الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد القطيعة أين سيكون موقع سوريا ... ؟ ( 2 )

آدم الحسن

2023 / 5 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


الكثير من العرب يعتبرون أن الجامعة العربية مجرد كيان هزيل لم يفعل شيء ذا قيمة لشعوب الدول العربية و أنه لا داعي للاهتمام فوق العادة بعودة سوريا للجامعة العربية , قد يكون ذلك صحيحا , لكن اذا ارتبطت هذه العودة بأسقاط مشروع تفكيك الدولة السورية فإن هذه العودة ستكون لها اهمية كبيرة و يمكن معرفة هذه الأهمية من خلال الغضب و الاستياء الأمريكي الذي عبرت عنه الإدارة الأمريكية حين أعلنت أن سوريا لا تستحق هذه العودة و إن العقوبات الأمريكية على سوريا تحت اسم قانون قيصر ستبقى و طالبت الدول العربية بالالتزام بهذه العقوبات .
لقد كان مِنْ المتوقع أن دولة مثل الجزائر هي التي تتبنى عودة سوريا الى الجامعة العربية لكن الذي حصل هو أن السعودية هي التي تبنت هذا الموضوع و استخدمت نفوذها للتأثير على دول عربية كانت رافضة بقوة لهذه العودة كدولة قطر مثلا .
و بذلك يمكن القول أن لولا الدور السعودي لبقت سوريا خارج الجامعة لأجل غير مسمى .
السؤال : لماذا هذا الموقف السعودي و ماذا ورائه ... ؟
و هل إن عودة سوريا الى الجامعة العربية مجرد خطوة شكلية لا قيمة لها ... أم إن هذه الخطوة هي جزء من مشروع سعودي واسع النطاق ...؟
الجواب صدر من الأعلام السعودي الرسمي و مِنْ شخصيات إعلامية قريبة من منصة صنع القرار السياسي السعودي التي أكدت أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يعمل على تصفير المشاكل و الأزمات و الحروب في الشرق الأوسط .
لقد بدأت الإدارة الأمريكية تدرك أن خطط ولي العهد السعودي هي إنشاء مشاريع اقتصادية و سياسية عابرة لجغرافية السعودية و أن هذه المشاريع ستخص عموم إقليم الشرق الأوسط و انه يَعتبرْ أن التنمية الاقتصادية التي مِنَ الممكن أن تقودها السعودية لابد لها أن ترتبط بتنمية اقليمية شاملة في شرق أوسط خالي من الحروب و الأزمات و من هذه المشاريع " مشروع الشرق الأوسط الأخضر " و إن هكذا مشاريع طموحة لابد لها من سند قوي اقتصاديا و علميا و تكنولوجيا و كانت الصين هي الحل لكونها تبحث ايضا عن شراكات استراتيجية شاملة .
بعد أن رأت الإدارة الأمريكية هذا الاهتمام الصيني الكبير بدول الخليج العربية و مركزها السعودية تحركت هي ايضا لتبحث لها عن مكان في المشروع السعودي .
و لكي تكون صورة الواقع الحالي و المستقبل اكثر وضحوا لابد من الرجوع خطوات الى الوراء , الى فترة الحرب الباردة .
لاشك أن ظروف و معطيات الحرب الباردة هي التي دفعت بدول الخليج العربية و منها السعودية للاحتماء بالمعسكر الغربي الذي تولت أمريكا قيادته , و لم يكن أمام ملوك و أمراء هذه الدول من خيارات اخرى لبقائهم على كراسي حكم بلدانهم سوى الاعتماد على الدعم الغربي فعقدوا اتفاق مع الغرب , النفط مقابل حماية أنظمتهم و بقائهم على كراسي الحكم ضمن معادلة تحقق امن و استقرار هذه الدول و الثمن هو تقاسم الشركات الغربية مع حكومات دول الخليج للثروة النفطية لهذه الدول , بعكس بعض الحكومات التي ظهرت في منطقتنا العربية و التي تمسكت بالموقف الوطني كحكومة عبد الكريم قاسم في العراق فكانت النتيجة هي تدمير هذه التجارب الوطنية و حرمان بلدانهم مِنْ الأمن و الاستقرار و حرقهم بخيراتهم كعقوبة لهم لعصيانهم السيد المستعمر الغربي .
و بعد انتهاء الحرب الباردة و جلوس امريكا على كرسي القطب العالمي الأوحد بدأت أمريكا بالتعاون مع أعوانها بخلق شرق أوسط جديد بملامح و صفات أرادته له , تارة مِنْ خلال الفوضى الخلاقة و تارة أخرى مِنْ خلال خريف عربي , أساليب تتغير و الهدف واحد هو شرق اوسط جديد مركزه إسرائيل و محيطه الهيمنة الأنكلوسكسونية .
و لديمومة سير السياسة الأمريكية في مسار إخضاع دول الشرق الأوسط تم استخدام أسلحة و ادوات متنوعة أهمها سلاح حقوق الأنسان و الحريات الشخصية و التعايش الإيجابي بين الديانات الإبراهيمية , أسلحة لجميعها أسماء جميلة و براقة , بالإضافة الى فرض دساتير جديدة لبلدان شملها التغيير الأمريكي , هذه الدساتير تضمن تبادل للسلطة وفق قوالب ديمقراطية جهزتها أمريكا لبقاء هذه الدول في متاهة معقدة لا تعرف و لا تستطيع شعوب هذه الدول تعديل هذه الدساتير و الخروج من عنق الزجاجة الأمريكية مثلما هو الحال مع الدستور العراقي الحالي الذي تم إقراره في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق .
التاريخ لم يتوقف عند هذا الحد إذ جاء الصعود الصيني و خلق حالة توازن جديدة سمح لدول عديدة منها السعودية و دول خليجية في اتخاذ مواقف سياسية فيها قدر مقبول من الاستقلالية عن الهيمنة الأمريكية .
لقد أصبحت الصين لاعب اساسي يحرك من الخلف الاحداث في منطقة الشرق الأوسط , و من المؤكد أن للصين دور مهم في تطبيع العلاقة بين سوريا و السعودية مثلما كان لها دور مهم و اساسي في تطبيع العلاقة بين السعودية و ايران .
إن ما تخشاه اسرائيل و معها أمريكا في هذه المرحلة هو اتخاذ السعودية موقفا حاسما من القضية الفلسطينية و إعادة طرحها لمبادرتها السابقة " حل الدولتين " و أن تكون مبادرتهم هذه المرة مدعومة مِنْ قبل دول الشرق و بالأخص الصين و بعض دول الغرب و منها فرنسا .
حقا , إن حل الدولتين و مطالبة سوريا بالجولان السورية بدعم خليجي تقوده السعودية ستكون كارثة تحل على رؤوس صانعي القرار السياسي في أمريكا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح