الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقلنا . . والخلط المعرفي لفهم الموضوعية

أمين أحمد ثابت

2023 / 5 / 11
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


من يعرف ابجديات العلوم الطبيعية . . يعلم أن الطبيعة يحكم وجودها ( قوانين موضوعية ) ، إلا أن الغالبية المتعلمة في مجالات العلوم الطبيعية تعي بشخوصها ذلك الامر ولكن في مجالات دراستها التخصصية والدقيقة منها فقط ، بينما القلة المتبقية من كلية تلك الفئة . . تعرف اكثريتها بحدسية او ظنية بفهم جشتالطي أن مختلف الظواهر الطبيعية محكومة كل نوع او حالة منها بخصوصية القوانين الموضوعية الحاكمة لها ، ولهذا تخمن باشتراك كل ما هو خارج ارادة الانسان وفعله التدخلي بأنها محكومة ب ( القانون الموضوعي ) للظواهر والاشياء ، وتمثل الندرة الباقية بمعرفتها – شبه التيقنية – في ذلك الحكم الاستنباطي ، خاصة منها المتثقفة بالفلسفة ومتأثرة في الفكر المادي الفلسفي الى جانب مجال تخصصها في علم من علوم الطبيعة – وليس من فراغ اوردنا لفظية ( شبه التيقن ) ، حيث أن من هذه المجموعة من يكون تأثرها الفلسفي في الفكر المثالي والذي يفقد القناعة الفكرية الذاتية عند افرادها بإطلاقيه ذلك الحكم الاستنباطي سالف الذكر ، كون الواحد منهم لا يستطيع الجزم حول امور او ظواهر خارج مجاله التخصصي ، بل يصل الى حد التشكك بالحقيقة المعرفية في ذلك الحكم حتى في مجاله التخصصي ، كون أن المرء لا يلم مطلقا بالمعرفة اليقينية حتى في مجال تخصصه الكامل النظري الدراسي والعملي ، ما بال ما هو معلوم لدى الجميع من متخصصي العلوم الطبيعية أن هناك من الظواهر الطبيعية ما تعد لغزا على العقل والمعرفة العلمية حول تفسيرها وماهية القوانين ورائها لتجليها الغريب الاستثنائي من حيث الظهور ومحتواها التكويني ومسلكها الذي تتخذه – ويزداد بعد ( لفظة شبه ) عند نوعية من افراد هذه المجموعة أن تكون دالة عليهم عقليا بسيطرة المعتقد الديني اللاهوتي على قناعاته اكثر من العلم المتخصص فيه ، أكانت السيطرة تلك مكتسبة باغتراس ايماني بأن المصدر الوحيد والمطلق الحاكم للطبيعة والكون وكل شيء يعود ل ( القدرة الإلهية ) المجردة – غير المقدور على اثباتها في ذاتها ماديا ، ولكن يمكن تخيل مصدرها الذي ليس مثله شيء ، فهو خلق كل شيء بحسبان ، وجعل كل مما خلقه محكوم ظاهره ومسلكه بنظامية لا يعرف باطنه وجوهره إلا الله ، وإن عرف الانسان بعض من ذلك الخلق ( في تكوينه وسلوكه ) فإنه لا يعلم إلا ظاهر ما تصل إليه حواسه ويفسرها العقل على اساسها وإن حاول الادعاء بإدراكه لجوهره ، فإن ذلك الادعاء بالمعرفة الكلية ليس إلا ضروبا من الافتراضات الظنية المتوهمة ، كون أن حقيقة كل شيء – أي جوهر باطنه – لا يعلم بها سوى الخالق ، وجعل هناك بعض الظواهر الغريبة التي يعجز عقل الانسان على فهمها . . كنوع من التحدي الإلهي للإنسان ، الذي وفق معرفة مسبقة عند من خلقه وكونه وميزه بالعقل انه سيأتي زمنا من تطور العقل معرفيا ليذهب نحو التشكيك بخالقه ، ويدعم الشيطان فعل الغواية للإنسان عبر وسواسه استغلالا للمعرفة التي وصل اليها وعي الانسان كمرتكز للكفر والشك بوجود الخالق - على اعتبار أن كل شيء محكوم بقوانينه الخاصة الموضوعية ومحكوم منها بفعل الانسان التدخلي التغييري لطبيعتها ، وأن كل ما يظهر لغزا يعجز الانسان على فهمه وتفسيره وتعليله قانونيا يعود الى حقيقة قصور المعرفة التي وصل اليها عقل الانسان فتجعله باديا بذلك العجز ، وبالقول الاعتيادي البسيط العام ( ما هو اليوم غامضا نجهل معرفته وفهمه في امرا او شيء ما فغدا سيكون معروفا ومفهوما لنا ) - فمن يعتقد بهذا الاخير فقد كفر بعد ايمان او جهالة عما جاء الى البشرية من انبياء ورسل – وعليه فإن مجموعة المتعلمين والعاملين في مجالات العلوم الطبيعية والمجترة منها امتدادا . . من نوصف منهم بالعلماء والاخرين بالمهنيين الاختصاصيين ( ذوي القناعة الفكرية المعتقدية الدينية المنتجة عبر التنشئة او التأثر بالفكر الفلسفي المثالي اللاهوتي ) لا تؤثر عليهم عقليا مجالاتهم العلمية الطبيعية كفكر اعتقادي رغم انهم يتقبلون التعامل المعرفي تجاه الظواهر الطبيعية – وفق تخصص كل واحد منهم – ولكن بإلحاق خطابهم ب ( والله اعلم بذلك ) ، ويبررون ذلك بأن العقل غير قادر على ادراك إلا ما هو ظاهر وفق محدودية قدرة حواسه وقدرة تفكيره المعتمد عليها وحتى يخمن ويبني الظنيات الافتراضية تخيلا مجردا تقوده لفهم حقيقة مطلقة ممثلة بوجود واحدية الخالق الاوحد في قدرته المطلقة – الذي جعل كل خلق يقوم ويسلك في نظام موزون – وهنا يقوم سر خلق الله للإنسان وتمييزه عن سائر المخلوقات الحية وغير الحية ، بأن جعل عقل بتطوره قادرا على ادراك الحقائق النسبية لمختلف الظواهر والاشياء والامور ، فنسبيتها تعود الى توصيف ذلك الادراك في محدوديته المبنى على الظاهر ، والذي يجعل تلك الحقائق قابلة للتغيير والتعديل والنقض معرفيا مع مرور الوقت وتطور المعرفة المجالية في العلوم الطبيعية ، وبالمحصلة فإن ( الحقيقة بأصلها لكل شيء ) لا يعرفها إلا من خلقها ويعلم بأسرارها ، اما معرفة الانسان بالحقيقة ليست سوى افتراضات حتى وإن اعتمدت على منطق العلوم الطبيعية – لهذا في المعطى الديني المعتقدي يمثل خطاب ( ما أوتيت من العلم إلا قليلا ) وإن كان التفسير والحكم تخصصا في أي امر مطلوبا بدعوة الخالق للإنسان أن يقرأ ويرى ويدرك ويتبصر ، ولكن يحذره أن يغتر ، فعليه الاخذ بما يعلمه ولكن أن يلحق ما يقول ب (والله اعلم بذلك ) ، على اعتبار المرء مهما وصل اليه من اعلى مراتب العلم فهو لم يؤت له سوى القليل من العلم وما العلم الحقيقي والكامل إلا عند الله سبحانه وتعالى – وهنا عند الايمانيين بمعتقد ديني مسيطر على قناعتهم العقلية يبطل آلية التفكر المستقل للعقل ، حيث يجعل المعرفة المجالية العلم طبيعية محدودة بالعمل الوظيفي لا اكثر بينما تتلاشى قيمة عند التفكير والموقف الفكري المعلن لهم ، ومن ذلك الاعتراف ( تيقنا ) بمسمى القوانين الموضوعية . . حتى كأساس يحكم كل ما هو مادي في الوجود .
وما تقدم ذكره يخص عقل النخبة ، بينما العقل العام يكون تابعا متأثرا بانقياد بين طابع هذا وذاك من عقل النخبة – والامر الذي يهمنا هنا . . نحن العرب نخب وعامة . . أي نموذج عقلي او وعي نحن عليه مما سبق ذكره – إن ادركنا ماهية حقيقة عقولنا او وعينا . . سنقدر عندها ما يحدث لنا وما نعيشه وما يطبع حقيقة وجودنا المتكرر تاريخا بطابع الاعاقة واعادة انتاجنا لذات الطابع مجددا و . . إن كان بمسميات مختلفة وتذرعات مختلفة على الدوام ، وهو ما سيضعنا على اول سلمة لبدء التفكير القادر على معالجة المشكلات وفتح المسار للتطور الحياتي الطبيعي كبقية مجتمعات الانسان المختلفة في كوكب الارض - ولن يحدث ذلك إلا حين نقدر التمييز في بعد مصطلح الموضوعي ، بين كونه يمثل الحقيقة في كل شيء خارج عنا وعن قدرة فعلنا التدخلي المغير في ماهية الاشياء ، وبين فهمنا المعتقدي الموجه لتعاملنا التصوري لمفهوم الموضوعي بمعنى المنطقي في متصور الذهن لا أكثر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Dave Nellist, Trade Unionist and Socialist Coalition


.. حزب التجمع الوطني: بارديلا يكره السيارات الكهربائية وخبراء ا




.. فرنسا.. تصعيد الاحتجاجات ضد اليمين المتطرف بعد تقدمه في الان


.. نحن والإعلام الغربي، 7 أكتوبر نموذجاً - د. احمد عبد الحق.




.. فرنسا: كيف نجح اليمين المتطرف بالصعود؟ • فرانس 24 / FRANCE 2