الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برنامج العمل الوطني المشترك

منير عيسى

2023 / 5 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


أن برنامج العمل الوطني المشترك , هو صيغة نوعية متطورة للعمل بين الاحزاب , سارت عليه القوى التقدمية في مختلف بلدان العالم في الاربعينات من القرن العشرين , وشكلت لذلك جبهات وتحالفات بهدف اساقط النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية نقول هذا الكلام بالذات في هذا اليوم الثلاثاء الموافق التاسع من ايار 2023 , والذي يصادف عيد النصر , حيث نحتفل بالذكرى السنوية للنصر الاسطوري الذي تحقق ضد النازية والفاشية في عام 1945 بقيادة الاتحاد السوفياتي العظيم وبدماء اكثر من 20 مليون من الشجعان من ابناء الشعب السوفياتي الابي . لكن في مرحلة السلم عموما , فأن برنامج الحد الادنى للتعاون الوطني , هو برنامج لبناء الوطن , برنامج اعتادت الاحزاب السياسية في مرحلة الانعطافات الكبرى في تاريخ ومصير الشعوب والاوطان , أن تتفق عليه , كبرنامج عمل للتعاون بالحد الادنى , والذي من الممكن ان يجمع كل الاحزاب السياسية الفاعلة في البلد المعني , بهدف العمل المشترك , لتنفيذ مهمات محددة في مرحلة تاريخية معينة , لكي لا تتقاتل ولا تتنافس هذه الاحزاب على المصالح و على السلطة , في مرحلة التحرر الوطني بعد خروج الاستعمار من الوطن , وبداية العمل لبناء الوطن ولتعزيز الرقابة على عمل السلطة وتطبيق القانون والدستور ودولة المؤسسات والحريات والانجازات و للقضاء على الفساد والبيروقراطية والتطرف , ولتأمين الاستقرار والتنمية وحل الخلافات بطريق الحوار والحرص . لكن الملاحظ و للاسف و نقول بمرارة , أن احزابنا العربية وغير العربية وقياداتنا بالمنطقة , فشلت فشلا ذريعا , و لم تنجح هذه القيادات السياسية و الاحزاب العربية وغير العربية اطلاقا , سواءا الاحزاب الحاكمة او الاحزاب المعارضة للحكم , والتي تواجدت في تلك السنوات باختلاف اسمائها و مسمياتها وايديولوجياتها وافكارها وطروحاتها , من اقصى اليسار الى اقصى اليمين , ومن الاحزاب القومية الى الاحزاب الاممية , مرورا بالاحزاب العلمانية والملكية والجمهورية والدينية , واعني الاحزاب التي تواجدت وعملت في مرحلة وسنوات الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن العشرين . ولكن الغريب والعجيب , والذي لا يتماشى مع منطق الامور و مع تفكير العقل البشري السليم , بأن هذه القيادات والاحزاب , لم تتعظ الى اليوم من التاريخ و من الفشل و من النكبات و من الحروب والماسي والصراعات المتكررة و التي حصلت خلال قرن من الزمان , حيث كررت هذه الاحزاب والقيادات , نفس الية التفكير ,ونفس الاخطاء , و نفس الممارسات خلال تواجدها بالحكم او المعارضة . نعم , واكرر , فقد اعادت هذه الاحزاب والقيادات العربية وغير العربية في القرن الواحد والعشرين , نفس الاخطاء و نفس الممارسات التي قامت بها في القرن العشرين وكأن الزمن لم يمضي من هنا . , بدءا من بلدان شمال افريقيا , وانتهاء ببلدان الهلال الخصيب , هذا الهلال الذي يعاني اليوم من التصحر و من ندرة المياه و من تغير المناخ , وما القوارب الغارقة , و القوارب التي تغرق في البحر الابيض المتوسط يوميا , وهي تحاول قطع المسافة , بين عالمين , وبين قارتين , وبين نوعين من التفكير , ما هذه الماسي اليومية , الا صرخة بصوت عال من شعوبنا المغلوبة على امرها , بوجه انظمة القمع الرسمية , صرخة بوجه هؤلاء القادة الفاشلين و الذين عجزوا منذ 100 سنة والى اليوم , من تاريخ الشرق الاوسط الحديث , عن قيادة شعوبهم وامتهم وبلدانهم الى بر الامان . اقول , هذه الاحزاب وهؤلاء القادة , كرروا فشلهم المأساوي في القرن الوحد والعشرن , فبدل التعاون والبناء والحوار الحضاري , تقاتلت هذه الاحزاب والقيادات ومراكز القوى , ليس دفاعا عن الوطن والشعب , بل بالعكس , تصارعت وتكالبت وتنافست , هذه القيادات , لتخريب الوطن واذلال الشعب , مستخدمين الشعارات والتهريجات الكاذبة الطنانة , و مراعين وخادمين كعبيد اذلاء , مصالح الدول الاقليمية والكبرى الاجنبية , على حساب مصالح شعوبهم وبلدانهم , حيث , يستخدمون هذه الامور والسياسات والتكتيكات , و يوظفونها لصالحهم ولبقائهم بالسلطة و لخدمتهم , حتى لو تناقض هذا الامر , مع مصالح الوطن والشعب . وهكذا و في نهاية المطاف , وكمحصلة للتحليل السياسي لهذه المرحلة التاريخية , نرى بأن هذه الاحزاب والقوى والقيادات الفاشلة , و نتيجة لتسلطها وفسادها وطغيانها , فهي قد خربت و دمرت الاوطان و البلدان والمجتمعات بالشرق الاوسط , وذلك في نهاية القرن العشرين , و كما يتجلى اليوم بوضوح اكثر تماما , في الربع الاول من القرن الحادي والعشرين , كما هو حاصل عمليا و بالواقع , بعيدا عن الاكاذيب وعن التهريج وبعيدا عن الشعارات والخطابات والمؤتمرات والمقالات والمقابلات والتصريحات . ان هذه الاحزاب , دمرت هذه البلدان وحولتها الى بلدان فاشلة نتيجة لسياساتها الرعناء . ان السياسة الرعناء لهذه الاحزاب والقيادات والتي تسببت في تدمير للاوطان , في الماضي , والحاضر , تتمثل في الامور التالية . باختصار شديد , السياسة الرعناء لهذه الاحزاب نلخصها بالاتي , الصراعات و التناحرات , و الحروب العبثية بالنيابة عن القوى الكبرى , و التامر , والفوضى , وغياب الدراسات والتخطيط الاستراتيجي في بناء الاقتصاد الوطني , و غياب الخطط والمختصين والاكفاء من كوادر علمية مؤهلة في كل المجالات , وما يتطلبه ذلك من تنظيم للموارد المادية والطاقات والعوامل البشرية , هذا اضافة الى غياب الديمقراطية , و عدم احترام حقوق الانسان , و غياب التطبيق العملي للقانون والدستور , وكذلك مشكلة سيطرة مراكز القوى على المواقع الحساسة في الدولة والمؤسسات , بعيدا عن المهنية ومصلحة الشعب , و انتشار الولاءات الشخصية والعشائرية والطائفية و المحسوبية والفساد , و الركض وراء المصالح المادية , بكلمة واحدة , كانت هذه الامور مجتمعة , هي المقياس الاوحد , للوطنية والقيم و المبادئ . وهكذا فأن اي غياب , بسبب , الظروف المستجدة او الطارئة , للزعيم الاوحد , والقائد الصامد , والبطل الخالد , والرجل الاول , من الزعامة و قيادة البلاد , فهذا يعني بالضرورة , نهاية منهج سياسي كامل و انتهاء مرحلة تأريخية كاملة , بنت عليها الجماهير امالا كبيرة , مهما كانت مصداقية ذلك الزعيم واعماله واخطائه , وذلك بسبب غياب مفهوم القيادة والادارة الجماعية على ارض الواقع , وهذا ما حصل في اغلب بلدان الشرق الاوسط في مرحلة الهزائم و الانتكاسات . ان خلافات القادة والاحزاب , وصراعاتهم , دمرت كل شي و لم تبقي ولم تذر , دمرت الوطن , وخلقت نخبة طفيلية متسلطة حاكمة و مستفيدة , خاصة من العسكر و البيروقراطيين , و بانظمة ديكتاتورية لا شغل لها ولا شاغل سوى , جعجعة الخطابات , ورفع الشعارات , واقامة الاحتفالات . هذه النخبة الحاكمة الفاسدة اثبتت عجزها عن المواجهة مع الاعداء الحقيقيين في اول امتحان لها , و ما السودان اليوم , الا اكبر واخر مثال على ذلك . والنتيجة من هذا كله أن بلداننا وشعوبنا تأخرت مقارنة مع باقي الدول والشعوب الاخرى , بسبب فشل أحزابنا وقياداتنا , نتيجة وجود الشخص غير المناسب في المكان المناسب , في سلم المسؤوليات والمناصب في ادارة الدولة والمجتمع . نعم فشل قادتنا واحزابنا , في بناء أوطان تتسع للجميع وتحقق الاستقرار لشعوبنا المختلفة وتسعى لبناء المجتمع والبلد العصري الحديث القائم على اسس حضارية و علمية وتقنية معاصرة , في عالم اصبحت دوله اليوم تتبارى في غزو الكواكب والفضاء , و تتبارى في الذكاء الاصطناعي , و في تأمين الحياة اللائقة وفرص العمل والعدالة و الامن والامان والصحة والتعليم والخدمات والسكن والسعادة والاستقرار لشعوبها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب