الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شروط المواطنه الوطن/ كونية العراقية؟(1/2)

عبدالامير الركابي

2023 / 5 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


لم يسبق ان وضعت بالاعتبار مسالة المواطنيه في غير نمط او نموذج البلدان الكيانيه المحلوية/ الوطنية، هذا فضلا عن ان تقارب تشخيصا، فالعقل لم يسبق ان تعرض لمعطى غير موجود، بما ان البلدان كلها بلا استثناء "وطنيه"، و "كيانيه" محلوية، ونحن هنا نتجاوز على الشائع العتمد، لاعتقادنا بان ثمه موضع مجتمعي له مواصفات اساسية وتكوينيه ليست محلية، بقدر ماهي وطن/كونيه، وان الموضع مدار الانتباه هو بالاحرى حالة ازدواج واختلاف نوعي عن الحالة المجتمعية الاحادية الشائعه، مايجعل الامر ينسحب لهذه الجهه على الاليات، كما على المسارات الناظمة لوجود وتاريخ موضع من هذا القبيل.
وعلى سبيل المثال فان المكان مدار البحث خاضع لقانون الدورات والانقطاعات، بمقابل كونه موضعا غير قابل للادراك كذاتيه، هي بالاحرى خارج الطاقة المتاحة للكائن البشري بطوره الحالي عقليا على الاحاطة، وهذا بحد ذاته عامل شديد الفعالية لجهة اختلال العلاقة بالمكان، او "الوطن"، فالساكن في هذا الموضع يمكن ان يكون مجرد "ساكن" وليس مواطنا، ويمكن ان تتاح بمستوى ما، وتحديدا خلال فترات الصعود الدوراتي، شروط تعبيرية مطابقة للكينونه البنيوية، وللاليات المجتمعية التصارعية الازدواجية، الا انها في العادة وكما حصل في الدورتين الاولى السومرية البابلية الابراهيمه، والثانيه العباسية القرمطية الانتظارية، لم ترق لمستوى "النطقية" الدالة على الادراكية العليّة، مايبقي مسالة المواطنه مؤجله برغم تجليها الواقعي الحيوي، لكن المنقوص كما حالة شخص مثل كوراجينا، او النبي ابراهيم، او حمدان قرمط او ابو منصور الحلاج، كامثلة بارزه دلالية تختصر حالات متعددة التمثيل بحسب الموقع، لايستثنى منها سرجون الاكدي، او حامورابي، او المامون من اعلى، وكوحدة بذراعين.
الامر الحري بالانتباه هنا هو "الفارق بين "السكن"، و"المواطنه"، فالعراقي يمكن ان يكون ساكنا في العراق وولد فيه، لكن هذا لايعطيه بداهة حق "المواطنه"، وهو ماينطبق بشكل عام على الفترات من التاريخ الفاصلة بين الدورات، اي "الانقطاعت" من نوع تلك التي حلت بين سقوط بابل والفتح الجزيري، او التي سادت بعد سقوط بغداد عام 1258 والى الوقت الحاضر، والساكن قد يكون مضادا للمكان الذي يسكنه، وقد يتسبب له بالدمار حتى وان لم يقصد، او اعتقد العكس، وهنا تاخذ مسالة الوعي وادراك الذاتيه بحال غيابها او حضورها، معنى استثنائيا، فالذين تصدوا في العصر الحديث عند بدايات القرن المنصرم لمسالة الوطنيه كمثال، كانوا بالاحرى "سكانا"، وقد تجرأوا على اعتماد نمط من الوطنية المنقولة المستعارة تفكرا ونموذجا، فتسببوا بذلك بحلول مسار من التدميرية للمجتمعيىة الاساس، البنيوية المتصلة باسم توهمية "تقدمية" وعصرية، وهو ماكان ومايزال دور من يعتبرون انفسهم متبقيات شيوعيين، او قوميين، او ليبراليين ديمقراطيين، الى ان وصلوا بالعراق بما له من ماض ونوع تاريخ وحضور، مستوى من الدمار والانهيار المتدني الاقصى الحالي، حيث مقاربة الفنائية. والمهم في وضع هؤلاء انهم يظلون غير مدركين لافعالهم ومصادرها العملية، متوهمين تخيليا انفصاميا، مايعاكسها.
وناهيك عن فرضية وقوفهم لاجل المراجعه، فضلا عن تفحص او انتقاد ذواتهم، واثر خياراتهم، مازالت متبقياتهم الرثة ( الادنى حضورا على المستويات كافة من تلك التي سبقتها واضطلعت بمهمة التاسيس) تواصل الى اليوم ترداد محفوظات ببغاوية، من دون اي ملمح ادراك لما يمكن ان ينجم، وقد نجم عن تبني نموذج جاهز بعينه، ومحاولة فرضه على نمطية ونموذجيه مختلفة، لها الياتها وايقاعها المباين، ومستهدفاتها المستقبلية، ناهيك عن مقاربة كيف يمكن لخيار كالذي يتخذونه، ان يكون مضادا معرقلا، وعنصر تصادم تدميري مع ديناميات الكينونه الذاتيه.
ويمكن ل" دول" وحكومات ان تقوم في العراق وهي ليست عراقية، لاتمت باية صله للموضع الذي هي بموقع حكمه، فضلا عن تمثيله، مثل الحكم الذي كان اقيم من خارج النصاب المجتمعي والتشكل التاريخي على يد الانكليز بين عامي 1921/ 1958 وعرف وكانه "دولة عراقية"، مع انها مقامة في مكان لايعرف الدولة "الوطنيه المحلية"، ولم يسبق له ان عرفها على الاطلاق، كذلك يمكن لحكم ان يقوم بناء لعوامل طارئة، مثل ذلك الذي ظل قائما بين 1968 حتى الغزو الامريكي الافنائي في 2003، حين دخل عنصر من خارج البنية المجتمعية على المشهد، تمثل بالريعيه النفطية، ليتحول الى المصادرة من اعلى، ويؤطر بالعقائدية القومية بعد تحويرها سلطويا، اضافة للنواة القرابيه، مااثار من حينيه سياقات التدميرية الشاملة المستمرة الى الان، بعدما تسبب بمتغيرات اقليمية ادخلت العراق منذ 1980 فيما يعد حالة العيش على حافة الفناء الثانيه، مابعد البيئية، والتي تستمر من بداية الحرب العراقية الايرانيه الى اليوم، سلسلة متوالية بلا انقطاع من كوارث، منها حروب تدميرية كونية، وحصار هو الاقسى المضروب على كيان في التاريخ، واحتراب اهلي، وصولا الى الحال المزري الراهن.
ومن حيث ممكنات الحضور لظواهر وحالات غير مبررة واقعيا ومجتمعيا، فان الحكم الاول مثلا ماكان له ان يقوم على الاطلاق بذاته، او بناء على مقومات واليات مجتمعية، وانه بالاحرى حالة مصطنعه فبركها المحتل البريطاني، وواجهت واقعيا ماواجهته من عملية رفض شامل، الى ان سحقت وسحلت في الشوارع يوم 14 تموز، والشيء ذاته مع بعض الاختلاف ينطبق على الحكم الذي قام عام 1968 ،فلولا النفط ماكان ممكنا على الاطلاق قيام النظام المذكور، علما بان مانشير اليه/ الريع النفطي/ هو عنصر ثالث من خارج مكونات المجتمعية الازدواجية العراقية التاريخيه، والديل القاطع على مانقول ماحصل بعد الحرب العراقية الايرانيه، مع الاختلال الذي لحق بالحكم بسبب فقدانه العنصر الاساس الريعي بسبب كلفة الحرب على مدى ثمان سنوات، ومافقده النظام وقتها من فوائض ومدخرات الريع وممكناته، وماترتب عليه من ديون اسقطت من المعادلة العامل الرئيسي، والعمود الفقري الذي من دونه لانظام من نوع الذي كان قد قام عام 1968، ماقد اصاب الحكم وقتها بالاختلال، ودفع به للتصرف بخراقة، لدرجة الذهاب لمايمكن اعتباره تطلعا امبراطوريا في غير اوانه، وخارج دينامياته التاريخيه، دافعه تامين اسباب الوفرة المالية النفطية المفقودة، ليدخله من يومها سياقات الافنائية التدميرية الكلية.
كل هذا كان يعني ان العراق بالاحرى كان خلال العصر الحديث محكوما لاليتين، واحدة وطن كونية ازدواجية ارضوية لاارضوية غير معبر عنها، وغير ناطقة، واخرى قائمه على الفبركة البرانيه، وهنا نصير امام نوع آلية تاريخيه تشكلية استثنائية، طرات على التشكلية الانبعاثية اللاارضوية الازدواجية الرافدينه في دورتها الثالثة الراهنه، وهي الدرورة التشكلية الكونية، حيث التشكل الراهن يبدا متبلورا تحت اشتراطات الاصطراعية الكونية، يدوية اولى وآلية بطورها الاول ثانية، مايستوجب توقفا خاصا.
وليس متوقعا باية حال ان تقبل "عقلانية" ومركزية الغرب، احتمالية ان تكون الدورة الازدواجية الرافدينيه الراهنه، هي الدورة النهائية في التاريخ الاصطراعي اللاارضوي الارضوي وقد انتقل ليتحول الى اصطراعية شاملة، وهي بالاحرى تعود الى القرن الثالث عشر، يوم انتهت الدورة الثانيه وسقطت بغداد لتتاسس من وقتها عناصر ومقومات اصطراعية لاارضوية ارضوية، فتاخذ بالتشكل وجهتان وسيرورتان في حال تصارع، طرفهما الاعلى الارضوي براني متعاقب من ايام هولاكو، يبدا من وقتها مع سقوط العاصمة الامبراطورية ليستمر مع تعاقب السلالات، والخروف الابيض والاسود على العاصمة المنهارة، تلك التي كان خليفتها يخاطب الغيوم قائلا "امطري حيث شئت فانت في ارضي" وقد تحولت لخربه لاموجب لها الا كرمزية برانيه، وكاشاره لحكم موضع غائب عن الوجود، وتلك فترة تمتد من القرن الثالث عشر وتحديدا في 1258، الى القرن السادس عشر، يوم يحل الازدواج من جديد، وتبدا الاصطراعية الكبرى مع البرانيه اليدوية الشرقية، وصولا الى الارضوية البرانيه الالية الافنائية الاوربية.
والمسار المومى اليه هو بالاحرى العملية التفاعلية المجتمعية العالمية السائرة الى الانقلابيه العظمى اللاارضوية النهائية، وهي موافقة لمسارات المجتمعية ومنتهياتها المقررة بناء لكينونتها ومنطوياتها المتطابقة مع اغراضها، ومسببات ونهايات وجودها، مايعني انقلابا في الوعي البشري، متعد لاشتراطات "الانسايوانيه"، ومستويات اعقالها المتاحة والممكنه بما خص مستوى وحدود ادراك اجمالي العملية التصيرية التاريخيه، بما هي عملية اصطراعية لاارضوية ارضوية، موضعية انطلاقا في الدورة الاولى، وعالمية في الثانيه من دون تحققية، تعود عالمية كونية عند الثالثة الراهنة، السائرة الى التحقق النهائي مابعد المجتمعيي الجسدي الحاجاتي.
وفي كل هذا تكون المجتمعية غير مكتملة كظاهرة مادامت خاضعه لحدود الوعي الانسايواني ككائن وسيط بين الحيوانيه والانسان، وقت لايتعدى النظر للظاهرة المجتمعية الا باعتبارانها ( تجمع + انتاج الغذاء) اي الجسدية الحاجاتية، مع ان الكائن الذي تتشكل منه المجتمعية جسد وعقل، وان المجتمعية الموصوفة باعتبارها الجسدي، هي بالاحرى ـ ان وجدت ـ ، وهذا مستحيل، ستكون مجتمعية حيوانيه بحته، مالا وجود له، ومايجعل الظاهرة المجتمعية فعلا (تجمع + انتاج الغذاء + عملية اعقال)، والاخيرة ليست اضافة عارضة، بقدر ماهي شرط ولزوم اكتمال كينونه وبنيه، لا مجتمعية بشرية الا بها، وان توقف العقل عند مامتاح له من طاقة تعرفية وجودية وكونية، مع ان هذه العتبة من تطور الظاهرة المجتمعية قد تبقى لزمن ليس بالقصير، وهو الاحتمال الراجح المكرس، مادون مجتمعية تحولية، مادامت محكومة على مستوى الاعقال للانسايوانيه، ودرجة مامهيأ لها من قدرة على الاحاطة، وان المحدودة بحدود الاحادية الارضوية.
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة