الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب شمس الرجاء (28) --- الفصل السادس والعشرون --- القصة السادسة والعشرون: رجاء الصابرين

توماس برنابا

2023 / 5 / 10
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


- يجب يا أمي أن تتناولي الدواء، فإن الانقطاع عن الدواء به خطر على حياتك..

- تعبت يا ابنتي خمسة عشر عامًا متواصلة من تناول أكثر من ثلاثون قرص من الأدوية يوميًا لمشكلات القلب ومضاعافاتها التي أعاني منها دون أي بوادر في الشفاء.. تعبت جدًا يا صابرين..

- لكن يا أمي أنت بذلك تنتحرين.. تعرفين أن جسمك اعتاد على هذه الأدوية والانقطاع عنها يُعد انتحارًا!

- فليكن! لم أعد أرغب في الحياة! كفى لي أني رأيتك عروسة، وها قد تزوج أخويك وهم سعيدين في بيوتهما..

- يا أمي العزيزة. ألا تريدين أن تحملي على ذراعيك أولادي.. أَيُرضيك أن يأتي أولادي إلى الدنيا بلا أي جَد أو جَدة سواء من جانب الأب أو الأم؟

- يا ابنتي لا تُزيدي عليَّ مرضي. إنني أشعر براحة غريبة لانقطاعي عن هذه الأدوية.. ولا أريد تناولهم مرة أخرى..

- يا أمي مرضك مُزمن..

- وماذا تُعني كلمة مُزمن؟
- تُعني بكل بساطة أن لا شفاء له.. لكن هناك علاج له حتى تستطيعين مواصلة حياتك وتقفين على قدميك مرة أخرى، وتملئين حياتنا كلنا بالبهجة والسعادة..

- لم تقولوا لي هذا الأمر من قبل..

- لم نَقُل لكِ هذا الأمر حتى تواصلين حياتك على أمل الشفاء.. وهذا بحد ذاته له عامل إيجابي على تحسين صحتك..

- هل كنتم تخدعونني إذًا؟!

- لا يا أمي لم نخدعك.. ولكن اليأس من عدم وجود شفاء تام كان يُمكن أن يُدمركِ.. وها أنت عشتِ لمدة خمسة عشرة عامًا بهذا الداء في القلب مع تناولك الأدوية بانتظام وهناك من هو في مثل حالتك بل وأكثر وقد امتد به العمر بعد الاصابة به لأكثر من ثلاثون عامًا وما زال حيًا يُرزق طالما يتناول الأدوية التي تسنده على مواصلة الطريق..

- فليكن! لن أتناول أي دواء مرة أخرى.. هذا قرار نهائي!

- يا أمي لديَّ خبر سار.. ولا استطيع أن أخبرك به وأنتِ بهذا الحال تقتلين نفسك..

- ما هو يا صابرين يا حبيبتي..

- إني حامل يا أمي.. لقد تأكدت من هذا منذ يومين وأتيت خصيصًا اليوم لأبشرك..

- مُبارك يا ابنتي.. هذا أسعد خبر سمعته منذ أمد بعيد..

- وهل يُرضيك أن يأتي حفيدك الأول دون جدة تعتني به.. ومن سيُساعدني خلال فترة الحمل وخلال الولادة من الأساس.. ثم إن رثائي عليك إذا توفاك الله يُمكن أن يُساهم في إجهاض الجنين..

- لا تقولي هذا يا صابرين.. هاتي شنطة الأدوية بسرعة من ذلك الدرج..

قامت الأم من سريرها بسرعة فهناك الكثير لتقوم به قبل أن تموت..

ابتسمت الأبنة وهي تشعر بالزهو بالانتصار على هذا اليأس الذي خَيَّم على الأجواء، فدائمًا لكل ليل رجاء..!

*****

ابتسم مدحت وهو يقرأ نهاية هذه القصة.. ووجدت السعادة طريقها إلى قلبه.. لذا قام مُسرعًا لمواصلة تحضيره للعام الدراسي الجديد بقراءة كل ما يلزم من مراجع حتى يكون مُتميزًا في تدريسه في هذا العام الدراسي الذي سيكون جديدًا بالنسبة له بشكل غير مسبوق..

في تمام الساعة السابعة كان هذا الحديث مع صديقه نشأت عبر الإنترنت..


حوار الليلة السابعة والعشرون

- مساء الخير يا مدحت

- مساء السعادة والهناء يا صديقي العزيز..

- مُبارك يا صديقي، فالسعادة تَشعُ منك بصورة طبيعية الآن..

- بالفعل يا صديقي العزيز نشأت، هناك الكثير مما يستدعي نبذ المشاعر السلبية والتفرغ لما هو مُسر وجالب للسعادة.. كم هي حلوة هذه الحياة!

- هل قرأت قصة اليوم يا مدحت؟!

- بالطبع يا نشأت! إنها قصة قصيرة لكنها تُلخص مُعاناة الكثيرين مع الأدوية..

- بالطبع يا صديقي.. هُناك أمراض مُزمنة كثيرة سواء العضوية منها أو النفسية أو العصبية، وسيعيش المريض مُعتمدًا عليها بشكل كُلي طوال حياته.. ويجب أن يتعايش مع هذه الأدوية حتى لا تسوء حالته..

- هل هناك أمراض نفسية مُزمنة أيضًا يا نشأت؟!

- بالطبع يا صديقي، هناك أمراض عضوية وأخرى نفسية وعصبية تكون نتيجة اختلال وظيفي لأحد أعضاء أو غدد الجسم المختلفة بسبب عطب ما أصابها..
لذلك الأدوية تُعوض عن هذا الخلل، ويعيش الإنسان مُعتمدًا طوال حياته على الأدوية المناسبة بجرعات مناسبة لعلاج هذه الأمراض المُزمنة.. ويجب أن يعي المريض ذلك مُبكرًا ولا يجب خداعه طويلًا.

- هل تُريد أن توحي لي في كلامك أنني سأظل مُعتمدًا على الأدوية طوال حياتي يا نشأت؟!

- هذا أمر يُحدده الطبيب يا صديقي.. ولتكن إيجابيًا! ولتتقبل الأمر بأريحية! لكن يجب أن تُراجع طبيبك في هذا الأمر، فهو وحده من يعلم حقيقة مرضك. يُمكنك مناقشته في كل البدائل المتاحة في العلاج..

- فليكن يا صديقي العزيز.. ولِمَا أُرهق نفسي في رثاءٍ للنفس.. الأدوية لا تُكلفني الكثير.. ويجب أن أكون من الصابرين، سواء شُفيت تمامًا أو أستمررت في الاعتماد الكلي على الأدوية..

- أسعدتني يا مدحت بحديثك الإيجابي هذا.. لن يكون ذلك ردك إذا قُلت لك ذلك منذ أسابيع مضت.. وهذا دليل على أن هناك تغييرًا قد انتابك في توجهاتك نحو الحياة، وهذا يُثلج صدري كثيرًا!

- شكرًا يا صديقي العزيز.. بوركت وبوركت حياتك بأقصى ما يشاء الله لك..
جاء وقت سؤالي عن قصة الغد يا صديقي...

- ستكون عن شاب غني توافرت لديه كل ما يُمكن أن يتمناه أي شاب في سِنه، لذا أُصيب بالكآبة بسبب عدم وجود طموح لديه.. فإلى اللقاء..

- إلى اللقاء يا صديقي.. وطاب مساؤك!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير


.. مصادر طبية: مقتل 66 وإصابة 138 آخرين في غزة خلال الساعات الـ




.. السلطات الروسية تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة | #


.. مراسلنا: غارات جوية إسرائيلية على بلدتي مارون الراس وطيرحرفا




.. جهود دولية وإقليمية حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة | #رادار