الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سموتريتش لم يجدد بالصهيونية فكرا ، سياسة أو ثقافة

سعيد مضيه

2023 / 5 / 11
القضية الفلسطينية


التنديد بسموتريتش وبن غفير وحدهما نفاق سياسي


"التنديد بملاحظات سموتريتش، أثناء مواصلة احتضان إسرائيل وتمجيد الصهيونية ليس نفاقا فقط، بل هو عديم الجدوى. يعرف سموتريتش هذا جيدا ، وبذا يواصل عنصريته، ورغبته في التوسع الكولنيالي، والدعوة الصريحة لتدمير تجمعات فلسطينية بأكملها". تلك هي المشكلة مع الغضب الذي تؤججه تعليقات المسئولين في حكومة إسرائيل الأشد تطرفا، مشكلة الغضب المثار بتصريحات مسئولين في أكثر حكومات إسرائيل تطرفا، غضب يجتاح اكثرنا ، إذ "يتجاهل الكثيرون منا ، بحصافة أو بدونها ، بعض الحقائق الجوهرية حول العنصرية في إسرائيل وإيديولوجيا الصهيونية التي اوجدتها". حسب تعبير الكاتب الفلسطيني رمزي بارود في المجلة الإليكترونية ، كاونتر بانش:

باعترافه بلسانه، سموتريتش وزير المالية في إسرائيل "فاشي يكره المثليين".هذا الإعلان الذي تلفظ به في 16 يناير الماضي يجب ان يكون كافيا لتاكيد وإبراز طبيعة العنف للطغمة السياسية الجديدة التي صنعها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو في ديسمبر الماضي.
رغم ان سموتريتش ليس سياسيا وحسب في مجلس وزراء نتنياهو، سجله زاخم بالعنف ، بل إنه حقيقة وتعليقات كلامية ، حالة خاصة؛ بخلاف رئيسه، لا يحس سموتريتش بالحاجة لتنميق الكلام والتحدث بلغتين، او مراعاة الديبلوماسية حين الضرورة. في الأشهر القليلة الماضية غدا سموترتيتش شخصية شهيرة دوليا، ليس لكونه عبقريا في الأمور المالية ، استطاع حل مشاكل إسرائيل المالية الوشيكة نتيجة إضعاف النظام القضائي في إسرائيل. منطقه متعصب مثلما هو أحمق حين اقترح وجوب التفريق بين النساء اليهوديات والعربيات في مستشفيات إسرائيل، حيث قال: "زوجتي ليست متعصبة، لكن بعد أن انجبيت تريد أن تستريح ، ولا تريد ذلك الاكتظاظ بالنساء، كما هي العادة مع إنجاب المرأة العربية".
في ذلك الزمن كان سموتريتش عضو كنيست، يمثل حزب البيت اليهودي ، قبل ان ينضم في وقت لاحق لاتحاد الأحزاب اليمينية المتطرفة، يامينا ، البيت اليهودي ويامينا ثانية ، وفي النهاية حزبه الصهيوني الديني. يشير هذا ان سموتريتش، المستوطن بصورة غير شرعية بمستعمرة كيدوميم قرب مدينة قلقيلية بالضفة، وجد له بيتا إيديولوجيا بين المنابر السياسية اليمينية المتطرفة الإسرائيلية الراهنة.
العنصرية مؤهل هام للنجاح في أحزاب إسرائيل. في الحقيقة هكذا برز إيتامار بن غفير، بعد أن كان زعيما شبابيا في حزب كاخ المتطرف، ليصبح وزير الأمن الوطني بإسرائيل. وحاليا الشخصيتان ، سموتريتش وبن غفير يمسكان المفاتيح لمصائر العديد من التجمعات الفلسطينية، وكلاهما متحمسان لتوسيع الاستيطان اليهودي غير الشرعي ، بغض النظر عن عدم شرعية هذا التوسيع، او ما يترتب على التوسيع من سفك دماء.
ليلة 26 فبراير/ شباط ، حين أضرم مئات المستوطنين الإسرائيليين غير الشرعيين النار بقرية حوارة، واحرقوا عدة بيوت ، وقتلوا فلسطينيا واحدا وجرحوا ما يزيد على المائة، كان لسموتريتش ، وقد أصبح وزيرا، ما يقوله بصدد العنف ؛عارض ليس المذبحة ضد فلسطينيين مسالمين ، لكن نظرا لأن القرية ، من وجهة نظره ، يجب ان "تمسح تماما " على أيدي جيش إسرائيل وليس المستوطنين.
فيما بعد أوضح سموتريتش ان تعليقه كان " زلة لسان في عاصفة انفعالات"؛ غير ان هذا البيان غير المقنع جاء إثر مساومة ، نظرا للاهتمام بسفر سموترتش في رحلة الى عدة بلدان في الغرب. ولما أغفلت الصحافة الرئيسة بسرعة دعوة سموتريتش الصريحة للقيام بإبادة بشرية في حوارة عاد الى لغته العنصرية القديمة.
خطب سموتريتش في جمهور متحمس من الأنصار يوم 19 مارس / آذار ، أثناء زيارة لفرنسا ، وقال: لا يوجد شيء اسمه الفلسطينيون لآنه لايوجد شيء يسمى الشعب الفلسطيني. الشعب الفلسطيني اختراع عمره أقل من مائة عام ".
ويزيد الأمور سوءًا ان سموتريتش كان يتكلم من على منبر خلفه خارطة اطلق عليها الاسم ’إسرائيل العظمى‘ ،ضمت مساحة الأردن حاليا و بلدان عربية أخرى. بعد ثلاثة أيام صوت البرلمان الأردني مع قرار يوصي بطرد السفير الإسرائيلي في عمان. لكن أين واشنطون من هذه الفوضى الإسرائيلية؟ بعد التعليق المتعلق بقرية حوارة علق الناطق بلسان الخارجية الأميركية، نيد برايس، وقال أنها "مقززة" وطالب نتنياهو علنا بالتنصل منها. طبعا لا يكبح نتنياهو جماح سموتريتش، ولا تتحدى الولايات المتحدة إسرائيل أبدا. ولا يبدو أن دعوة المسئولين الإسرائيليين للتطهير العرقي لفلسطين تترك أثرا على " الروابط التي لا تكسر" بين واشنطون وتل أبيب.
لكن خلال النقاشات والغضب بصدد تعليقات سموتريتش يتجاهل الكثيرون منا ، بحصافة أو بغيرها، بعض الحقائق الجوهرية حول العنصرية في إسرائيل وإيديولوجيا الصهيونية التي اوجدتها:
أولا سموتريتش مسئول رفيع المستوى منتخب وعضوفي اكثر حكومة مستقرة في إسرائيل منذ سنوات. هو ليس بالتافه؛ إيدولوجيته المتطرفة باتت حاليا التفكير الرئيس داخل "أكثر حكومة يمينية متطرفة بتاريخ إسرائيل".
وثانيا، دعوة سموتريتش لتدمير حوارة ليست موقفا معارضا لتاريخ إسرائيل في التطهير العرقي و"إبادة الجنس المضطردة". إضافة لتدمير خمسمائة قرية فلسطينية وبلدة وإخلائها من السكان في فلسطين التاريخية أثناء النكبة 1947-48، فإن توسع إسرائيل في الأراضي المحتلة يأتي استمرارا لنفس الإرث المشهور بالعنف. وكل مستعمرة إسرائيلية غير شرعية بالضفة الغربية وشرقي القدس تقف فوق أرض فلسطينية ، سواءً كانت أنقاض قرية فلسطينية أخليت من سكانها ، كرم أشجار مثمرة ، او مزرعة مِلكية خاصة. كان مما لا بد منه "المسح التام" ل ’حوارات عديدة‘ على ايدي هذا النظام الكولنيالي كي يستمر ويبقى.
وثالثا، الخارطة التي تحمل اسم " أسرائيل العظمى" ليست اختراعا،لا من قبل سموتريتش ، بن غفير ، ولا من نتنياهو نفسه. في الحقيقة الخارطة أقدم من دولة إسرائيل ، كما تبنتها مجموعات مراجعة صهيونية ، مثل إرغون وحركة بيتار، اللتين لعبتا دورا بارزا في إنشاء إسرائيل على انقاض فلسطين.
وأخيرا الفكرة العنصرية القائلة ان الفلسطينيين غير موجودين ، رغم انها فعلت فعلها في تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، هي أيضا حيلة قديمة. فهي مرتبطة مباشرة بالشعار الصهيوني القائل ان فلسطين" أرض بلا شعب لشعب بلا أرض". وخلال الأعوام الماضية نطق بصيغ مختلفة لهذا الشعار الكولنيالي العنصري مسئولون إسرائيليون ، اشهرهم رئيسة الوزارة الإسرائيلية ، غولدا مائير، في مقابلة صحفية مع مراسل صنداي تايمز البريطانية عام 1969. "قالت " لايوجد شيء يسمى فلسطينيون... انهم غير موجودين".
رغم ان العالم بات أقل تسامحا مع هذه العنصرية فإن إسرائيل بالذات تظل على حالها. حقا ، جيل سموتريتش وبن غفير ليس سوى سلالة جيل ديفيد بن غوريون وغولدا مائير. لذلك فإن التنديد بملاحظات سموتريتش، أثناء مواصلة احتضان إسرائيل وتمجيد الصهيونية ليس نفاقا فقط، بل هو عديم الجدوى.
يعرف سموتريتش هذا جيدا ، وبذا يواصل عنصريته، ورغبته في التوسع الكولنيالي، والدعوة الصريحة لتدمير تجمعات فلسطينية بأكملها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خيم اعتصامات الطلبة تتوسع في بريطانيا | #نيوز_بلس


.. أعداد كبيرة تتظاهر في ساحة الجمهورية بباريس تضامنا مع فلسطين




.. حركة حماس: لن نقبل وجود أي قوات للاحتلال في معبر رفح


.. كيف عززت الحروب الحالية أهمية الدفاعات الباليستية؟




.. مفاوضات للهدنة بغزة مع تحشد عسكري إسرائيلي برفح