الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السينما البريختيه- Dogville

يزن البدر
مخرج مسرحي

(Yazan Bader)

2023 / 5 / 13
الادب والفن


يعتبر فيلم "دوغفيل" للمخرج الدنماركي العالمي لارس فون ترير، من الأفلام الجريئة التي تحد المجتمع وتتحدث عن موضوعات صعبة ومعقدة. ويتميز الفيلم بقوته الفنية وصعوبته النفسية، حيث يتحدث عن الطبيعة البشرية ومفاهيم الأخلاقية والحب والانتقام.
اذ يستخدم المخرج تقنية الابتعاد عن الأحداث الرئيسية في الفيلم ويمنح المشاهد الفرصة لمراقبة أفعال الشخصيات وتقييمها من منظور مبادئهم الأخلاقية، ويسعى المخرج لتحليل سلوك الشخصيات ومعرفة ما إذا كان هذا السلوك قاسيًا ولا مفر منه، أو يمكن تبريره من خلال مفاهيم الحب والمعاناة اليومية.
يجسد "دوغفيل" مثالاً على الأفلام التي تتحدث عن قضايا اجتماعية وأخلاقية صعبة ومعقدة، والتي تستخدم التقنيات الفنية لتحليل السلوك البشري وتقييمه من منظور المبادئ الأخلاقية ومفاهيم الحب والانتقام، وبالتالي يمكن اعتبار "دوغفيل" من الأفلام المميزة في هذا المجال، والتي تعكس روح المخرج الجريئة والمتحدثة عن القضايا الصعبة والمعقدة.

يتميز فيلم "دوغفيل" بتصميم إطارات فنية غير عادية تتمثل في عدم وجود الديكورات بشكل كامل، حيث يتم تحديد كل شيء ببساطة بالطباشير، ويتم تمثيل المشهد في مستوى واحد. يركز المخرج لارس فون ترير في هذا التصميم على شخصيات البشر وليس على تمثيل جو المدن الأمريكية الصغيرة في النصف الأول من القرن العشرين بشكل رسومي.

يعتبر هذا التصميم تحدي فنيًا للممثلين والفريق الفني، حيث يتطلب منهم تحقيق أقصى درجات الصدق والوفاء في أدائهم، والتي استثمروا فيها طاقتهم بأكملها لإيصال المزاج المطلوب. في مقابلة مع الممثلة نيكول كيدمان قالت: شعرت بالعري بسبب عدم وجود الديكورات، حيث علمتها تجربتها في الأفلام الأخرى أن تختبئ جزئيًا وراء الأشياء والأثاث والمباني والأشجار، لتعطيهم جزءًا من العمل لنقل المزاج المطلوب.

يمكننا اعتبار تصميم إطارات الفيلم في "دوغفيل" من الأمور الفنية المميزة التي تجعل الفيلم مختلفًا ويثير الاهتمام لدى المشاهدين. وبالتالي، يمكن اعتبار هذا التصميم الفني جزءًا من الرؤية الفنية الفريدة للمخرج لارس فون ترير، والتي تتميز بالجرأة والابتكار في التعبير عن الفن والإبداع.
اما بالنسبة للمخرج لارس فون ترير بنهجه غير التقليدي في كل جانب من جوانب إنتاج الفيلم. فعلى سبيل المثال، يحبذ إنشاء شخصيات تستند إلى شخصيات الممثلين الذي يجب أن يلعبوها، ويسألهم أسئلة مفصلة عن حياتهم ومعتقداتهم للحصول على مزيد من العناصر المميزة لشخصياتهم. كما يفضل أن يترك الممثلين يقرأون النص مباشرة ويتحررون في التعبير عن دورهم.

يمثل فيلم "دوغفيل" نموذجًا واضحًا لهذا النهج، حيث قام المخرج بتشكيل الشخصيات بناءً على شخصيات الممثلين، وطلب منهم أن يقرأوا النص مباشرة ويتحرروا في التعبير. وبالإضافة إلى ذلك، كان المخرج نفسه وراء الكاميرا، وحتى في بعض الأحيان كان يمسك بيد الممثلة نيكول كيدمان، مما يظهر أهمية التواصل المباشر بين المخرج والممثلين في إنتاج عمل فني متميز.

يمكن اعتبار هذا النهج الفني الفريد جزءًا من رؤية المخرج لارس فون ترير، والتي تتميز بالجرأة والابتكار في التعبير عن الفن والإبداع. ويجسد فيلم "دوغفيل" هذه الرؤية بشكل واضح، حيث يتميز بشخصيات فريدة ومتميزة، وبتصميم إطارات فنية غير عادية، وبالتواصل المباشر بين المخرج والممثلين في إنتاج العمل الفني. وبالتالي، يمكن اعتبار فيلم "دوغفيل" مثالًا على الإبداع والابتكار في إنتاج الأعمال الفنية.

يتميز فيلم "دوغفيل" بتعقيد شخصياته وتفاعلاتهم، حيث يتناول الفيلم مسائل متعددة ومتشابكة فيما يتعلق بالمجتمع والعلاقات الإنسانية. وبالتالي، يثير الفيلم مشاعر مختلفة لدى المشاهدين بشأن شخصية غريس موليجان، حيث قد يرغبون في دعمها ثم يشعرون بالأسف لها، ثم ينتقدونها لأنها تسمح للآخرين بالتحكم بها.

ومع ذلك، يمكن اعتبار هذا التعقيد والتنوع في الشخصيات والعلاقات الإنسانية جزءًا من واقعية الفيلم وتمثيله للحياة الواقعية. ففي الواقع، لا يمكن تصنيف الأشخاص بشكل قاطع بأنهم "جيدون" أو "سيئون"، وهذا ما يعكسه الفيلم بشكل جيد. وبالإضافة إلى ذلك، يتناول الفيلم مسائل متعددة ومتشابكة، مثل القوة والتحكم والثقة والخيانة والمسؤولية، وهو ما يجعله موضوعًا للتفكير والنقاش.

ومن الجدير بالذكر أن الفيلم يتناول أيضًا تفاعلات السكان في المدينة، وكيف يتم استقبالهم لأحداث الفيلم. ويمكن اعتبار هذه التفاعلات جزءًا من واقعية الفيلم وتمثيله للحياة الواقعية، حيث يمكن لأفعال الأشخاص أن تكون مقبولة في بعض الأحيان ومحكومة عليها في بعض الأحيان الأخرى. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يختلف الناس في تقييم تلك الأفعال بناءً على معتقداتهم وأفكارهم، وهذا ما يظهره الفيلم بشكل جيد.

وبشكل عام، يمكن اعتبار فيلم "دوغفيل" مثالًا على الفن السينمائي الذي يتناول مسائل متعددة ومتشابكة فيما يتعلق بالمجتمع والعلاقات الإنسانية، ويثير مشاعر مختلفة لدى المشاهدين بشأن شخصياته، ويمثل بشكل جيد الحياة الواقعية وتعقيدها.

يتميز فيلم "دوجفيل" بعدة جوانب مثيرة للاهتمام، بما في ذلك قدرته على تحويل السكان اللطفاء في المدينة إلى وحوش عنيفة بسرعة، حتى يبدو هذا طبيعيًا. ويمكن اعتبار هذا الجانب من الفيلم استعارة للتعبير عن كيفية تحول بعض الأفراد في المجتمع إلى أشخاص عنيفين وغير إنسانيين، وكيف يمكن أن يصبح هذا السلوك السلبي جزءًا من ثقافة وتقاليد المجتمع. وبالإضافة إلى ذلك، يتناول الفيلم موضوعات متعددة، مثل القوة والتحكم والثقة والخيانة والمسؤولية، مما يجعله عملاً فنياً ذا قيمة علمية وتحليلية.

وفيما يتعلق بعملية إنشاء الفيلم، فقد جاءت نقطة الانطلاق من أغنية جيني القرصانة من مسرحية "أوبرا القروش الثلاثة" لبرتولد بريشت، والتي تحكي قصة جيني الذي يعمل في فندق صغير ويحلم بتدمير كل شيء من حوله في حال دخول سفينة إلى الميناء. كما أن الفيلم كان يخطط في الأصل لأن يكون ثلاثية، وقد قام المخرج لارس فون ترير بتصوير صورة ثانية تحت اسم "ماندرلاي"، إلا أنه لم يتم إكمالها.

علاوة على ذلك، فإن "دوجفيل" كان يحتوي على بعض الجوانب القليلة المعروفة، مثل رفض جيمس كان، الذي لعب دور والد جريس في الفيلم، العمل مرة أخرى مع فون ترير لأسباب سياسية، ولم يشارك كل من نيكول كيدمان وجيمس كان في الجزء الثاني من الفيلم. وعلى الرغم من مدة الفيلم الطويلة، إلا أنه يستحق المشاهدة بسبب قيمته الفنية والتحليلية.

أنصح بشدة بمشاهدة هذه اللوحة الفنية فائقة الجمال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل