الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا كفرت بثورات الشوارع العربية!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2023 / 5 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


عبّرت في مقالة سابقة عن ابتهاجي بعودة سوريا للصف العربي بالرغم من معارضة امريكا وقطر!، فقال لي قائل: (وماذا عن ثورات الربيع التي كنت ممن أيدوها حتى النخاع!؟ هل انقلبت عليها وكفرت بها؟؟)
وجوابي: إن ما جعلني أكفر بالجمهوريات العربية الفاشلة والفاسدة التي اطاح بها تسونامي الشوارع العربية، هو السبب ذاته الذي جعلني أكفر بما كان يعرف بالربيع العربي!!

إنه (الزيف) و(التزييف) و(الانانية) و(العطش للسلطة) و(غياب العقل والعدل والرشد السياسي) !! فكلاهما وجهان لشيء واحد!!، نفس الأمراض ونفس الاعراض!!، فالمعارضات العربية ورثت امراض الانظمة العربية الفاسدة والمستبدة والفاشلة!!

* * *
صحيح انني ممن أيد هذه الثورات حتى من قبل ولادتها، اي منذ ان كانت أجنة في بطون امهاتها ، وكنت في كل مقالاتي واشعاري ابشر بهذا المولود القادم!!.... لكني لم أؤيدها، حبًا في الثورات كثورات والسلام في حد ذاتها!!، بل أيدتها كمدخل لتحقيق (الحريات الديموقراطية الليبرالية) كأساس ومدخل للنهوض بمجتمعاتنا العربية التي عطلت نموها موجة الشمولية الديكتاتورية من جهة ، وموجة الأصولية الدينية من جهة اخرى!، اللتان كان لهما دور اساسي في اجهاض المرحلة الليبرالية الوليدة التي أعقبت عهد الاستقلال مما أدى الى تعطيل حركة النمو الطبيعي لمجتمعاتنا الى درجة الجمود ثم التعفن!!، تعفن القلوب وتعفن العقول!، وتعفن الدولة والمجتمع!، ولكن - بعد كل هذه التجربة الكبيرة والمريرة والخطيرة - اكتشفنا بالتجربة الحسية الملموسة ان معظم من شاركوا في هذه الثورات من العامة والخاصة، اي من عموم الشعب وخصوص النخب، ليس لديهم لا (ايمان حقيقي وعميق بالديموقراطية الليبرالية) ولا (تصور صحيح وفهم دقيق لهذه الديموقراطية!!)، ولا عندهم (تصور عقلاني رشيد للبديل عن الانظمة الفاشلة والفاسدة التي اطاح بها تسونامي ثورات الشوارع العربية)!!، فلا (الاسلاميون) الذين شاركوا بكل قوتهم في هذه الثورات يملكون هذا الإيمان وهذا (المشروع الرشيد البديل) ولا (النخب السياسية العلمانية او الوطنية او القومية) كذلك!!... ولهذا انتهت هذه الثورات الى طريق مسدود والى حال سقيم، وفشل عميم، والى فوضى عارمة مدمرة، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم!

إذن، والحال هذه، فهل من العقل والحكمة والرشد السياسي أن نستمر في التمسك بهذا الجسم الميت المتعفن الذي اسميناه (الربيع العربي)) الى الأبد ونظل نلهج بحمده ليل نهار كما لو انه (اله معبود) مجيد!!؟؟ هل هذا منطقي ومعقول!!؟؟ فحتى التحركات والثورات الشعبية التي تلت هذا الربيع المزعوم بعد عدة سنوات فيما يشبه الموجة الثانية لتسونامي ثورات الربيع العربي في الجزائر والسودان والتي نجحت في اسقاط (شخص الرئيس) فيهما لم تنجح في اقامة (البديل السياسي والحضاري الرشيد)، وبالتالي (عادت حليمة الى عادتها القديمة، العقيمة والذميمة)!!، بل حتى تونس التي كانت هي (أم تلك الثورات) والتي حسبنا انها هي النموذج الثقافي والحضاري الأمثل للتعايش العقلاني الرشيد بين الاسلاميين والعلمانيين انتهت الى صراع صبياني اناني جنوني سخيف انتهى الى انقلاب رئيس الجمهورية على البرلمان والقوى السياسية والعمل على توطيد ديكتاتورية شمولية جديدة كما تشاهدون!!، اذن، هل بعد كل هذه الحقائق المريرة وكل هذه النتائج الكبيرة على الارض نستمر في النفخ والصفير في أذن جسم هذه الثورة التي لفظت انفاسها الاخيرة على يد شركاء الثورة من الاسلاميين والعلمانيين والنخب السياسية الفاشلة والفاسدة!!؟ هذا غير معقول!!

الصحيح هو ان ان نبحث عن طريق آخر غير ثورات الشوارع الهوجاء والمدمرة، وغير مشروعات الاصولية الدينية والاصولية العلمانية (الطوباوية)... فما هو هذا الطريق !؟؟ .. الجواب: هو طريق الاصلاح الشامل ، الاصلاح الليبرالي العميق والمتدرج والسلمي والهادي، الاصلاح الفكري والثقافي والسياسي، الاصلاح الديني والاخلاقي، وكذلك البحث عن نظام الحكم والإدارة المناسب لكل بلد عربي والذي يناسب طبيعته الاجتماعية والثقافية وتركيبته السكانية والجغرافية بحيث تتحقق في ظله (الموازنة الذهبية الصعبة) بين المطالب الأساسية الثلاث؛
(١) مطلب الوحدة والاستقرار والازدهار الاقتصادي من جهة، (٢) ومطلب الديموقراطية الليبرالية من جهة اخرى، (٣) ومطلب المحافظة على الهوية الاسلامية والعربية لهذه الدول والاقطار من جهة ثالثة، وهذا هو الطريق!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشعوب اختارت الثورة لأن الثورة فرضت نفسها
حميد فكري ( 2023 / 5 / 12 - 00:37 )
تحية طيبة
لا أرى أن المشكل في الثورات بحد ذاتها. فالثورة ،فعل تاريخي موضوعي ،لا يحدث إلى عندما يقمع التاريخ نفسه عن التطور.
إذ لو كان هناك تطور في مجتمعاتنا ،لما اضطرت شعوبها للثورة .أليس هذا قانون علمي ( الضغط يولد الإنفجار ؟)
شعوبنا لم تختار عن حب الثورة ،بل هي دفعت اليها دفعا، وهذا هو حال كل الثورات في التاريخ.
لذا ،لو كانت أنظمتنا السياسية ،قد سمحت لشعوبها بالمساهمة في بناء مجتمعاتها لما اضطرت هذه الشعوب للثورة عليها.
تمة طريقان لاثالت لهما ، إما أن تشارك هذه الشعوب في بناء وتقدم أوطانها بشكل سلمي ،أو تمنع فتكون الثورة هي الحل .
لماذا فشلنا ؟ لأن قوى التغيير الحقيقية لم تكن في مستوى ولحظة الثورة .ولأن الثورة المضادة لم تهزم بالكامل .
المطلوب هو العمل من أجل تشكيل جبهات مكونة من قوى يسارية وليبرالية تقدمية ،وحتى بعض من الفئات الإسلامية ،المتنورة .لممارسة الضغط على الانظمة من أجل تغيير حقيقي لصالح الشعوب .


2 - عزيزي حميد فكري
سليم نصر الرقعي ( 2023 / 5 / 14 - 14:11 )
أصبت وأتفق معك في مشروعية هذه الثورات الشعبية من حيث المبدأ فهي رد فعل طبيعي جماعي
مشروع ضد أنظمة مستبدة وفاسدة وكلها جمهوريات فاشلة !!... واتفق معك أن سبب فشلها الأساسي هو أن النخب السياسية لم تكن على قدر المسؤولية التاريخية في اغتنام هذه الفرصة التاريخية النادرة والذهبية لتوطيد نظام حكم ديموقراطي ليبرالي يخلصنا من الحكم الجبري المهين، لكن هذه النخب لم تكن على قدر الحدث والمسؤولية سواء من حيث (الفكر السيلسي) ولا مستوى (الممارسة السياسية) وانشغلت بالصراع فيما بينها على السلطة ، مما فتح المجال وسط الفوضى لظهور صراعات جهوية أو عرقية أو قبلية أو طائفية على السطح وظهور تنظيم داعش الذي تقوم عقيدته السياسية والعسكرية على كتاب ((إدارة التوحش)) والذي أساسه هو إذا عمت الفوضى (التوحش) يجب المحافظة عليها إلى أن يتمكن التنظيم وسطها من تصفية خصوم مشروعه للحكم!!، لا اعتقد حاليًا امكانية حدوث ثورات شعبية أخرى، فالثورات ظواهر نادرة كالبراكين ولذا لم يبق أمامنا سوى طريق الاصلاح السياسي والفكري بروح ليبرالية وديموقراطية عمدتها التسامح والقبول بالآخر ومراعاة ثوابت هوية مجتمعاتنا ، وهذا هو الطريق

اخر الافلام

.. أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير


.. مصادر طبية: مقتل 66 وإصابة 138 آخرين في غزة خلال الساعات الـ




.. السلطات الروسية تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة | #


.. مراسلنا: غارات جوية إسرائيلية على بلدتي مارون الراس وطيرحرفا




.. جهود دولية وإقليمية حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة | #رادار