الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معارضة البيانات والترقيع في ظلال ربيع التطبيع

سعيد لحدو

2023 / 5 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


9-5-2023
بعد انهزام الربيع العربي أمام قيظ صحارى الوهم بالحرية والديمقراطية والدولة المدنية الحديثة لشعوب سئمت الانتظار وهي تأمل في انزياح ظلام التخلف واستفحال الأزمات المعيشية والأمنية والإنسانية المتراكمة في مجتمعاتها تحت خيمة الديكتاتوريات التي أثبتت أنها قادرة على الصمود أكثر من كل أبراج الفخر والاعتزاز والوطنية والحرية التي نصبتها ثورات الربيع العربي. وبقيت تلك الخيمة قائمة في وجه أعتى عواصف الثورات الطامحة للتغيير، رغم اهتراءاتها المتعفنة وشعاراتها الأكثر نتانة وتعفناً. ليعود المواطن الثائر خائباً منكسراً ذليلاً أكثر من أي وقت، وليركع من جديد مطأطئ الرأس تحت خيمة الديكتاتوريات تلك، وهو نادم لأنه أسلم قياده لمن لم يكن أهلاً لأن يقوده إلى بر الأمان في وطن فقد الإنسان فيه كل شيء، وفي مقدمتها الأمان.
هذا هو حال السوري اليوم في مواجهة نظام تخلى عن كل القيم الوطنية والإنسانية والأخلاقية، ودمر بلداً كان عروس الشرق الأوسط يوماً، ليثبت أنه انتصر على شعبه.
بعد ربيع الثورات العربية التي لم تتفتح فيه زهرة قط، جاء ربيع التطبيع العربي، وهو ينشد مواويل الحنين لثغر الحبيب الذي طال بُعاده، وزاد الاشتياق إلى لقياه. وبات الذم والقدح همساً وجهاراً للعُزَّال الذين تسببوا في هذا الفراق بين الأحبة.
ليس من العدل أن نرمي المعارضة الرسمية السورية تحديداً وحدها بسهام التقصير والإخلال بالمسؤولية، رغم وجاهة هذا الأمر وصحته. لكن مالذي فعله المطبِّعون اليوم مع النظام وله، من إجراءات، لمساعدة الشعب السوري للوقوف على قدميه بطريقة تحفظ له قسطاً بسيطاً من كرامته، خارج ركام التصاريح والبيانات؟ هذه الكرامة التي ضحى بها لإيقاظ من كان يريد أن يستيقظ من شعوب البلدان العربية، ولو بعد حين.
الأنظمة هي ذاتها بكل المواصفات وإن تغيرت الألوان والمسميات. فقد عملت جميعها على الإسراع في مجيء الخريف بأوراقه الصفراء المنذرة بالموت القادم. فكانت حبال الشد بقوة في الاتجاه المغاير، لإفشال قوة الدفع الذاتي التي بدأت به الثورة السورية، وما قد يجلبه نجاحها من تحولات مصيرية في مجمل الشرق الأوسط.
ولم تكن إسرائيل، والقوى الخارجية الأخرى المتحكمة، بعيدة عن هذا المسار وإن تم ذلك بأيادي محسوبة على المعارضة الوطنية حيناً والنظام حيناً لآخر . لكن نتائج ممارساتها تلك كانت تلقي بثمارها في الطرف الآخر، وليس في طرف الشعب السوري.
هكذا قدمت المعارضة الرسمية السورية التي مازال الائتلاف وحكومته الدمية يمثلانها، الأعذار والمبررات والفرص، وبخاصة في السنوات الأخيرة، لكل القوى العاملة والمؤثرة على الساحة السورية، باستثناء السوريين أنفسهم، لتحقيق مايصبون إليه وما يحقق غاياتهم ومصالحهم، على حساب السوريين. وفي كثير من الأحيان بأيادٍ سورية.
لقد ترهلت المعارضة الرسمية باكراً عندما عملت لمصالح الآخرين فاستخف بها الآخرون واستعملوها أوتجاهلوها وأركنوها جانباً عندما لم يحتاجوا لاستعمالها. مما دفع خيرة المناضلين الوطنيين لمغادرتها واحداً تلو الآخر،بعدما رأوا مارأوه من جر الثورة وممثلها الائتلاف إلى مسار أبعد مايكون عن المبادئ والقيم الوطنية في الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة والتعددية. وكانت انتهازية التيار الإسلامي والمجموعات المتطرفة الجهادية، بدعم واضح وجلي من حكومة أردوغان وقطر، هي القوة الطاردة لكل أولئك المناضلين والمناضلات ممن عملوا بصدق وإخلاص لتلك المبادئ والأهداف. فباتت المعارضة مجرد آلة ناسخة للبيانات الورقية التي لا تقدم ولا تؤخر. ولا تجد من يقرأها حتى من أعضاء الائتلاف نفسه. ففقدت مصداقيتها كقيادة لثورة الحرية، وأفقدت الثورة بريقها وروحها الإنسانية.
لقد بدأ ربيع التطبيع وسيستمر حتى يكتمل، لأنه هكذا مكتوب له في سفر الأنظمة. وسيستمر الائتلاف وفروعه بإصدار البيانات البلاغية التي لم يشببها في التاريخ العربي شيءٌ مثل شعارات الصمود والتصدي والتحرير، في الزمان والمكان المناسبين.
لم تعد المشكلة كما تأمل البيانات الصادرة هنا وهناك. فمن بقي لديه شيءٌ من الحس والضمير الوطني لا بد له أن يتوقف عن لعب هذا الدور الشائن لتغطية عزوف المجتمع الدولي عامة، والعربي بصورة خاصة عن إنهاء معاناة الشعب السوري منذ إثني عشر عاماً ونيف. ووضع الطرفين أمام مسؤولياتهما في خلق حل نهائي ودائم لهذه المأساة الإنسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف