الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاومتان- سلطتان {المسار والحل}

جمال أحمد البحيري

2023 / 5 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


تعيش القضية الفلسطينية حالة من الصراع المحتدم بين تيارين رئيسيين هما (أ) التيار الوطني، والذي له برامجه وافكاره السياسية، وتمثله حركة فتح. (ب) التيار الإسلامي، والذي له ايدولوجية سياسية مُمَثلة في حركة حماس والجهاد الإسلامي. وبين تلك الرؤيتين يدور الصراع حول منهما يمثل الشعب الفلسطيني، ويتحدث باسمه، ويتبنى قضاياه، خاصة وان التياران مختلفان حول كل شيء.
فحركة فتح منذ انطلاقها عام ١٩٦٥ وحتى تأسيس السطلة عام ١٩٩٤ كنتيجة لاتفاق أوسلو، كانت تعمل على استيعاب الآخر الوطني المختلف معها، وذلك تحت عباءة منظمة التحرير الفلسطينية؛ الا ان قامت انتفاضة الحجارة عام ١٩٨٧، ومع بداية ظهور التيار الإسلامي للعمل بقوة بتوجهات جديدة وأدوات نضالية مختلفة. ساعده على ذلك الضعف الذي اعتري المنظمة بعد التعرض لعدة ضربات موجعة سابقة لأوسلو سواء بالأردن (أيلول الأسود) أو لبنان (الحرب الاهلية اللبنانية) او تونس وضرب مقرّاتها هناك.
تم توقيع اتفاق أوسلو في ١٣ سبتمبر ١٩٩٣ بواشنطن، في حضور بيل كلينتون ورابين رئيس وزراء إسرائيل وياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية. بالإضافة لكل من شيمون بيريز وزير خارجية إسرائيل، ومحمود عباس أمين سر منظمة التحرير. وكان قد سبق التوقيع على الاتفاق بعدة أيام (٩ سبتمبر) الاعتراف المتبادل، حيث اعترفت المنظمة بإسرائيل كدولة وكذا اعترفت إسرائيل بالمنظمة كممثل للشعب الفلسطيني.
ونصت الاتفاقية على الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة ومنطقة اريحا (غزة – اريحا أولا)، وإقامة سلطة ذاتية ومجلس تشريع منتخب يشمل الضفة والقطاع ولمدة انتقالية ٥ سنوات بهدف الوصول الي تسوية دائمة على أساس قراري مجلس الامن ٢٤٢ و٣٣٨. علي ان تغطي مفاوضات الوضع الدائم خلال تلك الفترة وضع القدس- اللاجئين- والحدود - والمستوطنات والعلاقات الخارجية. وكنتيجة لهذا الاتفاق، أصبح هناك كيان سياسي لأول مرة على ارض فلسطين، سواء اتفقنا معه او اختلفنا. وبات لهذا الكيان سلطات مدنية وإدارية.
أوجدت تلك الاتفاقية أرضية ملائمة للكفاح الفلسطيني من الداخل بعد غلق الأبواب من الحدود العربية المحيطة، نتيجة الاتفاقات المختلفة؛ كما أصبح هناك أمل أمام الشعب الفلسطيني بان يكون له دولة يوما ما. إلا انه عقب اغتيال رابين على يد يميني متطرف عام ١٩٩٥، وصعود اليمين بسدة الحكم في مايو ١٩٩٦، وانقسام المجتمع الإسرائيلي ما بين مؤيد لأوسلو بدعم اليسار (العمل – ميرتس) ويميني قومي يقوده نتانياهو الذي عمل بكل ما أؤتي من قوة لإفشال أوسلو وتفريغه من محتواه.
وعلي الجانب الاخر، رفضت حماس الاتفاق جملةً وتفصيلاً؛ وعملت على إفشاله بكل الأدوات والوسائل المتاحة بما في ذلك من عمليات استشهادية داخل العمق الإسرائيلي. وقد هدُف ذلك لإحراج السلطة الفلسطينية وإظهارها بمظهر العاجز عن تنفيذ اتفاقياتها الموقعة خارجيا او انها ضد المقاومة داخليا، حيث تعتبر حماس ان كل الأرض الفلسطينية وقف إسلامي. ومن هنا، فقد شكل ذلك الاتفاق النواة الاولى للانقسام السياسي الفلسطيني. وعزز ذلك وجود نتانياهو واليمين على رأس السلطة في إسرائيل-والتي قامت باستغلال هذا الانقسام لنسف كافة الاتفاقات الموقعة- بالإضافة الى اصطفاف دول الممانعة (سوريا- إيران- حزب الله) خلف حماس. وتوطدت هذه العلاقة بعد انسحاب إسرائيل من غزة، والذي اعتبر نصرا كبيرا للمقاومة، وما تلاه من فوز حماس بالانتخابات التشريعية ٢٠٠٦، وهو الفوز الذي اعتبر زلزالاً للسلطة. وللأسف في غياب عرفات كقيادة تاريخية قادرة على التأثير في مختلف القوى والفصائل (استُشهد في ٤ فبراير ٢٠٠٤) بمثل هذا الفوز وبرفض المفاوضات، وتقرير المقاومة المسلحة (ضمنيا).
ترتب على ذلك وقف الدعم الدولي للسلطة، وكذلك الدعم الخليجي لها، خاصة بعد موقفها من حرب الخليج (مؤيد لصدام حسين) وحجز أموال الضرائب الفلسطينية لدي إسرائيل؛ مما ادي لاشتباكات مسلحة بين حركتي فتح وحماس انتهت بسيطرة حماس على كامل القطاع. ومن هنا أصبح لدينا نظامين ونطاقين جغرافيين، فريق يؤمن بالمفاوضات وسيلة لتحقيق الأهداف، وفريق يؤمن بالمقاومة المسلحة لتحقيق نفس الأهداف.
وقد أدى ما سبق لاحقا لحدوث تلك الاشتباكات، وأصبح لكل فريق مناصريه الاقليمين والدوليين، وكذا مموليه، وكل ممول يبحث عن مصالحه؛ وبالتالي نشا حول كل سلطة من السلطتين (رام الله وغزة) مجموعة مصالح مرتبطة به. - ولا اتجاوز إن قلت انها تتاجر بالقضية وتخشى أي حل، بل وتعمل على عدم إتمام المصالحة حفاظاً على مصالحها والمزايا التي يتحصلون عليها ولو على حساب الشعب والقضية الفلسطينية ومقدساتها وترابه الوطني. وذلك بدوره ساعد إسرائيل أن تتجه أكثر يمينيا، ليكن لدينا اليمين القومي واليمين الديني (القوة اليهودية- الصهيونية الدينية)، وهم حسب فهمهم التوراتي ينظرون للضفة كجزء من ارض إسرائيل (السامره)؛ وبالتالي تلك القوى لا تؤمن بأي تسوية تقوم على أساس حل الدولتين.
- كيفية الخروج من هذا النفق
قامت بعض الدول العربية بعمل عدة مبادرات لإنهاء هذا الانقسام؛ كالسعودية ومصر من خلال اتفاق مكة عام ٢٠٠٧، واتفاق القاهرة في مايو ٢٠١١ والذي فيه القاهرة دورا كبيرا من خلال اللواء عمر سليمان – رحمه الله – في تجميع كافة الفصائل. وتم تبني إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية تستجيب للظروف السياسية، وتتعامل مع المتغيرات الدولية بحكمة دون تفريط. واعتقد ان ذلك حجر أساس من الممكن البناء عليه، بالإضافة لقرارات مجلس الامن ذات الصلة (٢٤٢ و٣٣٨)، ومطالبة مجلس الامن بتنفيذ قراراته من خلال الدول دائمة العضوية بمجلس الامن. على أن يكون هناك مهلة محددة لتنفيذ تلك القرارات وتذكير المجلس بحقوق وطن محتل يريد الحصول على حقوقه المشروعة خلال تلك المدة، مع التأكيد بان مقاومة المحتل هو حق أصيل حسب مواثيق الأمم المتحدة والشرعية الدولية؛ وذلك في حالة فشل الحلول السلمية.
علي ان ما سبق يتم يحتاج الي رافعة لكي يتحقق؛ تلك الرافعة لابد ان يكون أساسها فلسطينيا، ومن فلسطيني الداخل. وتعمل على المصالحة بشكل ودي ممثلة بقوة وطنية مخلصة غير منغمسة في الفساد؛ وشخصيات عامة تتمتع بالنزاهة وتٌعلي المصلحة الوطنية فوق أي مصالح اخري؛ ودعم عربي كامل من خلال الدول المؤثرة وجامعة الدول العربية، وكذا منظمة العمل الإسلامي وكافة المنظمات الدولية. ويتم مخاطبة المجتمع الدولي بصوت واحد مع التذكير دائما بان المقاومة حق مشروع في كافة الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧؛ مع التوضيح بانه في حالة عدم القيام من قبل المجتمع الدولي بتنفيذ قراراته يحق للسلطة الفلسطينية التحرر من تلك الاتفاقات بما فيها أوسلو، على ان يكون هناك ظهير عربي يحمي هذا التوجه ممثلا في جامعة الدول العربية باتفاق كافة أعضائها.
--- هل نحلم !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب