الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنها الحرب على الأغلبية

بشير الحامدي

2023 / 5 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


لا أدري هل هو من حسن حظنا أني وجيلي عاصرنا النقلة غير المسبوقة بالتاريخ والمتمثلة في معاصرة العولمة المتوحشة والتطور الرقمي الذي أصبحت عليه حقول التواصل بصفة عامة والذي أثر تأثيرا كبيرا في كل المجالات وليس مجال المعلومات فقط.
المؤكد أن التطور التكنولوجي الهائل الذي حدث بالعالم وبقدر ما سهل تدفق المعلومة فإن هذا التطور لم ينتج عنه تطور في المعرفة الإنسانية عموما.
فالملاحظ أن عملية كبيرة تجري على قدم وساق ومنذ 50 سنة أو أكثر بموازاة هذا التطور الهائل في الوسائل والوسائط وهذا التدفق الكبير للمعلومات هي عملية انتشار كبير " للجهل المقدس" والتفاهة والرثاثة وقد تسارعت وتيرة التجهيل والتتفيه هذه في السنوات الأخيرة إضافة إلى ظهور نزعة عدم اليقين ونزعة التقويض ليس لصالح البناء بل لصالح الفوضى بمعناها الشائع.
فالتقدم تحول إلى تقدم في طريق مسدود وهو ما وسع من مساحة الهامش فلم يعد العالم منقسما لشمال وجنوب مثلا بل صار في قبضة أقلية عالمية بيدها كل شيء مقابل أغلبية عالمية لا تملك شيئا ولا يمكن لها سوى أن تكون على الهامش من كل شيء .
على الهامش من المعرفة
على الهامش من الثروة
على الهامش من القرار
على الهامش من السلطة
على الهامش من الحقوق
على الهامش من الحياة
على الهامش من السعادة بمفهومها العام.
هذا هو العالم الجديد الذي ينشأ ويتطور بنا وبيننا وهذه هي الحضارة الجديدة التي تشيد على جثثنا ...
إنها حضارة تقوض الماضي وتقوض الحاضر وتقوض المستقبل ماضي وحاضر ومستقبل الأغلبية ولا تبني شيئا في المقابل سوى أنها تراكم الثروة والقرار والسلطة بمعناها الواسع بيد الأقلية.
عملية التقويض بدأت بتفتيت الاتحاد السوفياتي وتوضحت أكثر مع التغييرات التي جرت في بلدان أروبا الشرقية و أشرت على إنتهاء ما كان يسمى بالحرب الباردة وهي تسمية صحيحة مائة بالمائة وبانت عارية مع الحرب على العراق والانقلاب على الثورات العربية وفيما بعد مع نشر فيروس الكوفيد بعد أن تيقن من بيدهم المال والسلاح أن كلفة نشر الفيروس في كل البلدان أقل بكثير من كلفة شن الحروب عليها.
في الحقيقة لم يُتَخَلَّى عن مفهوم الحرب الباردة لقد وقع استبداله فقط ليصير حرب الأقلية ضد الأغلبية بعد أن كانت هذه الحرب تدور رحاها بين بلدين صارت تدور رحاها بين أقليات في كل البلدان وأغلبيات في كل البلدان...

حقا فلو كان العجوز الألماني حيا لاستبدل مقولته المشهورة بـ " يا أغلبيات كل البلدان إتحدوا ضد عملية التقويض الكبرى التي تستهدفكم. تسلحوا بما يمكن لكم أن تتسلحوا لا تعولوا كثيرا على اليقينيات وعلى التقدم وعلى التاريخ وعلى الأزمان الزراعية وعلى تطور السوق فالحضارة اليوم حضارة الهجيات المتوحشة والتقدم اليوم لن تجنوا منه شيئا ... انتم طريقكم هو طريق الوقوف ضد عملية التقويض بالثورة ليس للتأسيس للدولة بل للتأسيس للتدبير المشترك الجماعي المناهض لكل سلطويةولكل تقويض.

12 ماي 2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبرني أكثر مع سعاد الشامسي أول مهندسة طيران إماراتية وأول با


.. حزب الله: سقوط صاروخ قرب مطار بن غوريون • فرانس 24 / FRANCE




.. أمريكا: هل حدث تسونامي إسمه دونالد ترامب؟ • فرانس 24


.. عودة ترامب للبيت الأبيض رغم متاعبه القضائية • فرانس 24




.. ما الذي ينتظره الأردن من ترامب في ملف الحرب في غزة؟