الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات عن تجارب الاقتراب من الموت

علي مارد الأسدي

2023 / 5 / 13
الطب , والعلوم


" عد.. لم يحن وقتك بعد" !!
ربما تكون هذه العبارة المحملة بالمعنى والمغزى من الحياة هي العامل الأوحد الذي يسمعه شفاهًا أو يلقنه إيحاءً أغلب الذين عاشوا ما صار يعرف بتجارب الاقتراب من الموت بعد تعرضهم لحوادث أو أمراض أو أعراض أنتهت بهم الى حالة من الموت السريري لفترة من الوقت قبل أن يتم تداركهم وإنعاشهم قلبيًا ورئويًا ومن ثم إعادتهم الى الوعي.

كانت تجارب الاقتراب من الموت Near death experience (ويطلق عليها إختصارًا NDE) قد شهدت في العقود الأخيرة إرتفاعًا كبيرًا في حالات الابلاغ عن حدوثها،، وهو إرتفاع قد يعزى لتطور تقنيات الإنعاش الطبي مما أدى لتراجع عتبة الموت البيولوجي أو الدماغي حتى في حالة حدوث كل علامات الموت الاكلينيكي مثل توقف نبضات القلب ودوران الدم في الأوعية الدموية وانقطاع التنفس وغياب الوعي..

ولا يستطيع العلم الحديث لحد الان تقديم تفسيرات تجريبية أو منطقية مقبولة تميط اللثام عن كيفية تشكل الظواهر التي يعيشها من يمر بتجربة الاقتراب من الموت، رغم محاولات بعض العلماء ربطها بالأنشطة الكيميائية أو الكهربائية التي تجري في خلايا الدماغ عند حرمانه من الاوكسجين، لكنه ربط أبعد من أن يوفر إجابات مقنعة لما في هذه الخبرات من غنى في المعاني وثراء في الإحساس، فضلًا عن وجود العديد من الأدلة الحسية الموثقة الداعمة لبعض الظواهر المرافقة التي يقدمها صاحب الخبرة أو المراقب الخارجي.

أن أغلب الذين عاشوا تجربة الاقتراب من الموت تحدثوا عن مرورهم بأنماط وخبرات إيجابية متشابهة (نسبة قليلة تحدثت عن خبرة سلبية) بغض النظر عن جنسهم وثقافتهم وتوجهاتهم ومعتقداتهم..
ويمكننا أن نلخص أبرز السمات المشتركة في الNDE بما يلي:

1. توقف فُجائي للآلام والمعاناة والضيق وكل المشاعر والأحاسيس الجسدية والنفسية السلبية.

2. شعور مكتمل بالسلام والسكينة والطمأنينة والتحرر والانفصال عن الجسد، والمثير للاهتمام أن تعزز خبرة الانفصال بمعطيات واقعية خارجية أمكن في حالات غير قليلة إثبات صدقيتها.

3. الشعور بإنجذاب لا يقاوم، ومن ثم الدخول في نفق ممتد ينتهي بضوء أو نور ساطع لا يؤذي العين.

4. رؤية مفصلة لشريط الذكريات، وأحيانًا يتجاوز الأمر نطاق الرؤية الى إعادة عيش الأحداث السابقة من جديد، والتوقف الذاتي الذي تصاحبه مشاعر قوية من الندم المؤلم أمام كل ما يتعلق بالإساءة أو التجاوز على حق إنسان أو حيوان، مهما كان التجاوز تافهًا في مقاييسنا الدنيوية، والعكس يحدث أيضًا، هنالك شعور غامر من الفرح والغبطة أمام محطات الخير العفوية في حياة صاحب التجربة، مهما كانت قيمة أفعال الخير بسيطة وصغيرة في هذا العالم.

5. الإلتقاء بالأحبة والأقارب والأصدقاء والمعارف الذين سبق أن غادروا الحياة، ولقاء كائنات نورانية غير بشرية، وأحيانًا اللقاء بالشخصيات المهيمنة على ثقافة أو معتقد صاحب التجربة.

6. رؤية ألوان لا مثيل لها، وسماع موسيقى لا حدود لعذوبتها، وعيش شعور قوي جدًا بالراحة والبهجة مع إحساس بالعودة الى البيت (القديم) أو الموطن الأصلي.

7. الشعور بإمتلاك المعرفة الكلية المطلقة، والإحساس بمشاعر عارمة وجياشة من الرضا والقبول والحب والتوحد مع كل ذرات الوجود.

وطبعًا هناك المزيد من السمات المشتركة يمكن أن نضيفها لبحث هذه الظاهرة التي تضع العلم الحديث أمام تساؤلات محرجة كثيرة، ينبغي الإجابة عنها، وتدفع بإتجاه إعادة فتح باب النقاش مجددًا حول ثنائية الروح والجسد، أو بعبارة أخرى فرضية إستقلال الوعي عن الدماغ.
ومثلما سببت ظواهر الاقتراب من الموت الحرج لمفاهيم وثوابت العلوم الحديثة، فهي، وإن كان بدرجة أقل، تزعزع الأسس والنماذج الآخروية لأغلب الديانات والمعتقدات البشرية، خصوصًا من تزعم منها إمتلاك الحقيقة المطلقة، أو التي تخص أتباعها بالجنة والنعيم وتترك الآخرين الى الجحيم.

حدثني د. جليل الشمري (المدير الأسبق لمدينة الطب) عن حادثة ما زال يتذكرها عندما كان طبيبًا متدربًا في مستشفى الرشيد العسكري منتصف تسعينات القرن المنصرم، حيث وصل الى ردهة الطوارئ رجل بحالة موت سريري، فاقدًا لجميع العلامات الحيوية الأساسية، وبعد أن يأس الطبيب المشرف من إنقاذه وإعادته للحياة بوسائل الإنعاش المعروفة، قرر أن يجعل منه مادة تعليمية للأطباء المتدربين على جهاز الصدمات الكهربائية للقلب، فتقدم د. جليل لتشغيل الجهاز بعد أن وضع أقطاب التوصيل على صدر الجثة، وبدأ بالتحكم صعودًا في مؤشر الطاقة الكهربائية الواصلة للقلب الهامد، الى أن وصل مؤشر الطاقة في الجهاز الحد الأقصى لدرجة أنتفض أثرها الجسد المسجى بقوة مع إنبعاث رائحة جلد محترق، لكن المفاجأة الغريبة التي حدثت بعد ذلك هي عودة الميت الى الحياة سليمًا دون أضرار تذكر في الدماغ، وبعد فترة غير قصيرة من توقف القلب والتنفس والدورة الدموية، والأغرب من ذلك هو ما تحدث به العائد الى الحياة عن التجربة التي مر بها، حيث رأى نفسه يرتفع ويطفو فوق جسده الى أن أستقر في إحدى زوايا غرفة الإنعاش، قائلًا أنه ظل لبرهة يشاهد ويسمع الأطباء من فوق وهم يحاولون إعادته لجسده، كما أخبرهم بكل ما تحدثوا به وفعلوه في وقت كان يعتبر من الناحية الطبية مجرد جثة هامدة في عداد الأموات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحياة بعد الموت
Magdi ( 2023 / 5 / 13 - 19:09 )
جزيل الشكر لمقالكم فائق الروعة خاصة أنه يدعم بقوة مساهماتى تحت مقال أ سامى لبيب بعنوان :
محمد البدري ذاك الفارس المقاتل النبيل
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=764226
وقد بدأت بتعليق رقم 9 وقد طلب منى أ سامى لبيب مصادرى ت 36
فقمت باعطائه مصادرى الموثقه : د.رؤوف عبيد : الأنسان روح لا جسد
+ life after life +
voyage aux frontières de la coscience ت 42
..ثم أضفت معلومات عن خبرات الموت الحال والخروج من الجسد ت 43
Expériences de mort imminente , sortie de corps
واضفت فى ت 44 و 45 : كلمات ( مثل الموت ) موجودة فى اللغة فقط وليس فى الواقع.
موضوعكم فى غاية الأهمية خاصة لمن فقد الأحبة.
تحياتى القلبية .مجدى سامى زكى
Magdi Sami Zaki

اخر الافلام

.. الأقمار الصناعية تكشف ثكنات عسكرية للحوثيين تحت الأرض


.. مقابلة خاصة مع مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس




.. الأقمار الصناعية تكشف ثكنات عسكرية للحوثيين تحت الأرض


.. معهد العلوم السياسية بباريس يرفض مراجعة علاقاته مع الجامعات




.. قبَّل يد رجل الأعمال محمد أبو العينين.. الطبيب الشهير حسام م