقة مباشرة وجهرا أمام العالم ، او بطريقة غير مباشرة وهي الأخطر ، لان الدول من هذا الصنف ، هي جبانة ، وتمارس الغدر والطعن بخناجر في ظهر الشعب المغربي ... يدفعنا للتساؤل عن المصير القادم الذي ينتظر نزاع الصحراء ، الذي جاوز اليوم اكثر من سبعة وأربعين سنة خلت . هل من الممكن انتظار ان يخرج هؤلاء او بعضهم ، بموقف يعلنون فيه الاعتراف الصريح بالجمهورية الصحراوية ؟ ، ما دام ان النظام المغربي اعترف بها كدولة ، ويجلس يفاوض الجبهة كحركة تحرير وكفاح مسلح ، ينازع النظام المغربي الأراضي محط النزاع الاممي ؟
والأخطر السؤال التالي : بما ان دولا عربية تعترف صراحة بالجمهورية الصحراوية ، وهي الجزائر ، وموريتانية ، وسورية .. وبما ان دولا عربية تعترف بالجمهورية الصحراوية بطريق غير مباشر من خلال أفعال على الأرض ، وهي تونس ، وليبيا ، ومصر ، وغدا السودان الذي يتعرض لحرب أهلية انفصالية ... واستعمال دول عربية أخرى قضية الصحراء في التأثير على النظام المغربي ، وهي المملكة العربية السعودية ، خاصة مع ولي العهد سلمان ، وتقديمها المساعدات المادية المتنوعة لجبهة البولساريو ، وموقف قطر الذي يعمه النفاق من خلال فضائية الجزيرة التي تعرض خريطة المغرب من دون الصحراء ، بدعوى التمسك بخريطة الأمم المتحدة ، وحتى Google اعتمد الخريطة العالمية ، ووكالات المخابرات الامريكية الخارجية CIA .. وموقف الامارات الذي يميز بين النظام المغربي ، خاصة في شخص محمد السادس ، وبين الشعب المغربي .... هل ممكن الاّ نتفاجأ غدا حين ستجلس الجمهورية الصحراوية في مقعدها المخصص لها ، في احدى القمم العربية القادمة ، لتصبح عضوا بالجامعة العربية ، مثل عضويتها بالاتحاد الافريقي ؟ ، خاصة وان النظام المغربي المعني الأول بالنزاع ، اعترف بها ، واعترف بالحدود الموروثة عن الاستعمار ، وهناك إعتراف أوربي بها ، من خلال اللقاءات التي تحصل بين الاتحاد الافريقي ، وبين الاتحاد الأوربي ، وروسيا الاتحادية ، والجمهورية الصينية ... الخ .
بل لنا ان نتساءل دون طرح السؤال ، حتى لا نتفاجأ بالقادم الأسوء والصادم .. لماذا لم تفي دولة إسرائيل بتعهداتها التي تعهدت بها ، وتعهد بها Donald Trump ، عندما تم ابرام اتفاق " أبراها " ، وتعترف بمغربية الصحراء كما كان الامر متوقعا ؟
لماذا لا تعترف إسرائيل بمغربية الصحراء ، وتتشبث كغيرها من الدول الحليفة ، الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الامريكية ، بالمشروعية الدولية التي تعني قرارات مجلس الامن ، التي قد تصدر يوما تحت البند السابع ، رغم ان إسرائيل العليمة بالسر المغربي ، متأكدة ومتيقنة ، بان تنظيم الاستفتاء بالصحراء ، من خلال تقرير المصير ، نتيجته ان 99 في المائة من الصحراويين ، ستصوت لصالح الجمهورية الصحراوية ، وما سيترتب على هذه النتيجة ، حتمية سقوط النظام المغربي ، والبدء في شرعة تفكيك التراب المغربي .. فاذا كانت إسرائيل كغيرها من الحلفاء ، على علم ومتيقنين بسقوط النظام اذا أضاع الصحراء ، ورغم ذلك ، انّ تل ابيب مع الاستفتاء ، فهذه الحقيقة ليس لها من فهم او شرح ، غير ان إسرائيل لا يهمها بقاء او سقوط النظام المغربي ، لأنها مثل الولايات المتحدة الامريكية ، تهمها مصالحها ، غير مصالحها فقط ، ولا يهمها حليف او صديق .
فاذا كان هذا هو الموقف الإسرائيلي من النظام المخزني ، فكيف للنظام انتظار ان تهب إسرائيل للدفاع عنه ، عند نشوب حرب تشجعها إسرائيل ، بين النظام المغربي الذي مآله السقوط ، والنظام الجزائري ، لتخريب المنطقة الحلم الصهيوني الأول والاسمى ؟ . أي ان إسرائيل ، لن تسمح بجندي يهودي واحد يسقط ، حُبّاً في نظام بليد تستعمله إسرائيل من خلال نقط ضعفه الكثيرة ، لتحقق على حسابه مصالحها الاستراتيجية الخاصة .. والسؤال . هل سيكون محمد السادس اسرائيليا اكثر من صهيونية حسني مبارك ، الذي برع في خدمة إسرائيل ، وعندما ( كنسته الجماهير ) ، وصفه القادة الصهاينة ومنهم " Benyamine Netanyahoo " بالدكتاتور ، وهنأوا الشعب المصري التخلص منه ...
الوضع في الصحراء من الخطورة بمكان ، وحتى لو افترضنا دخول النظام المخزني الى ديمقراطية حقيقية ، وان أصبحت الملكية العلوية هي ملكية الدول الاسكندنافية ، فمشكل الصحراء لن يُحل ، لأنه ذهب بعيدا ، ومن دون تدخل مجلس الامن باستعمال البند السابع من الميثاق ، والتغاضي عن البند السادس ، أوانْ يحسم أحد اطراف النزاع عسكريا ، لفرض شروط وقف اطلاق النار ، لان الفائز المنتصر يملي وجهة نظره على الطرف المنهزم ، فان النزاع سيستمر على حالته ، وسيستمر النزيف ، وتستمر الازمة الاجتماعية والاقتصادية التي وحدها تشكل خزان شروط التغير عندما يصل السيف العَظْمة ..
انّ سبل الحل لن تتجاوز السنتين القادمتين .. فيجب الاستعداد لكل شيء ، الاّ انتظار ان يأتي الفرج بما يرطب الخواطر ، ويفرض حلا دون غالب ولا مغلوب ..
لقد نجت المخابرات الفرنسية عند تسريبها فيديو الملك محمد السادس وهو سكران ثمل ، في شوارع باريس صباحا باكرا مع شلة من ( البشر ) ، في تغيير موقف دول الخليج ، ومصر ، وتونس / وليبيا ، وموريتانية ... منه ، وانعكس هذا التغيير في الصورة ، على قضية الصحراء الغربية ، وعلى جمود العلاقات بين النظام المغربي ، وبالضبط شخص محمد السادس بالضبط .
فالمخابرات الفرنسية انتقمت لجريمة Pegasus gate ، بتعريض كل الدولة ، وليس فقط نظام محمد السادس ، الى هزة جغرافية ، بدأ يتشكل اتجاهها الآن ، وساهمت من خلال علاقتها كدولة قوية في محيطها الأوربي ، والدولي ، والعربي ، والمحلي .. في الإساءة لشخص الملك ، ومنه لنظامه ، ومنه لنزاع الصحراء ، وهو وضع ينذر بأخطار وليس بخطر واحد ينتظر المغرب ..
الدولة البوليسية تخرب وتدمر ، ولا تبني وتعمر ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحجاج يتوافدون على عرفات لأداء ركن الحج الأعظم


.. الحرب في أوكرانيا.. خطة زيلينسكي للسلام




.. مراسل الجزيرة مؤمن الشرافي يرصد آخر الأوضاع في مدينة رفح


.. كيف هي الأجواء من صعيد عرفات؟




.. مراسل الجزيرة يرصد أراء الحجاج من صعيد عرفات