الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرشد الأمين للبنات والبنين

حسن مدن

2023 / 5 / 15
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


يدور نقاش حول ما إذا كانت السيطرة الاستعمارية الأوروبية، الفرنسية منها والبريطانية خاصة، قد أدت إلى انفتاح بلداننا العربية على العصر الحديث بعلمه وفكره وفنه ونهضته، بحكم الوجود الطويل لهؤلاء المستعمرين في منطقتنا وسيطرتهم على مقدرات الأمور فيها، والنقاش يدور بين من يجيبون عن ذلك بالإيجاب، والقائلين بالرأي الثاني، أي أن سياسات هؤلاء المستعمرين ساهمت في فرض المزيد من العزلة على بلداننا.

الأرجح أن لدى أصحاب الرأي الثاني من الأدلة والوقائع ما يفوق كثيراً ما لدى الفريق الآخر، لكن يمكن القول إن هناك تفاوتات في ما اتبعه المستعمرون من سياسات في هذه المنطقة أو تلك، في هذا البلد العربي أو ذاك، ولعل أفضل مثال للمقارنة هو السياسات الثقافية الفرانكفونية التي اتبعها الفرنسيون في بلدان المغرب العربي، خاصة في الجزائر وتونس والمغرب، والتي كانت ترمي، في بعض أوجهها على الأقل، إلى طمس الهوية الثقافية الوطنية والقومية لهذه البلدان بتمكين الفرانكفونية في نظم التعليم خاصة، وحال الجزائر هي التجلي الأفضل لكل ذلك، وكذلك في السياسات التي مارسها الإنجليز في بلدان الخليج العربي أو في أغلبيتها على مدار هيمنتهم الطويلة عليها.

في بلدان الخليج لم يبنِ الإنجليز مدرسة واحدة، حتى ولو كانت ابتدائية، من أجل تعليم الأجيال الجديدة والعمل على الحدّ من الأمية التي كانت متفشية، ولم يفتتحوا مستشفى واحداً، وإذا ما استثنينا ما قامت به فرق التبشير المسيحي الأمريكية من تأسيس مدارس أو مستوصفات تابعة لها، لتسهيل وصولها إلى الناس في هذه البلدان، فإن التعليم الحديث في كل بلداننا نشأ بمبادرات أهلية قامت بها النخب المتنورة والمقتدرة مالياً. حدث هذا في البحرين والكويت والإمارات وبقية بلدان المنطقة، ولولا هذه المبادرات لكان التعليم قد تأخر عقوداً إضافية.

سنعطي مثلاً آخر من مصر، ذا دلالة كبيرة، هو أن المصلح رفاعة الطهطاوي وضع في حوالي عام 1860 كتابه الرائد «المرشد الأمين للبنات والبنين»، دعا فيه إلى تعليم المراة المصرية، وأصبح هذا الكتاب، كما يقول سلامة موسى، في كتابه «المرأة ليست لعبة الرجل» يستعمل للمطالعة في مدارس مصر آنذاك. صحيح أن الطهطاوي لم يدعُ فيه إلى انخراط المرأة في العمل، لكنه رأى أن تعليمها ضروري من أجل تنشئة صالحة للأسرة، فالأم المتعلمة غير الأمية.

هل تصدقون أن الإنجليز عندما دخلوا مصر وأحكموا عليها القبضة منعوا تدريس هذا الكتاب، ما حمل سلامة موسى على القول بأن «الاستعمار، مثل الرجعية، من أعدى أعداء نهضة المرأة».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة