الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحاضر الدائم في تصاعد التوترات بين إيران وأذربيجان

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2023 / 5 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


وفقًا لتقديرات رسمية ايرانية فإن جزءًا كبيرًا من الخلاف بين طهران وباكو يتعلق بالتعاون العسكري والاستخباراتي بين أذربيجان وإسرائيل ، ومنافس إيران الإقليمي الآخر ، تركيا.
في موقف يركز فيه الغرب على التطورات في سوريا ، أصبحت علاقة إيران بالجمهوريات السوفيتية المستقلة في جنوب القوقاز أكثر بروزًا من وجهة نظر استراتيجية أكثر من أي وقت مضى ، أيضًا في وضع تبحث فيه إيران عن علاقات أوثق معها و مع روسيا والصين.

التوتر بين طهران وباكو أصبح خطرًا ، خاصة وأن أذربيجان عززت علاقتها الدبلوماسية مع إسرائيل وتحاول تحديد تحالف كبير مع تركيا ، وبعد ناغورنو كاراباخ ، للحصول على المزيد من الأراضي.
واجهت أرمينيا وأذربيجان بعضهما البعض مؤخرًا لاستعادة ناغورنو كاراباخ ، عندما تمكنت باكو من السيطرة على ثلث المنطقة.

عموماً ، ًلايمكن تجاهل أنشطة إسرائيل على الأراضي الأذرية ، فإيران تتخوف من أن تكون هذه الأنشطة تهديداً لأمنها واستهدافاً خفياً لبرنامجها النووي قد يؤدي إلى عملية مباغتة يُوجهها الكيان الصهيوني إليها انطلاقا من الأراضي الأذرية بعد نجاح التقارب السعودي مع ايران ، وكلما ازداد التقارب الإسرائيلي – الأذري زادت حدة مخاوف طهران. لكن أذربيجان لا تزال مصرة على أن إسرائيل لا تستعمل أراضيها في أغراض عسكرية واستخباراتية. 

لقد أثارت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا إحتمالات بشأن محاولة إسرائيل الرد على وجودها في سوريا من خلال تعزيز نفوذها في أذربيجان. علاوة على ذلك ، يرتبط التصعيد الحالي بين أذربيجان والكيان الصهيوني بالاتفاق السعودي الإيراني المبرم في بكين ، ونجاح ايران في التغلب على الاضطرابات في الداخل.
بشكل عام ، التوتر هو سمة رئيسية في علاقات إيران مع أذربيجان ، فقد وصل في الوقت الحالي إلى مستوى غير مسبوق منذ بداية هذا العام. في 6 أبريل ، قررت السلطات الأذربيجانية طرد أربعة دبلوماسيين من السفارة الإيرانية في باكو ، قائلة إن أنشطتهم لا تتناسب مع وضعهم الدبلوماسي. في الواقع ، اتهمت أذربيجان إيران بالتورط في محاولة انقلاب داخل أذربيجان بعد اعتقال خلية مكونة من ستة أذربيجانيين. كما تُتهم إيران بمحاولة اغتيال نائب سياسي أذربيجاني مناهض لإيران. بالمقابل ، تعرضت السفارة الأذربيجانية في طهران في وقت سابق لمداهمات من قبل شخص مسلح في 27 يناير ، مما أسفر عن مقتل مدير أمن السفارة ، وبعد ذلك اتهمت باكو طهران بالتغاضي عن فرض إجراءات أمنية مشددة حول السفارة.
 طُرحت تساؤلات في طهران بشأن أهداف الاغتيال السياسي المشكوك فيه في باكو ، وإصرار أذربيجان على تدمير علاقاتها مع إيران. تتحدث طهران عن طرف ثالث هو إسرائيل.

كانت الاختلافات التاريخية والتشابك العرقي بين إيران وأذربيجان سببًا رئيسيًا للعلاقات المتوترة ، مع تزايد التوترات بعد الصراع بين أذربيجان وأرمينيا حول منطقة ناغورني كاراباخ ، والتي قلبت ميزان القوى لصالح أذربيجان بمساعدة مباشرة من تركيا و إسرائيل. لكن هذه الخلافات لا تفسر بشكل كامل التصعيد المتجدد للتوتر بين البلدين. بل إن التطورات الإقليمية والدولية فاقمت الوضع مؤخرًا على النحو التالي:
1. مخاوف إيرانية من إعادة إنتاج الوضع أوكرانيا: تخشى إيران محاولات عدائية أمريكية وإسرائيلية لإعادة إنتاج الوضع الأوكراني في المنطقة. إن دعم القوى الغربية لأذربيجان بنفس الطريقة التي دعمت بها أوكرانيا ضد روسيا ، هو تهديد مباشر لأمن إيران واستقرارها. كما تمارس ضغوطًا شديدة على إيران لاستخدام الخيار العسكري ، الذي تحجم إيران عن اللجوء إليه ، مفضلة التراجع عن طريق شن حرب بالوكالة ضد خصومها.

2. هذا بلا شك بسبب التشابكات العرقية بين البلدين ، حيث توجد القومية الأذربيجانية في وقت واحد في أذربيجان وإيران. وعليه ، قد تسعى القوى الداعمة للتصعيد بين البلدين إلى تفكيك الدولة الإيرانية من خلال زعزعة التوازنات العرقية الحساسة داخلها ، خاصة وأن جنسيات إيرانية مختلفة تعيش على حدودها مع دول أخرى.
3. محاولة إسرائيل لمواجهة الوجود الإيراني في سوريا: من وجهة نظر إيران ، قد تكون رغبة إسرائيل في تعزيز وجودها في أذربيجان لمواجهة الوجود الإيراني في سوريا. بمعنى آخر ، لا تزال إسرائيل تشعر بالقلق من محاولات إيران لتوسيع نفوذها في سوريا وبالقرب من الحدود مع إسرائيل ، مما يهدد أمنها بشكل مباشر خاصة بعد إقرار الجامعة العربية بالفشل واستعادة سوريا مقعدها . وبالتالي ، من خلال توسيع نفوذها في أذربيجان ، تعمل إسرائيل على تنفيذ تهديد مماثل لأمن إيران أيضًا.  
يشار إلى أن أحد المحفزات الرئيسية للتوتر الحالي كان افتتاح السفارة الأذربيجانية في تل أبيب في 29 مارس آذار ، حيث أدلى وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين بتصريحات أثارت ردود فعل قاسية من قبل طهران. وذكر كوهين أنه تحدث مع وزير خارجية جمهورية أذربيجان جيهون بيرموف حول تشكيل جبهة موحدة ضد إيران ، وتعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والأمن والطاقة والابتكار. وأشار أيضا إلى أنه زار باكو بوفد اقتصادي كبير.
3. الرد على التقارب السعودي الإيراني: قلق طهران من التقارب الكبير بين أذربيجان وإسرائيل ، يوازي مخاوف إسرائيل والولايات المتحدة بشأن التقارب الإيراني السعودي ، والذي بدأ بتوقيع اتفاق لاستئناف العلاقات الدبلوماسية في الصين في 10 مارس وانتهى بعودة الجامعة العربية الى سوريا . استمرت اللقاءات بين وزيري الخارجية السعودي والإيراني في بكين يوم 6 أبريل وانتهت باعلان تبادل السفراء في 11 مايو أيار.
4.
بالنسبة لواشنطن و يافا /تل أبيب ، فإن هذا التقارب يقوض استراتيجية فرض عقوبات شديدة على إيران وسوريا ، ولا يتماشى مع تطلعات الولايات المتحدة والكيان الصهيوني النووية والإقليمية. وبالفعل ، فقد تم إبرام الاتفاقية السعودية الإيرانية قبل المفاوضات النووية بين إيران والقوى الدولية ، فيما تواصل إيران تطوير برنامجها النووي ، وسط ترويج اعلامي ممنهج من اسرائيل أنها تقترب من هدفها بتخصيب 83.7٪ من اليورانيوم ، الأمر الذي يوسع قدراتها نحو المرحلة التي تستطيع فيها إنتاج قنبلة نووية .
لذلك لجأت الولايات المتحدة وإسرائيل إلى خيارات مختلفة للرد على التقارب السعودي الإيراني واستمرار برنامج إيران النووي. وهذا يشمل تصريحات بخصوص تشكيل جبهة موحدة مع أذربيجان ضد إيران.
أرسلت الولايات المتحدة في 8 أبريل / نيسان غواصة فلوريدا التي تعمل بالطاقة النووية وتحمل 154 صاروخًا من طراز توماهوك إلى الشرق الأوسط. على الرغم من أن هذه الخطوة تشير بقوة لإيران إلى أن واشنطن لن تتغاضى عن محاولاتها لاستهداف الجيش الأمريكي في سوريا الذي أصبح في وضع لايحسد عليه بعد قرار الجامعة العربية انتصار سوريا ، فهي أيضًا رسالة للسعودية والصين مفادها أن واشنطن قوة في المنطقة ، وأن الترتيبات الأمنية والسياسية يمكن أن تؤثر، و لا يمكن صياغة التوازنات الإستراتيجية للمنطقة في غيابها.
4. نجاح إيران في تجاوز الأزمة الداخلية: لا تزال إيران حريصة على ربط التطورات الأخيرة على الساحة الإقليمية بنجاح النظام في تجاوز الاضطرابات التي ثبتت فيها أصابع اسرائيل والغرب منذ منتصف أيلول / سبتمبر. وبالفعل ، بات واضحاً أن أحد أسباب توقيع الاتفاقية مع السعودية برعاية بكين هو إدراك الرياض أن نظام ولاية الفقيه استطاع احتواء الاحتجاجات المتمردة التي استمرت لأكثر من خمسة أشهر.
في هذا السياق ، يتبنى النظام نفس النهج في التعامل مع التقارب بين إسرائيل وأذربيجان. ومن وجهة نظرها ، سارعت إسرائيل في اتخاذ خطوات جديدة لتعزيز هذا التقارب ، بعد أن أدركت عدم وجود تهديدات داخلية لنظام الفقيه ، وأنه كان من الضروري تفعيل الخيارات الأخرى المتاحة بدلاً من الاعتماد على سياسة التغيير الداخلي ، والتي فشلت حتى الآن.

تشير التطورات الأخيرة بين إيران وأذربيجان إلى أن التصعيد سيستمر في المستقبل القريب. تزداد الشكوك والخلافات تتفاقم وكذلك التطورات على الساحة الإقليمية. وبالتالي ، من الممكن أن يكون التصعيد الحالي أكثر تعقيدًا من الخطوات الدبلوماسية المتبادلة البسيطة ، بالنظر إلى الدوافع والضغوط على الدولتين لتولي اليد العليا في هذا التنافس المستمر.

وبينما تزيد احتمالات المواجهة العسكرية المباشرة بين إيران وأذربيجان، حاول الطرفان في أبريل نيسان 2023 الحد من التوترات من خلال ثلاث جولات من المحادثات الهاتفية بين وزيري خارجيتهما. لكن “العامل الإسرائيلي” سيبقى عقبة كأداء أمام أي تطبيع حقيقي للعلاقات بين باكو وطهران، فهي الحاضر الدائم في تصاعد التوترات بين إيران وأذربيجان ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام