الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شروط المواطنة الوطن/ كونية العراقية؟(2/2)

عبدالامير الركابي

2023 / 5 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


هل يمكن تخيل مجتمعيتين، احداهما موجودة وحاضرة كفعالية، لكنها غير مكتملة لتعذر الاعقالية، وثانيه برانيه مرتكزا،غالبة بظل مستوى من الاعقالية يسود بداهة بحكم مستوى تفكير الكائن البشري، ودرجة ونوع اعقاليته المتناسبه مع حالته الترقوية التصيرية الانسايوانية، ذلك هو الحال الفعلي في الموقع التاريخي الرافديني، كما تجلى في الدورة الحالية الكونية الثالثة على مدى سبعة قرون، الثلاثة الاولى منها من دون ازدواج( حكم براني في العاصمة المنهارة العائدة للدورة الثانيه، وفوضى في الاسفل على امتداد ارض السواد)، والباقية الى اليوم مزدوجه، فهل ثمة مايدل على مانذهب اليه، او ما يبرر القول به؟ الامر لهذه الجهه ليس غامضا لدرجة تمنع الوقوع عليه عند العودة الى الافتتاح المجتمعي وبدئية المجتمعية الاولى في ارض السواد ابان الدورة الاولى، مع التمايز غير الخفي للمنظورين المتباينين، اللاارضوي السماوي، ومحايثة الارضوي الشرائعي الملحمي، حيث الاكتمال الممكن ضمن الاشتراطات الاصطراعية الاولى للمكونين الرئيسيين، رؤية او اعقالية نبوية حدسية تحاكي في اعلى تبلوراتها وذروة نضجها حدود المتاح انسايوانيا، تظل تتكامل وفقا لديناميات "الوعد خارج ارضه" وتراكميته، بينما المجتمعية الارضوية من جهتها منتقلة من الحضور واقعا وصنفا وحسب، الى التحقق الاعقالي وفق مامتاح من اشتراطات عامة هي الاخرى لاانسايوانيه.
هذا مقابل اشكال تنظيمات وتفكرات المجتمعات الارضوية النازله من اعلى ارض السواد حيث (عراق الجزيرة) بهدف السيطرة قبل ادراك استحالتها بسبب الاختلاف النمطي التكويني، مايجعل النازلين يختارون المدينه /الدولة الامبراطورية( نموذج بابل/ بغداد)/ التي هي عالم مستقل بذاته، محصن اعلى وامنع تحصين، ومعسكر من داخله، وسلالي يظل يمارس اصطراعيته من موقعه البراني، ومنه الغزو الداخلي لاجل حلب الريع، وهي ممارسة تظل مكلفة للغاية، وتتسبب في الميل الامبراطوري تعويضا، وبفعل قوة المحركات الاصطراعية، ومستوى الاليات والمحركات المرافقة لها، والناجمة عنها، تلك التي انتهت بامبراطورية كونية حاضرة على مدى خمسه قرون بعد الفتح الجزيري، وما تسببت به من تحرير للاليات الرافدينيه الازدواجية المعطله بفعل وطاة الاحتلال الفارسي واسباب ذاتيه، مثلما كانت بدات من موقع لايتعدى بضع الاف من الكيلومترات في جنوب ارض السواد على يد سرجون الاكدي 2334/2279 ق ـ م، اول امبراطور في التاريخ، باحتلال عيلام شرقا، وساحل الشام والاناضول غربا، والذهاب عبر المتوسط الى جزيرة كريت.
والحري بالانتباه عند النظر لهذا الفصل الازدواجي، وثراء الياته العملية، جانبها ومكونها الاعقالي، باعتبارالمشار اليه عملية واحدة لااكتمال مجتمعي ولا استقرار الا بتوفر عناصرها الاساس، الامر الذي يظل يغفل انسايوانيا، تكريسا لنمطية ونوع مجتمعية مفترضة حيوانيه مفصولة عن بعدها الاعقالي الذي لاوجود لها من دونه، الامر المتاتي طبيعة من مستوى الممكن الادراكي، بالذات بازاء اجمالي الظاهرة المجتمعية ومنطوياتها، الامر الظاهر المميز لعلاقة العقل كما متوفر، بالظاهرة المجتمعية، وقصوريته التي اعتبر الغرب نفسه بصدد حلها بعد مامر من تاريخ التصير التاريخي، لينتكس ويتوقف دون منطواها، مكرسا منظورات اولية ابتدائية لظاهرة استمرت لمئات السنين خارج الاحاطة نمطيا، ونوعا واليات، ومستهدفات، بما يبقى "اخر العلوم" مجرد محاولة افتتاح غير صالح حتى كمدخل، بما انه لايقارب الاهم والحاسم في الظاهرة المجتمعية اولا ومنطلقا بما هي ازدواج من ناحية واعقال لامعدى عنه من ناحيه.
ومرة اخرى وتكرارا فان العراق بعد الدورة الثانيه وانهيار بغداد، استمر كمجتمعيتين، برانيه لاوجود لها على الارض، ولايستقيم لها وجود الابقوة الخارج، اليدوي الشرقي اولا، والابتدائي الالي الاوربي لاحقا، تقابلهما ذاتيه تاريخية لاارضوية غير مكتمله، لتاخر تبلور العامل الاهم، "النطقية" الباقية مؤجله، وصارت من هنا فصاعدافي اخريات مراحل غيابها، لثبت بان الظاهرة المجتمعية لا اكتمال لملامحها ومكوناتها وطبيعتها وماتنطوي عليه، الا بالثورة البدئؤية الثانيه، تلك التي تتعدى متجاوزة المنظور الالي الابتدائي، وتوهميته الاوربية، مع ثقل متبقياته الانسايوانيه اعقالا.
فالعراق اليوم لاظهور له، وهو لن يحضر الا بالارتكاز للثورة العقلية الكبرى، تلك التي تميط اللثام عن مكنونات ومنطويات العملية الوجودية مجتمعيا، بما يوفر للعقل القدرة على مقاربة حقيقة كون المجتمعات ازدواج ارضوي لاارضوي كمبتدأ اساس، وان هذه الظاهرة هي وجود عملي لايكتمل الا بالاعقال، الامر الذي يوافق تماما كينونة الكائن البشري التي هي الاخرى ازدواج انسايواني، عقل/ جسدي، كان قد تحقق يوم انتقل الحيوان من حالته التي ظل عليها لملايين السنين، الى الانتصاب على قائمتين واستعمال اليدين، بينما ظهر وقتها ايضا العقل حاضرا، بعدما ظل قبلها وعلى مدى الزمن الحيواني، منطويا تحت الغلبة الجسدية شبه المطلقة، هذا علما بان عملية الترقي العقلي لاتتوقف عند الازدواج الانسايواني، بل تظل سائرة صعدا وتصيّرا الى مابعد ازدواج، والى انفكاك انفصالي يتحرر بموجبه العقل، وهو المنتظر المتوقع بنهاية العملية التصيرية المجتمعية الراهنه، السائرة الى انتهاء صلاحية المجتمعية الارضوية، وفعل متبقيات الجسدية.
تنقلب تماما بناء عليه اشتراطات المواطنيه لدرجة اعادة النظر فيها كمفهوم مطابق لنمطية كيانوية بعينها، يزيد من ابهاميتها غياب التعيين المحدد لها واقعا واعقالا، بينما هي سارية ومعاشة، والامر يشمل طبعا امكانية التتبع لاجل الفصل او متابعة التراكم المتباين بين مصدري الفعالية المتباينين، فاذا سقط مقتولا 700 متظاهر اعزل، مع 25 الف جريح، والمئات من المخطوفين والمفقودين مقابل قاتليهم من حثالة التاريخ، فان مقياس المواطنه لاينفجر ولايتزعزع كما كان عليه الحال في الثورة الوجودية اللاارضوية الاولى عام 1920 من القرن الماضي، في اعلى حالة استنفار في التاريخ قياسا الى عدد السكان(1)، بالمكوار والفالة، بمواجهة المدفع والطائرة، مع انتفاء حضوراية جهة قيادة، بما فيها المركز الانتظاري الذي اصدر فتواه بعد اندلاع شرارة الثورة،عدا عن القبلي الذي ابدى خلال برهة قبل الثورة، ميلا للتصالحية قبل ان تجرفه سيول "الطوب احسن لومكواري"، او ماكان حدث مع الرابع عشر من تموز 1958 عندما مزقت حدود "القيادة الايديلوجية" لتصبح هذه فجاة ضد "الفوضى" تقول ب"حاجة الجماهير للتربية(2) دلالة على غلبة الرطانيه، وتبلبل اللغة ودلالتها، مع عودة المصادرة المفهومية بين افتراضات "الثورة الوطنيه العامه"، وبعدها البرجوازية، الى غلبة الفوضى، وصولا الى "الجوكر"، في حين يتوقف شعار "نريد وطن" دونما ترجمه للمقصود منه غير ذلك الظاهر التبسيطي؟؟؟؟ .
والامر لهذه الجهه طبيعي مادامت التسمية المضادة لم يتسن لها ان تنحت بعد، مع دلالتها والمغزى، ذلك الموافق لوطنيه متعدية للوطنيه، الى الاكوانيه، وبالذات الانقلابية المفهومية الكبرى، بمايعني، انتظار وتوقع ثورة على صعيد مفهوم "الوطنية" نفسه، وبالاساس المتداول البالي، والاخذ بالانحسار، علما بان مايذكر من مفهوم لامفر من ان ياتي مقرونا حتما بوعائه، اطار تجسيده والدلالة عليه، فمتى ياترى سيظهر للوجود عالم الوطن كونية الرافيدينه المنتظر على مدى عشرة الاف عام؟.
ليس مفهوم الوطن والوطنية المحلوية نهائي، او مما لامنتهى له يتماشى مع اختلاف محطات تصيّر الكائن البشري، وشكل وجوده وتنظيمه لحياته، انتقالا وتتابعا، من الوطنية المحلوية الاحادية الارضوية المغلقة، تلك التي تحصر الوجود في الارض والجسدية بلا افق، وبلا تحولية نحو "عالم اخر"، الذهاب اليه يقتضي انتقالا بين المحطات، ومنطلقات بداية، الاغلب ان ارض الرافدين ستكون ساحة انتقاليتها الى المواطنية الوطن كونية استهلالا، ضمن سياقات التحولية العظمى، الموشكة من هنا فصاعدا على الاطلال في الافق!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يقدر الباحثون عدد جيش الثورة بمائة وعشرين الف مقاتل من اصل عدد سكان ارض السواد الذي لايتجاوز الثلاثة ملايين وقتها علما بان كل السكان كانوا حينها مساهمين في الثورة بهذا الشكل او ذاك.
(2) في تصريح صادر عن اللجنه المركزية للحزب الشيوعي العراقي المجتمعه على عجل في 13 اب 1959جرى التاكيد بان" المجازر والتعذيب ناجمه عن نقص في تربية الجماهير وعن عدم فهم كاف للوضع السياسي في البلاد" يراجع/ الاتحاد السوفياتي والصين ازاء الثورات في المجتمعات ماقبل الصناعية/ دار الحقيقة بيروت/ هـ كاريس دنكوس و س.ر. شرام/ ص69 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟