الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إقالة مبارك بخمسين قرشا

هويدا طه

2006 / 10 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


طوال شهر رمضان توقف برنامج العاشرة مساء على قناة دريم المصرية الخاصة، وحسنا فعل.. فمجهود فريقه كان ليضيع هباء.. إذا استمر في شهر يصاب فيه الناس بهوس المتابعة للبرامج السخيفة وتخمة المسلسلات الأسخف، وبرنامج العاشرة مساء هو برنامج جيد يتناول الشأن المصري المحلي.. الذي غام عن الإعلام لأسباب عديدة.. منها تخلف قنوات التليفزيون المصري ذاتها ووقوعها في قبضة رجال نظام يحكم مصر لكنه يكره الشعب المصري! ومنها تعمد الفضائيات العربية الأخرى إهمال الشأن المصري.. إما لأسباب دبلوماسية وإما لأن الشأن المصري نفسه استحق أن يُهمل.. فمن هان على نفسه هان على الناس، ورغم أن البرنامج يسير على الحبل ويتحسس الشوك.. ليضمن استمراره وإبعاد يد أصحاب السلطة الكارهين لشعبهم عنه- وهذا ما يجعله أحيانا يتناول قضايا شائكة بحذر ولف ودوران مما يقلل من عمق معالجة تلك القضايا- فإنه على كل حال أفضل من لا شيء في الظرف القاتم الحالي، وفي انتظار عودة البرنامج بعد انتهاء كابوس المسلسلات التي تسبب إعاقة ذهنية للمشاهد.. فإن حلقته الأخيرة قبل رمضان حدث فيها شيء لطيف يمكن تذكره الآن.. بغرض خبيث وهو تجديده وإحياؤه.. ولعل الأمل ليس كبيرا في استجابة البرنامج لدعوتنا استئناف النقاش فيه بعد انتهاء العيد.. فليس مطلوبا من البرنامج أن ينتحر!
ذلك أن مواطنة مصرية تقيم في الدوحة وهي فادية حرب (وهي بالمناسبة صاحبة ذلك الصوت الإذاعي الجميل حيث كانت تعمل مذيعة في إذاعة الشرق الأوسط المصرية) اتصلت على الهواء مباشرة واقترحت حلا لمأزق مصر مع حاكمها.. وهو أن يتبرع كل مواطن مصري من تلك الغالبية الصامتة بنصف جنيه فقط- خمسين قرشا- أي أقل من عُشر الدولار.. ثم تستخدم تلك الأموال في رفع دعوة قضائية هادئة تطالب مبارك بالاستقالة (بالتي هي أحسن)! والحق أن تلك الدعوة الظريفة تبدو جديرة بالاهتمام.. لكنها غابت ربما عن التداول بسبب (كبسة شهر المسلسلات)! ليه لأ؟! فطالما لم ينفع صراخ المثقفين طوال ربع قرن.. ولم تنجح محاولات جذب مواطني الأغلبية الصامتة تلك للمشاركة في محاولة التغيير (وهي على كل حال لا تلام كل اللوم على ذلك.. فتلك الأغلبية لا تتكتل إلا بتوجيه من تنظيم شعبي فاعل.. وهذا أيضا فشلت مصر نخبة وشعبا في تكوينه) ولم تفيد ضغوط المعارضة- المدعية أصلا- كما لم تجد ِ انتقادات قوى المجتمع المدني في مصر وحتى خارج مصر.. في زحزحة هذا النظام البغيض ورجاله عن حكم مصر التي يكرهون شعبها.. ولأسباب نفسية اجتماعية تاريخية لم تؤثر ضغوط الفقر والقمع البوليسي والفساد في المواطن المصري بحيث تثير فيه (التمرد بدلا من التذمر) على تلك الضغوط.. طالما لم ينفع أي شيء.. ومازال النظام يحكم شعبا يكرهه- كل منهما يكره الآخر في الحقيقة- فلماذا لا نجرب حلولا غير تقليدية.. لا ثورة ولا عصيان مدني ولا تنظيم ولا أي من تلك الأحلام الكبيرة علينا!.. مجرد دعوة (تبرعوا بخمسين قرشا من أجل مستقبل أطفالكم)! والناس على كل حال تتبرع بأكثر منها استجابة لدعوات مشايخ ودعاة.. أثروا من التبرعات لكائنات لا تعرفها في الشيشان وأفغانستان وتيمور الشرقية وباقي زمرة دول الجهاد.. ولن يضيرهم التبرع بخمسين قرشا من أجل مصر.. مصر أخرى.. لأطفالهم وأحفادهم! إقالة مبارك بخمسين قرشا؟! يا بلاش!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب