الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية من أعماق الاهوار

كاظم فنجان الحمامي

2023 / 5 / 12
سيرة ذاتية


سأحدثكم هذه المرة عن رجل شجاع من هور العمارة، اسمه: (عيسى بن هضيم النصر الله) من قبيلة البو محمد. لم يكن كشقيقه (موسى) الهادئ المسالم الوديع، كان (عيسى) سريع الجري. شديد الإقدام. عنيد جسور مغوار، ذو بأس وثبات، لا يعرف الخوف، ولا يهاب الموت. في رأسه بوصلة يقود بها قاربه (المشحوف) حيثما يريد الذهاب في مسالك الهور المعقدة، معتمداً على قوته العضلية في الإمساك بالمردي، يدفع به قاربه لمسافات طويلة، فيشق طريقه بين غابات القصب والبردي في متاهات معزولة عن العالم. .
تعايش منذ طفولته مع جاموسته التي كانت ترضعه الحليب من ضرعها حتى يرتوي ويشبع، كان أسمها (ولاية) فهي بالنسبة له أجمل واغنى من كل الولايات. يتحدث معها كل يوم بلغة سومرية لا يفهمها الا هو وهي. .
خاض (عيسى) سلسلة من الاشتباكات غير المتكافئة مع أقوام يتفوقون عليه بالعدة والعدد، لكنه كان يخرج منتصراً بلا سيوف، وبلا خناجر، وبلا بنادق، لا يحمل سوى هراوته الغليضة، التي فلق بها هامات أقوى الرجال بضربة واحدة كانت هي القاضية، لم يفزع معه احد، ولم يؤازره شقيقه (موسى) ولم يقدم له الدعم والمدد، فكان يلجأ إلى قبر والده المدفون في (الطينية)، فيخاطب الأرض بصوت يتفجر بالغضب: (إنطرّي يا طينية وخلي هضيم يشم الهوى)، ومفردة (إنطرّي) تعني: انشقي. .
لم يخرج (عيسى) مهزوماً من أي معركة مهما تكاثرت عليه الرجال. كان يواجه الموت بصدره المفتوح. .
كبرت ابنته (بدرية) وتزوجت، ولم يجد ما يهديه إليها سوى جاموسته (ولاية) التي كانت أعز ما يملك. . وفي يوم من الأيام قرر زيارة بيت ابنته، وما ان وصل حتى شعرت (ولاية) بوجوده، فهرعت لتعانقه، فلم أر قبله من مشى الهور نحوه، ولا رجلا قامت تعانقه الأسدُ. بكى (عيسى) لوفاء (ولاية) وأبكى معه الناس، ولما حانت ساعة عودته إلى بيته، طلب منهم ان يضعوا رداءه على عمود في باحة الدار، حتى لا تلحق به (ولاية)، لكنها ما ان عادت حتى وجدت الرداء معلقاً بلا روح، لتكتشف رحيل (عيسى)، فبكت وناحت بصوت سمعه من كان في الهور، ثم سقطت بعد خوارها الحزين على الأرض، وفارقت الحياة. فكانت كذات البو ريعت فاقبلت إلى قطع من جلد بوٍ مجلدِ. .
كانت هذه حكاية حقيقية من حكايات بقايا السومريين، رواها لي (بحر) حفيد عيسى. .
اللهم ارحم من هبّت نسائم ذِكرهُم على قلوبنا بعد ان توارت اجسادهم عن اعيننا. .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عاشت ايدك علي هاي القصة
شيخ صفوك ( 2023 / 5 / 13 - 10:41 )
لقد قرأت كتابين عن الاهوار احدهم اسمه (عرب الاهوار) و الثاني (العودة الي الاهوار) كتب رائعة جداً لقد زرت الاهوار في الثمانينات
انها من اجمل بقاع العالم ..عاشت ايدك لاثارة هذه المواضيع

اخر الافلام

.. ألمانيا تقر قانونا لتسهيل طرد مؤيدي الجرائم الإرهابية | الأخ


.. أردوغان لا يستبعد عقد اجتماع مع الأسد: هل اقتربت المصالحة؟




.. قراءة ميدانية.. معارك ضارية وقصف عنيف على حي الشجاعية بمدينة


.. -من الصعب مناقشة كاذب-.. هكذا علق بايدن على -التنحي- | #عاجل




.. -لكمات- بين بايدن وترامب .. والأميركيون في مأزق ! | #التاسعة