الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نمر من ورق ..!

هادي فريد التكريتي

2006 / 10 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


من يزرع الريح يحصد العاصفة ، وهذا ما يحصل لأمريكا وقواتها في العراق ، بعد أن أسقطت نظام صدام الفاشي ، اعتمدت شعارات سياسية مضللة وخادعة ، باسم الديموقراطية والحرية ، وجاءت بقوى سياسية ، دينية ـ طائفية ، وقومية عنصرية ، ما كانت تحلم بتبوء قيادة المجتمع العراقي ، وقبل أن يستقر الوضع الأمني والسياسي في البلد ، أجرت إدارة الإحتلال الأمريكية انتخابات مزورة ، عارضتها أغلب القوى الوطنية والديموقراطية العراقية ، وشريحة واسعة من خيرة المفكرين والكتاب العراقيين ، وأجانب مهتمين بالشأن العراقي ، حصيلة جولتين من هذه الإنتخابات دستور طائفي ـ عنصري ، يفرق ولا يوحد ، وحكومات هزيلة وضعيفة وفق مبدأ بريمر ، المحاصصة الطائفية والعنصرية .
تشكلت حكومة نوري المالكي ، وفق مبدأ حكومة وطنية ، كما وصفوها ، لتنهي حالة العنف والاحتراب الطائفي ، ووقف التهجير الذي شمل الكثير من الطوائف الدينية والأثنيات العرقية من محلات إقامتهم ، وللحيلولة دون القتل اليومي المتبادل ، للشيعة والسنة ، وللحد من نشاط قوى الإرهاب الإصولي ، ولإجراء المصالحة مع من يحمل سلاح المقاومة " الشريفة " وحل المليشيات الطائفية ، أداة الجريمة والإرهاب ، هذه بعض بنود من برنامج حكومة السيد المالكي ، وعلى الرغم من مرور أكثر من ستة أشهر على برنامجه ، لم يتحقق هدف واحد من هذا البرنامج ، وعلى الضد من هذا ازداد عدد الجثث الملقاة على قارعة الطريق ، كما كثر القتل على الهوية ، وازداد عدد المهجرين ، من الشيعة والسنة ، والمليشيات الطائفية تمارس إرهابا على قوات الحكومة وتتحداها ، في مناطق مختلفة من بغداد والمدن الجنوبية ، وكل الخطط الأمنية التي وضعتها الحكومة بدعم وأسناد من قوات الإحتلال باءت بالفشل ، وعلى الضد من كل الإجراءات الأمنية للتقليل من الخسائر تضاعفت ، ليس عند قوات الأمن العراقية ، من جيش وشرطة ، وإنما كذلك ازداد عدد القتول بين القوات الأمريكية ، وما عادت سيارات الهمر والدبابات الأمريكية المرعبة تشكل حصنا لجنودها ، ولذا كثرت الزيارات للمسؤلين الأمريكان ولبعثاتهم المتخصصة لدراسة الوضع العراقي ، وأسباب الفشل في الحلول والخطط التي أقدمت على تنفيذها حكومة المالكي بالتعاون مع الإدارة الأمريكية .
حتى اللحظة الإدارة الأمريكية ، والحكومة العراقية ، يتجاهلان عن عمد الأسباب الحقيقة لهذا التدهور ، الذي مرغ سمعة الحكومتين الأمريكية والعراقية في المستنقع العراقي ، فالسيد نوري المالكي يترأس حكومة قوامها ، من إسلاميين طائفيين ، وقوميين عنصريين ، لا يعترفون بمبادئ وطنية أو قوى وطنية وديموقراطية ، كما لا يعترفون بوطن عراقي موحد ، فالفدرالية بمفهومهم تجزئة وتقسيم ، يرون فيها العراق ، فطيسة عليهم تقاسم أشلائها وفق القوة التي يتمتع بها كل طرف ، وما تعلنه الحكومة من خطط أمنية ومشاريع إصلاح ومصالحة ، ما هي إلا من قبيل ذر الرماد في العيون ، فالحل بيد قادة المليشيات ، ممثلي " الشعب " في مجلس النواب ، وهؤلاء هم من يدير لعبة " الحرب الطائفية " ونهب ثروات العراق ، ولا خلاص للعراق من إرهابهم ولا استقرار للعراق دون الرجوع إلى معالجة الأزمة وفق ضوابط وطنية صادقة ومخلصة ، فالإنتخابات المتسرعة والمزيفة ، التي تمت بشحن العواطف الطائفية ، وتحت تهديد المليشيات وجرائمها ، أتت بمجلس لا يمثل إرادة الشعب ، شرعت دستورا يفرق ولا يوحد ، وكل ما يعانيه الوطن والمواطن في الوقت الحاضر ، من مآس وأحزان هو نتيجة لهذا الواقع ، والأدارة الأمريكية ، وقواتها ، تتحمل كامل المسؤولية في معالجة هذا الوضع ، الذي أصبح كابوسا يهدد بجرائم إبادة للشعب العراقي ، ليس بأقل مما أقدم عليه النظام الفاشي قبل سقوطه ، فحل المجلس النيابي وتعليق العمل بالدستور ، وتشكيل حكومة تكنوقراط قوية ، تأخذ على عاتقها حل المليشيات ، وتنفيذ برنامج حكومة إصلاح وطني ، تنشر الأمن والسلام ، وتعالج الفساد وتحل مشاكل الشعب ، هو الطريق المفضي إلى عراق ديموقراطي وفدرالي ، وبدون أن تقدم الولايات المتحدة على إصلاح ما ارتكبته من أخطاء بحق الشعب العراقي ، ستغوص أقدامها أكثر فأكثر في المستنقع الذي صنعته للشعب العراقي ، ولقواتها ، وستفقد .هيبتها وجبروتها بين دول العالم ، مبرهنة لشعبها ، ولشعوب الأرض أنها فعلا نمر من ورق .
25 تشرين أول 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو